28 - 09 - 2024

"المشهد" تنجح في وقف حملة لجمع إتاوة بذريعة "استفتاء الدستور" في البساتين

نجحت صحيفة"المشهد" في وقف حملة لجمع الاتاوات بذريعة تجهيز شنط مواد غذائية لتوزيعها خلال استفتاء الدستور المقرر أن يجري قبل نهاية أبريل المقبل. حاول قسم البساتين حذفه بكل الطرق، وحين باءت وساطاته وجهوده بالفشل، تم وقف الحملة التي كانت تستهدف تحصيل الأموال وأكد أهالي دائرة البساتين أن نشر الموضوع قد أتى ثماره وأسفر عن عدم نزول أي من أفراد الشرطة إلى المحلات واصطحاب أصحابها إلى قسم الشرطة، كما كان يحدث.

كما حاولت مباحث البساتين أن تنفي حدوث تحصيل أموال من أصحاب المحلات وورش الرخام، وادعت وجود حالات نصب من مجهولين يرتدون ملابس شرطة، لكن من يوقف الموضوع في أماكن أخرى إن تكرر، وهل كانت هناك فعلا تعليمات من "جهات عليا" على نحو ماقال سعيد شبايك، نائب الدائرة، وعلى نحو ماتسرب من معلومات حول "شنط" حزب مستقبل وطن!
وهذا نص التحقيق الذي أوقف حملة الإتاوات

تبرعات تحت التهديد تتراوح بين 3500 جنيها و 17 ألف جنيه بأوامر لأصحاب المحال والمصانع.
الشرطة تصطحب أصحاب المحلات للقسم والرائد (م.م) مسؤول التفاوض.. وشركة التوحيد تُبرم عقود "الإتاوة"
عضو مجلس الشعب عن المنطقة ينصح بـ"التفاوض" ويزعم أنها "أوامر من فوق"!!

على مدار أيام، عاش أصحاب المحلات والمصانع في منطقة البساتين بالقاهرة حالة من الرعب والفزع خوفا من بطش ضباط وأفراد قسم الشرطة الذين يطلبون تبرعات إجبارية منهم تحت ذريعة أنها مخصصة لصندوق "تحيا مصر" وهو ما اتضح عدم صحته.

لم يكن لأحد أن يتخيل، بعد قيام المصريين بثورتين من أجل الكرامة والعيش والحرية والعدالة الإجتماعية، ما يحدث في شوارع ومصانع البساتين من ضغط على الأهالي وأصحاب المحلات وورش الرخام، من أجل الحصول على مبالغ مالية بدعوى توفير شنط رمضان للفقراء حينا، وتجهيز شنط لمن يدلون بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور حينا آخر.

"المشهد" تصورت أن ما يردده الأهالي بهذا الشأن، وما ينشرونه على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي بهذا الشأن " محض شائعات" ضمن آلاف الشائعات التي تنتشر، فأرسلت أحد محرريها لتقصي الأمر .. وكانت المفاجأة.

البداية كانت مصانع للرخام ويحكي "س.ش" أحد أصحاب المصانع، الذي رفض ذكر اسمه خوفًا، ماجرى بقوله: "أولا تأتي سيارة ميكروباص بها العديد من أمناء الشرطة وضابط وتدخل إلى ورش ومصانع الرخام بالإيرانية في بئر ام سطان بالبساتين، يدخلون مندفعين وكأنهم يبحثون عن تاجر مخدرات أو إرهابي مختبئ بينالورش والمصانع ليبدأ الضابط حديثه: "أين صاحب المصنع؟.

ووسط جو متوتر تشوبه رغبة الضابط في إنهاء المهمة بسرعة، يصطحب صاحب المصنع أو العامل ويأمره بالصعود إلى الميكروباص، من أجل الذهاب به إلى مقر قسم البساتين دون أن تكون لديه معرفة بالسبب أو ما الذي حدث.

يذهب صاحب الورشة مسرعا إلى "الباشا الضابط" في القسم ليتفاوض معه، ليس من أجل أن يتركه يرحل، لأنه لم يفعل اَي شيء يستدعي ذهابه إلى القسم بهذه الطريقة المهينة!، بل من أجل تخفيض عدد الشنط المفروض عليه سداد ثمنها فالشرطة لديها تسعيرة، صاحب المصنع يفرض عليه أن يدفع ثمن 500 شنطة بـ 17500 جنيه، أما صاحب الورشة - والتي تكون اصغر حجمًا من المصنع – فيطلب منه دفع ثمن 200 شنطة أي 7000 جنيه.

"منتهى القهر والذل".. هكذا يصف (أ. ا) صاحب إحدى ورش الرخام، للمشهد، قائلا: "عندما جاء القسم وأخذوا أخي، ويدعى سامح، ذهبت مسرعًا للقسم لأعلم ما حدث، وكانت المفأجاة أنهم طلبوا توفير ثمن 200 شنطة أي 7000 جينه من أجل الافراج عنه.

ويكمل بأن القسم وضع تسعيرة لا يمكن النزول عنهاتحت أي سبب، وهي  أي صاحب محل يجب أن يوفر ثمن 100 شنطة وهو 3500 جينه كحد أدنى" مضيفا بسخرية: "حتى تقوم بتوزيع الظلم بالتساوي بين الناس".

محلات شارع الزهور 

لم تكن المحلات الموجودة في شارع زهور البساتين ومحمد سعيد وشارع مهران بالبساتين وهي الشوارع الرئيسية أفضل حالا من مصانع وورش رخام الإيرانية، إلا أن الأموال «الإتاوات» المفروضة عليهم اقل من مصانع الرخام

في البداية يقول (ر) صاحب محل ألبان ببئر أم سلطان: "إنه في لحظة تجد أغلب المحلات قد أغلقت أبوابها فجأة وعندما تسأل عن السبب تجد من يقول لك الشرطة نازله دلوقتي لكي تأخذ الناس القسم وتدفع الفلوس، وكنت من ضمن من أخذتهم الشرطة واقتادتهم للقسم".

