16 - 08 - 2024

أجواء غامضة تغلف موسم دراما " سلاح التلميذ" في رمضان المقبل

أجواء غامضة تغلف  موسم دراما

النقاد أكدوا عدم تفاؤلهم بالمستوى الفنيآ 

أزمات إنتاجية وتسويقية طاحنة تهدد بخروج الكثير من الأعمال من السباق الرمضاني القادمآ 

فنانو الصف الثاني والثالث والمجاميع يشكون من بقائهم بدون عمل هذه الأيام على عكس الأعوام السابقة

عدد العاملين في صناعة المسلسلات المصرية يصل إلى مليوني فرد

محمود مهدي: تحول عدد مفاجيء من المشاهدين لوسائل أخرى بحثاً عن الترفيه في رمضان القادم

مصطفى الكيلاني: سوء إدارةالقنوات المصرية سبب أزمة لـ"دراما 2019"

لأول مرة في تاريخ صناعة الدراما المصرية يبدو موسم رمضان قبل بدايته بعدة شهور ضبابي الملامح وغامضا، إضافة الى كونه الأقل من حيث عدد المسلسلات التي من المتوقع أن تحظى بفرصة العرض في الموسم الذي كان كل عام يتضمن عدداً يصل إلى 60 مسلسلاً في مختلف القنوات المصرية والعربية، وأكثر التوقعات تفاؤلا الأن تشير إلى أن الأعمال أقل من 20 مسلسلاً خلال الموسم القادم، وسط أجواء غامضة بسبب تردد معلومات عن تعليمات رقابية مشددة تم توزيعها على صناع الدراما والالتزام بها شرط أساسي للموافقة على العرض.

ورغم أن أغلب ما تم الإعلان عنه من محاذير آ ليس رسمياً حتى الآن إلا أنه كان كافياً لأن يطلق على دراما رمضان القادم ..دراما سلاح التلميذ ..فبعض الشروط تضمنت عدم ظهورأي ضابط في شكل سيئ وعدم ظهور المناطق العشوائية بشكل متدني، إضافة إلى منع ظهور الكباريهات والملاهي الليلية والبارات وعدم استخدام المخدرات أو السنج والمطاوي والابتعاد عن السياسة والدين والجنس!.

ورغم الغموض الذي يلف أجواء التحضير لأغلب آ الأعمال وقلة الاخبار والتصريحات حول دراما الموسم القادم إلا أن هناك مؤشرات مهمة منها أن الكثير من الفنانين خاصة الصف الثاني والثالث والمجاميع يشكون من بقائهم بدون عمل هذه الأيام على عكس ماكان يحدث في الأعوام السابقة، حيث كانت ذروة انشغالهم بالمشاركة في أكثر من عمل في مثل هذا التوقيت .

كما تم الكشف عن مشاكل أخرى تتمثل في وجود أزمات إنتاجية وتسويقية طاحنة تهدد بخروج الكثير من الأعمال من السباق الرمضاني القادم، ورغم أن بداية الموسم الدرامي الرمضاني الجديد يأتي بعد شهور قليلة، إلا أن صناع الدراما لم يحددوا حتى الآن بداية تصوير أي من الأعمال المرشحة للعرض على الشاشة الرمضانية، وكانت أولى الأزمات التوصية التي خرجت من اجتماع مُلاك ورؤساء القنوات بتحديد أقصى سعر لشراء المسلسل بمبلغ 70 مليون جنيه، كحد أقصى لشراء أي عمل فني، مهما كان حجم الأبطال المشاركين فيه، وهو ما دفع المنتجين لطلب تخفيض النجوم لأجورهم لنصف الأجر، وهو ما رفضوه جميعاً، أما السبب الثاني رغبة المنتجين في عدم بدء تصوير أي عمل إلا إذا تم تسويقه للعرض على إحدى الشاشات المصرية.

خروج مبكر من السباق

بدأ على التوالي الاعلان عن خروج أعمال من السباق رغم التأكيد مسبقا على وجودها مثل إعلان السيناريست وليد يوسف عن توقف الجزء الثاني من مسلسله الزيبق، الذي لعب بطولته كريم عبدالعزيز، وشريف منير، وعرض في شهر رمضان قبل الماضي، وذلك بدون أسباب واضحة.

وخرجت المخرجة كاملة أبوذكري عن صمتها تجاه مسلسل "جميلة وابن السلطان"، حيث أكدت أنها لم تتسلم حتى الآن أي حلقة من المسلسل وبالتالي لم تبدأ التجهيز له، وذلك بعد تكرار تأجيل موعد بداية التصوير رغم دفع المنتج محمد مميش مقدم تعاقد لمن تم التعاقد معهم، وقالت إن الجهة المنتجة تنتظر تسويقه على عدد من الفضائيات، حيث يتجه مصير المسلسل نحو المجهول.

