30 - 06 - 2024

في صحبة 16 سيدة قيادية يعرفن "الخلطة السحرية" لتحقيق الأحلام

في صحبة 16 سيدة قيادية يعرفن

ديوان اهل القلم يحتفي في لبنان بمبدعات عربيات
- الابداع هو الحرية، والجرأة، وحرية الفكر، فلنحتفل بالإبداع ولنربي بناتنا وابناءنا على الابداع.
- مؤسسة ثقافية خاصة تقيم ملتقى للمبدعات فتسخر له الدولة اللبنانية كل إمكاناتها من المواكب إلى لقاء الرئيس عون

شهدت ربوع لبنان الجميلة احتفالاً بتكريم نساء عربيات من نوع خاص، مثلن بلادهن بعد رحلة طويلة من العمل والتألق والنجاح. نساء كل واحدة منهن تمثل عالمًا بذاته يجمعهن الطموح والمثابرة والصبر والجلد على الشدائد يعرفن الخلطة السحرية لتحقيق الأحلام والتي تحتاج إلى الحب والتسامح وأيضًا الشغف، والفرح بالحياة. كان لقائي بمعظمهن للمرة الأولى بسبب إبداعهن المتنوع بين العلوم والفنون والآداب، اثنتان فحسب من صديقاتي الأديبات حظين معي بشرف التواجد بينهن. 

كانت البداية حين دعتني د. سلوى الأمين رئيس ديوان أهل القلم لملتقى المبدعات العربيات الأول لعام 2019 الذي يقام تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ومع توالي الإعداد للقاء تعرفت على المجموعة وتخصصاتها لكن اللقاء بهن كان مدهشًا ليس بسبب سيرة حياتهن وحدها ولكن بسبب الدفء الذي شمل الجميع من الدقيقة الأولى لوصولنا.

لأول مرة أرى مؤسسة ثقافية خاصة عربية تقيم نشاطًا ترعاه الدولة بهذا الشكل وتوفر له كل إمكانياتها كي يظهر في أحسن صورة. كنت أتساءل بيني وبين نفسي لماذا نتحرك بموكب يتقدمه البوليس أليست هذه رفاهية زائدة، أم أنها دواعي أمنية؟

  لكن الشارع كان آمنًا تماما فسألت د. سلوى الأمين التي أخبرتني أن البرنامج مكثف للغاية، وأن الموكب للخلاص من زحمة السير. أدركت هذا بعد أيام اكتشفت فيها أن بيروت أكثر ازدحامًا من القاهرة، وأننا ما كنا لنصل في موعدنا أبدًا مع هذا الازدحام.

بعد قليل ومع توالي التفاصيل اليومية اتضحت الصورة: استقبلنا الرئيس ميشيل عون وقرينته السيدة نادية شامية في قصر الرئاسة، وظهر من الكلمات التي قيلت مدى احتفائهم بوجود أول وزيرة عربية للداخلية، ضمن أربع وزيرات في الوزارة منهن وزيرة للمرأة ويطالبن بالمزيد

باختصار هذا هو الأسلوب اللبناني: كيف يقدم لك ما تريد بأناقة.

 تأملت كل مبدعة منهن على حدة، ابتداءً من الشاعرة د. سلوى الأمين وهي باحثة وأديبة وناقدة وكاتبة مقال سياسي اسبوعي في الصحافة اللبنانية، ولها العديد من المؤلفات بين الشعر والنقد منها: قطوف من ليل الواحات، همس المحابر، ويبقى الحب هو العنوان. ولها دور ريادي ثقافي حقيقي من خلال ديوان أهل القلم وهي مؤسسة ثقافية خاصة تهدف أساسًا لرعاية قضايا الفكر والآداب والعلوم والفنون والاجتماع، وشئون الانتشار اللبناني في العالم.  

توقفت كثيرًا أمام هذه الجملة التي ترجمت إلى العديد من الأنشطة التي تسعى إلى مد جسور التواصل مع اللبنانيين في الخارج وما أكثرهم. وأيضًا إلى تكريم المبدعين اللبنانيين والعرب داخل لبنان وخارجه.

