01 - 07 - 2024

نص كامل بالفيديو للجزء الثاني من حوار حمدين صباحي: السلطة والإخوان متفقان على "قتل البديل" لكننا نربي الأمل

نص كامل بالفيديو للجزء الثاني من حوار حمدين صباحي: السلطة والإخوان متفقان على

ينفض أحزانه ويتخلى عن صمته في حوار مطول مع المشهد (2 من 2)

- خوضي انتخابات 2014 كان الأكثر نبلا والأكثر خسارة ..وهذه دوافعي

- الموافقة على تمرير تعديل الدستور خيانة للضمير الوطني ولا نطلب من الناس فوق طاقتهم

- صمت الشعب لايعني رضاه ولكن يعني أنه تعلم من التجربة.. ولن يخرج ويضحي بشكل مجاني

- لسنا في حالة خلاف ولا صراع مع الجيش، نحن في حالة معارضة مشروعة جادة ونبيلة لسياسات واختيارات الرئيس

- ثورة يناير يمكن أن تتعثر أو تخطيء أو يخطيء بعض قادتها – كما أخطأت أنا وجيلي -لكنها لم تمت وهي حاضرة بكل دروسها

- التغيير ليس حادثة أو واقعة بل عملية مستمرة وروح يناير يمتد أثرها، ولا يمكن لأحد أن يسكب عليها سيول الإحباط

- لو أجريت في مصر انتخابات نزيهة في مواجهة منافس معتبر، سيلحق الشعب هزيمة مؤكدة بهذه السلطة 

- آلاف المحزونين المخذولين أمام بيتي في 2010 صاروا جزءا من ملايين الفرحين المنتصرين في ميدان التحرير.

أحدثت الحلقة الأولى من حوار المشهد مع المرشح الرئاسي الأسبق حمدين صباحي صخبا واسعا، وكانت بمثابة حجر كبير تم إلقاؤه في بحيرة السياسة المصرية الراكدة، وبدأت فور نشرها حملة تشويه مزدوجة ضده، طرفها الأول السلطة التي سلطت أبواقها لنهش سمعة المرشح الرئاسي الأسبق والتقليل من شأنه ومحاولة ترويعه بنشر تقارير إعلامية ملفقة وخيالية، كما دفعت بأحد المحامين الشرفاء – او تطوع هو من تلقاء نفسه – لتقديم بلاغ للنائب العام يطالب بالقبض على حمدين ومنعه من السفر وتقديمه للمحاكمة مستخدما إكليشيهات مكررة مثل نشر أخبار كاذبة والإساءة لرئيس الجمهورية.

أما الطرف الثاني لحملة التشويه فكانت المنابر الإعلامية لتنظيم الإخوان التي صبت جام غضبها عليه واتهمته بالتسبب فيما وصلت إليه مصر، عبر دعوته ومشاركته في موجة 30 يونيو 2013 التي تسببت في خلع الإخوان من السلطة.

كان الهجوم ضاريا لسببين: - شخص حمدين صباحي، فقد تصورت السلطة (ونقيضها) أنها بنتيجة انتخابات 2014 المصنوعة، قد وضعت نهاية لنضال حمدين الذي استمر أربعة عقود، وكسرت كل الآمال المعقودة عليه خاصة من جيل ثورة يناير، وتصورت صمته النبيل "استكانة وقبولا" متناسية أن النبل قد يدفع السياسي للصمت، لئلا يستخدم البعض نطقة تكئة للنيل من استقرار الوطن، وأنه مرهون بوقت يكون للحديث فيه معنى وتأثير في الاتجاه الذي يريده.

 بينما كان السبب الآخر للهجوم – خاصة من جانب السلطة ودراويشها- هو ما قاله، حيث أكد أن العدوان على الدستور معناه تنصيب مستبد لـ 30 عاما، وأن من يتحمسون لتعديله إنما يخططون لمصادرة حق المصريين في اختيار حاكمهم وإلغاء الثمرة الوحيدة الباقية من 25 يناير ، محذرا من أن النظام يحاول إزاحة سلم الوصول للسلطة وهي نفس التهمة الموجهة لحكم الإخوان ويستهدف مصادرة حق التداول السلمي للسلطة وهو ما يفتح الباب للعنف والإرهاب ، ولم ينس الإشارة إلى أن كل من عدل الدستور طمعا حرم من نتائج تعديله .. وهي من سنن مصر لكن الطامعين لا يتعظون ، كما أكد أنه لا وطنية تشرع ان تحتكر السلطة وتستبد وتلقي بمعارضيك إلى غياهب السجون وتكمم الأفواه وتجوع الناس، وأن احتقار الشعب والنزعة النرجسية المتغطرسة يعني أن أحدا لم يتعلم من مشهد ملايين 25 يناير و 30 يونيو .. وهذا نص الجزء الثاني من الحوار

* بعد اليوم الأول من انتخابات 2014 فكرت في الانسحاب .. ما الذي منعك؟

- منعني من الانسحاب شيئان : - أن أعرض أحدا لأن يهدر دمه. مد الانتخابات ليوم ثالث كان إجراء غير مقبول مني، لكن الانسحاب كانت له تواليه.. وكما خسرت الناس العاديين بترشيحي، خسرت الشباب الذين أصروا على ترشيحي حين امتنعت عن الانسحاب، وهذه كانت خسائر كبرى متتالية أثرت جدا في صورتي وفي حجم الثقة العامة التي كنت أحظى بها، وفي الجمهور الذي كان يراهن علي.