يضيف "ر": "بمجرد أن تذهب إلى القسم يكون أمامك خياران، الأول هو دفع ما يطلبه ضابط الشرطة بالقسم، أو الدخول في مشاكل من نوعية: أين الرخصة، أين السجل التجاري، أين البطاقة الضريبية، وهي اشياء تسأل عنها الشرطة لأول مرة، ورغم وجود الرخص في المنزل.. إلا أن خيار الدفع ومغادرة القسم بأي ثمن للتخلص من الذل يكون الأفضل، خاصة أن الشرطة تجمع العشرات في غرفة ضيقه وكلهم أناس أصحاب محلات ومحترمين ويقومون بكسب قوت أولادهم بالحلال.

ويشير إلى أنه في النهاية اضطر إلى الخضوع لمطالب ضابط القسم ودفع 5250 جنيها قيمة 150 شنطة، بعدما اقنع الضابط أنه لا يمتلك إلا هذا المبلغ في الفترة الحالية.

مفاجأة التعديلات الدستورية

أثناء الحديث مع أحد اصحاب المحلات ظهرت مفاجأة لم تكن متوقعة، حيث يقول "ت.ب" صاحب فرن أفرنجي: إن هناك شائعات انتشرت في المنطقة بأن الضرائب تقوم بتحصيل أموال من المحلات، ولكن كان هناك غموض حول الموضوع إلى أن اتضح الأمر.

ويكمل حديثه قائلا: "ضابط المباحث بتاع القسم هو اللي بيلم، بيدخل المحل يأخد اللي قاعد إلى القسم، وهناك بيقول كده بالنص: "احنا بنلم فلوس علشان الناس اللي نازله تصوت للدستور، وفي القسم واحد صاحب شركة مواد غذائية هناك بيأخد الفلوس ويمضي علي أنه استلم حق الشنط، ويعطيني وصلا بأنه استلم حق 200 شنطه والشنطة ب 350 جنيها، وكل واحد علي حسب شغله، فدفعت 7000 جنيه.

 نواب البساتين

أجرت "المشهد" اتصالا بالنائب سعيد شبايك، عضو مجلس النواب عن دائرة البساتين، لعرض استغاثات أهالي الدائرة عليه.. ولكنه أكد أن هذا الأمر ما هو إلإ "إشاعات" متداولة بين الناس، وأنه لم يتحقق من الأمر ورفض استكمال الحديث الصحفي، بداعي وجوده في مجلس النواب وعدم استطاعته سماع الصوت بشكل جيد.

تواصلت "المشهد" مع النائب سعيد شبايك، مرة أخرى، ولكن محررها ادعى في المرة الثانية أنه صاحب محل ملابس بشارع مهران وقال للنائب: "الشرطة تأتي وتريد أن تأخذني إلى القسم من أجل أن تأخذ مني مبلغا ماليا من أجل شنط رمضان".

رد "شبايك" بأنه هذه ليست الشكوى الأولى التي تصله، وأنه اتصل بالقسم لمعرفة الأمر من ضابط المباحث، واتضح له أنهم يأخذون هذه الأموال من أجل شنط رمضان، كما نصحني بالتفاوض معهم للوصول لأقل مبلغ يمكن أدفعه.

وأختتم نائب البساتين حديثه بأن الأمر لا يخص قسم البساتين فقط ولكنه أمر متكرر في دائرة دار السلام والمعادي وهي "أوامر تأتي من فوق" كما قال.

 الذهاب لقسم البساتين

بخطوات بطيئة، ذهب "محرر المشهد" إلى قسم شرطة البساتين، من أجل  معرفة تفاصيل ما يدور، وتوصل إلى معلومة تفيد بأن ضابطا بالقسم يسمى الرائد (م. م) معاون مباحث القسم هو المسؤول عن التفاوض مع أصحاب المحلات لإرغامهم على الدفع "من أجل تحفيز الناس للذهاب إلى الاستفتاء على التعديلات الدستورية بقوة"، و"حتى يظهر في وسائل الإعلام أن دائرة البساتين هي أعلى منطقة للتصويت في جنوب القاهرة" – بحسب ماقال عدد من أمناء الشرطة داخل القسم -والأهالي.

وأثناء وجود "المشهد" في قسم البساتين حصل محررها، على صورة من ايصال الدفع الذي يوقع عليه مندوب "شركة التوريدات" ويعطيه لأصحاب المحلات ٌثبات أنهم دفعوا المطلوب

الايصال الذي ننشر صورته بتاريخ السبت 9/3/2019 وهو عبارة عن عقد بين «صاحب المحل أو الورشة» وكيلاني عبد المنجي أحمد كيلاني مالك ومدير شركة التوحيد للتوريدات العمومية وله سجل تجاري رقم 79331، وبطاقة ضربية تحمل رقم 31/192/1454/5/16 ولها سجل ضريبي رقم 107/133/203 ، ويحمل كيلاني بطاقة رقم قومي 27710200104438 والمقيم في شارع 6 أكتوبر بعزبة النصر- البساتين.

والتزاما منا بحق رد الجهة المسؤولة حاولت "المشهد" الإتصال بالمقدم (ع. ف) ، رئيس مباحث قسم البساتين، إلا أن لم يرد على الهاتف مطلقا رغم المحاولات المتكرره معه وفي أوقات مختلفة.
-------------------
تحقيق وتصوير: محمد الصعيدي