17 - 07 - 2024

بوادر تصدع داخل قوى التغيير: المشهد السوداني.. "نهايات مفتوحة" و"عض الأصابع" مستمر

بوادر تصدع داخل قوى التغيير: المشهد السوداني..

معتصم محمود: لا يوجد نظير سوداني لـ"السيسي" ليمسك زمام الأمور.. والجماهير تعول على "المهدي"

التفاوض مع برهان وحمدتي خطأ الساسة وإغلاق السكك الحديدية أكبر أخطاء الثوار 

المجلس العسكري: "للصبر حدود" والثوار "زادوها"

هشام أبو ريده: موقف المجلس واضح في حماية رموز النظام وحكومة الشارع حل بديل

مريم البتول: تكرار الاجتماعات دون نتائج منح العسكري فرصة مغازلة "أحزاب الفكة"

هبه البشبيشي: نذر بحرب أهلية تلوح في أفق السودان

أبو بكر عابدين: التحالف يبحث عن حكومة رمادية

ما زال المشهد السوداني مشتعلا٬ تتجاذبه أطراف الثورة من جهة٬ وحلفاء إخماد الثورة من جهة أخرى٬ وحتى داخل هذه الجبهات هناك انشقاقات واسعة؟ وشباب الثوار ما زالوا على موقفهم من الاعتصام أمام القيادة العامة٬ في الوقت الذي بدأ المجلس العسكري يتململ فيه من هذا الضغط في ظل تنفيذه للمطالب والقبول بالمقترحات٬ فهل هو قبول "المضطرين"٬ أم سينفد صبر "العسكري" لتخرج أول طلقة معلنة حربا أهلية٬ كلها سيناريوهات مطروحة ومرتقبة٬ وهذا ما أجمع عليه المحللون والخبراء وشهود العيان في الموقف السوداني٬ فلا ترجيح لرأي دون الأخر. 

يرى هشام أبو ريده عضو الهيئة القيادية للجبهة الوطنية العريضة وعضو التجمع الاتحادي المعارض

أنه ليس هنالك تصدعات بالمعنى الواضح٬ وإنما هنالك تباين في الرؤى وبعض التسارع في إصدار بيانات ولقاءات تلفزيونية من فئة بسيطة داخل قوى الحرية والتغيير قد أحدثت ربكة بسيطة وتم تداركها٬ وبحسب رأيه هذا أمر طبيعي لأن التأخير في تنفيذ المطالب يفتح الباب على مصراعيه لمثل هذه الأمور وخاصة ان المجلس العسكري يحاول كسب الوقت من أجل تهدئة لهيب الثورة ولكن هيهات والثوار يعلمون جيدا بأن ما يدور في الخفاء داخل دهاليز صانعي القرار الأصليين لا تنطلي عليهم فهم دفعوا بالغالي والنفيس من أجل التغيير الحقيقي٬ ومهروا بدمائهم أرض الأرض من أجل أن ينالوا التغيير المنشود وأن يتم تسليم السلطة للمدنيين٬ وإعادة بناء هيكلة الدولة من جديد ومحاسبة رموز النظام عن كل الجرائم التي اقترفوها بحق الشعب السوداني٬ من قتل وتنكيل وسرقة المال العام وتفكيك الدولة العميقة وحل حزب المؤتمر الوطني وغيرها من الإصلاحات الإسعافية للاقتصاد ورتق ما تم هتكه في النسيج الاجتماعي ووقف الحرب وإحلال السلام في كل ربوع الوطن.

