30 - 06 - 2024

انفراد.. نص "رسالة تاريخية" من المستشار سمير البهي لرئيس مجلس النواب (مستند)

انفراد.. نص

مقترحات التعديلات الدستورية أسرفت في هدم استقلال القضاء 

التعديلات المقترحة أفرطت في النيل من القضاء، على نحو يضحي معه التواني في دحضها مذموم، وذنبا غير مغفور. 

- استقلال القضاء أسبق من الأمن وهو سببه وأساس وجوده، ومقترحات التعديل تحيل القضاء مزعا مزقا، ومرفقا تديره السلطة التنفيذية.

- تعديلات تتجافى بالقضاء عن استقلاله، و"العدل أساس الملك، واستقلال القضاء هو أساس العدل، وبغير العدل تضطرب الدولة".

- نقول كلمتنا دون ممالأة لأحد ودون مخاصمة لأحد، فرسالتنا "رسالة غضب" كالنعش لايزينه قوم إلا ولهم ميت

- تعديل الدستور يجب أن ينطلق من ضرورة وإلا غابت كل حكمة من وراء التعديل، وأضحى دون هدف "مشروع".

- إعادة "المجلس الأعلي للهيئات القضائية" يمثل مدا لنفوذ السلطة التنفيذية علي السلطة القضائية وتغولا علي استقلالها

- " دسترة" آلية اختيار وتعيين رؤساء الهيئات القضائية يعد تدخلا في دعوي منظورة أمام القضاء،منهي عنه دستوريا

- السلطة المطلقة لرئيس الجمهورية في اختيار رؤساء الهيئات القضائية ينشيء معهم علاقة التابع بالمتبوع

- ترشيح السبعة الأقدم في هيئة قضائية لخمسة منهم، يثير الخلاف ويبذر الفتنة والشقاق، ويحدث انقسامات بين "الكبار"

- كيف لرئيس الدستورية العليا وقد اصطفاه رئيس الجمهورية أن يفصل في دستورية قانون أصدره الأخير؟!

- من غير المستساغ أن يختار الشخص "رئيس الجمهورية" من يحاكمونه إذا اقتضى الحال!!

- من شأن التعديلات أن تجعل لغير مجلس الدولة الإفتاء في المسائل القانونية، وعدم النص  على مراجعة "العقود الإدارية" ينزع اختصاصا له منذ عام 1946

- لا نود الإيمان بما أخبر به البعض وأشاعه، أن ما اقترح هو مورد لامحيص عنه، وحال لابد مشهودة، إحكاما للسيطرة

- – في ظل استمرار هذه المقترحات- يؤلمنا أن نصرح بأننا نستشعر عدم الاطمئنان والاستقلال في أداء رسالتنا

- القضاء المستقل يؤمن الحاكم وينشر الأمن على ربوع البلاد ويصد عن الأمة النكبات والكوارث.

أرسل المستشار سمير البهي رئيس نادي قضاة مجلس الدولة مذكرة إلى الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب، وصفت بأنها "رسالة غضب" على مقترحات تعديل الدستور،  وسلمت للبرلمان الخميس الماضي (28 مارس 2019).

أكدت المذكرة الغاضبة أن مقترحات التعديلات الدستورية تقضي  على "ماتبقى للقضاء من استقلال، وتحيله مزعا مزقا، ومرفقا تديره السلطة التنفيذية". وشرحت المذكرة باستفاضة كيف أن المقترحات أسرفت في هدم استقلال القضاء، وأفرطت في النيل منه، "على نحو يضحي معه التواني في دحضها مذموم، وذنبا غير مغفور".

وقال قضاة مجلس الدولة في مذكرتهم التاريخية التي تنشر "المشهد" نصها: "إنا لا نود الإيمان بما أخبر به البعض، وأشاعه، أن ما اقترح من تعديلات الدستور "هو مورد لامحيص عنه، وحال لابد مشهودة، إحكاما للسيطرة" وأنه - في ظل استمرار هذه المقترحات- يؤلمنا أن نصرح بأننا نستشعر عدم الاطمئنان والاستقلال في أداء رسالتنا

