17 - 07 - 2024

تاريخ التعديلات الدستورية في مصر: لماذا يخشى كل رئيس لقب "سابق"؟

تاريخ التعديلات الدستورية في مصر: لماذا يخشى كل رئيس لقب

- هل تصب التعديلات الدستورية في المصلحة العامة؟ أم الشخصية؟

تعديل تلو الآخر، مر به الدستور الحاكم لمصر، بدءًا من دستور 1923، الذي تم العمل به حتى صدور الإعلان الدستوري في الفترة الانتقالية، عقب قيام ثورة يوليو 1952، وإلغاء الملكية وإعلان مصر جمهورية، مرورًا إلى دستور 2014 والتعديلات المقترحة الآن.

ومنذ أن تحولت مصر إلى جمهورية، لم تشتمل تعديلات الدساتير المصرية على مواد تخدم الصالح العام قط كما كان في الظاهر، إلا أن جوهرها يشير إلى محاولة تحاشي الرؤساء لقب "رئيس سابق"، وإعطائه صلاحيات أكثر.

ففي نهاية الفترة الانتقالية سنة 1956 تم إجراء استفتاء شعبي وبدأ العمل بدستور 1956، والذي استمر العمل به حتى صدور ما سُمي بـ"دستور الوحدة" في مارس من عام 1958، إثر قيام الجمهورية العربية المتحدة بإتحاد مصر وسوريا، واستمر حتى سقوط الوحدة في عام 1961.

وبعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر، صدر دستور 1971 في 11 سبتمبر من عام 1971، في عهد الرئيس أنور السادات، وتم تعديله في مايو 1980، والذي جعل الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وسمح بتجديد مدة الرئاسة لأكثر من مدة تالية، ولكن لم يعد بالفائدة على الرئيس السادات، حيث أنه اغتيل في العام التالي لصدوره.

وبعد تولي الرئيس الأسبق حسني مبارك، تم تعديل دستور 1971 مرة أخرى في عام 2005 لتنظيم اختيار رئيس الجمهورية بانتخابات مباشرة، فيما سُمي بتعديل المادة 76، والتي جرى على إثرها أول انتخابات رئاسية في مصر، وكان قبل هذا التعديل يكون اختيار الرئيس بطريق الاستفتاء، وذلك عن طريق ترشيح مجلس الشعب لشخص واحد للرئاسة واستفتاء الشعب عليه، وفي الغالب كانت نتيجة الموافقة على الاستفتاء نسبة تفوق الـ98%، مما أثار حفيظة الكثيرين.

وتم هذا التعديل بعد تصاعد حدة الأصوات المطالبة بالاصلاحيات الديمقراطية مع بداية عام 2005، والخوف من مواجهة احتمالات توريث السلطة لجمال مبارك، أمين السياسات والأمين العام المساعد للحزب الوطني الديمقراطي – الحزب الحاكم – وقتها، وأعلن الرئيس مبارك عن مبادرة تعديل المادة 76 من الدستور، بحيث يكون انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر من جميع أفراد الشعب الذين لهم حق الانتخاب، بدلًا من اختيار رئيس الجمهورية بطريق الاستفتاء.

وطُرحت المادة بشكلها الجديد للاستفتاء الشعبي في 25 مايو 2005، وتم الموافقة عليها بنسبة 83% تقريبًا من إجمالي نسبة المشاركين في الاستفتاء، وتم وضع مادة جديدة هي المادة 192، والتي تم فيها تغيير مسمى الاستفتاء إلى الانتخاب في كل المواد التي ترتبط باختيار رئيس الجمهورية.

وفي 26 مارس 2007 جرى استفتاء بموجبه تم تعديل الدستور مرة أخرى، وشملت التعديلات حذف الإشارات إلى النظام الاشتراكي للدولة، والنص على مبدأ المواطنة، وحظر أي نشاط سياسي أو قيام الأحزاب على أساس الدين أو الجنس أو الأصل، وإنشاء لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات تكون لها صلاحيات مطلقة، وتخفيف شروط الترشح للرئاسة، ووضع الأساس الدستوري لقانون الإرهاب في المادة 179.

وفي 10 فبراير 2011، طلب الرئيس الأسبق مبارك تعديل المواد 76 و77 الخاصة بانتخاب الرئيس ومدة الرئاسة، و88 و93، و189 الخاصة بتعديل الدستور، إلا أنه تنحى في اليوم التالي، وتولى المجلس العسكري شئون البلاد، ونشر  في 26 من ذات الشهر طرح لتعديل نفس المواد بالإضافة للمادتين 139 الخاصة بتعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، و148 الخاصة بإعلان حالة الطوارئ، وحذف المادة 179 الخاصة بالاشتراكية.

وفي 30 مارس 2012، تم إبطال الدستور وإعلان دستور جديد، اشتمل التعديلات الأخيرة ومواد مؤقتة، وتم إقرار دستور 2012 بموافقة 64% من الشعب، والذي بموجبه تم انتخاب الرئيس الأسبق محمد مرسي رئيسًا للبلاد.

وبعد قيام ثورة يونيو 2013، وإسقاط حكم مرسي، تم تشكيل لجنة الخمسين، والتي عطّلت دستور 2012 لحين تعديله وعرضه للاستفتاء الشعبي مرة أخرى، وفي مطلع عام 2014، أعلنت اللجنة المسئولة عن تنظيم الاستفتاء على الدستور، تأييد 98.1% للدستور الجديد.

وعلى مر تاريخ التعديلات الدستورية في مصر، لم يتم الاعتراض من قبل المجالس النيابية أو الشعب، على أي تعديلات يقوم بها رئيس الجمهورية، إيمانًا بفكرة أن المصالح الشخصية للرئيس سواء في مد فترة الرئاسة أو إعطائه صلاحيات أكثر، هي في النهاية يجري تمريرها، وتدعي السلطة والنخب المؤيدة لها أنها تصب في مصلحة الشعب والدولة، حتى وإن كانت تنتقص من حقوقه.
----------------------
تقرير - إيمان جمعة