خطأ التفاوض

وأضاف: الخطأ الوحيد عندما تم قبول التفاوض مع المجلس العسكري٬ لأن المطلب واضح ولا يحتاج إلى حوارات وضياع للوقت٬ والمطلب هو أن يتم تسليم السلطة للمدنيين مع التزامنا بما جاء في اعلان الحرية والتغيير٬ وهي سلطة مدنية كاملة مع تمثيل فقط للعساكر٬ ومعلوم بالضرورة بان تمثيلهم فقط في وزارة الدفاع والداخلية٬ لأن الجيش هم مهنيين ووظيفتهم هي الزود عن الوطن وحماية الحدود٬ وليس الحكم٬ ولو كل النقابات المهنية لها نفس الفهم لكان الأطباء  أيضاً سعوا للسلطة وأن يحكموا البلاد لأنهم يقدمون خدمات علاجية للمواطنين وكذلك المهندسين والمحاميين وغيرهم من المهنيين.

كذلك فتح شهية المجلس العسكري بأن يكونوا في مجلس السيادة تعني اجهاض الثورة وإعادة النظام الشمولي الديكتاتوري من جديد٬ والثورة اندلعت من أجل التخلص من الأنظمة العسكرية الديكتاتورية الشمولية٬ فلا يعقل أن يتم إنتاجه من جديد٬ ولذا مطلبنا واحد أوحد بان يتم تسليم السلطة للمدنيين كاملة حتى تؤدى عملها بعيدا عن الالتفاف من تحقيق المطالب وهي مبدأ المحاسبة وتفكيك دولة الحزب الواحد والتي تسترت بعباءة العسكر وجثمت على صدر الشعب لثلاثة عقود.

المجلس العسكري لن يتمكن من إعادة انتاج النظام القديم لأن الثوار واعيين تماما لمثل هذه المسرحيات الهزيلة٬ وخاصة أن الثقة أصبحت شبه معدومة لدى الثوار وكل يوم المجلس العسكري يحاول أن يدثر بحسن النية من خلال الاعلام المقروء والمسموع والذي مازال جزء كبير منه في قبضة النظام من نشر اخبار القبض على البشير وإيداعه السجن وكذلك حصر الأموال التي وُجدت في منزله وكذلك القبض على أشقاءه٬ وغيرها من الأخبار التي يعتبرها الثوار ويصفونها بالساذجة٬ وهم يعلمون جيدا بان البشير وغيره يتمتعون بحياة رغدة ويديرون هذه اللعبة من خلال ستار المجلس العسكري٬ وهل يعقل بأن يكون مدير الأمن والمخابرات صلاح عبدالله (قوش) والذي كان وراء قتل تسعين من شبابنا وضرب الألوف واعتقال الألوف في أحداث الثورة الاخيرة حراً طليقا؟

الثوار ثابتون على مطالبهم وشعاراتهم التي ردودها وهي (يا نموت زيهم يا نجيب حقهم ) ( الدم قصادو الدم ومابنقبل الدية ) (وسلمية سلمية ومطلبنا حكومة مدنية ) وإذا لم تتحقق هذه الشعارات فلن ينقضي هذا الاعتصام والذي يراقبه المجتمع الدولي عن كثب واهتمام بالغ من أجل حماية الثوار والضغط على المجلس العسكري للمدنيين.

خطط بديلة

ويؤكد أبو ريده أن السيناريو المتوقع في حال عدم الاتفاق بين الطرفين أن يظل الوضع على ما هو عليه من انسداد في الأفق٬ غير التصعيد في الشارع والحراك وهو أصلا موجود منذ 6 أبريل وإلى يومنا هذا هو في تزايد٬ بالإضافة إلى ذلك هناك خطط بديلةمثل خطة العصيان المدني والإضراب السياسي كحل٬ يجب ان يفهم الجميع أنه يوجد ضغوط من المجتمع الدولي الذي يراقب عن كثب ما يدور بالسودان٬ ولديهم دور كبير جدا في الضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة إلى المدنيين٬ وأن يعطوهم فترة زمنية لتسليم السلطة٬ أما إذا طالت المماطلة اكثر من ذلك فهناك مقترح بإعلان حكومة من الشارع فهنالك الملايين في الشارع والعديد من المنظمات الميدانية المتواجدة في ساحة الاعتصام التي تستحق الشرعية. خاصة أن موقف المجلس العسكري واضح في أنه يماطل في تسليم السلطة لأنه يحمي رموز النظام السابق دون إعطاء مجال للتحول الديموقراطي المنشود.