وشددت المذكرة على أن "القضاء المستقل لايوفر فقط للمواطن الطمأنينة على حريته وعرضه وماله، وإنما يؤمن الحاكم كذلك، ومن شأنه أن ينشر الأمن على ربوع البلاد، فيوفر للأمه فرص استمرار وجودها، ويصد عنها النكبات والكوارث"

وأوضحت مذكرة قضاة مجلس الدولة أن مقترح التعديلات الدستورية "يتجافى بالقضاء عن استقلاله، ويتراخى عن حيدته وتجرده، وهو الاستقلال الذي حرصت كل المباديء والقيم الدستورية على صونه، فلاعدل دون استقلال القضاء، والذي ليس هو أسبق من الأمن فحسب، بل هو سببه وأساس وجوده"

وقال قضاة مجلس الدولة "إن تعديل الدستور إنما يجب أن ينطلق من ضرورة اجتماعية وسياسية وقانونية، والتي تمثل قيدا على تعديله، وتستهدف مسايرة تطورات وأحداث استجدت بعد نفاده، أو معالجة مثالب أفرزها واقع تطبيقه، بغية كفالة العيش الكريم للمواطن، ومزيدا من الضمانات الأساسية للحريات ، وكفالة أداء المؤسسات الدستورية دورها تحقيقا لأهدافها، وإلا غابت كل حكمة من وراء التعديل، وأضحى دون هدف "مشروع".

وتساءلت المذكرة بمرارة: "كيف للسيد المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا – وقد اصطفاه السيد رئيس الجمهورية أن يفصل في مدى دستورية قانون أصدره الأخير؟! وأنه من غير المستساغ أن يختار الشخص "رئيس الجمهورية" من يحاكمونه إذا اقتضى الحال!!"

وشدد القضاة على أن إلغاء "الموازنة المستقلة" لكل جهة أو هيئة قضائية، "يمثل ردة إلى الماضي، وإفساح المجال للسلطة التنفيذية للسيطرة على القضاء، ومصائر القضاة، إذ يسمح لها ويمكنها من تحديد كيفية معاملة القضاة ماليا، منحا ومنعا، وهو أمر يناهض استقلال السلطة القضائية، وأنه لم يكن بدعا استقلال السلطة القضائية بميزانيتها، أو الاستمرار في ذلك، كشأن السلطة التشريعية، ومؤسسة الرئاسة والقوات المسلحة، والجهاز المركزي للمحاسبات، وغيرهم، بل السلطة القضائية أولى من كثير من هذه الجهات بهذا الاستقلال"

كما انتقدت المذكرة قصر دور مجلس الدولة في مراجعة القوانين التي تحال إليه فقط، بعد أن كان اختصاصه بالمراجعة ملزما، وهو أمر غير مبرر، بل يتصادم والصالح العام.

وهذا نص المذكرة:

"معالي الأستاذ الدكتور على عبد العال 

رئيس مجلس النواب

تحية طيبة وبعد،،

طالعنا مقترح تعديل بعض المواد الواردة في باب السلطة القضائية من الدستور والتي تجاوزت ثلث المواد المقترح تعديلها، وقرأنا مقترح التعديل ، سطوره وبين سطوره، وتأويل كل عبارة، وتعرف سببها، وتبين موقعها الذي تتمثله، وأعيتنا حكمته، في ضوء ماتردد أن غايته الحفاظ على "ما تبقى" للقضاء من استقلال وحيدة، وهو ما حسبناه شيئا من ذلك حتى إذا جئناه لم نجده شيئا، فكان كتابنا هذا لنقول كلمتنا بشأنها، ابتغاء وجه الله وحده، وحرصا على صالح البلاد دون ممالأة لأحد، ودون مخاصمة لأحد.

هذا الكتاب "رسالة غضب"، كون المقترح – لاجرم – يتجافى بالقضاء عن استقلاله، ويتراخى عن حيدته وتجرده، وهو الاستقلال الذي حرصت كل المباديء والقيم الدستورية على صونه، وكررتم ومن قبلكم فخامة السيد الرئيس / عبد الفتاح السيسي –غير مرة- حرصكم عليه، باعتبار أن القيمة الأولى للعدالة هي اتسامها بالاستقلالية، وأنه لاعدل دون استقلال القضاء، والذي ليس هو أسبق من الأمن فحسب، بل هو سببه وأساس وجوده، وفيه لافضل بين الصغائر والكبائر، إذ كانت قيمة الصغيرة والكبيرة في اعتبارها لا في ذاتها.