هي أيضًا مستشار وزير شئون السياحة الثقافية سابقًا، وكرمت في العديد من الدول العربية ومنحت وسام الاستحقاق الفضي ذو السعف في عام 2006 من رئيس الجمهورية نظرًا للخدمات الجليلة التي أدتها للبلاد. اختيرت من بين قياديات العالم العربي في عام 2009 ولها أنشطة كثيرة أخرى.

 وسأبدأ، بالمكرمات اللبنانيات من أهل البيت: 

- آرليت جريصاتي قاضي شرف، ممثلة دائمة لوزارة العدل لدى مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات في فيينا ولدى الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد. عملت القاضية آرليت بالقضاء منذ عام 1975 بعد أن تخرجت من كلية الحقوق الفرنسية واللبنانية معًا من جامعة القديس يوسف، ودرست في معهد الدروس القضائية ونالت شهادة وسيط من المركز المدني للتوفيق التاسع. عينت في عام 1992 رئيسة مجلس العمل التحكمي في جبل لبنان ورئيسة اللجنة التحكيمية لخلافات العمل الجماعي. وهي أستاذ حقوق في كل من معهد التدريب الاجتماعي وكلية الترجمة جامعة القديس يوسف. للقاضية آرليت أيضًا دور اجتماعي لا يستهان به فهي رئيسة جمعية انماء المرأة ورئيسة جمعية للأيتام وترعى المرضى وتشارك في مجالس كثيرة قانونية في المجتمع اللبناني

تأملت الإنجاز ولاحظت الأناقة والذوق الرفيع ومتابعة الموضة وأحببت هذا. ولابد أن اعترف أنه يسعدني كثيرًا أن تنجح المرأة، وأن تحافظ على تألقها في الوقت ذاته. انجاز قاضية تخصصت في أمور صعبة وتحتاج إلى حكمة بالغة ورباط جأش لم يبخل بها المجتمع عليها بل على العكس أعطاها الفرصة للتفوق أكثر، ثم احتفى بها.

- عليا صالح عباس مدير عام وزارة الاقتصاد في لبنان وقد درست اللغة الفرنسية والحقوق وإدارة الأعمال وهي مفوض الحكومة لضمان الودائع وعضو هيئة سوق المال وقد شغلت مناصبا رقابية مالية في كثير من المؤسسات والبنوك

- لور سليمان مدير الوكالة الوطنية للإعلام وهي أستاذة جامعية وصحفية وكانت مديرة للإذاعة وعضوا في المجلس التنفيذي لاتحاد وكالات الأنباء العربية وآسيا والبحر المتوسط ولها إنجازات واضحة في الإعلام اللبناني

- د. هبة القواس صاحبة الصوت الجميل وهي أستاذة الغناء الأوبرالي والتأليف الموسيقي، وقد ألفت أكثر من مائتي عمل للأوركسترا السمفونية والكورال وموسيقى الحجرة وأضافت إلى الأوركستر السيمفوني الآلات العربية لتبني جسرا مع الموسيقى العربية وحصلت على العديد من الجوائز والتكريمات.

- من فلسطين المهندسة د. صفاء ناصر أول وزيرة فلسطينية للاتصالات والمعلومات والتكنولوجيا وتشغل حاليا منصب رئيس جامعة القدس، وهي عضو ناشط في المجتمع الفلسطيني بالتطوع في العديد من المؤسسات التي تخدم الشباب والنساء، وهي المنسق العام للحكومة الإلكترونية وقائد الفريق الوطني لأمن الأنظمة والمعلومات، وهي إحدى مؤسسي مجتمع المصدر المفتوح الفلسطيني( posc) ، وقد حصلت على وسام الشرف الفرنسي برتبة فارس. وكانت محاضرتها عن التطور التكنولوجي والحفاظ على الأمن والخصوصية من أبرز أنشطة الملتقى.

- البرلمانية د. رولا داشتي وزيرة شئون مجلس الأمة الكويتي. الأمينة العامة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة لغرب آسيا (الاسكوا) في بيروت. وهي تترأس شركة استشارية تهتم بالخصخصة والشراكة بين القطاع العام والخاص، ولها بحوثا متعددة في مجال التنمية والاقتصاد التطبيقي وقد حصلت على العديد من الجوائز منها جائزة المجلس الأوروبي وجائزة كلينتون للمواطنة وجائزة الملك حسين.

