18 - 04 - 2024

الإعلام يفشل في "غزوة" الاستفتاء.. "نعم" في جنة وسائل الإعلام.. "لا" مغضوب عليها

الإعلام يفشل في

خليل: المتابعة الإعلامية إحادية الجانب تدفع المصريين لمشاهدة "القنوات التحريضية"
عكاشة: تراجع نسب مشاهدة البرامج السياسية لصالح الترفية والرياضة بسبب عرض الرأي الواحد
حمدي: الاعلام المصري يفشل في أداء وظيفته السياسية.. وقنوات تغيب عن المتابعة 

أبدى خبراء اعلاميون استياءهم من التغطية الاعلامية المحلية للاستفتاء الذي جرى مؤخراً على التعديلات الدستورية، مؤكدين أن وسائل الاعلام المصرية سواء كانت مقروة أو مرئية أو مسموعة، التزمت بعرض الرأي الواحد المعبر عن السلطة، من خلال حشد المواطنين لتأييد التعديلات الدستورية، دون إتاحة الفرصة للمعارضين للتعبير عن آرائهم.

وأكد أساتذة الاعلام أن الإعلام المصري لا يزال يتبع نهج الاعلام الدعائي، دون أن يلتزم بالمصداقية والحيادية في طرح القضايا المصيرية للوطن، وذلك بتناول كافة الأراء المؤيدة والمعارضة، وبذل المزيد من الجهد في شرح ونفسير المواد المستفتي عليها.
نوافذ دعائية وتحريضية

يقول الدكتور محمود خليل استاذ الاعلام بجامعة القاهرة، إن الاعلام المصري لم يقم بدوره في شرح مواد الدستور التي تم تعديلها، وطبيعة هذه التعديلات، وتأثيرها على المشهد السياسي في مصر، إنطلاقاً من الدور الأساسي والجوهري للإعلام، في توضيح وتوعية الرأي العام إزاء مثل هذه التعديلات، لتأثيرها الجارف على المستقبل السياسي للبلاد.

ويضيف أن وسائل الاعلام المحلية اعتمدت على وجهة نظر أحادية الجانب، في معالجة التعديلات الدستورية، إذ تبنت أغلب القنوات التلفزيونية والصحف اتجاهاً داعماً لهذه التعديلات ودعت جموع المصريين إلى تأييدها، على الرغم من وجود عدد من المعارضين لهذه التعديلات، وهو ما أثبتته نتائج الاستفتاء التي أظهرت رفض حوالي 3 ملايين هذه التعديلات، طبقاً لما أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات، فضلاً عن وجود أكثر من 50% من الناخبين لم يذهبوا للإدلاء بأصواتهم، وهو ما يؤكد على ضرورة اتاحة الفرصة كاملة للتعبير عن وجهة النظر الأخرى.

ويضيف:" الاعلام المصري لم يعتمد على ضخ المعلومات في ذهن المتلقي حيال المواد المستفتي عليها، بقدر ما استند على ضخ الشعارات، ناهيك عن وقوع العديد من المخالفات أثناء عملية التصويت، لم تهتم وسائل الاعلام المختلفة بتغطيتها بالشكل الكافي، على الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي عرضت الكثير من الفيديوهات التي تنقل وقائع ما حدث أمام بعض اللجان، الأمر الذي يؤكد على أن مثل هذه النوعية من التغطيات الاعلامية ليست من مصلحة أحد، ذلك أن مواقع التواصل الاجتماعي تعتمد أحياناً على فبركة بعض الفيديوهات أو نقل فيديوهات قديمة وعرضها مرة أخرى وكأنها حديثة. 

ويؤكد أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن اعتماد وسائل الاعلام على الوجوه المكررة وأحادية الاتجاه في تناول القضايا المصيرية يدفع المصريين، إلى مشاهدة نوافذ إعلامية أخرى، وهي ليست وسائل إعلامية بالمعنى العلمي، بل هي نوافذ تحريضية، وهو ما يجعل المواطن المصري في حيرة من أمره، بين نوافذ إعلامية دعائية، وأخرى محرضة، وكلاهما لا يؤدي عملاً إعلامياً بالمعنى المتعارف عليه، فالاعلام مهنة لها قواعدها وأصولها التي تحكمها، ولها وظائفها التي تقوم بها في حياة المتلقي، وعندما يتخلى الاعلام عن القواعد المهنية المتعارف عليها، يكون قد فشل في أداء وظيفته.