ولست أطيل في زينة القضاء المستقل، فرسالتنا، رسالة غضب – كالنعش لايزينه قوم إلا ولهم ميت -.

أما بعد ،، نقول كلمتنا فيما نؤمن أنه من الحقائق، واستشرافا لمستقبل نتطلع جميعا أن ينعم بالخير والاستقرار للبلاد.

الحقيقة الأولى

أننا جميعا إنما ندرك أن تعديل الدستور –أي دستور – إنما يجب أن ينطلق من ضرورة اجتماعية وسياسية وقانونية، والتي تمثل قيدا على تعديله، وتستهدف مسايرة تطورات وأحداث استجدت بعد نفاده، أو معالجة مثالب أفرزها واقع تطبيقه، بغية كفالة العيش الكريم للمواطن، ومزيدا من الضمانات الأساسية للحريات ، وكفالة أداء المؤسسات الدستورية دورها تحقيقا لأهدافها، وإلا غابت كل حكمة من وراء التعديل، وأضحى دون هدف "مشروع".

الحقيقة الثانية

إن جهة أو هيئة قضائية، وهي القائمة على شؤون العدالة، وأمر القضاء والقضاة، لم تطلب ولم يصدر عنها مايشي بحاجة السلطة القضائية إلى تعديل النصوص الدستورية القائمة في هذا الشأن، بل على النقيض من ذلك – فإنها وبصفة خاصة مجلس الدولة- ممثلا في جمعيته العمومية ومجلسه الخاص وناديه – قد دمدم – غير مرة أن القانون الخاص باختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية من شأنه المساس باستقلال القضاء، والانقضاض على ثوابته وقيمه، فيأتي مقترح التعديل لا ليجيبهم إلى مطلبهم المشروع، بل ليقض على ماتبقى للقضاء من استقلال كونه ولاية، ويحيله مزعا مزقا، ومرفقا تديره السلطة التنفيذية.

الحقيقة الثالثة:

أن في إعادة "المجلس الأعلي للجهات والهيئات القضائية" والذي نشأ بمناسبة ماعرف بمذبحة القضاء، وترأسه من قبل السيدالمستشار/ وزير العدل- حال غياب السيد/ رئيس الجمهورية – وهوأحد أعضاء السلطة التنفيذية، يمثل مدا لنفوذ هذه السلطة علي السلطة القضائية وتغولا علي استقلال السلطة الأخيرة، علي خلاف مبادئ وأحكام وقيم الدستور.

أخذا في الاعتبار،علي نحو بارح عن بالكم، أنه سيضم- بموجب قانون- من ليسوا بقضاة، لتكون الغلبة - ومن لهم القرار- لغير القضاة في شئون القضاء والقضاة، مما يقضي علي كل استقلال للسلطة القضائية، ويضحي الأمر ممثلا لتدخل صريح في أعمال القضاء.

وليس من المستساغ أن يساق لدفع هذا التدخل في شئون القضاء، القول بأن لهذا النص نظير في تشريع بعض الدول المتقدمة، إذ فضلا عن أن رئيس الدولة فيها "يملك ولايحكم" فإن لكل قوم تقاليدهم ومبادئهم، وقد استقر نظامنا القضائي منذ أمد بعيد، وأضحي لنا نظمنا وتقاليدنا التي تسمح بأن يكون اعتمادنا الأول عليها.

كما وأن التجربة قد كشفت عن عدم اتفاق مثل هذا المجلس، الذي نشأ مع مذبحة القضاء، وروح الدستورومبادئه، خاصة استقلال القضاء، وحيدته، وتجرده، فكان أن استبدل به المجالس العليا والخاصة للجهات والهيئات القضائية، ولم يطرأ موجب يقتضي العودة إليه، إلا إذا كان الهدف هو اجتياح القضاء.

ولئن كان هناك أمرا مشتركا بين الجهات والهيئات القضائية، فلتكن رئاسة المجلس الذي يقوم عليها لأقدم القضاة، أو لرئيس المحكمة الدستورية العليا.

إذ لا يتصور- دستوريا- أن يشرف مجلس برئاسة السلطة التنفيذية أو وزير شئون مجلس النواب علي أعمال السلطة التشريعية، ويبدي رأيا ويتخذ قرارا في المسائل المتعلقة بهذه السلطة.