أعتبر هذه المعركة هي الأكثر نبلا والأكثر خسارة، لأن دوافعي التي قبلت على أساسها الترشيح وأصررت بسببها على عدم الانسحاب، هي حقن دم أي شخص من أنصاري كان يمكن أن ينزل الشارع في ذلك الوقت، وكان يمكن للإخوان أن يستغلوا ذلك، ولم أكن لأعطيهم هذه الفرصة.. وهنا يأتي السبب الثاني: كنت أريد للبلد أن تستقر فعلا، لم أكن أريدها أن تتخلخل، كنت أريدها أن تقطع شوطا حتى تجني ثمرة مادفعته من ثمن شريف وفادح في 25 يناير و 30 يونيو، فلم أكن لأعرضها لهزة، وقبلت على نفسي أن يظن بي الظنون ، من جانب من أحبهم ويحبوني، ويأخذوا مني موقفا لعدم انسحابي ، كانت تجربة قاسية في 2014.

* هل هناك أطراف في السلطة شجعتك – ولا أقول ضغطت عليك لأني أعرف أنك لا تقبل الضغط – على الترشح؟

- هذا أمر أريده أن يكون واضحا للناس، لم يحدث في 2014 أبدا أن طلب مني على أي نحو أن أترشح.

* ولا ضغط عليك لئلا تنسحب؟

- ولا ضغط علي لمنعي من الانسحاب مطلقا. اعتقد أن السلطة تعرف أني أحب أن أكون نزيها ومستقلا في رأيي وأني لست موضع مساومة.

ماحدث أني ترشحت على غير إرادتي الشخصية – احتراما لرأي جيل أحترمه – وأملا في أني حين أخوض الانتخابات أخرج بنتيجة ما بين ربع وثلث الأصوات، فيتأسس في مصر نظام فيه رئيس معه ثلثي الأصوات – أو ثلاثة أرباع الأصوات – وتيار معتبر للمعارضة، ويتأسس لإمكانية دولة يمكن أن يتم فيها تداول ديمقراطي للسلطة، وتنتعش القيم الديمقراطية، هذا هو هدفنا وغرضنا، وهذا هو طريقنا الحقيقي – طريق التداول السلمي للسلطة – بضمان النزاهة الانتخابية، فرأيت أن خوض الانتخابات – رغم كلفته الشخصية – هو الأصح، لكن حتى هذا الحلم تمت الإطاحة به بالأرقام المصنوعة وغير الحقيقية التي أعلنت للانتخابات.

* ماهو إحساسك وقتها وأنت حاصل في الانتخابات السابقة على ما يقارب 5 ملايين صوت، وتحصل في الانتخابات على 800 ألف صوت؟

- طبعا فجوة عميقة جدا ومؤلمة، وفي اليوم التالي لإعلان النتيجة قلت في مؤتمر صحفي إنني لا أعترف بهذه الأرقام. كل ما أعلن من أرقام في 2014 غير صحيح، وعندي أدلة أولها أن اللجان التي أدلى فيها المندوبون عني بأصواتهم لصالحي فيها، كإجراء مع افتتاح اللجنة، كانت نتيجة الفرز فيها أنني حصلت على صفر، حتى المندوبين عني في اللجنة تم تزوير أصواتهم، وطبعا لا الرقم المنسوب لي بأنني حصلت عليه، ولا الرقم المنسوب لمنافسي، ولا إجمالي الحضور بالتأكيد، كل هذه الأرقام لم تكن صحيحة.

ولكن كان هناك يقين عندي بأنه – حتى لو كانت هذه الانتخابات نزيهة – وكل صوت فيها صحيح، كانت حظوظ منافسي من الشعبية أفضل وكان سينتصر، والحقيقة أنه لو أدار المعركة بنزاهة ونجح بـ 70% لكان أفضل له وللبلد، وحين خرجت أرقام مصنوعة أدت لشعور بالانكسار لدى الجيل الذي دخل معركتي بحماس، فرغم خسارتي 4 ملايين صوت عن الانتخابات السابقة، فإن نحو المليون الذين تجاسروا على منحي أصواتهم، رغم ذلك الحشد من الدولة والتخويف من رعب الإخوان، وهذه التعبئة الهائلة القائمة على أن الجيش هو من سيحمينا. هذا المليون أو من سموا الـ 3%، وهو رقم ليس حقيقيا، أنا فخور بكل واحد فيهم، لأن هذا جدار متين للديمقراطية استطاع في هذا الظرف أن يختار اختيارا مدنيا ديمقراطيا ينظر للمستقبل، وكل واحد منهم الآن فخور بنفسه جدا ومتأكد من أنه اختار بشكل صحيح، خصوصا وأن من كان يؤيدون منافسي هم أكثر من يشكون الآن من الغلاء ومن الظلم الذي ألحقته سياساته بهم، ومن حق الـ 3 % أن يقولوا أنهم أبرياء وقدموا بديلا، والشعب الذي اختار نحترم خياراته.

