29 - 06 - 2024

البرد يفترس المحبوسين احتياطيا في سجون "تأكل الحمام والنعام"!!

البرد يفترس المحبوسين احتياطيا في سجون

الواقع والخيال في تصريحات مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون

تصريحات اللواء الغمري تثير غيظ "إعلاميي النظام" وأسامة كمال: "مش عارف مين أقنعك تقول كده"

"آيس بوكس" لهشام طلعت مصطفى وحرمان من الدواء والطعام لمعتقلي العيد

محرومون من التريض والعلاج .. والنيابة تسمح بالمستلزمات الشخصية ورؤية الأهل أثناء التحقيقات

"واقع أم خيال"؟ كان ذلك السؤال الأول والبديهي الذي ورد على الأذهان فور سماع تصريحات اللواء زكريا الغمري مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون، خلال ندوة "الدور المجتمعي لوزارة الداخلية"، تحدث الرجل بصورة وردية لدرجة ربما دفعت البعض لتمني السجن، فالسجناء مثار حسد، يتقاضى بعضهم مرتبات تتراوح بين 3 -6 آلاف جنيه ويأكل السجناء الحمام والنعام ، كما يحظون برعاية في مستشفيات وخدمات صحية عالية المستوى ويعرضون على أكبر الأطباء والسجون مفتوحة أمام النيابة العامة وقطاع حقوق الإنسان ومن يرغب في الزيارة.

كانت تصريحات أكبر مسؤول عن السجون في مصر مستفزة لدرجة دفعت الإعلامي أسامة كمال، وهو أحد المقربين من السلطة لتوجيه انتقاد شديد له على شاشة قناةآ DMCآ آ وصل إلى حد التوبيخ بقولهآ « مش عارف مين أقنع اللواء الغمري يقول هذا الكلام؟ وسواء كان الكلام حقيقى أو بعيد عن الواقع فى بلد الحد الأدنى للأجور فيه 1200جنيه ، لو وصلت للحد الأدنى،آ تقنع الناس إزاى إن المسجون بياخد مرتب 6 آلاف جنيه".

وتابع أسامة كمال: "هتقنع ازاى شعب عنده مشكلة أسعار فتقول له المساجين بياكلوا حمام ونعام، مش بس حمام، لكن حمام ونعام، في حين ان 90% من الشعب المصري ما داقش النعام قبل كده؟".

آ تصريحات الغمري – شبه الخيالية – دفعتنا لمعرفة حقيقة ما يجري للسجناء السياسيين الذين يفترض – نظريا – أنهم يحظون برعاية أكثر من غيرهم.

غرف صغيرة مظلمة، ليس بها أي وسائل معيشة، لا مكان فيها لقضاء الحاجة، زجاجة مياه صغيرة من مياه ليست صالحة للشرب.هكذا يجمع عدد من المحامين، الموكلين بالدفاع عن الشخصيات السياسية.

علي أيوب محامي السفير معصوم مرزوق، يقول دائما السجون تطبق اللوائح، ولكن في بعض الحالات لا تطبق اللوائح التي تضمن حقوق السجناء، على المحبوسين احتياطيا.

يضيف أيوب: هناك تعسف مع بعض المساجين إحتياطياً خصوصاً في القضايا السياسية، أو قضايا التيارات الدينية، ومن المفترض أن المحبوس إحتياطياً له حقوق وعليه واجبات ولكن السلطة التنفيذية تقيد هذه الحقوق، وبتعليمات من أجهزة أمنية يتم السماح أحيانا بالمتعلقات الشخصية لمن هم رهن الحبس الإحتياطي الذي يفترض فيه أن يكون الأكل والشرب والعلاج علي نفقة السجين الخاصة.

ويوضح أيوب، أن الحبس الإحتياطي ليس عقوبة ولكن في أحيان كثيرة يتم التعامل علي أنه عقوبة، ويحرم الخاضع له من أبسط حقوقه كمحبوس إحتياطي والتي نص عليها القانون. فاللوائح تقتضي عزله عن المحبوسين الذين يقضوا عقوبة وعدم ايداعه عنابر معينة فيها شديدو الإجرام، كما تنظم اللوائح حياته داخل السجن، وطريقة مراسلته لأقاربه وذويه وكذلك طريقة اكله وشربه وعلاجه وزياراته،آ ولكنآ كثيراً ماينتقص من حقوق المحبوس احتياطيا بتعليمات من الأجهزه السيادية تأديبا له، وهناك أمر مريب وشائع في السجون وهو التأديب الجماعي، فـ"الحسنة تخص والسيئة تعم" وفي ظل هذه الأوضاع المتردية وعدم الزيارة المتكررة من قطاع حقوق الانسان بوزارة الداخلية وعدم أدائه الدور المنوط به وغياب دور النيابة العامة في مراقبة السجون ترتكب المخالفات، فكثيرا ما يتم إبلاغ النيابة العامة بوجود مخالفة لفواعد السجن أو حقوق منتقصة لأحد المسجونين، لكنها لاتحرك ساكنا ولاتحقق في شكوي، اللهم إلا في حالات نادرة ، عندما تكون الشكاوي موجهة إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، أو قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية أو لرئيس مصلحة السجون ذاته.