إن وجوها تكفهر بمجرد إثارة ذلك التصور، رغم أن من سن سنة فليرض بأن يحكم بها عليه.

الحقيقة الرابعة:

عمدت المقترحات إلي" دسترة" آلية اختيار وتعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية، والتي تضمنها قانون خلص القضاء إلي مشوبته بعدم الدستورية، وأحالة إلي المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي إتفاقه والمبادئ الدستورية، ولم تقل كلمتها بشأنه بعد.. مما يعد تدخلا في دعوي منظورة أمام القضاء،منهي عنه دستوريا.

الحقيقة الخامسة:

إن ترك الاختيار دون ضوابط للسيد رئيس الجمهورية بشأن تعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية، أمرمن شأنه أن يطعن علي القضاء بتجرده، وحيدته، واستقلاله، علي النحو الذي يجب أن يكون عليه بصفة عامة والرئيس "المعين"وذلك في نظر المتقاضين، وهو تجرد وحيده واستقلال لايكون إلا كاملا، فإذا ران النقصان عليه، أضحي والعدم سواء.

فالسلطة المطلقة في الاختيار أمر من شأنه - ولا غرابة في ذلك- بحكم الغريزة البشرية أن تعتري الرئيس "المعين" تلك الحالة النفسية التي تنشأ عن علاقة التابع بالمتبوع ، أوعلي أقل تقدير سوف يرسخ في أذهان المتقاضين- وغيرهم – تلك العلاقة، وهو مالا يتفق في حال مع كرامة القضاء، واستقلاله، وتجرده، وحيدته.

الحقيقة السادسة:

إن من أهم أسس وروافد استقلال القضاء، أن يترك للجهة القضائية رعاية شئونها والقيام علي أمورها، سيما وأنها تمثل في مجموعها- الجهات والهيئات القضائية - إحدي السلطات الثلاث في الدولة، وهي صاحبة القول الفصل والكلمة النهائية في مشكلات باقي السلطات.

فكيف بها - علي نحو ما رمي المقترح- لا تقوي علي إدارة أحوالها الخاصة بها.

كالتعيين والترقية، والنقل، والندب، واختيار رئيسها، اغتصابا لاختصاصات جمعياتها العمومية الخاصة ومجالسها العليا.

الحقيقة السابعة:

أن الاختيار بين السبعة الأقدم، واختيار أوترشيح هؤلاء السبعة لخمسة منهم، أمر يثير الخلاف بينهم، ويبذر الفتنة والشقاق فيما بينهم، ويحيل الأمر إلي انقسامات بين "الكبار"بما يرتد أثره -لامحاله- سلبا علي الجهة القضائية.

وإن كان لازما أن يكون للسيد رئيس الجمهورية اليد الطولي في الاختيار والتعيين، فليكن اختياره من بين ثلاث قضاة من بين السبعة "الكبار" ترشحهم جمعية عمومية خاصة تشكل من أقدم مائتي قاضي.

الحقيقة الثامنة:

كيف للسيد المستشار رئيس مجلس الدولة - رئيس الدائرة الاولي بالمحكمة الإدارية العليا- أن يحظي بالثقة والتجرد - في نظر المتقاضين- حال نظره طعنا أقيم علي قرار أصدره من اختاره وعينه؟!

كيف للسيد المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا – وقد اصطفاه السيد رئيس الجمهورية أن يفصل في مدى دستورية قانون أصدره الأخير؟!

إنه لا يكفي أن يحكم قاضي بالعدل، بل يلزم أن يثق المواطن في استقلال وتجرد وحيدة قاضيه.

ثم، من غير المستساغ أن يختار الشخص "رئيس الجمهورية" من يحاكمونه إذا اقتضى الحال!!

الحقيقة التاسعة

أن حذف عبارة "الموازنة المستقلة" لكل جهة أو هيئة قضائية، يمثل ردة إلى الماضي، وإفساح المجال للسلطة التنفيذية للسيطرة على القضاء ، ومصائر القضاة، إذ يسمح لها ويمكنها – السلطة التنفيذية- في تحديد كيفية معاملة القضاة ماليا، منحا ومنعا، وهو أمر يناهض استقلال السلطة القضائية، ولم يكن بدعا استقلال السلطة القضائية بميزانيتها، أو الاستمرار في ذلك، كشأن السلطة التشريعية، ومؤسسة الرئاسة والقوات المسلحة، والجهاز المركزي للمحاسبات، وغيرهم، بل السلطة القضائية أولى من كثير من هذه الجهات بهذا الاستقلال.