لكن أبدا، لم يضغط علي في 2014 لكي أرشح نفسي إلا من شباب الثورة، فهم جهة الضغط الوحيدة، ولم يضغط علي أبدا لئلا أعلن انسحابي في اليوم الثاني، كان قراري الفردي، وتقريبا القرار الوحيد في حياتي الذي اتخذته بطريقة فردية، كل من كانوا حولي إلا عدد قليل، كان رأيهم أن أنسحب، وكانت الأقلية الموجودة التي كانت مع عدم ترشيحي، فمجلس أمناء التيار الشعبي كله صوت على ترشيحي، ما عدا سبعة أسماء ضد الترشح كنت واحدا منهم، أنا فخور بالشباب الذين كانوا بالغي الحماس وكانت لديهم رؤية وبصيرة عني – رغم فارق الخبرة – فقد رأوا أن السيسي إذا نجح سيتحول إلى مستبد – وكنت أنا حسن الظن به، ولكني رأيت من حق الثورة أن يكون لها تعبيرها الخالص عنها، ولذلك قبلت الترشيح.

وثبت أن كل حبال العشم فيه تقطعت على مدى السنوات بالغلاء وغلاء الأسعار وتيران وصنافير والقبض على الشرفاء والتضييق على الحياة العامة وهلم جرا من سياساته، وثبت أن هؤلاء الشباب كانوا على صواب. 

لكن كل المشكلة في 2014 التي خضتها بكل هذه التضحية والخسارة والنبل أنه حتى الهدف النبيل في تأسيس تيار معبر عن هذه الثورة، يستمر وينظم نفسه، يمثل فرصة أفلتت منا.

خلاصة ما أريد أن أقوله أن شعبنا من حقه أن يطمح لتداول سلمي للسلطة عبر انتخابات حرة وأن يختار من يراه، وأن يعيد تشكيل وجهة نظره فيمن اختاره، كي يستمر أو يغيره، لأن لا مستقبل أمام مصر بعد كل تجاربها وتضحياتها وأحزانها وأوجاعها وأحلامها، إلا بالإصرار على طريق لبناء نظام ديمقراطي يتم فيه تداول السلطة سلميا عبر انتخابات نزيهة. ومشكلة العدوان على الدستور أنه يقطع الطريق على هذا المطلب ويسد هذا الباب، العدوان على الدستور بتعديل مدد الرئاسة يغلق باب الأمل المشروع المستحق للمصريين في أن يصنعوا حياة ديمقراطية عبر تغيير السلطة سلميا، وهذا خطر.

*ولكن وسائل تعبير الناس عن أحلامها وآمالها المشروعة طرقها مغلقة، فالتظاهر ممنوع وهناك اتهام لكل من يحتج بأنه يخدم أجندة جماعة الإخوان وأيضا يعبر الإعلام عن صوت واحد فيما تمنع الأصوات الأخرى.. كيف تتصور أن يعبر الناس عن رأيهم سواء في تعديل الدستور أو أي قرارات يرى الناس أنها لا تناسبهم؟

- في ظل ظروف التقييد الحالية، لا نستطيع أن نطلب من الناس ما هو فوق طاقتهم ولا أن نعرضهم لمخاطر. الناس أدرى بمصالحهم وباختيار أساليب تعبيرهم، لكن مانستطيع أن نطلبه مطمئنين من الناس أن يقولوا رأيهم، كل مصري يريد لبلده أن تستقر وأن يأخذ الشعب حقه والثورة المغدورة لا يتم ذبح آخر إنجازاتها، أي شخص يحترم فكرة القانون ودولة القانون وحكم القانون والمساواة أمامه، أي شخص يحترم حق مصر في أن تطمح لتطور حقيقي عبر آلية سلمية، كل هؤلاء ندعوهم بأن يقولوا بصوت واضح: لا للعدوان على الدستور. وأن يرفضوا تعديله.. أن يعلنوا ذلك بكل الطرق السلمية وبقدر طاقتهم، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، هنا أظن أن المثقفين عليهم دور خاص، لأن المثقف في أي بلد يفترض أن يكون ضميره، أتمنى أن يقول مثقفو مصر وعقلاؤها وأصحاب الرأي فيها بوضوح، من الآن، أنهم ضد هذا العدوان الذي تخطط له السلطة على الدستور في مصر، وأنهم يرفضون هذه التعديلات وعلى الأخص صلب هذه التعديلات، أن تكون الرئاسة لأكثر من دورتين أو يمد فيها، لأننا إذا وافقنا على هذا نكون في الحقيقة قد تخلينا عن ضميرنا الوطني.

