19 - 10 - 2024

البترول والغاز.. سوق مضطرب

البترول والغاز.. سوق مضطرب

تضم منظمة أوبك أربعة عشرة دولة تعمل على إيجاد صيغة توافقية بين عائداتها من تصدير البترول من جهة واستقرار السوق من جهة أخرى، ما إن ترتفع الأسعار وتتخم الخزائن بالنقد الأجنبي، حتى تتعالى الضغوط العالمية لضخ كميات إضافية تسمح بتأرجح الأسعار حول معدلات متقاربة، كر وفر يعتمد على مهارات استخدام الأوراق الناعمة، سياسية واقتصادية، والخشنة، العسكرية، ان استدعى الأمر.

في العام 1973 وعلى إثر تقلبات الأسعار غير المسبوقة في ذلك الوقت تأثرًا بالحرب مع إسرائيل أسست أمريكا مخزونًا نفطيًا يسمح لها باستيعاب صدمات الأسعار لبلد يستهلك فى المتوسط، ثلث الانتاج العالمى للنفط البالغ حوالى مائة مليون برميل يوميًا، وبحسبة بسيطة تتحمل الخزانة الأمريكية عن كل دولار زيادة في سعر برميل الخام واحد مليار دولارسنويًا، لذا تعمل وأحد عينيها على موازين قوى السوق والأخرى على مخزونها الذى أعطاها الأمان أثناء توتر إمدادات البترول خلال حرب الخليج الأولى، 1980-1988، وأثناء نوبات ضرب الأعاصير لمحطات التكرير فى خليج المكسيك.

من هنا يأتى دور المساند للنفط والغاز الصخريين ومستوى انتاجهما والريادة الأمريكية فى تطوير تقنيات استخراجهما وخفض تكاليف الانتاج، فى مارس الماضى بلغ المتوسط اليومى 8,5 مليون برميل بترول وحوالى 78 مليون قدم مكعب غاز، إلا أن الدور الرئيسى لكلا المنتجين لا يظهر تأثيره إلا عند ارتفاع أسعار النفط العالمية وتخطى اعتاب السبعين دولار للبرميل.

أمام توتر أسعار البترول والغاز الطبيعى تعيد الحكومة المصرية هيكلة الدعم المخصص للطاقة بصفة عامة عبر إعادة هيكلة أسعار الكهرباء وإعادة تسعير المواد البترولية، آخرها تحرير سعر البنزين 95 عبر آلية تربط أسعاره بالسوق العالمى وذلك بدءًا من الأول من إبريل 2019، وينتظر أيضا خفض دعم الطاقة المتجاوز 90 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى. 

في أسواق الكهرباء تتأثر الأسعار بتغير أسعار الغاز الطبيعى الذى تختلف آليات تسعيره عن البترول، فليس هناك منظمة توازى أوبك وتتباين أسعاره بحسب بعد السوق عن مناطق التصدير، فالأسعار فى السوق الآسيوى تختلف عن نظيرتها فى الشرق الأوسط وأمريكا، وإن لم يعفه ذلك من التقلبات، فى العادة يتأرجح متوسط السعر بين 3 – 5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، وإن شهد تاريخه قفزات تخطت المعقول، فى الفترة من 2000 إلى 2009 تجاوزت الأسعار 14 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية فى دورات تكررت كل ثلاث سنوات، ثم عاودت الانخفاض لتغلق نهاية العام 2018 على 4,62 دولار متأثرة بتباطؤ النمو العالمى، وخاصة السوق الصينى، وإن حملت فى حشاياها عوامل ارتفاعها مرة أخرى بين ليلة وضحاها. 

البترول والغاز، سوق مضطرب، يتطلب أدوات تنبؤ بالمخاطر ومخفضات طبيعية لحرارة أسعاره، أضحت تكلفة الطاقة عنصرًا مؤثرًا فى تحديد مستوى تنافسية المنتجات، ولعل هذا يفسر أسباب تنامى الطلب، وإن كانت أقل من المتوقع، على محطات الخلايا الشمسية الصغيرة والمتوسطة الحجم، من 5 إلى 20 ميجاوات، نظرًا للانخفاض المستمر فى أسعارها، وأيضا تخطيط الشركة القابضة للصناعات المعدنية تغذية جانب من احتياجات شركة مصر للألومنيوم التابعة لها بالطاقة المتجددة، عبر محطة ذات قدرة تصل إلى 300 ميجاوات، تساعد فى تخفيف أثر ارتفاعات اسعار الكهرباء خاصة مع خام تشارك فيه الكهرباء بأكثر من 40% من تكلفته، فهل تنجح الشركة وتقدم نموذج عمل جديد للسوق المصرى تعمل فيه الطاقة المتجددة كخافض لحرارة ارتفاع أسعار الكهرباء، هذا ما سيسفر عنه المستقبل القريب.
-------------------
بقلم: د. محمد مصطفى الخياط
mohamed.elkhayat@yahoo.com

مقالات اخرى للكاتب

نوتردام.. تولد من جديد