هذا دور أصيل للنيابة العامة لأنها المنوط بها قبل أي جهاز في الدولة، تحريك الدعوي العمومية وإحالة الأوراق للمحكمة ومتابعة تنفيذ الحكم ومراقبة سلطة التنفيذ المتمثلة في قطاع مصلحة السجون.

ويؤكد أيوب، أن معتقلي العيد، ومن بينهم يحيي القزاز ومعصوم مرزوق ورائد سلامة، محرومون من أبسط حقوقهم ويعاملون معاملة بها صلف وعدوان. كما يتم التنكيل بهم وتضييق الخناق عليهم وللحقيقة كانت نيابة أمن الدولة العليا، تستجيب في أغلب الأحيان لإدخال الأدوية والمتعلقات الشخصية وكنا نعطيهم مصحفا وأطعمة وشاي، وتسمح للمحبوس برؤية أهله وطمأنة ذويه، وتمكننا من تنفيذ طلبات اي محبوس إحتياطي بعد التشاور مع اهله وطلب الأكل والشرب او الملابس واحتياجاته من ورق وعلاج إلي أخره من متطلباته أثناء مرحلة التحقيق. فالنيابة يفترض أنها خصم شريف في الدعوي وتراقب إنفاذ القانون وليست جهة اتهام فقط.

ويوضح أن معتقلي العيد في البداية عانوا فترة عصيبة من حيث طريقة النوم ووسائل المعيشة وكان هناك حجز إنفرادي كنوع من التأديب، لكن حدثت انفراجة بعد ذلك، فالسفير معصوم مرزوق مريض ربو وكان يحتاج ألي مكان فيه هواء واوكسجين ولكنه كان موجودا في زنزانة مغلقة وأكثر من مرة تعرض لأزمة، فكان التدخل بطيئا ولا يتم إسعافه الا بعد تفاقم حالته.

كذلك يحيي القزاز مريض ولديه أدوية، وكانت النيابة تمكننا من إعطائه الأدوية، لكن حينما يصل إلى السجن كانت ترفض إدارتها إدخالها الزنزانة، فنعاود الشكوي مرة اخري ونطالب النيابة السماح بحيازة الدواء في زنانينهم وعنابرهم، وبدأت النيابة تستجيب للحالات الإنسانية لأنه لاعلاقة لذلك بإجراءات التحقيق والاتهام المسند إلي المتهمين. وهذا يجب أن يتساوى فيه الجميع بدءا من عبد المنعم أبو الفتوح وسامي عنان وهشام جنينة وغيرهم، فالجميع سواسية أمام القانون ، ولكن التعنت آ والانتقاص من الحقوق يأتي من الجهات التنفيذية مثل مصلحة السجون وبعض أقسام الشرطة.

ويؤكد أيوب أن هناك ما أسماه "عقوبات نفسية" مثل عدم توفير بطاطين كافية أو دواء، وكذلك الحرمان من التريض، حيث يظل المحبوس في غرفة مظلمة ليس بها أي وسائل معيشة، فلا مياه نظيفة يشربها ولا مكان يقضي فيه حاجته، لديه فقط جردل و زجاجة مياه، ويتم أحيانا التعسف في المعاملة مثلما حدث مع السفير معصوم مرزوق، حيث تم تعصيب عينه ونقله جبرا بعد ساعة من استغاثته بسبب أزمة الربو.

