17 - 08 - 2024

الموازنة الجديدة خالية من "دعم" الوقود.. والسعر الحالي يفوق المعدلات العالمية

الموازنة الجديدة خالية من

القيمة الحالية لأسعار الطاقة في مصر أعلي من المعدلات العالمية .. لكن سعر الصرف مخادع!
- التأثير السلبي لتحرير أسعار الوقود سيكون أقل حدة والمواطن يتوقع الارتفاع
- خبراء اقتصاديون يطالبون بمراعاة أكثر للفقراء ومبالغ أكبر لتشغيل الشباب
- عبد النبي عبد المطلب: ادراج أموال للتعيينات في الموازنة أمر مهم لاستيعاب البطالة
- علي الإدريسي: ترشيد الدعم مقابل توجيه الأموال لقطاعات حيوية مثل التعليم والصحة
- خالد الشافعي: المصريين ينتظرون استقرار الأسعار في الموازنة الجديدة

يتوقع أن تشهد السنة المالية الجديدة 2019/2020  التي بدأت وزارة المالية في اعدادها للعمل بها بداية يوليو المقبل، تحسناً في المؤشرات الاقتصادية، لكنها ستخلو من دعم الوقود بعدما يتم تحرير اسعاره عالمياً بحسب خبراء اقتصاديين قالوا لـ"المشهد" إن طرح الوقود بالسعر العالمي في الميزانية الجديدة من شأنه أن يساهم في زيادة الاستثمارات وانضباط في الأسعار مع زيادة الرقابة الحقيقية علي الأسواق.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب، إن المصريين ينتظرون الكثير غير أن المؤشرات تقول بأن العجز في الموازنة سيستمر، كما ستواصل نسبة خدمة الدين والأقساط الارتفاع، إلي أن تصل إلى مستوى ثابت.

ويضيف: "هناك حديث عن تخفيض مخصصات الدعم، وأنا شخصياً لا أعلم ماذا ينتظر المواطن من الميزانية الجديدة، وكل المؤشرات التي يتم الحديث عنها تتحدث عن محاولة تقليص النفقات، ولذلك من المتوقع أن تنخفض الأموال المخصصة للدعم، في مقابل ارتفاع الأموال المخصصة لتبادل الديون الخارجية والداخلية وأقساطها".

أسعار الوقود 

وربما تشهد الموازنة الجديدة بعض الزيادة في قيمة الايرادات، وهو ما قد يؤدي إلي ارتفاع معدلات النمو أو معدلات التشغيل، والسؤال هنا: ماذا يتمنى المواطن من الموازنة الجديدة؟.

يرد عبدالمطلب بقوله: " شخصياً أعتقد أن المواطن المصري سواء كان الأباء أو الشباب الباحث عن فرصة عمل، يتمنى إدراج مبالغ للتعيينات الجديدة في الموازنة العامة للدولة، كما يتمنى الفقراء أيضاً تثبيت مخصصات الدعم في ظل ارتفاع الأسعار، أما المستثمر المصري فيتمنى أن يشهد زيادة في الأرقام أو الأموال المخصصة للاستثمار، فعندما تزيد استثمارات الدولة، يقوم القطاع الخاص بدوره، بزيادة استثماراته أو علي الأقل يتم إيجاد فرص عمل لشركات المقاولات أو غيرها من الشركات".

وعكس ما تراه الحكومة، يقول عبدالمطلب، إن أسعار الوقود في مصر باتت محررة، إذ يباع  الوقود بأكثر من السعر العالمي، وقياساً إلى أسعار الدولار التي تقترب من 17 جنيهاً، ومقارنة مع كافة المؤشرات الدولية ومنها المؤشر الدولي المشهور "Big Mac Index" نجد أن سعر الدولار يترواح بين 8-10 جنيهات، ومن هنا نستطيع القول بأن القيمة الحالية للوقود في مصر أعلي من المعدلات العالمية.

ولذلك فإن الحديث عن تحرير سعر الوقود في ظل سعر صرف مخادع غير مقبول، ولا يليق بالحكومة أن تكذب وتترك مواطنيها عندما تعتمد علي تقدير أسعار الوقود في مصر، بناء علي أسعار صرف مغالي فيها وليست حقيقية.

ويؤكد أن القطاعات التي ستتأثر بتحرير أسعار الوقود عالمياً هى قطاع السلع التموينية، ذلك أن رفع الدعم عن هذه السلع، سيضر بالفقراء، ويأتي قطاع الاستثمار ثانية ضمن القطاعات التي سينالها التأثير، ذلك أن زيادة النفقات لتسديد أقساط وفوائد الديون، سينعكس سلباً علي الأموال المخصصة للاستثمار، ومن هنا يمكن القول بأن القطاع السلعي والاستثماري سيكون أكثر القطاعات التي ستتضرر من الموازنة الجديدة.