* دائما ما يتم الخلط بين رئيس الجمهورية الخارج من المؤسسة العسكرية والمؤسسة العسكرية ذاتها، كيف يمكن للناس إظهار أن معارضتهم لأي حاكم –باعتباره حاكما مدنيا تجوز معارضته بمقتضى الدستور – والقوات المسلحة التي لا يختلف اثنان عليها، كيف نزيل هذا السحر الذي تستخدمه الأجهزة وكتابها في الربط بين حاكم ومؤسسة ؟

- رئيس الجمهورية موظف مدني عند الشعب المصري، الشعب هو الذي اختاره وهو من يحاسبه ويجدد له في حدود نصوص الدستور، والجيش مؤسسة مملوكة للشعب المصري مهمتها حماية أمن هذا الوطن وحدوده. الجيش حارس وليس حاكما ورئيس الجمهورية هو الحاكم، وهذا الرئيس من أي مصدر جاء بما أنه صار رئيسا عليه أن يقبل ويحترم إرادة الشعب الذي جاء به فهو الذي يحاسبه ويقيمه ويسمح له أن يستمر أو لا يستمر، الجيش ليس عرضة لانتخاب ولا تصويت، فجيش مصر لكل المصريين ومحل احترام واعتبار منهم، وينبغي أن يتنزه عن أن يزج به في مواقع يمكن أن تؤثر على القيمة العظيمة له في وجدان وضمير المصريين جميعا.

لسنا في حالة خلاف مع الجيش ولا صراع معه، نحن في حالة معارضة مشروعة جادة ونبيلة لسياسات واختيارات الرئيس. وهذا حقنا، بالدستور وبالخلق وبالوطنية وبالتاريخ، نمارسه باحترام لحق هذا الشعب علينا في أن نقول كلمته، ثم أننا لا نفرض معارضتنا على أحد ولا نكره أحدا أن يكون معنا، لا نحبس أحدا بسبب وجهة نظره، ولا نقطع عيش أحد لأنه غير مقتنع برأينا، نقول كلمتنا لوجه الله ولوجه مصر وهذا الشعب العظيم، وسنقولها، وهذا ما يجعلنا نقول لا للعدوان على الدستور، لا لإغلاق باب التداول السلمي للسلطة، لا لتنصيب أحد، أيا من كان هذا الأحد، دون تجديد اختياره عبر الشعب بانتخابات نزيهة، لا للاستبداد، لا للتبعية، لا للفقر والفساد، هذا هو الحد الأدنى الذي يقوله أي مصري لديه ذرة من المحبة لهذا البلد وحرصا عليه وتقديرا لما قدمه هذا الشعب من تضحيات، قلناه بالأمس ونقوله اليوم ، ونحن واثقين أن مآل مصر – أيا ما كان الثمن الذي تدفعه – أن تتحقق فيها القيم المنشودة للثورة، فمصر الديمقراطية التي يتحقق فيها عدل اجتماعي وحقوق للفقراء ورخاء ناجم عن تنمية حقيقية، وثروات توزع بالعدل بعد أن تزيد، وحريات .. مصر هذه ستأتي وهذا الحلم لم يكن مجانيا.

* هل تتصور أن ثورة يناير مستمرة رغم الارتداد عليها؟

- ثورة يناير مهزومة لكنها لم تمت، منكسرة لكنها لم تنته، موجتها في 30 يونيو حاضرة بكل دروسها، ليس هناك شعب يقوم بثورة – بهذا الحجم المليوني وبهذا العمق في الوجدان – وتنتهي، يمكن أن تتعثر أو تخطيء أو يخطيء بعض قادتها – كما أخطأت أنا وجيلي في الاختيارات أو في كفاءة التكتيكات أو في القدرة على أن يصلوا بمطامح الشعب إلى مواقع القرار- نعم، الشعب لا يخطيء وأنزه شعبنا عن الخطأ، وإن كنت أخطيء نفسي وقيادات الثورة بدرجات متفاوتة وأدعو إلى مراجعة لأخطائنا ونقد ذاتي لأنفسنا، لأن هناك جيل جديد سيكمل هذه الثورة ويصبح من حقه أن يطلع على ما أحسننا فيه وما أسأنا، وعلى أخطائنا حتى لا يكررها، ماذا تكون الثورة إن لم تكن حق الناس في أن يعيشوا بكرامة في دولة ديمقراطية، هذا آت آت ، عندي يقين في أن يتحقق هذا الأمل، ربما أراه وربما يراه أولادي، والجيل الذي كان في الميادين ونحن على مشارف الستين وهو في عشريناته، سيعيش دولة العيش والحرية والعدالة الإجتماعية، وستتحول كل الآلام التي نعيشها الآن إلى ذكريات، سوف ينظر إليها هذا الجيل ويحترم نفسه أنه استطاع أن يعبر هذه المحن دون أن يفقد أمله ويقينه وإصراره إلى أن يحققه الله له.

* ما الذي أفشل الموجتين الأوليين من الثورة .. هل كان للناس دور في هذا الفشل حين تسرعوا وتركوا الميادين، أم القيادات والنخب التي اقتربت من السلطة أو كانت قريبة من سلطة سابقة وتلونت؟