كما أن كاملة كانت من أوائل من دقوا ناقوس الخطر وحذروا من آثار تراجع الانتاج على صفحتها في فيس بوك ، مشيرة إلى أن المسلسلات المصرية صناعة كبيرة، ويصل عدد العاملين بها الى مليوني فرد، مطالبة صناع الأعمال الدرامية أن يذكروا سبب التوقف.

وكتبت "اللي فاكر إن المسلسل هو نجوم ومخرج ومؤلف.. المسلسل الواحد بيشغل ٣٠٠ بني آدم نجارين.. سواقين.. نقاشين.. عمال نضافة.. رجال إكسسوار.. رجال الإضاءة.. فنيين كاميرا.. ماكيرات.. كوافيرات.. ترزية.. شباب من مساعدين التصوير والإخراج والديكور والمونتاج والإنتاج والصوت.. ستات ورجالة غلابة إللي بنسميهم الكومبارس دول موسم رمضان بالنسبة ليهم رزقهم السنوي، لأن إنتاجنا كان فوق الخمسين مسلسل في السنة يتنقلوا من مسلسل لمسلسل وربنا يرزقهم بأكل عيالهم ومصاريف الحياة الصعبة".

وقالت "المسلسلات المصريه صناعه كبيرة أكتر من ٢ مليون بني آدم بيأكلوا عيش منها.. السنة دي الناس دي كلها حتقعد في البيت تم إيقاف أغلب المسلسلات والحقيقة ماعنديش معلومة أكيدة إيه السبب.. إللي عارفاه إن الناس دي كلها مش حتلاقي تأكل والأسعار زادت ودخلهم توقف".

وأضافت "لو حد فاهم ليه بيحصل كده يا ريت يفهمونا ويقولولنا إيه البديل علشان نعيش بعد ما السينما كمان قفلت أبوابها والأسعار زادت بجنون حد يفهمنا ليه حتقطعوا رزق ٢ مليون مواطن بيشتغلوا ويدفعوا ضرائب وعايشين من المهنة دي".

وقال المخرج يسري نصر الله ردا على كاملة أبو ذكري : "كتبت ده من سنة وشوية. تحديدا يوم ٢٠ أكتوبر ٢٠١٧. "لم يكن غرضي من البوست الخاص ببحث "مخرج لامع" عن عمل كطباخ، إثارة الضحك ولا إثارة الشفقة واليأس في نفوس من قرأه".

واضاف: " الأزمة بدأت تظهر معالمها بوضوح في بيع العديد من المحطات التليفزيونية والعودة إلى شكل شبيه بالاحتكار في مجال السينما والدراما وما يتردد عن التعليمات التي توجه لشركات الإنتاج ليقتصر المحتوى التي ستقدمه على الموضوعات "العائلية" والموضوعات التي لا تثير الجدل والابتعاد عن ما قد تصنفه الرقابة أنه مخصص لمتفرج سنه فوق الـ١٨ سنة".

وأضاف "أخطر ما يمكن أن يحدث للفنون عامة وللسينما والدراما بشكل خاص هو أن تتحول لإعلام موجه لأي سياسة أيا كان رأيك في هذه السياسةآ ".

وقال المخرج محمد ياسين عن مشروعه مسلسل إيزيس الذي تلعب بطولته منى زكى، وسيناريو مريم نعوم: توقف بسبب الظروف الإنتاجية، ونترقب حالياً ما ستسفر عنه الأيام، وإن كانت هناك ظروف ملائمة لتقديمه سنشرع في تنفيذه، ومفترض أنه مرتبط بموسم دراما لشهر رمضان.

وأشار المؤلف عبد الرحيم كمال، إلى أن ما يتردد حول جلسات عمل تجمعه بالفنان يحيى الفخراني ونجله المخرج شادي الفخراني للاتفاق على ملامح مسلسله الجديد، ليس له أي أساس من الصحة.

وتوقفت التحضيرات الأولى لمسلسل ضد القانون للفنان إياد نصار، وأكدت المنتجة مها سليم أن المسلسل توقف بسبب مشاكل إنتاجية بعد قرار القنوات الفضائية على ألا يتم شراء أي مسلسل درامي، تتعدى قيمته مبلغ 70 مليون جنيه.

المشهد سألت عدداً من النقاد عن توقعاتهم للموسم القادم في ظل هذه الأجواء ..