وهناك سيناريو طرحه المجلس العسكري وهو الانتخابات المبكرة٬ وهذا يعني إعادة إنتاج النظام القديم٬ أحزاب الفكة التي كانت تقتات من موائد النظام السابق، ولكنهم لا يمكن أن يكونوا جزءاً من الحل وهم أساس المعضلة والخطايا بالسودان. النظام يعيد إنتاج نفسه بهذه الجماعة الإسلاموية التي تتربص بالسلطة وتريد أن تجد لنفسها مكان ولكن نحن لها بالمرصاد. 

إعلان الحكومة

ويقول عباس حمزة أمين أمانة الإعلام بالجبهة الوطنية العريضة - عضو تجمع المهنيين

أكثر موقف شجاع ويمثلنا جدا كثوار أحرار٬ ذلك الموقف الشجاع الذي أدلى به المناضل علي محمود حسنين عندما قال: «لا تقبلوا مفاوضة المجلس العسكري نهائيا»٬ المفروض الشعب ثار والجيش انحاز له٬ والشرعية الآن للشعب المعتصم في القيادة وليست للجيش٬ فعلى تجمع المهنيين وشركاءه إعلان الحكومة بجميع مستوياتها علي المسرح وأمام المعتصمين وبث ذلك أمام جميع القنوات المحلية والعالمية فإذا قبلوا بها فعلى الحكومة أداء القسم الجمهوري أمام الشعب وإبلاغ الجيش بذلك لحماية الثورة٬ وأيضا تكوين مجلس قضاء عاجل٬ ونائب عام من داخل الاعتصام والقبض علي المجرمين٬ عندها تبدأ الحكومة باتصالاتها لجميع دول العالم مطالبين باعترافهم بالحكومة الشرعية وسوف يستجيبون٬ خصوصا الدول الكبرى أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكندا وغيرها من الدول الديمقراطية٬ وهنا الجيش سوف يكون أمام  الأمر الواقع وسيرضخ لمطالب الثورة.

تفهم أوروبي

وقد تم عقد لقاء بمنزل الاستاذ علي محمود حسنين مع السكرتير السياسي للاتحاد الأوروبي السيد جيان كروستوف بيليارد وحضر اللقاء كل من البروفيسور عثمان الحسن والدكتور المعتصم أحمد الحاج والمهندس عبدالمنعم العوض واستمر زهاء الساعتين تم فيه تناول الأوضاع السياسية في البلاد من كل الجوانب وقد أبدى المسئول الاوربي تفهما واسعا لأهداف الثورة واستعدادا كبيرا لوقوف الاتحاد الاوربي لدعم تحقيق تلك الأهداف تحت ظل مجلس رئاسي مدني وحكومة ومجلس تشريعي مدنيين.

وأضاف: إن الثورة السودانية بدأت ملحمة تاريخية ملهمة ونجحت في خلع الرئيس  وبراثن حكمه البائد٬ وما يلفت النظر أن هؤلاء الشباب الذين قاموا بالثورة جلهم جيل حديث ولدوا في فترة حكم المخلوع ولكنهم ثوار حقيقيون وفاعلون بعزيمة وعصامية صلبة٬ قد ساعد في إعدادهم قوى التغيير ونقابة المهنيين ولاحقا عززت كيانهم الكثير من الأحزاب القوية كحزب الأمة القومي وحزب مؤتمر السودان٬ ودعم صلابتهم انحياز الجيش وقوات الدعم السريع الذي سجل تاريخا انسانيا لحماية الشعب بعد أن أمر البشير بقتل ثلثي المعتصمين الشرفاء بداخل القيادة العامة للجيش بحجة أن حزبه يؤمن بالمالكية الذي أفتى به شيخهم المرجع الديني.