- توجد أسباب عدة، أستطيع أن أقول أن السبب الجوهري في عدم نجاح 25 يناير و30 يونيو هو غياب التنظيم، ولأن قوى الثورة لم تكن منظمة، لم تأخذ قرارا صحيحا في التوقيت الصحيح، لم يكن لها عقل واحد فأضاعت الفرصة وانفضت الجماهير، وطالما أن التنظيم غائب لن نتمكن من مواجهة الدولة القديمة التي أسقطنا رأسها في 25 يناير، ولا الجماعة القديمة التي أسقطنا حكمها في 30 يونيو، هذا الشعب لكي يكمل ثورته يحتاج إلى تنظيم جاد شعبي محكم، يستطيع أن يقود الموجة القادمة ويصل بها إلى السلطة، لا يقودها لإسقاط رئيس ثم يبقى الشعب في الشارع كما كان، ما أهون إسقاط الرؤساء على الشعب المصري، فهو لا يجلس في بيوته لأنه لا يستطيع إسقاط رئيس ، لكن لأنه عرف من تجربته في 25 يناير و 30 يونيو أنه يستطيع إسقاط رئيس ولكن بمن سيأتي؟، الشعب أذكى من أن يخرج مجانا وتضيع السلطة من يده مرة أخرى، لن يتحرك هذا الشعب إلا عندما يجد بديلا قادرا وكفؤا ليس فقط على قيادة ثورة وإنما على إدارة الدولة كثمرة لنجاح الثورة، لهذا فإن السلطة متنبهة لهذا، وتعتبر مهمتها القضاء على أي بديل وتشويهه ومنعه من أن يكون أهلا للتواصل مع الناس أو محلا لثقتهم، لذلك لا تريد انتخابات ديمقراطية، وفي ظل هذا التقييد على حق التظاهر وكلفته الفادحة لن تقول للناس انزلوا تظاهروا لتموتوا، الناس مستعدون لذلك لو أن هناك نتيجة، لكنهم ليسوا مستعدون للموت المجاني، وهذا أمر عاقل.

* هل تعلمت النخب السياسية ووعت الدرس؟ لم نر أي حركة معارضة أو تقدم بديلا يستطيع الشعب الرهان عليه ، بل بالعكس نجحت السلطة بالقهر والقمع والمنع والأساليب الأمنية في إلزام النخب بيوتهم؟

- نقول أن النخب وعت الدرس، حين نجد تنظيما جادا يجمع هذه القوى المدافعة عن قيم الديمقراطية والدولة المدنية والعدل الاجتماعي والاستقلال الوطني، وتخوض معارك عاقلة وتبلور خطابا يصل لقلوب الناس وعقولهم، وتوجد الحلول، التي يقبلها العقل، للمشاكل التي يعاني منها المصريون، هذا لم يتحقق، لكني أثق أن هناك أناس قادرون عليه، المكونات موجودة لكن بنيته – المتمثلة في تنظيم – ليست قائمة، وهذا واجب الوقت، إذا كان هناك واجب بعد ماتعلمناه من دروس، فإن القوى المؤمنة بمصر وبشعبها وبحق البلد في حياة كريمة وفي تحقيق أهداف 25 يناير و 30 يونيو، عليها أن تنظم نفسها.. هذا هو الواجب الآن.

* بشكل براجماتي .. أليس من المفترض أن تشجع مؤسسات الدولة على قيام مثل هذا التنظيم، على الأقل لسحب البساط من تحت أقدام القوى المعادية لها وهي القوى المنظمة الوحيدة والممثلة في الإخوان وتيار الإسلام السياسي؟

- رأيي أن السلطة الحالية والإخوان متفقان على شيء واحد، هو ألا يخرجا بديلا عنهما، لأنه لو تبلور في مصر تيار يشبه المصريين العاديين – الطيبين الحالمين - الذين يريدون العيش بكرامة وبحرية، الذين يريدون لقمة عيش وحق في الكلام، ويريدون قرارا مستقلا وليس خنوعا لقوى أجنبية، ويريدون ألا يحتكر أحد باسمهم الدين أو الوطنية، هذا هو المصري العادي، هذه الأغلبية المصرية هي العمود الفقري لـ 25 يناير و 30 يونيو، لكن لم يكن لديها تنظيم، كان التنظيم لدى طرفين.. الدولة القديمة بروابط البيروقراطية والمصالح.. والإخوان بروابط الجماعة مصالحا واعتقادا، وهم من تناوبوا علينا لأنه لديهم تنظيمات، في المرة القادمة لو أراد الشعب أن يصل لحياة كريمة، فمن واجب المثقف المناضل والثوري الحقيقي أن يقترب من الناس ويبني معهم قدرة منظمة على مواجهة الطرفين السابقين.

سؤالك منطقي، لأنه لو بنيت في مصر قوى وتنظيمات ديمقراطية ومدنية يكون أفضل، لكن السلطة تريد أن تهددنا بالإخوان لنقول "نار السلطة ولا جنة الإخوان" لاتريد أن تقول للمصريين أنها لو سقطت فستأتي القوى الشعبية والديمقراطية – التي تشبه عموم المصريين – لأنهم في هذه الحالة سيختارون البديل، والإخوان يفكرون بنفس الطريقة.. يريدون أن يروجوا وهما مفاده أنهم البديل الوحيد عن هذه السلطة، وأن القوى المدنية والديمقراطية لا شيء.

الطرفان يريدان أن يظل الناس بين الرمضاء والناس، إما دولة مبارك القديمة التي تستنسخ كل حين هو وسلطته ورجاله، أو الإخوان.. ولن تخرج مصر من هذه الأزمة إلا ببديل شعبي ديمقراطي معبر عن روح الناس ونداءاتهم في الميادين، هذا البديل لابد أن يكون متميزا ومستقلا تماما عن دولة مبارك وسياساتها واختياراتها من ناحية، ودولة الإخوان وجماعتهم وسياساتهم واختياراتهم من ناحية ثانية.

