28 - 03 - 2024

حدائق الفقراء تحت سيطرة الخارجين عن القانون و"شم الهواء" على الكورنيش بمقابل مادي

حدائق الفقراء تحت سيطرة الخارجين عن القانون و

بدلا من ان تصبح الحدائق العامة متنفسا لراحة البال والترفيه عن النفس اصبحت مصدرا للازعاج بعد أن استحوذ الخارجون علي القانون عليها تحت ستار بيع المشروبات الساخنة والمثلجة وحولوها الى غرز خاصة بهم.

وصلت الى "المشهد" العديد من الشكاوي تفيد بان مجموعة من البلطجية استحوذوا على اغلب الحدائق العامة ومنها البحر الاعظم والفسطاط والاورمان وقام بعض الخارجين علي القانون بإنشاء "غرز" ومقاه ظاهرها بيع المشروبات الساخنة والمثلجة لروادها وباطنها بيع المخدرات والمواد الكحولية للشباب طوال اليوم وفي وضح النهار أمام أعين المارة، كما تحولت إلي مكان مفضل للشباب لمعاكسة الفتيات، وفي ظل كل هذا تقف الهيئة العامة للنظافة والتجميل ورؤساء الأحياء عاجزين عن  طرد البلطجية من الحدائق العامة وحتى لو تناول احد المسئولين حبوب الشجاعة وتجرأ للوقوف في وجوههم قد يدخل في مشادات واشتباكات عنيفة مع هؤلاء البلطجية تنتهي بما لا يحمد عقباه

انتقلت "المشهد" للتأكد من صحة المعلومات الواردة والبداية بحديقة مجانية اخر شارع البحر الاعظم وجدنا هناك ان الحديقة بدون اي رسوم ويجلس بها بعض الأسر، وعند سؤالهم أكدوا أنه يفرض عليهم تناول المشروبات، وإلا يطردون من الحدائق، ومن يفرض عليهم ذلك ليست له اي صفة.

يضيف مواطن أن ابن شقيقه كان يجلس على الكورنيش بجوار الحديقة وحينما طلب مشروب "حمص الشام" طلب منه البائع مبلغا مضاعفا، وعندما اعترض كان جزاؤه الضرب والإهانة وضرب زوجته امام عينه ..

يقول مصطفى ابراهيم خليل – ليسانس حقوق مقيم في مركز اطفيح بمحافظة الجيزة - إن التعدي علي المسطحات الخضراء وتحويلها إلي مقاه يعد جريمة ترتكب في حق المواطن والمجتمع يعاقب عليها القانون، ولا بد من التصديلأصحاب النفوس الضعيفة الذين ينهشون في جسد الدولة بحصولهم علي أي مكاسب مادية ولو علي حساب بلدنا الغالية .

وتضيف نجلاء حسن بكالوريس نظم ومعلومات من القاهرة- أن التعدي علي الحدائق العامة أصبح علي كل شكل ولون،  وتروي قائلة: حدث معي موقف أنا وزوجي كنا نجلس بحديقة الاورمان بجوار جامعة القاهرة، وجاء الينا بائع للورد وحينما رفض زوجي الشراء منه قال له البائع "ايه مش معاك فلوس ولا هي متستاهلش" مما تسبب في مشاجرة كبيرة بينهما كادت ان تودى بحياة زوجي، مطالبة رجال الامن بالاهتمام الى الحدائق العامة لانها مليئة بالبلطجية تحت ستار "اكل العيش".

وقال أحمد نبيل – بكالوريوس تجارة - إن الهواء أصبح بمقابل مادي وتحولت منطقة كورنيش النيل إلي ما يشبه الكازينو، حيث قام باعة حمص الشام بوضع كراسي وترابيزات لاستقبال الشباب والفتيات و"الحبيبة" والأسر مع منع أي مواطن من الجلوس علي أرض الحديقة المجاورة، مالم يتناول الحمص بالسعر الذي يحدده البائع والذي يستعين ببعض الأشخاص للسيطرة علي المكان، مؤكدا أن هؤلاء الباعة يقومون بسرقة التيار الكهربائي من أعمدة الإنارة العمومية دون أن يمنعهم أحد، حيث يضعون أجهزة تليفزيونية في فصل الصيف لعرض مباريات كرة القدم العالمية لجذب المزيد من الزبائن، ليحققوا مكاسب مالية كبيرة دون أن يسددوا أي مستحقات مالية للدولة.