هروب من المتابعة

ويتفق الخبير الاعلامي الدكتور رضا عكاشة مع ما ذهب اليه خليل، ويعرب هو الآخر عن استيائه من التغطية الاعلامية للاستفتاء على التعديلات الدستورية، ويضيف أن وسائل الاعلام المصرية لم تضف جديداً في تناولها لملف التعديلات الدستورية، ذلك أن الموضوع ذاته لم تتضح معالمه للجمهور، وكثير من القطاعات ابتعدت رغبة ورهبة من متابعة الحالة السياسية وربما هرباً من متابعة الحالة الاعلامية.

 ويؤكد ذلك أن نسبة المشاهدة للبرامج والأخبار السياسية تراجعت إلى حد كبير، لصالح برامج الترفيه والرياضة، ولذلك لا يمكن الحديث بشكل دقيق عما إذا كان للإعلام بمختلف أشكاله، دور مؤثر في تحريك وحث الناس على المشاركة في عملية الاستفتاء من عدمه.

ويرى عكاشة أنه كافة المؤسسات الاعلامية بمختلف أشكالها كانت موافقة على التعديلات الدستورية وداعمة لفكرة التغيير ومتبنية لوجهة نظر واحدة، بغض النظر عن كونها وجهة نظر صحيحه أم غير ذلك، ذلك أن الحالة الاعلامية باتت جزءاً من الحالة السياسية، ولا يمكن أن تؤسس إعلاماً مؤثراً وقادراً على صناعة الرأي العام، مالم يكن هناك مناخ سياسي قادر على ذلك. 

ويضيف:" الإعلام المصري سبب رئيسي في دفع بعض المصريين لمتابعة الإعلام الأجنبي لمعرفة الرأي الآخر إزاء قضاياه المصيرية، وهو ما حدث خلال عملية الاستفتاء وغيرها من القضايا والأحداث، ذلك أن هناك شرائح عدة للمتابعين للأحداث، فهناك شريحة واعية تستقي بطبيعة الحال معلوماتها من مصادر أخرى، وشريحة أخرى بدأت تفقد الثقة في الاعلام المصري، بسبب بعض القصور في تعدد الأراء والتغطية الاعلامية الحية أو في تنوع الأفكار، مما يدفعهم إلى مشاهدة الإعلام الأجنبي، والاتجاه نحو استقاء المعلومات بشكل أكبر من السوشيال ميديا، ومواقع التواصل الاجتماعي.   

انتهاكات اعلامية
ومن جانبه، يرى الخبير الاعلامي الدكتور عمار حمدي أن وسائل الاعلام المصرية ومنذ بداية الحديث عن التعديلات الدستورية، ارتكبت العديد من الانتهاكات، أبرزها عرض الرأي الواحد المؤيد للحكومة، دون الالتزام بعرض الأراء الأخرى التي يبديها المعارضون لهذه التعديلات، في حين من المفترض أن يكون للاعلام دور مؤثر، في توعية وإيضاح الموضوعات التي تحتاج إلى شرح توضيح مثل التعديلات الدستورية، ذلك أن جميع المواطنين ليسوا على قدر واحد من العلم والثقافة، وكان من الضروري توضيح وشرح التعديلات ومآلاتها على المواطنين، لكن هذا لم يحدث، إذ اكتفى الاعلام بالدعوة للمشاركة في عمليات التصويت، وهذا وحده لا يكفي للمواطن، كما أنه ليس الدور الرئيسي للاعلام. 

ويضيف حمدي أن الاعلام المصري فشل في أداء وظيفته الإخبارية والسياسية، وإتجاهه للفن والترفيه أكبر دليل على ذلك، ووفقاً لتقرير اللجنة التابعة لنقابة الاعلاميين، فإن هناك قنوات مثل دريم والحياة والقاهرة والناس وأون غابت عن التغطية الإعلامية، والمشاركة الفاعلة في عملية التعديلات الدستورية، وهي قنوات معروف عنها اهتمامها المسبق بعمليات التصويت وتغطيتها الاعلامية الدائمة في مراحل الاقتراع في الأوقات السابقة، لكن هذا لم يحدث في الاستفتاء على الدستور، مما يعد دليلاً واضحاً على عدم فاعلية الإعلام في تشكيل وتوعية المشاهد المصري.
-------------------
تقرير- عبدالرحمن العربي

 






اعلان