28 - 09 - 2024

تقييم منصف لمعرض اللكتاب في يوبيله الذهبي وموقعه الجديد

تقييم منصف لمعرض اللكتاب في يوبيله الذهبي وموقعه الجديد

رئيس اتحاد الناشرين العرب يشيد بالخدمات المقدمة للزوار 

محمد المحبوب: اختفاء الكتاب المزور أهم الايجابيات

لمياء السعيد: دور النشر الصغيرة لم تأخذ حقها من الاهتمام مثل " الكبيرة"

صابر عبده: غياب" سور الأزبكية" أفقد المعرض روحه 

هاني عزام: متاهة البحث عن دور النشر افقدتني متعة الزيارة 

حظي معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخمسين التي تقام في موقعه الجديد بالقاهرة الجديدة ، بإعجاب غير مسبوق من الجميع مثقفين وناشرين وزوار، رغم المخاوف التي انتابت كثيرين من قرار نقل المعرض من مقره القديم الذي عرفه المصريون والأجانب لعقود طويلة.

يشارك في المعرض في دورته الحالية 1273 ناشرا مصريا وأجنبياً كما يحضره 170 ضيفاً عربياُ وأجنبيا، وتقام على أرضه 800 فاعلية ثقافية وفنية ويشهد 600 حفل توقيع لإصدارات كتب جديدة.

يجمع المشاركون والزوار الذين التقتهم "المشهد" على روعة المكان وحسن الإدارة والتنظيم، ووفرة الخدمات، الأمر الذي ساهم في تدفق أعداد كبيرة من الزوار وصل عددهم إلى نحو مليون ونصف المليون زائر بعد مرور نحو 10 أيام من افتتاح المعرض.

الموقع الجديد

محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب يؤكد أن قرار نقل موقع المعرض تأخر لأسباب كثيرة، فالموقع القديم في العباسية لم يعد لائقاً باسم مصر وتاريخ المعرض، بعدما تراجعت الخدمات المقدمة للناشرين والزوار بشكل كبير، وبات الموقع الجديد يقدم خدمات جيدة ، خاصة مع توفير وسائل نقل مريحة من كافة الميادين الرئيسية إلى المعرض، وتوفير وسائل نقل وخدمات داخل المعرض.

وتقول لمياء السعيد، روائية وصاحبة دار نشر السعيد، إن المعرض في مكانه الجديد٬ جاء لائقا باسم مصر ومكانتها الثقافية٬ وعكس الاحتفال باليوبيل الذهبي بصورة مشرفة٬ رغم أن قرار نقل موقع المعرض أحدث تخوفا لنا كناشرين٬ فالمعرض في موقعه القديم كان معروفا للقاصي والداني٬ ومقصدا للملايين في هذه الفرصة السنوية.

وتضيف:" اقبال الجماهير منذ اليوم الأول بدد هذا الخوف تماما٬ وتسهيل القوات المسلحة لوسائل الانتقال ساعد كثيرا في جذب الجمهور للموقع الجديد للمعرض، الأمر الذي وجب معه تقديم الشكر 

للقائمين على المعرض من أفراد القوات المسلحة، لتحملهم المسؤولية، وتعاملهم الدقيق والسريع مع المواقف المختلفة".

بيد أنها ترصد بعض الملاحظات التي تطالب بوضعها في الاعتبار لمزيد من التسهيلات في الأعوام المقبلة٬ ومنها صرامة "التفتيش" الذي رغم توخيه أقصى درجات التأمين٬ إلا أنه بهذه الكيفية يعطل دخول السيارات المحملة بالكتب مما يتبعه زيادة التكلفة على الناشر٬ فمعرض الكتاب له سمات خاصة يجب وضعها في الاعتبار٬ ويمكن اتباع أساليب تفتيش أسرع.

 وتتابع أن توزيع بعض دور العرض كان غير عادل٬ فبعض الأسماء لها أكثر من موقع٬ وهي دور النشر الكبرى٬ أما الدور الصغرى والتي لا يمكن مقارنة إمكاناتها بمثيلاتها الكبرى، فكان مصيرها إلى "الحشر" في قاعة 4 مع دور التراث٬ رغم اختلاف نوعية القارئ بين هذا وذاك٬ ولذلك يمكن في الدورات المقبلة تخصيص صالتين لدور النشر الأدبية، وصالة للتراث وأخرى للأطفال.

تنوع مغربي

ويوضح محمد المحبوب من منشورات باب الحكمة المغربية، أن المشاركة المغربية هذا العام تتميز بالتنوع٬ ممثلة في مشاركة ستة ناشرين تحت مظلة اتحاد الناشرين المغاربة٬ ويقول:" شاركنا في الدورات السابقة٬ والمشاركة في اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة مناسبة جيدة٬ والمعرض هذا العام يليق بالاحتفالية الذهبية٬ من حيث التنظيم وتوفير المرافق".

 ويرى أن سمة الدورة الجديدة عن الدورات السابقة تتمثل في اختفاء ظاهرة الكتاب المزور٬ بعدما تصدت الهيئة العامة للكتاب لهذه الظاهرة٬ مما انعكس إيجاباً على الكتاب والناشرين٬ أما الأسعار فهناك بالتأكيد اختلاف ولكنها تتناسب مع الخدمات المقدمة.