وعن تقييمه لأوضاع السجناء السياسيين الآخرين يقول: إن "مجدي حسين" معارض قوي للدولة وهناك بعض الامور الصحفية التي ينشرها عبر جريدته ولكن هناك بعض التجاوزات منه، و"أحمد دومة" معتقل كل العصور ويتم التنكيل به وتأجيل جلساته فترات طويلة جدا، و"علاء سيف" نفس موقف أحمد دومة، وعلي السلطة القضائية ان تنآى بنفسها عن أن تكون طرفا في معترك سياسي، فهي سلطة مستقلة تفصل في القضايا وفقا للقانون والدستور، أما عن وضع "محمد مرسي" و"محمد بديع" فهناك تعليمات مشددة بالتنكيل بهم في اي سجن، تتم معاملتهم أسوأ معاملة وتهدر حقوقهم وهذا مرفوض في رأيي، رغم اتفاقي في أن "الإخوان" خصم سياسي فشل في إدارة البلاد ولكن حين أحكم علي أخطائه، أحكم وفقا للقانون وأعطي له كافة حقوقه كمسجون لا أنقص منها شيئا، لأننا في دولة قانون.

ويسخر علي أيوب من وصف اللواء زكريا الغمري لحال السجون قائلا: إن المسجون لا يقضي فترة عقوبته في الخليج، لنقول "انه بياكل بط وحمام ويتقاضي راتب 6 آلاف جنيه"، هذا تصريح غير مسؤول وينم عن عدم فهم لحياة المدنيين، مع أنه يتعامل مع مدنيين طول عمره. هذا التصريح آ أوقعه في خطأ وسيعود بالضرر علي القيادة السياسية، لأن المسجون يأكل خبزا غيرأدمي ولا يدخل له دواء.

يعاملونهم كعمال نظافة

يقول محمد عبدالوهاب، محامي الدكتور يحيي القزاز، ورائد سلامة إنهم يعانون من التنكيل بهم ، ففي جلسة تجديد الحبس قلت أن الدكتور القزاز يأخذ وجبة واحدة آ في اليوم، بينما تعطيه لائحة مصلحة السجون الحق في أكل مناسب لحالته الصحية وحتي الهواء يحرمون منه .

ويوضح عبدالوهاب، أن أول 14 يوما كان المحبوسان ينامان على سوست من غير مراتب، ولا يوجد بطاطين فى هذا البرد القارس ولا غيارات ويظلان مرتدين البيجامات البيضاء 15 يوما مثل عمال النظافة، ولكن حدث إنفراجة حينما تقدمنا بشكاوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان والنيابة، فسمحت إدارة السجن بدخول آ غيارات ومراتب ولكن بشكل عام يظل هناك تنكيل، لدرجة دفعت يحيى القزاز للمطالبة بمساواته مع المسجونين الجنائيين، فليس مسموحا له بدخول حتي الورقة والقلم، والسفير معصوم آ مرزوق طلب أكثر من مرة دخول كتب معينة ليقرأ، لكن طلباته تقابل بالرفض، حتي في العلاج رفضوا أن أدخل دواء القلب للدكتور القزاز حين انتهى الدواء الموجود، ووفرت له شريط الدواء المطلوب واستاذنت من المحامي العام حتى يسمح بدخوله، وفي الوقت الذي يكون فيه السجن ممتلئا بالمخدرات والتليفونات، لا نستطيع إدخال العلاج لموكلينا.

ويصف عبد الوهاب تصريح اللواء الغمري بأنه "ليس له أساس من الصحة" وتهكم قائلا: "ربما يحدث ماقاله مع هشام طلعت مصطفي"، فقد كنت أشاهد "أيس بوكس" يدخل لهشام طلعت.

اسمحوا بالبطاطين!

أحمد مهران المحامي ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية يقول: إن هنا ك إتفاقيات آ دولية خاصة بحقوق الانسان تشكل مجموعة من القواعد العامة، وكل دولة عضو في هذه الاتفاقية عليها أن تلتزم بحماية حقوق الانسان، ومن هذه الحقوق الحق في العلاج والمأكل والمشرب فهذه الأمور قيود علي الدولة لابد أن يسن وضعها داخل قانون المؤسسات العقابية.

وأضاف أن القانون المصري يضع ضوابط حماية السجين داخل السجون وتوفير الإمكانات الضرورية لتوفير العلاج، ولهم كذلك الحق في الدفء لذا يجب إعادة النظر في أوضاع المساجين داخل السجون المصرية آ في ظل البارد القارس، وهذا لايختلف بإختلاف طبيعة الجريمة أو مدة السجن لان علي الدولة التزامات قانونية ودستورية مرتبطة بحماية حقوق الانسان حتي وإن كان متهما أو مسجونا، فالدولة لاتستطيع ان تخالف ذلك واذا لم تتمكن من توفير البطاطين، يجب أن تسمح بدخولها عن طريق أهالي السجناء، لكي تساعد علي حماية المساجين من التعرض لمخاطر البرد.
------------------

تحقيق - آمال عبد الله






اعلان