شراكة باطلة

في حين ترى د. مريم البتول الكندري الناشطة الحقوقية أنه لازال الشك يساور الشعب السوداني وعموم قوى التغيير في كيفية تساوي الأمور السياسية لقيادة البلاد مع شراكة العسكر حيث هناك من يقول عدد ليس بالقليل داخل المجلس الانتقالي لازال يتعاون مع الاخوان ولذا فانهم يولون امرهم لهم وهذا يعني أن فلول العهد السابق ما زال يتحكم في الامور.

وهنالك رؤى متباينة بين قوى التغيير بحكم اطالة الزمن لتحديد نوايا المجلس العسكري الانتقالي تجاه تكوين دولة مدنية٬ ولذا فإن المحاصصة أمر في غاية الصعوبة٬ منه الصراع حول لمن يكون مجلس السيادة ومسميات الدستور وعدم رضا قوى التغيير بالاستناد لمرجعية الشريعة الإسلامية٬ ولكن هنالك اجماع مبدئي متفق عليه من حيث المبدأ٬ ولكن ما أن تتقارب وجهات النظر بين قوى التغيير والمجلس حتى تظهر كيانات أخرى مشاكسة بالتالي يعود التفاوض للمربع الاول.

لذلك فإن تكرار الاجتماعات بدون نتائج ايجابية قد منح المجلس العسكري الانتقالي الفرصة في أن يغازل احزاب الفكة وهي التي كانت في حوار فج مع النظام البائد وكثير منهم من تقلدوا مناصب مثل وزير الصحة السابق وغيره٬ لذا هناك من يسعي لاستغلال الثغرات واخشي أن تعاد الكرة لنا كما حدث لثوار بدول الجوار.

التصدعات

ويوضح معتصم محمود – الصحفي والمحلل السياسي –أسباب عدم الاتفاق بين القوى السياسية٬ ويقول: بدأ التصدع بين قوى الحرية والتغيير لاختلاف تكوينه٬ فهي مؤلفة من الحزب الشيوعي وقوى اليسار والبعثيين والحزب الناصري٬ والقوى الإسلامية والتي تمثل قاعدة كبيرة ممثلة في حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي وأحزاب الاتحاديين٬ وقاعدتهم دينية إسلامية٬ وواضح أنه مع الوقت تحدث التصدعات٬ لكن الجماهير تعول على الصادق المهدي٬ السياسي الأقدر والأبرز على مستوى القارة الإفريقية٬ ويعتقد الغالبية أنه بحكمته وحنكته السياسية ممكن أن يتجاوز أي تصدعات قد تحدث والتي بدأت بوادرها تتشكل بالفعل٬ فالصادق المهدي قدم مقترح لمجلس قيادي يمثل كل القوى الثورية المتحالفة للتفاوض مع المجلس العسكري٬ ولكن العلاقات كلها أفقية وليست رأسية من مكونات قوي الحرية والتغيير، ولكن مقدور عليها في سبيل الوصول لحكم مدني.

وأقر بأن هناك أخطاء صغيرة من قبل الثوار وقد تكبر٬ بحكم أن الثوار صغار في السن وليس لديهم تجارب٬ فلم يفهموا التكتيكات العسكرية المدعومة بعناصر إسلامية لديها خبراتها في التفاوض٬ ومن هذه الأخطاء إغلاق خط السكة الحديد الذي يمر أمام القيادة العامة ويربط شمال السودان بجنوبه٬ وهذا خطأ استراتيجي ومصرين عليه٬ الآن المجلس العسكري يلعب على هذه الثغرة ويحملهم كل الأزمات التي حدثت مثل أزمة المواد التموينية والوقود٬ ولا نعرف لماذا إغلاق خط السكة الحديد؟

لكن بالتأكيد أن الاعتصام وسيلة ضغط قوية على المجلس العسكري الذي بدأ يتململ منه وحاول أكثر من مرة فض الاعتصام لكن فشل لشراسة الثوار وللمتاريس والتحصينات الاسمنتية والدروع البشرية القوية.