هذا البديل هو ماتحتاج مصر إلى بلورته وهو موجود لأن أرضيته الشعبية هائلة، لكن بنيته التنظيمية هشة، من المسؤول؟ أنا ومن هم مثلي ممن وثق الناس فيهم كقيادات وعجزنا عن بناء تنظيم جاد لهذه القوى، مع أنها الأقوى والأقدر ولا تستطيع دولة مبارك القديمة ولا جماعة الإخوان الوقوف في وجه الشعب حين يتمرد، فلا دولة مبارك استطاعت حمايته ولا جماعة مرسي استطاعت، لأن الشعب كان في الميدان. 

حين انفض الشعب خسر، لأنه ترك الأمر لقادة غير قادرين على بناء تنظيم يعبر عنه ولا مهارة تكتيكية وخيال وحيلة، ويفتقدون دهاء السياسة وكفاءتها وقدرتها، خسر الشعب لأنه انسحب من الميدان ولم يترك تنظيما. 

ندائي للمصريين .. دافعوا عن هذا الدستور واحموه ، لكن قد يقال ماذا لو حمينا الدستور وهو غير مفعل؟ وماذا لو تغير الرئيس في انتخابات بغض النظر عن حظها من الديمقراطية ، هل يأتي رئيس يشبهه وبنفس سياساته؟ دعنا من شخص الرئيس، وما إن كان سيأتي أحد بنفس الانحيازات والولاءات والممارسات؟ أم يأتي شخص آخر بسياسات أخرى وممارسات وأفق آخر غير هذا الكابوس.. ومن أين يأتي؟ لا بد أن يأتي من صفوف الشعب، ولكي يمكنه فهو يحتاج تنظيما، لهذا أخص بندائي الجيل الجديد الذي نما وعيه في السنوات العشر الماضية وتوهجت أحلامه في ميادين 25 يناير و 30 يونيو والذي تعرض لحملة قاسية من تبديد الأمل وفرض اليأس عليه .. ندائي له ولكل شعبنا "حافظوا على ثروة الأمل التي شعرتم بها ذات يوم، لا تسمحوا لأحد أن يطفيء شعلتها واعرفوا أن من واجبكم أن تنظموا أنفسكم لأن غدا ملك لكم" إذا نظمتم أنفسكم ستكتمل هذه الثورة وإذا لم تنظموا أنفسكم سنكون فرطنا في دم شهدائنا".

* هناك محاولة للإيحاء أنه إذا أرادت السلطة شيئا ستفعله، هل كل المسارات مغلقة سواء القضائي أو البرلماني الذي يجعل كل شيء بيد السلطة؟

- هذه البلد أكبر من سلطتها، وتستطيع السلطة أن تكون عنيفة ومتغولة ومستبدة، ولكن إلى متى؟ جربنا مستبدين قبل ذلك وكانوا يظنون أنهم مؤبدون وذهبوا. أوهام السلطة تغري بالحماقات ويقين الشعوب أنها لابد أن تحصل على حقوقها.

سنقول كلمتنا بكل صيغة سلمية ديمقراطية ممكنة ، وصوتنا سيسمعه الناس ، سيغلقون أبواب الإعلام ويمنعون التظاهر، لكن صوت الناس سيصل ويسري، وإذا لم يربح معركة سيربح ما بعدها، وإذا خسر معركة لن يخسر ما بعدها، حلم هذه البلد حلم عظيم جدا ومن الطبيعي أن يكون المشوار طويلا حتى نصل إليه، من ليس جاهزا لتلقي هزيمة مرحلية حتى يصل لنصر نهائي يظلم نفسه، لا بد أن نعرف أن القدرة على قبول هزائم مؤقتة هو أحد شروط الحصول على نصر نهائي، نحن نقبل اختيارنا وراضون عنه وضميرنا مستريح ونعرف أن ربنا وشعبنا معنا، نقول كلمتنا ونجتهد بقدر طاقتنا، إذا قدر أن نربح نكون أعفينا مصر من دفع ثمن لا تحتاج لدفعه – شعبا ودولة- وإذا قدر لمن أرادوا الاعتداء على الدستور أن يفلحوا، سنعتبر تلك خسارة للشعب وللدولة، لكنها خسارة مؤقتة سنصبر عليها ونناضل من بعدها، حتى يأتي النصر النهائي.

* من يدفعون الضريبة مثل معصوم مرزوق ورائد سلامة ويحيى القزاز ومحمد منيب وعشرات غيرهم، لا يجدون حتى الحد الأدنى الذي كان موجودا أيام السادات ومبارك من التفاف النخبة أو الاحتجاج رفضا لاستمرار حبسهم.. ماتفسيرك؟

- لكي نكون أمناء كل الناس معهم، وليست النخبة وحدها، وأي أحد لديه ضمير هو مع هؤلاء، ولم يدخل أحد السجن بسبب رأيه إلا وكل الناس معه، لكن الأصوات ممنوعة والمجال العام مغلق، والإعلام مصادر وحق الحركة في الشارع مجرم ومحرم، لكن قلوب العارفين بهذا الوطن مع هؤلاء بالتأكيد.