الحقيقة العاشرة

أن حذف كلمة "وحده" الواردة بعد عبارة "ويتولى الإفتاء" من شأنه أن يتولى غير مجلس الدولة الإفتاء في المسائل القانونية، كما وأن عدم النص على اختصاص مجلس الدولة بمراجعة "العقود الإدارية" أمر يثير الدهشة والغرابة، فهو اختصاص يمارسه مجلس الدولة منذ نشأته عام 1946، أي مايربو على اثنين وسبعين عاما.

وإضافة عبارة "التي تحال إليه" بعد عبارة "ذات الصفة التشريعية" يعني قصر دور مجلس الدولة في مراجعة القوانين التي تحال إليه فقط، بعد أن كان اختصاصه بالمراجعة ملزما، وهو أمر غير مبرر، بل يتصادم والصالح العام، بعد أن كشف الواقع العمليأن جل ما قضي بعدم دستوريته من قوانين، لم تكن عرضت على قسم التشريع بمجلس الدولة، فمن يطبق القانون هو الأقدر على التعرف على عيوبه ، وأوجه إصلاحه.

وبعد

إن المقترحات المشار إليها، على نحو ماكشفت عنه الحقائق سالفة البيان، قد أسرفت في هدم استقلال القضاء، وأفرطت في النيل منه، على نحو يضحي معه التواني في دحضها مذموم، وذنبا غير مغفور.

إنه لا ترجحنا مرية ولا التباس – كوننا شركاء في هذا العشق الأبدي للبلاد- أنكم ستعملون على الحفاظ على صون استقلال القضاء، بانتشاله من مخالب تلك المقترحات.

وإنا لا نود الإيمان بما أخبر به البعض وأشاعه، أن ما اقترح هو مورد لامحيص عنه، وحال لابد مشهودة، إحكاما للسيطرة، فبيناتكم – وفخامة السيد رئيس الجمهورية- الظاهرة للناس على صيانة القضاء لازمة بجانب إيمانكم بكرامة القاضي الشخصية واستقلاله الذاتي، أو لم يكن سيدنا إبراهيم مفعم القلب بالإيمان بربه، ولكنه مع ذلك أراد أن يزداد بصيرة، وتطلع إلى أن يلمس الآية البينة على البعث ليطمئن قلبه، ويزداد يقينه، فأجاب الله دعاءه وأتاه سؤله.

نقول ذلك لأنه يؤلمنا – في ظل استمرار هذه المقترحات- أن نصرح بأننا نستشعر عدم الاطمئنان والاستقلال في أداء رسالتنا، ومؤكد أن هذا غير بارح عن بالكم، وهو مايدعونا أن نكرر عدم التواني بالصدع بدوركم، وحسم انتمائكم، معلنين أنفسكم مدافعين عن استقلال القضاء، دفعا لهذا الضرر الوخيم، ودفاعا عن استقرار البلاد.

وختاما

مؤكد أنه معلوم لمعاليكم أن القضاء المستقل لايوفر فقط للمواطن الطمأنينة على حريته وعرضه وماله، وإنما يؤمن الحاكم كذلك، ومن شأنه أن ينشر الأمن على ربوع البلاد، فيوفر للأمه فرص استمرار وجودها، ويصد عنها النكبات والكوارث، وليس من الحكمة أن ننصب الحبالة، ثم نرتبك فيها فيها ونضطرب، فكأننا لانصيد إلا من أنفسنا، "العدل أساس الملك، واستقلال القضاء هو أساس العدل، وبغير العدل تضطرب الدولة".

هذه هي رسالة غضب.

دعاء إلى المولى عز وجل أن يهديكم لأرشد الأمور، وأن يحفظ مصرنا الغالية

المستشار 

سمير يوسف البهي

نائب رئيس مجلس الدولة

رئيس مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة"

لمشاهدة المستند .. اقرأ على الموقع الرسمي






اعلان