حميدتي ..لا

ولا يعتقد معتصم أن ما حدث في مصر يمكن تكراره في السودان٬ لأن في مصر كان هناك شخصية عسكرية متفق عليها من القيادات العسكرية٬ وهو شخص الرئيس "السيسي"٬ هذه الشخصية لا يوجد لها نظير في السودان٬ قائد الجيش ونوابه أحيلوا إلى المعاش والتقاعد٬ فبرهان لم يكن الرجل الأول ولا الثالث في المنظوم العسكرية٬ فالقدر والتطورات وضعته في الواجهة٬ ولكن الشخصية الأبرز في الوقت الراهن هو "حميدتي"٬ وهو وضع أشبه بجمال عبدالناصر ومحمد نجيب٬ بمعنى أن "حميدتي" هو الرجل الثاني٬ ولكنه الأبرز الآن في الساحة٬ ولكنه لا يصلح أن يكون رئيس جمهورية٬ على اعتبار أنه ليس خريج كلية حربية ولا يحمل حتى شهادة الثانوي٬ ولكنه عنصر قبلي تعلم العسكرية لحماية قبيلته في دارفور ثم تم تصعيده٬ الجيش السوداني خلال الثلاثين عاما الماضية تعرض لحالة أسلمة كبيرة٬ في حين أن الجيش المصري كان ولا زال  يحتفظ بقوميته٬ ويضم كل فئات الشعب المصري بمختلف أعراقهم وانتماءاتهم وديانتهم٬ ولكن الجيش السوداني تعرض لعبث كبير من الحركات الإسلامية٬ حتى أن المظاهر الإسلامية أصبحت جلية في الجيش.

3محاور

وتوضح د. هبه البشبيشيالباحثة في الشؤون الإفريقية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية – جامعة القاهرة ٣ محاور ظهرت مؤخرا في المشهد السوداني٬ منها الوثيقة التي تقدم بها ١٨٠ حزبا يمثلون القوى الراديكالية التقليدية في السودان٬ وقوى الحرية والتغيير التي رفضت مقترح المجلس العسكري سواء بالبقاء لسنتين لإدارة شؤون البلاد أو الحكم الانتقالي٬ أو خضوع المجلس العسكري للحكم المدني الانتقالي٬ أو خضوعه مباشرة لقمة الدولة أو الرئاسة بعد الانتخابات مباشرة٬ وأيضا حكم التكنوقراط٬ وواضح أن الأمور تتشعب بشكل درام ٬ وما سيتم في الفترة المقبلة غير واضح تماما

وأرى أن في السودان الآن كل السيناريوهات مفتوحة ومتوقعة٬ في ظل اتهام مباشر من المجلس العسكري لقوى الحرية والتغيير بأنها تمثل الجناح المدني للحركات المسلحة٬ وهو اتهام في غاية الخطورة٬ وينذر بحرب أهلية٬ اتوقعها بشكل شخصي بصورة كبيرة٬ خاصة وأن هناك رفض للمقترحات التي تقدم بها المجلس العسكري رغم اظهاره مرونة كبيرة واستجابة لكافة طلبات ومقترحات قوى الحرية والتغيير ومطالب الشباب المرابطين في اعتصام مفتوح أمام القيادة العامة٬ مما ينذر بأن هناك إعداد على الأرض لتحركات مسلحة٬ قد تبديها الحركات التي تعلن رفضها للمجلس العسكري٬ 