كل سجين رأي أصحاب الضمائر معه، لكن صوتهم لا يصل، عندما يوجد متنفس يظهر، لو نظرت إلى السوشيال ميديا لأنها ليست تحت القبضة، ستجدها تتحدث باسم هؤلاء، وصورهم موجودة يوميا، ولو كان هناك تنظيم لكان الدفاع عن سجناء الرأي أوسع مدى وانتشارا وتأثيرا، وللأسف لا زالت الحركة المدنية الديمقراطية – وهي الأكثر ولاء لقيم وأهداف الثورة في 25 يناير و 30 يونيو – تعاني من الضعف والتفكك، وهذا لابد أن نجتازه.

* ما تقييمك لدور الإعلام في هذه الفترة ، باعتبارك ابنا لمهنة الصحافة وكنت في فترة من الفترات عضوا بمجلس نقابة الصحفيين؟ هل كنت تتصور أن يفرض عليه الصمت المطبق إلى هذه الدرجة؟

- ما يعانيه الإعلام المصري الآن هو الأسوأ في تاريخه، من حيث حجم القيود والتضييق والقهر غير المسبوق للإعلاميين، لا أريد إلقاء اللوم على الإعلاميين – وإن كان بعضهم يستحق- لكن صلب هذا الداء هو اليد الغليظة والخشنة لأجهزة الدولة التي تضغط بها على رقبة الإعلام، والتي تصل بها لدرجة أن تشتريه وتمتلكه وليس فقط أن توجهه وتقيده، وسيل التحضيرات التي من بينها لائحة الجزاءات المغالية في التنكيل والعقاب، إلى درجة مثيرة للشفقة على من وضعوها.

نحن في أسوأ عصور حرية الصحافة والإعلام بشكل عام، وهذا جزء من تجليات هذه السلطة ومن أدواتها، لكن هناك فسحة متاحة بدون قيود، في أساليب اتصال أوجدتها التكنولوجيا الجديدة، وعلينا أن نحسن استخدامها في التواصل مع الناس، وأنا مقتنع بأن الإعلام لا يخلق حقائق لأن من يضع يده في جيبه، فلا يجد مايشتري به علاجا لابنته المريضة لن يصدق ما يقوله التليفزيون عن عصر الوفرة والرخاء.

لا يغرنك هذه القبضة المشددة التي تحتكر الإعلام وتساند الصوت الواحد وتمنع تعدد الأصوات، هذا لا يحمي النظام ولا ينشيء حقيقة، الحقيقة هو مايحياه الناس الذين يريدون حياة كريمة ووظائف لأبنائهم.. هل يجدون ذلك أم لا؟ هذا ما يحدث فرقا عند الشعب مهما كذب الإعلام.

* من الواضح أن التغيير في مصر يمثل خطا أحمر اقليميا ودوليا، في ضوء ذلك هل ترى أي مخارج من حالة الانسداد السياسي؟

- طبعا أرى مخارج، التغيير عملية مستمرة – وليست حادثة أو واقعة- كما أنها ليست مظاهرة أو خروجا للناس بالملايين، فهذه لحظات الذرى وهي في تواريخ كل الشعوب لحظات بالغة الندرة، والمفترض أن أثرها يمتد وروحها تعيش ولا تنطفيء أو يسمح لأحد أن يسكب عليها سيول الإحباط، لأنها منجز هائل للضمير والعزم والإرادة وتجلي روح المصريين، ونأتي بعدها للممارسة. يفترض أن نخوض الانتخابات في كل نقابة ومركز شباب ومحليات ومجلس شعب، سواء فزنا أم خسرنا، المهم أن نعرض أنفسنا على الناس، نعرض حلولا لمشاكلهم في التعليم والإسكان والتوظيف والزراعة والمواصلات والإنتاج، وما أكثر الخبراء الوطنيين ذوي الهمة والخيال والمعرفة والقادرين على تقديم حلول لتعرية عجز هذه الحكومة، إذا عزمنا على خوض كل انتخابات بغض النظر عن درجة نزاهتها وإذا عزمنا أن نقدم حلولا، وإذا عملنا مع الناس في قضاياهم البسيطة سننجح.

هناك قضايا ذات طابع محلي يمكن الالتحام بالناس من خلالها. نعرف أن هناك تضييق شديد لكن مهارتنا أن نعمل في ظل هذا التضييق، في العمل ذي الطابع والاجتماعي ومصالح الجماعات والشرائح الإجتماعية التي لها مصالح، في النقابات وفي المجتمع المدني ونقوي أحزابنا ونعمل لتنظيم يجمعنا، وإذا كنا لا نستطيع التظاهر اليوم فدعنا منه لأنه ليس الطريقة الوحيدة للتعبير، وإذا كان نزول الملايين لن يحدث الآن، فقد سبق وخرجت ، وروحها تظل سارية، لأن أخطر شيء أن يفكر الناس بطريقة "مفيش أمل"، المهمة الرئيسية لكل سلطة مستبدة قتل الأمل، نريد أن نقول مثلما قال محمود درويش ذات يوم "نربي الأمل" نريد أن نربي الأمل ومعه ما استطعنا من عمل، وليت هذا العمل يصب في الفريضة الغائبة أن تنظم القوى المؤمنة بهذه البلد نفسها.