- الكاتبة والإعلامية الكويتية د. فاطمة يوسف العلي وهي روائية وقاصة ترجمت لها عدة أعمال أدبية وأدرجت أعمالها ضمن مناهج التعليم وحولت أعمالها إلى مسلسلات تليفزيونية وإذاعية، حاضرت في العديد من الجامعات. أشرفت على الملحق الثقافي لجريدة القبس، وهي عضو في عدد من المنظمات والروابط الأدبية والنسوية.

- السفيرة د. مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان المصرية سابقًا وقد تم اختيارها الثالثة ضمن أعظم خمس ناشطات حقوق الانسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحصلت على العديد من الأوسمة منها وسام فارس الصليب الأعظم من رئيس جمهورية إيطاليا ووسام الرجاء الصالح من رئيس جمهورية جنوب إفريقيا ووسام كومونداتوري من رئيس إيطاليا وجائزة الإنسانية العالمية من جمعية الأمم المتحدة بسان فرانسيسكو. ولها الكثير من المبادرات التطوعية.

- الأميرة الباحثة والمحاضرة في العلوم الوراثية والسمنة السعودية: د. هيا بنت خالد بن بندر بن عبد العزيز آل سعود وقد درست علم الجينوم وتحديد الصفات الوراثية  في امبريال كوليج في لندن وتوصلت إلى تحديد الطفرات الجينية الجديدة التي تؤثر على المخ في العائلات الكبيرة من خلال ابحاثها في مستشفى بوسطن للأطفال وهي تشرف حاليا على فريق يقوم بعمل مسح علمي للصحة العقلية للمواطنين السعوديين وتقوم بإدارة العديد من البرامج المتعلقة بعلم الوراثة للمواطنين السعوديين التي تهدف إلى تحديد البنية الأساسية الوراثية للشعب السعودي وكان هذا الموضوع هو محمور محاضرتها التي قدمتها في الملتقى والتي وضحت فيها خريطة الأمراض الوراثية التي تنفرد فيها السعودية بمعدلات عالية جدا.

- د. دانة بخيت وهي عالمة أبحاث في علوم الصيدلة الجزئية وعلم الوراثة السعودية، ولها العديد من الكتب والأبحاث في علم الصيدلة الإكلينيكية وتدرس هذا العلم في عدة جامعات منها جامعة الملك سعود وجامعة الفيصل وجامعة الأميرة نورة وقد حازت على جائزة الأميرة الجوهرة الابراهيم، لتقدير الجهود العلمية في علم وراثة الامراض الجينية لعام 2009،  وهي محكمة دولية ورئيسة للعديد من البرامج البحثية العلمية وتشغل منصب نائب عميد كلية الطب جامعة الفيصل.

- د. عفاف اليماني أستاذة جامعية وممثلة الفيدرالية السعودية، وهي ناقدة مسرحية مهتمة بشئون المسرح السعودي وقد عملت على تدريس مهارات الاتصال في اللغة العربية ولغير الناطقين بها، وكذلك لغة الجسد ومهارات الاتصال وقد درست الدكتوراه في الادب الحديث في جامعة الإسكندرية، والقت محاضرتها عن تاريخ المسرح السعودي والآفاق المستقبلة التي وضعت مخططاتها للارتقاء بالمسرح في السعودية وحصلت على العديد من شهادات التقدير من جامعة الملك سعود ومن المهرجان الوطني للتراث.

- النائبة العمانية د. سعيدة بنت خاطر الفارسي وهي من كبار الشعراء والنقاد في العالم العربي، وقد عملت في مناصب متعددة بين الأدب والسياسة والصحافة ولها إصدارات متعددة في هذه المجالات وقد حصلت على وسام ملوك وقادة دول مجلس التعاون في الأدب ووسام المبدعة العربية من منتدى المثقف العربي وكرمت من العديد من الصالونات الأدبية والمهرجانات الشعرية وقد اتحفتنا بإلقاء شعرها وقصيدة بديعة عن لبنان.

- سيدة الأعمال ياسمينة أزهري وهي رئيسة مجلس إدارة شركة استثمارية سورية سعودية وقنصل فخري لسفارة هولندا في سوريا ولها اسهامات بارزة في إطار الأعمال التجارية والخيرية معًا وتشارك في دعم المشاريع النسائية وحماية الغابات وتهتم بالافراد الذين يعانون من مرض التوحد ومتلازمة داون. وهي عضو في المجلس الاستشاري للأمم المتحدة للميثاق العالمي في سوريا وتم اختيارها ثلاث مرات من قبل مجلة فوربس العالمية كواحدة من أقوى خمسين سيدة أعمال عربية. حصلت من ملكة هولندا على لقب فارس ونالت جائزة اليمامة الفضية الدولية في موسكو.

