16 - 08 - 2024

أبو الغيط: قضية المياه هي التحدي الأكبر أمام الأجيال الحالية والقادمة والمنطقة العربية تواجه عجز غذائي

أبو الغيط: قضية المياه هي التحدي الأكبر أمام الأجيال الحالية والقادمة والمنطقة العربية تواجه عجز غذائي

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن قضية المياه، بكافة أبعادها البيئية والاقتصادية والاجتماعية وبالطبع السياسية والاستراتيجية، لا زالت تقع في القلب من التحديات التي تواجه العالم العربي في السنوات والعقود القادمة، وإنها قضية الحاضر والمستقبل، للجيل الحالي والأجيال القادمة.

جاء ذلك خلال كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، اليوم السبت، في الدورة الخامسة للجمعية العمومية للمجلس العربي للمياه، بحضور الدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه، والدكتور سيف الدين حمد عبدالله وزير الري والموارد المائية الأسبق بالسودان، والدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والرى بمصر والدكتورة نادية مكرم عبيد مديرة المركز العربي للبيئة والتنمية بالإقليم العربي وأوروبا "سيداري"، ومراد وهبه الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فى الدول العربية.  

وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن قصية المياه، هي قضية "حياة ووجود وعمران"، قائلا لا يُمكن أن نتعامل معها كشعوب وحكومات سوى بالمسئولية الكاملة واليقظة القصوى والانتباه إلى حاجات اليوم، واحتياجات المستقبل القريب والبعيد.

وتابع :لعلنا نُلاحظ جميعاً ما صار لقضية المياه من حضور ملموس على الأجندة الدولية، كما نرصد تصاعد الحديث عن مخاطر الجفاف ونُدرة المياه في المستقبل، والاستراتيجيات المختلفة للتعامل مع أوضاعٍ قد لا يكون بالإمكان التنبؤ بأبعادها الخطيرة على نحو كامل في الوقت الحالي، ولكننا نعرف يقيناً أنها ستكون أكثر صعوبة وستمثل ضغوطاً إضافية على الموارد المائية للكوكب في ظل تصاعد السكان والحاجة إلى التنمية، والسعي إلى توفير الغذاء، وقد أضيف إلى هذا كله بُعد صار حاضراً بقوة في كافة المناقشات حول ندرة المياه، ألا وهو التغير المناخي الذي يُفاقم من خطورة أوضاع هشة من الأصل، ويزيد من صعوبة التعامل مع هذه الأوضاع. 

وأضاف : لقد رأينا في الفترة الأخيرة بعض المظاهر الخطيرة الناتجة عن التغير المناخي، حيث كادت مدينة "كيب تاون" تصير الأولى من بين الحواضر الكبرى التي تواجه ظاهرة نفاذ المياه اللازمة لإعاشة السكان، وشهدنا من قبل ظاهرة مماثلة في ساوباولو بالبرازيل وكلها أحداث تدق جرس الإنذار وتُنبه لضرورة التصدي للمشكلة بالتخطيط والاستعداد الكامل قبل أن تداهمنا.

وأشار، إلى أن المنطقة العربية تُعاني من الندرة المائية، كما تواجه درجات مختلفة من الجفاف الذي ستزداد حدته مع الوقت في بعض المناطق بسبب ظاهرة التغير المناخي، والمنطقة العربية هي أيضاً صاحبة أكبر عجز غذائي في العالم، وهي، قبل ذلك وبعده، الأسرع نمواً في عدد السكان- ربما باستثناء افريقيا جنوب الصحراء، قائلا : وإن أضفنا إلى هذه المعطيات كلها العامل الجيوبوليتيكي الذي يتمثل في حقيقة مؤداها أن 85% من المياه العربية تنبع خارج أراضي الدول العربية، نجد أنفسنا أمام تحدٍ حقيقي بالمعنى الاستراتيجي الشامل.. وقد رأينا بالفعل تجلياتٍ اجتماعية واقتصادية خطيرة لظاهرة نقص المياه في بعض المناطق العربية، وشهدنا ما يُمكن أن تفرزه من مظاهر انعدام الاستقرار والاضطرابات والعنف. 

وأوضح أنه :لقد صار من الثابت أن موسم الجفاف الذي سبق اشتعال الأوضاع في سوريا واستمر لسنوات، كان مسئولاً ولو بصورة جزئية عن تردي الأوضاع في المناطق الريفية وهجرة مئات الآلاف إلى المدن، بما تسبب في خلق حالة عامة من الاضطراب والتوتر الأهلي وبيئة تُساعد على العنف وتجنيد المتطرفين.. 

وفي اليمن، ثمة نقصٌ خطير في الموارد المائية سابق على الحرب الحالية، وكان له دور من دون شك في مفاقمة معاناة السكان وزيادة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، ولا ننسى أبداً معاناة الفلسطينيين وما تتعرض له مياههم وخزاناتهم الجوفية في الضفة الغربية من سرقة ونهب على يد سلطات الاحتلال التي تضخ هذه المياه المنهوبة في مستوطنات غير قانونية أُقيمت على أرض محتلة، في تناقض صارخ ليس فقط مع القانون الدولي وإنما مع الضمير الإنساني.

وشدد على أن الدول العربية تحتاج لعملٍ متضافر في مجال المياه، سواء على المستوى الاستراتيجي والسياسي، أو على المستويات الفنية، قائلا: إن قضية المياه وإن كان جوهرها يتعلق بإدارة الموارد لها أبعادٌ سياسية واستراتيجية تستلزم التنسيق العربي على أعلى المستويات، وعلى كافة الأصعدة.. 

ولفت إلى أن الأمانة العامة للجامعة العربية تستضيف في أبريل القادم أول اجتماع مشترك لوزراء الري والزراعة العرب، وهي خطوة هامة من دون شك، وتعكس إدراكاً للطبيعة المركبة للمسألة المائية، والتي تستلزم تضافراً للجهد وتنسيقاً للعمل والنشاط، وتعاوناً كاملاً بين المستويات السياسية والفنية في داخل الدولة الواحدة، وبين الدول العربية وبعضها البعض.

جدير بالذكر أن دور المجلس العربي للمياه، ومنذ إنشائه في 2004، يُعد محورياً في الوصول إلى فهم أعمق وإدارة أفضل للموارد المائية، وعمل المجلس ونشاطه لم ينقطع خلال الفترة المنصرمة وبرغم كل الظروف والتغيرات الاقليمية والدولية المحيطة على كافة المحاور الفنية، والمؤسسية، والتنظيمية، وعلى مختلف الأصعدة الاقليمية والدولية.

ويعد المجلس العربي للمياه شريك أساسي للمجلس الوزاري العربي للمياه، والذي أنشئ بمبادرة من الجامعة العربية في 2008 إيماناً منها بأولوية قضية الأمن المائي العربي، وعقد المجلس الوزاري العربي للمياه أولى دوراته في الجزائر عام 2009 إيذاناً ببدء مرحلة جديدة للعمل العربي المشترك في مجال المياه كان من ثمارها البارزة  تبني الاستراتيجية العربية للأمن المائي "2010 - 2030" المعنية بمواجهة التحديات المستقبلية لموارد المياه، وكانت الاستراتيجية نتاج عمل مشترك بين جميع الجهات المعنية بالشأن المائي في الدول العربية والشركاء، وتم إقرارها  في القمة العربية التي عقدت في بغداد عام 2012، كما تمت المصادقة على خطتها التنفيذية في قمة نواكشوط 2016.