18 - 07 - 2024

الدستور ليس نصا مقدسا .. كلمة حق يراد بها "سلب الحق"

الدستور ليس نصا مقدسا .. كلمة حق يراد بها

أستراليا الدولة الوحيدة التي لم يعرف دستورها أية تعديلات
- أبرز دساتير العالم وتعديلاتها.. الدستور الألماني يشهد 62 تعديلاً و" التركي" 17 تعديلا .. والمهم هل تزيد التعديلات مساحة الحرية أم تقلصها؟

"الدستور"، كلمة فارسية مركبة تعنى القاعدة، والمادة التي تستوحى منها الأنظمة والقوانين التي تسير عليها الدولة لحل القضايا بأنواعها.

وتُقسم الدساتير في العالم، إلى دساتير عدة منها دساتير مدونة، وهي أغلب الدساتير في العالم، ودساتير غير مدونة كالدستور الإنجليزي، ودساتير مرنة وهي القابلة للتعديل، ودساتير غير مرنة كالدستور الأسترالي.

هناك أيضاً دساتير مطولة كالدستور الهندي، وأخرى مختصرة، ودساتير مؤقتة وهي التي تنشأ عقب الثورات والإنقلابات، ودساتير دائمة. ويعتبر الدستور الروماني أقدم الدساتير في العالم، ومرت كل دساتير العالم بتعديلات، ماعدا الدستور الأسترالي، وكانت التعديلات تأتي لتصليح وضع قائم، أو زيادة بعض القوانين طبقًا لمحدثات الأمور داخل الدولة.

دساتير الغرب

في فرنسا، فشل دستور الجمهورية الثالثة (دستور 1870-1940) لقيامه على نظام سياسي برلماني أحادي، وكانت الحكومة هي المسئولة سياسياً أمام البرلمان فقط، وكان البرلمان يتمتع بصلاحيات كبيرة وواسعة عن السلطة التنفيذية، في حين كان منصب الرئيس فخرياً مُهّمشًا، مما أدى إلى "أزمة احتداد" بين الرئيس والبرلمان.

وشهد الدستور الفرنسي كذلك تغيرات كثيرة، عرفت فرنسا خلالها الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وأصبح التصويت بالأغلبية، وتم إنشاء مجلس دستوري يراقب عمل البرلمان، وبذلك أصبحت فرنسا دولة الدستور التي تخدم القانون، وزادت بموجبه صلاحيات الرئيس، وبالرغم من ذلك، تم تطوير الدستور الخامس الذي صدر عام 1958 أكثر من 20 مرة، انتهت بعزل الرئيس لنفسه بنفسه، أو عزله بالموت أو المرض.

وكانت من أهم التعديلات التي أُدخلت على الدستور الفرنسي، تعديلات الرئيس ساركوزي التي تقدم بها في عام 2008، وحددت فترات الرئاسة بفترتين، وأعطت للرئيس حق مخاطبة البرلمان والحديث مباشرة أمامه، وزادت من دور البرلمان، وأعطته المزيد من الصلاحيات بعد تقليص دوره في الدساتير السابقة، كما أعطت للمواطن الفرنسي حق اللجوء إلى المحاكم الدستورية، وطلب النظر في دستورية القوانين ،إذا كان المواطن طرفًا في نزاع بخصوص هذه القوانين.

ويعتبر "دستور الحرية" كما يُطلق عليه، أو الدستور الأمريكي، أقدم دستور في التاريخ، وحرى وضعه في العام 1784 وكانت الحرية قضيته الأساسية، وجرت عليه تعديلات عدة آخرها تعديل 1992.

وفي تاريخ التعديلات للدستور الأمريكي، نجد أنها أعطت حريات هائلة للمواطن الأمريكي، من بينها منح الزنوج والمرأة حق الانتخاب، ومنح الجنسية لأي طفل يُولد في الولايات المتحدة ، كما ألغت التعديلات الرق والتشغيل بالإكراه لأي مواطن، ومنحت حرية العبادة والكلام وحق الاجتماع والمطالبة برفع الأجور،وأقرت الحق في اقتناء الأسلحة كضرورة لأمن أية ولاية.

وتم تعديل الدستور الألماني 62 مرة، وذلك بعد كتابته في 1949، وشملت التعديلات الاندماج الأوروبي وعودة الوحدة الألمانية، كذلك حق اللجوء السياسي.

دساتير الشرق الأوسط

ومن الغرب إلى الشرق الأوسط، أقرت تركيا دستورها عام 1961، وحل محله دستور 1982، وتم تعديله 17 مرة، اثنتان منها خلال الاستفتاء عامي 2007 و2010،  وواحد جزئي من خلال الاستفتاء في 1987، وتم إجراء استفتاء آخر على مشروع دستور جديد من شأنه أن يزيد من سلطة الرئيس وإلغاء منصب رئيس الوزراء في أبريل 2017.

وفي الجزائر كان عام 1963 نقطة تحول فاصلة في تقرير مصير الدولة الجزائرية،  إذ مر الدستور الجزائري بعدة تعديلات آخرها عام 2016، ونص على أن تكون مدة الرئاسة 5 سنوات تجدد مرة واحدة فقط.

ومرت السودان بعدة دساتير بداية من دستور عام 1956 إلى دستور 2017، والتي أعطت صلاحيات لجهازي الأمن والمخابرات لمحاربة الإرهاب وتجارة البشر والأسلحة والجرائم الدولية المنظمة، ، كما أعطت تعديلات الدستور لكل مواطن حق التعبير الحر وفقًا لما ينظمه القانون.

وفي نهاية العام الماضي أًثير الجدل حول تعديلات جديدة من شأنها السماح للرئيس الحالي "عمر البشير" الترشح مدى الحياة، حسبما جاء على لسان أحد المحللين السياسيين، برغم أن البشير لا يزال في سدة الحكم منذ 30 عاماً عاما.

وفي تاريخ الدستور المصري، أجريت التعديلات الدستورية أكثر من مرة بدءًا من إصداره في عام 1923 وإلغاؤه، وإقرار دستور جديد وصولًا إلى دستور 2014 والتعديلات التي جرت عليه.وكانت غالبية التعديلات في ظاهرها للصالح العام، وإن كان في ذلك جزء من الحقيقة، إلا أنه كان في باطنها خوف من عودة الرئيس إلى صفوف الشعب بدون صلاحيات أو نفوذ.
-------------
تقرير - إيمان جمعة