* في ضوء كل ما استعرضناه من ظروف.. هل ترى أنه لو أجريت انتخابات نزيهة اليوم.. هل تكسبها السلطة القائمة في ضوء حالة الخوف والتبشير بإنجازات مستقبلية واعدة؟

- استطيع القول إذا أجريت في مصر انتخابات نزيهة فعلا، وكانت في مواجهة منافس معتبر، من المؤكد أن الشعب سيختار هذا المنافس وسيلحق بالسلطة هزيمة مؤكدة، ليس على طريقة أنها ستصبح أقلية مسحوقة، لكنها لن تنجح ، أقول هذا الكلام بيقين، فليجروا انتخابات نزيهة، وأي ممثل حقيقي للشعب سيربح في مواجهة أي ممثل لهذه السلطة أيا كان. أما الانتخابات المصنوعة فنتائجها في يد السلطة، وكل انتخابات أنا مع خوضها حتى لو كانت غير نزيهة وأن نتحمل عبء خوضها، فالإصرار على المشاركة مهم لترسيخ أسس نظام ديمقراطي مفعل.

* في لحظة من اللحظات احتشد نحو 20 ألف مواطن أمام منزلك في بلطيم أثناء انتخابات 2010 المزورة ، أين ذهب كل الوهج، نتحدث عن مركز في محافظة أنت كنت نائبا عنه في مجلس الشعب ومع ذلك كل هذه الروح التي أحسست وقتها أنه مقدمة لما حدث في يناير 2011، هل تبخر كل ذلك؟

- صديقي الحاج عبد العليم عمار ذكرني بذلك المشهد، في ذلك اليوم تم تزوير الانتخابات ضدي وأعلنت انسحابي، وهؤلاء محبون اجتمعوا وفي نصف النهار كانوا يريدون الدخول في صدام مع قوات الأمن التي تغلق مقار اللجان الانتخابية وتزور الصناديق، وكنت مصرا على عدم التضحية ولو بنقطة دم لأي من أنصاري لو كانت ثمنا لنجاحي في الانتخابات.

كان ذلك بأي معايير يوم هزيمة، أسقطت في الانتخابات وأعلنت انسحابي والناس حولي يحسون بمرارة وخذلان ولا استطيع عمل شيء، في هذا اليوم قلت لهم أني مصر على انسحابي ولا أريد لأحد منكم أن يصطدم بالشرطة، ولكني أعدكم أن أترشح لرئاسة الجمهورية القادمة وأن جمال مبارك لن يرى الرئاسة كما هو مخطط، بطريقة ما هذا اليوم – الذي يعتبر يوم هزيمة – هو ما أسس لترشيحي للرئاسة، وصار آلاف المحزونين المخذولين أمام بيتي جزءا من ملايين الفرحين المنتصرين في ميدان التحرير.

* لكن هذا الحشد – ليس من أجل نائب في مجلس الشعب – بل كان يعني انك مستدعى لدور أكبر

- هذا الدور تم وجاءت بعدها 25 يناير ، والعشرون ألفا صاروا 5 ملايين في 2012، ثم انتكسنا في 2014، وتستمر الدورة لي أو لغيري، حلمك – وبشكل خاص حينما يكون حلما للناس وليس حلما شخصيا – يستحق أن تعيشه وتؤمن به وتصدقه وتسعى وراءه، وسعيك هو مكافأتك وليس نتيجتك، وأريد أن أتأمل معك في استبصار جميل لمعنى قوله تعالى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى" كل الطرق المنطقية تحاسب الإنسان على مايحقق من أهداف وما يصل إليه من نتائج، هذا عند الناس، لكن الله يكافيء عن السعي، وهناك بشرى "الجزاء الأوفى"فمن سعى في 25 يناير و30 يونيو ومن حبسوا ومن قالوا كلمتهم ومن صبروا على هذه البأساء والضراء ومن اعتصموا بأحلامهم ولم يفرطوا فيها، ومن قالوا كلمتهم لوجه الله لابد أن يعرفوا أنهم سينتصرون. نحن لانعرف الموعد ولكن نعرف أن النصر قادم، ومن يستهينون بأداء دور أو قول كلمة خاصة من الشباب أقول لهم أن رأس مالكم حلمكم، تغيير النظام وإنجاز الثورة ليست قضايا فردية، لكن لاتقل لا أستطيع الحلم، ولا تكف عن تربية الأمل وحلمك بالعدل والمحبة، وتذكر أثر الفراشة.. ونحن نتحدث عن أثر فيضان غمر هذه الأرض في 25 يناير و 30 يونيو، ومع ذلك تبقى الكلمة لها قيمة.

لست قلقا من خسارة معركة.. يهمني أن نخوضها بشرف ونقول كلمتنا بكل أسلوب سلمي نستطيعه، وبعد ذلك.. مصر "شايفه وعارفه وبتصبر.. لكنها ف خطفة زمن تعبر .. وتسترد الاسم والعناوين"

 

حوار: مجدي شندي 

تصوير: بسمة رمضان 

لمشاهدة فيديوهات الحوار كاملة.. اقرأ على الموقع الرسمي






اعلان