ويقول المحامي حسن عادل: إن التعدي علي الحدائق مثل التعدي علي الأراضي الزراعية والبناء المخالف بدون تراخيص، وكلها جرائم يعاقب عليها القانون، ولكن جانب الحدائق العامة ليس من اهتمامات المسئولين ولذلك وصل الى هذا الحد من البلطجة، وأشار أن هناك فارقا كبيرا بين جريمة الإتلاف العمد، والتعدي علي الحدائق والمنشآت والأملاك العامة بالدولة، حيث إن الثانية عقوبتها مشددة لأن المتهم فيها قام بمنع الآخرين من استغلال الحدائق واستخدامها للتنزه، موضحا أن عقوبة التعدي تصل إلي الحبس ثلاث سنوات دون استعمال الرأفة، لافتا أن هناك قاعدة قانونية تقول إن أعمال القانون وتفعيله خير من إهماله، لأنه شرع لكي يطبق ولم يشرع ليقرأ، مشيرا أن تفعيل القانون وتطبيقه يرجع إلي قوة وشجاعة وقناعة ورؤية المسئول عن تنفيذه، ويؤكد "عادل" أن التعدي علي الحدائق العامة بدون تحرير عقود مع الجهات المسئولة يعد بمثابة جريمة اغتصاب بكل المقاييس وسوء استخدام للمال العام تصل عقوبتها للسجن لمدة ثلاث سنوات، أما قطع أشجار أو تخريب وإتلاف النجيله الخضراء فجنحة عقوبتها من ستة أشهر إلي ثلاث سنوات.

أضاف أن التعدي علي الحدائق لو شمل تغييرا في خصائصها، والهدف الذي أنشئت من أجله، فيعد جناية استيلاء علي المال العام عقوبتها تصل إلي السجن لمدة خمس سنوات دون استخدام المادة 17 من قانون العقوبات لتخفيف العقوبة علي مرتكب الجريمة .

أما محمد عبد العزيز المحامي بالنقض فقال: إن الاستيلاء علي المال العام المخصص لانتفاع المواطنين مثل الشوارع والحدائق جريمة كاملة الأركان عقوبتها تصل إلي السجن المشدد لمدة خمسة عشر عاما، ويحق للمحكمة أن تنزل بالحكم درجتين وتخففه طبقا لظروف كل حالة، مؤكدا أن المشكلة حاليا نقص المتابعة ورصد المخالفات وتطبيق القوانين وخاصة أننا لدينا ترسانة من القوانين تكفي لردع أي مخالف، حتى لو عطس في الشارع ..

ومن جهة اخرى قال اللواء أحمد عبد الرحيم رئيس حي العجوزة السابق : إن الحدائق العامة مسئولية الهيئة العامة للنظافة والتجميل في محافظة الجيزة والأحياء دورها الإشراف عليها علي أن تقوم شرطة المرافق بإزالة أي تعديات تقع علي أملاك الدولة، ومنها الحدائق من خلال شن حملات أمنية مكبرة ومنظمة لرفع الإشغالات الموجودة بالحدائق ومنها الغرز والمقاهي التي أقامها أعداد كبيرة من الخارجين علي القانون والمسجلين خطر والتعامل معهم بقوة وشراسة، مشددا علي أن اي حي يوجد به مثل هذه التعديات لا يستطيع رفعها بمفرده وخاصة أن المواطن البسيط الذي يحترم دولة القانون لا يرتكب مثل هذه المخالفات الجسيمة.

واستطرد رئيس حي العجوزة السابق حديثه قائلا إن الحدائق الموجودة أمام مسجد الدكتور مصطفي محمود بشارع جامعة الدولة العربية استولي عليها بعض الخارجين عن القانون بصورة سيئة مستغلين انشغال الشرطة مع القوات المسلحة في الحرب علي الإرهاب وتعدوا علي الحدائق العامة التي هي في الأساس ملك للمواطن بعد أن زادت أعداد البلطجية بشكل كبير، لافتا إلي أن عودة الأمن سوف تقضي علي العديد من الإشغالات ومنها التعدي علي الأملاك العامة.

وأكدت فاتن الجزار مسؤولة سابقة بالهيئة العامة للنظافه والتجميل في الجيزة أن التعديات الواقعة علي الحدائق العامة تختص شرطة المرافق بإزالتها والتعامل معها طبقا لما حدده القانون في هذا الشأن، مؤكدة إن معظم التعديات وقعت علي مسطحات خضراء غير محددة بأسوار حديدية ولذلك هناك اتصالات مستمرة مع رؤساء الأحياء لإبلاغهم بأي تعديات تقع علي الحدائق العامة حتى تقوم شرطة المرافق بعملها في التصدي لها لإزالتها، خاصة ان الهيئة العامة للنظافة والتجميل تجد صعوبة بالغة في التعامل مع المعتدين في الوقت الراهن نظراِ لأن اغلبهم من أصحاب السوابق والخارجين علي القانون، مضيفة أن التجاوزات تتم لعدم وجود الشرطة بشكل فعال لانشغالها في الحرب علي الإرهاب الغاشم، واستطردت : إن الحدائق المغلقة التي تحيط بها أسوار حديدية في حالة التعدي عليها نتخذ الإجراءات القانونية ضد المعتدي بتحرير محضر في قسم الشرطة التابع لها الحديقة وإرساله إلي النيابة العامة لاتخاذ جميع الإجراءات.
----------------------
تحقيق - أحمد صلاح سلمان






اعلان