تقليص وغياب

وفي رأي مدحت نبيل من الهيئة العامة للكتاب، أن نقل المعرض للقاهرة الجديدة كان مفاجئا٬ وجاء عكس ما كان متوقع من حيث الإقبال الجماهيري٬ فزاد عن السنوات السابقة٬ كما أن المكان الجديد أكبر في المساحة من المقر القديم٬ ولكن بعد المكان وارتفاع أسعار الإيجارات قلص المساحات المشاركة٬ فدور النشر التي كانت تستأجر مساحة 100متر اكتفت بـ 40 متراً ، مما أعطى فرصة لدخول دور نشر أخرى.

ويقول صابر عبده من مكتبات سورالأزبكية، إن الاقبال جيد٬ من الزوار، لكن هناك حالة حزن تخيم على سور الأزبكية٬ فوجود مكتبات السور في معرض الكتاب كانت تضفي عليه روحا خاصة٬ هذه الروح اختفت هذا العام٬ والغياب كان لأسباب بعضها معلن والبعض غير معلن٬ ولو كانت هناك شروط محددة لالتزم بها الجميع٬ ولكن الإقصاء كان مقصودا٬ لأن السور هو المنافس الوحيد٬ ويكفي أني الوحيد المشارك من مكتبات سور الأزبكية٬ بعدما استبعد الكثير من باعة الكتب من سور الأزبكية.

ويقول هاني عزام – فنان تشكيلي: بشكل عام كنت أتمنى وجود خريطة عند المدخل يتم توزيعها للجمهور٬ أو نقاط تعريف الكترونية تسهل الوصول إلى دور النشر والقاعات٬ لكن بالوضع الحالي كل زائر عليه اكتشاف الأماكن بنفسه٬ وهو أمر مجهد ومضيعة للوقت٬ وأبحث منذ وقت طويل على كتاب محدد ولم أجد من يدلني على دار النشر من مكاتب الاستعلامات الموجودة في المداخل وكلها تخمينات٬ وهو أمر مؤسف.

ويضيف: كنت أعيش خارج مصر٬ ومازال معرض القاهرة للكتاب له بريقه الخاص وجاذبيته٬ ولكن موقعه الجديد يشبهه إلى حد بعيد٬ فهو صحراء كالموقع والزائر له٬ إما أن يعرف طرقه٬ أو يكون كالتائه في الصحراء.

وعلق على ارتفاع الأسعار٬ والتي لا تتناسب مع طبيعة الدخل في مصر بشكل عام٬ وكذلك الدول المشاركة خاصة السعودية التي تميزت مشاركتها بحسن التنظيم، ووجود مجسمات لمكة القديمة وبيت الرسول- صل الله عليه وسلم-٬ ولكن لا يوجد بيع للكتب٬ إنما "هبات" وهو أمر مزعج في التعريف بمن يستحق هذه الهبة على حد قوله.

وفرة وسائل المواصلات

ويقول حسام الدين أحمد – صيدلي- يحرص على حضور معرض الكتاب بشكل دائم٬: هذا العام يعتبر نقلة نوعية من حيث الموقع وتجهيزاته٬ والقاعة الواحدة بها أكثر من 50-80  دار نشر٬ واهتموا بتواجد قاعة كاملة للأطفال وأنشطتهم المختلفة٬ رغم صعوبة الوصول إلى تلك القاعة٬ كما بدا واضحا الاهتمام بتنظيم المطاعم المتواجدة على عكس السنوات الماضية٬. 

ولكن من الملاحظ أنه رغم اتساع المكان الجديد٬ إلا أن المشاركات أقل٬ خاصة المكتبات الصغيرة التي كانت تجذب الجمهور من كل الفئات٬ وكان فيها تنوع كبير٬ كذلك غياب سور الأزبكية.

ويضيف أن وسائل الانتقال للموقع الجديد كانت صعبة على الغالبية٬ وحتى من لديه سيارة سيضطر للمشي مسافة طويلة للوصول إلى بوابات الدخول٬ ولكنه اتجاه عام للتحرك نحو الأماكن الجديدة بعد ازدحام القاهرة.

وتقول نوران مصطفى كلية حقوق – جامعة القاهرة: هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها معرض القاهرة للكتاب٬ ووجدت تشجيعا كبيرا من والدي. والمعرض ممتاز في تنظيمه وطريقة عرض دور النشر المشاركة والتعريف بها٬ والموقع ليس مشكلة رغم بعد المكان٬ ولكن تخصيص وسائل مواصلات للانتقال من وإلى المعرض ساهم في تبسيط المسافة.

تاريخ المعرض

انطلق معرض القاهرة الدولي للكتاب للمرة الأولى عام 1969، في أرض المعارض بالجزيرة، وهو الموقع الذي تحتله الآن دار الأوبرا المصرية

وفي عام 1986 انتقل المعرض إلى أرض المعارض بمدينة نصر، وهو الموقع الذي استمر فيه حتى دورته العام الماضي، قبل أن يتقرر نقل موقعه إلى مركز مصر للمعارض الدولية بالقاهرة الجديدة.

وتطور معرض الكتاب على مدار تاريخه من مجرد معرض لبيع الكتب إلى موسم ثقافي وفني وساحة للتفاعل الثقافي العربي والعالمي

انعكست التطورات السياسية المصرية والعربية على ساحة المعرض، حيث شهدت مواسم المعرض التالية على إبرام اتفاقية السلام المصرية مع إسرائيل مظاهرات شبه سنوية ضد وجود جناح إسرائيلي في المعرض، كما شهد المعرض مظاهرات تضامن مع الانتفاضة الفلسطينية في مطلع الألفية، ومظاهرات مناهضة لغزو العراق، كما شهدت ندوات المعرض مطلع التسعينات مواجهات شهيرة بين تيار الإسلام السياسي وتيار التنوير.
---------------------
تحقيق – آمال رتيب