 ويطالب عبدالمطلب الحكومة باتخاذ مجموعة من الاجراءات تضع نصب أعينها احتياجات المواطن واحتياجات الشباب للحد من البطالة واحتياجات المواطنين في تقديم الدعم للسلع بما يضمن خفض أسعارها، وأن تكون هناك زيادة في الاستثمارات تؤدي إلي توريد فرص للدخل وزيادة الانتاج والناتج المحلي الإجمالي المصري.

تراجع البطالة 

من جانبه، توقع الخبير الاقتصادي الدكتور علي الادريسي، أن يصل الناتج المحلي الاجمالي في العام المالي الجديد إلى  6.2 تريليون جنيه مقارنة مع 5 تريليونات جنيه في العام المالي الحالي، كما يتوقع أن ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي إلي 6% وان يكون المستهدف انخفاض نسبة العجز إلي الناتج المحلي الاجمالي إلي ما يقرب 8.6% كما يستهدف خلال الفترة القادمة، انخفاضا أكبر في معدلات التضخم وأن يتراجع معدل البطالة الذي وصل إلى 8.9% في الربع الرابع من عام 2018 .

ويضيف:"  فيما يتعلق بدعم موارد الطاقة، يتوقع اتباع أسعار محروقات بحسب الأسعار العالمية، لكن لدى الدولة خطة لاستيعاب آثار تخفيض الدعم، سواء دعم الكهرباء أوعن الكثير من الخدمات الحكومية، بهدف ترشيد الدعم، مقابل أن أن يتم توجيه الأموال للقطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة".

غير أن الادريسي، يرى أن خفض الدعم يمكن أن ينعكس علي الوضع الاقتصادي في البداية، ذلك أن ارتفاع أسعار المحروقات في السابق كان يؤثر بشكل واضح علي كثير من القطاعات، ولم يعد التأثير كبيراً الآن، وذلك نتيجة لاستقرار وتحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية، إلى جانب تحسن مناخ الاستثمار عن ذي قبل .

ويتابع:" سيكون هناك تأثير سلبي لتحرير أسعار الوقود، ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك، ولكن التأثير السلبي سيكون أقل حدة من فترات ماضية، بدليل أن معدلات التضخم في أول رفع لأسعار الوقود كانت عند ذروتها بحدود 34% ثم عادت للانخفاض تدريجياً لتتراوح بين 11-12%، الأمر الذي يؤكد على أن أثر تحريك أسعار الوقود لم يعد كبيرا جداً، نتيجة أن المواطن يتوقع الارتفاع".

حوافز متوقعة

ويرى الخبير الاقتصادي خالد الشافعي، أن المصريين ينتظرون المزيد من الحوافز، نتيجة تحملهم عبء عملية الاصلاح الاقتصادي خلال الفترة من أواخر عام 2016 حتي الآن، ويأتي علي رأس ذلك انضباط الأسعار.

ويضيف:" ما تم الاتفاق عليه من صندوق النقد الدولي، أن يتم تحرير سعر البنزين 95 هبوطاً وارتفاعاً طبقاً للأسعار العالمية، وأعتقد أن الأسعار العالمية انخفضت لصالح المستهلك، طبقاً للاتفاق بين صندوق النقد الدولي وبين الحكومة".

ويتابع بأن القطاعات التي ستتأثر خلال العمل بالموازنة الجديدة، هى قطاع النقل ومعه كافة القطاعات التي تدور في فلكه، ذلك أن قطاع النقل من القطاعات الحيوية، إذ يدخل في قطاعات كثيرة من قطاعات الاقتصاد المصري، ويفاقم من الآثر عدم وجود ضوابط ورقابة حقيقية علي الأسواق والأسعار، وعلى سبيل المثال، إذا حدث تحركت الأسعار بنسبة تتراوح بين 5 و6%، فإن أسعار القطاعات الأخرى التي تعمل في فلك قطاع النقل تتحرك بنسبة أكبر.

ويرى الشافعي، أن هناك منظومة متكاملة لاخراج الدعم من الموازنة العامة للدولة، وعدم وجوده إلا لمستحقيه، معتبراً أن أن الكارت الذكي أو لكل شخص له رقم حساب منفصل ،والشمول المالي، كلها مؤشرات ايجابية، تصب في صالح وصول الدعم إلي مستحقيه، سواء نقداً أو في شكل سلع ضرورية لاحتياجات المواطن.
------------------
تقرير- رامي الحضري