غير متفائلآ 

الناقد الفني محمود مهدي قال : توقعاتي لموسم الدراما الرمضانية القادم غير متفائلة على الإطلاق. تراجع التمويل الذي لم يكن يهدف للربح شيء إيجابي طبعاً ولكنه متأخر جداً ويحدث بعد ما فقدت الدورة الإقتصادية الدرامية آ منطقها بالكامل.آ 

وأضاف : "بقالنا سنين بنشوف إنتاج درامي بكثافة لا تتماشى أبداً مع المتاح من إعلانات ومع درجة تقبل القنوات للمخاطرة. ولكن في الوقت ده كان مطلوب دفع محتوى بطبيعة معينة وبرسايل معينة ووسيلة ضمان ذلك كانت التمويل. اللي بيحصل دلوقتي هو رفع التمويل مع استخدام أدوات أخرى لضمان استمرار نفس الرسائل بدون أي إهتمام بالمستوى الفني أو الدرامي نفسه. منتجاتنا الدرامية بقالها سنين في مستوى رديء ولكن كثافة المعروض كانت بتقدر ترضي نطاق واسع من الأذواق، لو المستوى زاد رداءة (وهو ما أتوقعه) وحجم المعروض قل أعتقد إن رمضان القادم هيشهد تحول عدد مفاجيء من المشاهدين لوسائل أخرى بحثاً عن الترفيه.

الاستسلام لشروط النجوم

بينما قال الناقد الفني مصطفى الكيلاني : "دراما 2019 فيها أزمة كبيرة جداً لعدة أسباب أهمها سوء الادارة الذي تم خلال الفترة الماضية للقنوات المصرية، وهو ماسبب أزمة كبيرة، إضافة إلى قلة الموارد الإعلانية كما أن جزءا من الأزمة متعلق بشركات الصناعة نفسها والتي تسببت في الأزمة باستسلامها لشروط النجوم وطلباتهم بفرض عدد كبير من المساعدين على سبيل المثال، وحدث ذلك ليس فقط مع نجوم الصف الأول بل والثاني أيضاً، وهو مازاد من صعوبة الأمر، كذلك هناك الكثير من التدخلات التي تتم في الصناعة بدءاً بتدخلات النجوم ثم المنتجين وعدم الانتظام في كتابة السيناريو ، هذا دفع بعض المنتجين الى دخول الأعمال وليس معهم أكثر من حلقتين من العمل والباقي يتم كتابته على الهواء أثناء التصوير".

ويرى الكيلاني أن هناك حلولاً للخروج من هذه الأزمة تمثلت في توجه عدد من المنتجين إلى العمل مع بعض مواقع الانترنت التي تبث مواد درامية وتسجيلات، ومنها نتفيلكس وهناك شركة أخرى يعمل معها محمد حفظي لإنتاج مسلسلين، إضافة إلى عدد من الشركات الأخرى كما يقوم عادل المغربي مهندس الديكور الشهير حالياً بعمل مسلسل، إضافة إلى بدء تصوير مسلسل ممالك النار الآن في تونس من انتاج نتفيلكس وفيه أبطال من مصر مثل خالد النبوي ومحمد جمعة وآخرين.

علامات غير مريحة

الناقد السينمائي أندرو محسن استهل حديثه بالاشارة إلى ماتردد عن الشروط الرقابية وقال: "حتى الآن مفيش شروط رقابية معلنة أو بيانات صدرت عن المجلس الأعلى للإعلام وبالتالي محدش عارف اذا كان هذا الكلام حقيقي أم لا. وبالنسبة لخريطة الدراما نفسها مفيش حاجة واضحة لكن فيه علامات غير مريحة، مثلا كنت بشوف عدد المسلسلات كبير جداً كل سنة وكانت أكبر مما يستطيع المشاهد استيعابه واستهلاكه، وفيه حاجات لا يتم مشاهدتها بالكثافة المطلوبة، وكان يقال ان هذه الأعمال سيتم مشاهدتها بعد رمضان، والحقيقة أن المسلسلات التي تنجح في رمضان هي التي تحظى بنسبة مشاهدة أعلى بعد الموسم، وهناك أعمال كانت تختفي تماماً .

كل المسلسلات المفروض أن تعمل على رفع مستوى جودتها لكن ما أراه أن هناك تأخير كبير حتى الآن إضافة الى قلة الميزانيات المرصودة للإنتاج وهو أمر غير منطقي، لأن العمل هو الذي يفرض الميزانية، وتراجع قيمة تلك الميزانية سيؤثر على كل عناصر المسلسل وشكله والخدع المستخدمة، وحتى الان صناع المسلسلات يحاولون التركيز على تقليل أجور النجوم .

إضافة الى تأخر البدء في تنفيذ الأعمال، ولازلنا نتابع هذه الأيام أخبار عن تعاقد نجوم على مسلسلات وهو مايؤكد أن المدة المتبقية ليست كافية على الإطلاق، فلازال أمامنا ديكورات تحتاج إلى البناء والكثير من التجهيزات الأخرى والتي تستغرق وقتا كبيراً، ولهذا فإن هناك تأثيرات سلبية لعامل الوقت على المستوى الفني للأعمال في موسم رمضان القادم.

آ