- المهندسة د. ماجدة مفلح مدير عام البحوث الزراعية في سوريا وهي متخصصة في مكافحة الحشرات الحيوية خاصة العنكبوت الأحمر وقد شاركت في مكافحة الحشرات القشرية على الساحل السوري وهي عضو عدد من اللجان الفنية منها الاكثار من نبات الزعفران، والثروة السمكية، والاستشعار عن بعد، والبحوث العلمية. وهي محاضرة في الجامعات وتشرف على الرسائل العلمية.

- د. غيداء أبو مازن مهندسة مدنية متخصصة في المياه والبيئة وعضو في وكالة الفضاء الامريكية ناسا الأردن. كما أنها مساعد رئيس جامعة الاسراء. هي عضو للعديد من الهيئات العلمية ومراكز البحث العلمي والثقافة ونشر السلام ونبذ العنف والتطرف ومكافحته في الأردن وخارجها، وقد تم تكريمها عدة مرات بسبب إنجازاتها العلمية المتنوعة. وكانت محاضرتها في الملتقى غاية في الأهمية وتدور حول أزمة المياه في الوطن العربي ودور إسرائيل في سرقة مياه الأنهار العربية ومستقبل الفقر المائي العربي وكيفية مواجهته.

- المستشارة وخبيرة التسويق د. سامية حسين من البحرين لها خبرة تسويقية أكثر من خمسة عشرة عاما وهي مستشار الاتحاد العربي للتطوع من أجل تشجيع ودعم الشباب العربي لخدمة المجتمعات العربية والمساهمة في بناء قدرات الشباب والتدريب والتأهيل من أجل التطوع. وقد نالت جائزة المسئولية الاجتماعية لعام 2016 عن مركز البحرين للتعليم الالكتروني بجامعة البحرين والمسئولية الاجتماعية لعام 2010 وزارة التنمية الاجتماعية واختيرت كأكثر النساء تأثيرا في البحرين وهي عضو نشط في العديد من المؤسسات الخيرية والتطوعية.

حين تأملت هذا التنوع الهائل في تخصصات المكرمات لاحظت أيضًا التنوع في الأعمار فبعضهن في أوج الشباب ومازال الوقت أمامهن لإضافة منجزات عظيمة، والوطن العربي يحفل بمثل هذه الشخصيات التي تحتاج لدفعة صغيرة لتعريف الناس بهن وبمنجزهن. وقد أسعدني أن أكون واحدة منهن أيضًا.

القت السفيرة د. مشير خطاب كلمة المبدعات التي ركزت فيها على أننا في عالمنا العربي في مسيس الحاجة للاحتفاء بالإبداع وبالمرأة: وهما قضيتان تمثلان التحدي الأكبر الماثل امامنا؛ بدون ايلائهما الاحترام والاهتمام الواجب لن تحتل الامة العربية المكانة التي تليق بها تحت الشمس.  وقالت إن الأمم لن تتقدم بدون تمكين المرأة من حقوقها كاملة.  

ان مسئولية الدول في تمكين بناتها وابنائها من الابداع، تقتضي كفالة الحقوق دون أي تمييز بسبب الدين او الجنس او الموهبة او أي سبب كان، كما تقتضي ان نستثمر في التعليم، والبحث والتطوير والرياضة والفنون لكفالة الحق في التعلم مدي الحياة. الابداع هو الحرية، والجرأة، وحب المغامرة، حرية الخيال، حرية الفكر، حرية الحصول على المعلومات وحرية كافة اشكال التعبير الديني والثقافي والعلمي وغيرها. فلنحتفل بالإبداع ولنربي بناتنا وابناءنا على الابداع.

احتفلت لبنان بالمبدعات العربيات وآن الأوان لكي تحتفي بهن كل الدول العربية كي نعطي الفرصة لكي تتشكل في أذهاننا صور لرموز عربية تحتل فيها المرأة الصدارة بجوار الرجل.
--------------
بقلم: هالة البدري







اعلان