ثلاث نقاط أود أن ألفت إليها٬ وهي: رفض المجلس العسكري للمجلس الانتقالي٬ والمدة الزمنية المقترحة بعامين وقد تمتد لأربع سنوات٬ وأرى أن مدة عامين غير كافية لتشكيل حكومة حقيقية٬ نظرا لتشعب القوى السياسية٬ وظهور طموح كبير من القوى السياسية٬ وعدم نضوح التجربة الانتقالية٬ ومحاكمة كل من ألحق الأذى بالشعب السوداني٬ وانهيار الاقتصاد٬ لابد من محاكمة عادلة قانونية واجتماعية تعادل ذلك الأذى٬ أيضا هناك عدم وضوح لرؤية قوى الحرية والتغيير وتصميمهم على نقل سيناريو الفوضى في السودان٬ وفي المقابل خطوات سريعة ودقيقة من المجلس العسكري في الرد على المقترحات والمطالب٬ مما أعطى ذريعة للمتظاهرين في استمرار الاعتصام٬ واعتقد أن السودان في ظل هذا الوضع الذي لن يستمر طويلا ستكون مهددة بتدخل بالسلاح واندلاع حرب أهلية وهو السيناريو الأسوأ.

أما ما نعتقد أنه سيتم الاتفاق عليه سيكون عبر طاولة مفاوضات يكون فيها المجلس العسكري طرفا وقوى الحرية والتغيير طرفا آخر٬ وإدخال قوى سياسية أخرى تقليدية في السودان تمثل حائط الامتصاص بين الجانبين٬ لأنه من الواضح أنه لا توجد لغة تفاهم مشتركة بين الفريقين٬ ونتمنى أن تصل المفاوضات إلى الاستقرار على حكومة تكنوقراط أو كفاءات ومجلس سيادي يتكون من الخبرات السياسية السودانية وهذه هي الرؤية الأكثر اعتدالا٬ إلا أذا تدخلت قوى خارجية إقليمية لدعم قوى الحرية والتغيير بالسلاح ويكون من يكسب المعركة هو من يقود السودان وهو السيناريو السيئ الذي لا نرجو أن لا يتحقق.    

 

حكومة رمادية

ويقول أبو بكر عابدين – صحفي بعثي-: تمر الثورة السودانية بمرحلة مخاض عنيفة صعبة تتجاذبها مشارط بأياد كثيرة وكل طرف يريد للجنين أن يكون من جنسه٬ قوى إعلان الحرية والتغيير صاحبة الحشد الجماهيري الضخم والابن الشرعي للثوار تريدها حكومة مدنية ديمقراطية قائمة على مؤسسات الحكم المدني لأربعة سنوات تخرج البلاد من وهدتها العميقة والتي تسبب فيها النظام البائد مع ضرورة تصفية مرتكزاته ودولته العميقة وتخليص الشعب من شرور. 

والمجلس العسكري الحاكم والذي جاءت به الظروف وموازنات التغيير وجله من اذيال النظام المقبور ولكنه بكل تأكيد يسير وفق إرادة من أوصله إلى سدة الحكم ووفر له الدعم اللازم بكافة أشكاله. 

والطرف الثالث والذي يمسك الآن بأوراق اللعبة هو المحور الثلاثي (مصر السعودية الامارات) تحت المظلة الأمريكية بالطبع والذي يقوم الآن برسم ملامح الحكومة السودانية القادمة بما يحقق مصالحه كاملة في المنطقة.

والمحور المعني لا يقبل بطرح قوى الحرية والتغيير المستند إلى الثوار المعتصمين بالقيادة العامة وذلك لمخالفته المبدئية لقوى المحور الثلاثي التقليدي المرتمي في أحضان المظلة الأمريكية.

والحل المتوقع والجاري الآن هو ضرب تحالف قوى الحرية والتغيير بتقسيمه أولا ثم تفتيته،  أولا بخروج القوى اليمينية التقليدية بعد استمالتها واغراءها بالدعم المالي والمشاركة الفاعلة في السلطة القادمة، وحدث ذلك بالزيارات والحج إلى أبوظبي وروائح الفساد المالي بشراء المواقف من أطراف عدة ستلعب دورا مهما في إضعاف قوى الحرية والتغيير، وسيأتي الدور الثاني من سيناريو التقسيم والتفتيت بإشاعة الفتنة والحرب الخفية بين البعثيين والشيوعيين والناصريين حتى يخلو الجو لتكوين حكومة رمادية اللون تمرر أجندة التحالف الثلاثي وترتمي كليا في أحضان ذلك المحور والذي وعد بالدعم الكامل وبذلك تكون مسرحية سرقة الثورة قد تمت.

