18 - 07 - 2024

لماذا تفشل الحكومات المتعاقبة في محو أمية المصريين؟ 17 مليون "أمي" في مصر بعد مكافحة 43 عاماً

لماذا تفشل الحكومات المتعاقبة في محو أمية المصريين؟ 17 مليون

- 120 جمعية أهلية تتورط في تداول شهادات غير قانونية لمحو الأمية بمقابل مادي
- رئيس سابق لهيئة محو الأمية يعترف بتزوير الشهادات
- خبير تربوي: 300 ألف متسرب من التعليم الاساسي سنويا وراء تفاقم الأزمة

 يوجد في مصر نحو 17 مليون شخص لا يعرفون القراءة أو الكتابة أو "أمي" حسب التعداد السكاني الأخير أي ما يقرب من سدس سكان البلاد، بعدما فشلت خطط الحكومات المتعاقبة على مدار 43 عاماً في محو أمية ملايين المصريين.

واقع مرير يكشفه حال الخطط الحكومية لمكافحة الأمية في مصر، إذ يقول الواقع أن ميزانية الهيئة العامة لتعليم الكبار ومحو الأمية التي وضعت لعام 2014/ 2015 ولمدة خمسة أعوام تتجاوز نصف مليار جنيه، ومع ذلك لا توجد ثمرة حقيقة بل وصل الأمر بحسب اعتراف رئيس الهيئة السابق بوجود شهادت مزورة يتم استخراجها لتسهيل عمل الأميين.

" المشهد" تحاول في هذا التحقيق تسليط الضوء على واقع محو الأمية تبدأه بطرح تساؤلات عن أوجه انفاق الملايين سنوياً على الموظفين والمدرسين؟ ولماذا لا تفلح جهود مكافحة الأمية في مصر على مدار 43 عاماً؟.

جذور المشكلة

خبراء التعليم بمحافظة القاهرة يرجعون السبب، إلى عدم وجود استراتيجية واضحة لمحو الأمية، والاعتماد فقط على التعامل مع القضية دون الاهتمام بسد منابعها ، وهذا ما فطنت إليه استراتيجية محو الأمية حاليا، إذ يعترف الدكتور محمد عفيفى رئيس هيئة محو الأمية السابق بوجود تزوير لشهادات محو الأمية.

وأكد عفيفي أن هناك العديد من الإجراءات التى تمت لملاحقة هذه الجريمة، فضلاً عن تنشيط مشروع محو الأمية، وذلك بربط تعيين المعلمين بمحو الأمية، وكذلك ربط حصول الطالب الجامعى على الشهادة بمحو أمية. 

حسب تصريح مستشار رئيس الجهاز العام للتعبئة والإحصاء د.محمد عبد الجليل، بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية، كشف التعداد السكاني الأخير عن وجود  نحو 17 مليون أمي في مصر، وكانت نسبة الأمية في السابق تقدر بنحو 30%، غير أنه يتوقع انخفاضها في التعداد المقبل، وكانت نسبة الأمية منذ عامين فى الفئة العمرية 10 سنوات فأكثر تقدر بنحو 17.2 مليون نسمة عام2014، منهم 11 مليونا من الإناث.

ويوجد فرد من بين 4 أفراد من السكان "أميين" بما نسبته 25.3% لتكون نسبة الذكور 17.8% مقابل 33.1% للإناث، وهو ما يعني تباطؤاً في القضاء على الأمية، إذ لم ينخفض المعدل سوى 2% فقط في عامين كاملين.

الخبير التربوي عبد العظيم سيد، يرجع الفشل في جهود مكافحة الأمية إلى إن زيادة أعداد المتسربين كل عام من التعليم، ويتجاوز أعدادهم 300 ألف طفل، بالإضافة إلى وجود الحاصلين على شهادات من التعليم الأساسي، ولا يجيدون القراءة والكتابة، ويدخلون ضمن مشكلة الأمية في مصر.

ويضاف إلى كل ذلك مشاكل مشروع محو الأمية ذاته، خصوصاً ما يتعلق بالمعلمين العاملين في المشروع وغالبيتهم يتعاملون مع الدارسين الأميين وكأنهم "مقاولى أنفار"، إذ يحصل مقابل كل ناجح علي مبلغ 200 جنيه، وبالتالي فهو يهتم بالكم وليس بالكيف، ولهذا ينهي الأمي دراسته بالحصول على الشهادة ،وهو لم يتم محو أميته بعد. 

ويكشف احد المسئولين السابقين بهيئة تعليم الكبار ومحو الأمية، رفض ذكر اسمه عن الفساد في تنفيذ خطة الحكومة لمحو الأمية قائلا: إنه عندما كان مسئولا بالهيئة عام 2011، علم بوجود "سوق سوداء" لبيع الشهادات للراغبين من قبل الموظفين والمعلمين، وأن مشروع محو الأمية تحول إلى "سبوبة" لدى البعض بالقرى والريف، وأن هناك تكرارا في أسماء الحاصلين على الشهادات، مما يعنى أن الإحصائيات غير دقيقة، وحصول العديد من الدارسين على تلك الشهادة وهم لا يجيدون القراءة والكتابة".

ويتابع  أنه وجد الالاف من الأميين يحصلون على شهادات من الجمعيات الاهلية وغيرها من الجهات، سواء التابعة لأحزاب أو مساجد أو كنائس، رغم أنهم لا يجيدون القراءة والكتابة، وعلى هذا الأساس كما يقول المسئول جرى اغلاق 120 جمعية ثبت تورطها في تداول الشهادات وتكرارها للأميين، مقابل الحصول على 200 جنيه مقابل كل أمي يتم تعليمه.

فشل خطط المكافحة

"المشهد" استطلعت رأي عدد من المواطنين القريبين من مشروع محو الأمية..يقول عبد الله مصطفى، ان مصر احدي الدول التسع الكبار في أعداد الاميين في العالم، الامر الذي ادي الي تراجع ترتيبها في التنمية البشرية بين العالم وقبل الاخيرة علي مستوي الدول العربية. 

ويتهم المواطن رمضان عبد القادر من قرية الاقواز بمركز الصف بالجيزة، الهيئة العامة لمحو الامية وتعليم الكبار بأنها فشلت فشلا ذريعا، ويضيف أن خطتها لمحو الأمية كانت تستهدف محو امية 2.5 مليون شخص سنويا من الشريحة العمرية 15 الى 45 عاما، لكن إلى الأن لا تزال معدلات الأمية مرتفعة للغاية.

ويضيف:" بالرغم من كل هذه السلبيات بمشروع محو الامية الا اننا لا ننكر أن هناك العديد من الايجابيات والنماذج المشرفة التي تخرجت من مشروع محو الأمية مثل السيدة الدكتورة ام كلثوم البدوي ابنة محافظة الجيزة قرية "الشنباب" التي بدأت الدراسة بمحو الامية من الصفر رغم انها ربة منزل ومسئولة من زوج واولاد في قرية ريفية ولكنها تخطت كل هذه الصعوبات وحصلت على شهادة محو الامية وبعدها حصلت على الدكتوراه الفخرية من جامعة عين شمس تقديراً لدورها وتكريما لها.
--------------------
تقرير – أحمد صلاح سلمان