وعلى الطرف الآخر توجد القوى المتأسلمة واحتياطي النظام البائد من الإخوان المسلمين والذي يستند على محور (قطر تركيا ايران) تحت المظلة الروسية وبالطبع حظه أصبح ضعيفا جدا ولكنه لن يستسلم بسهولة حفاظا على مصالحه.

أما الشباب والثوار الذين قدموا التضحيات الجسام ولايزالون في الاعتصام فلاشك هم سلاح قوي وسيعمل المجلس العسكري ومن يقف خلفه على خلخلة ذلك الصمود الجماهيري حتى ينهار وبالتالي تنهار أحلامه في الحرية والعدالة والديمقراطية وبناء حكومة مدنية عصرية حديثة.

وسلاح الجماهير وسلاح العصيان المدني والإضراب السياسي هو سلاح مجرب وحتما سيقضي على أعتى الدكتاتوريات.

كواليس

*قامت مجموعة من المحاميين برئاسة الأستاذ علي محمود حسنين وعضوية الأستاذ السر الحبر والأستاذ كمال الجزولي والأستاذ محمد الحافظ بتقديم عريضة بلاغ لدى النائب العام ضد الجبهة القومية الإسلامية والتي انشطرت لاحقا إلى تنظيمات متعددة. لتدبيرهم انقلابا عسكريا ضد النظام الديمقراطي نفذه العسكريين والمدنيين من أعضاء الجبهة القومية الاسلامية في 30يونيو 1989 وبموجبه تم تقويض الدستور وحل الاحزاب والنقابات والمؤسسات الدستورية. 

 *البلاغ يشمل أسماء مثل علي الحاج وغازي صلاح الدين وعبد الحي يوسف والطيب مصطفى واخرين

*اتخذت القيادة التنفيذية للحركة الشعبية لتحرير السودان قراراً صعباً بعودة عدد من كبار قادتها إلى الخرطوم الجديدة، التي رسمت ملامحها ثورة الشعب، وعلى رأسهم نائب الرئيس ياسر عرمان والأمين العام إسماعيل جلاب وقادة آخرون.

 * قال مركز أبحاث بيجن السادات الإسرائيلي، مساء السبت11مايو٬ إن كلا من السعودية والإمارات تراهنان على دور محمد حمدان دقلو "حميدتي"، نائب رئيس المجلس العسكري في السودان، في استعادة تجربة مصر.

*وفي ثاني ورقة يصدرها المركز في أقل من أسبوع حول مآلات الثورة في كل من الجزائر والسودان، أشار المركز، إلى أن كلا من نظامي الحكم في السعودية والإمارات يراهنان على توظيف الطموح السياسي القوي لحميدتي، الذي يتجاوز بكثير طموح رئيس المجلس، عبد الفتاح البرهان.

وحسب المصادر الدبلوماسية الغربية التي يقتبسها المركز، فإن الطموح السياسي لحميدتي "قوي لدرجة أنه لن يسمح بانتقال السلطة إلى القوى المدنية السودانية بشكل كامل".

*وحسب المصدر نفسه، فإن السعودية طلبت من المدير السابق لمكتب البشير، طه عثمان حسين، الذي أقيل من منصبه في عام 2017، ثم عمل مستشارا في القصر الملكي في الرياض، العودة إلى الخرطوم، للعب دور مركزي في المرحلة الانتقالية في السودان، من خلال دعم النخبة العسكرية التي تتولى زمام الأمور حاليا في الخرطوم.
--------------------
تحقيق – آمال رتيب