21 - 06 - 2024

كيف تحولت ايران من صديق إلى عدو للعرب؟

كيف تحولت ايران من صديق إلى عدو للعرب؟

محمد السعيد إدريس: العداء الأمريكي والإسرائيلي لطهران جلب بالتبعية عداء جوارها العربي!

تواصل الإدارة الأمريكية حشد قواتها وعتادها في منطقة الخليج، في مؤشر على إمكانية توجيه ضربة عسكرية سريعة في العمق الإيراني، في وقت تشي التصريحات الخليجية الرسمية عن ترحيبها بهذه الضربة في حال نفذتها الإدارة الأمريكية.

ويقول الدكتور محمد السعيد إدريس، رئيس وحدة دراسات الخليج وإيران، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،أن التحول العربي تجاه ايران حدث مع الثورة الايرانية إذ أن نظام الشاه كان حليفاً للولايات المتحدة الأمريكية في سنوات الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي، وكانت تركيا وايران بمثابة "حائظ صد"، وكان التركيز الأمريكي على القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في ايران التي تقع جنوب الاتحاد السوفيتي، وفي تركيا التي تقع في الغرب السوفيتي، والهدف كان محاصرة الاتحاد االسوفيتي.

ويضيف أن ايران كانت حليفة لإسرائيل، وللدول العربية الخليجية المعروفة هى الأخري بالتحالف مع أمريكا، كما ان ايران كانت أيضاً حليفة لبريطانيا والتي بدورها كانت تحكم الخليج قبل 1971 وهي من رتبت أوضاع الحكم في دول الخليج، من خلال عائلات موالية قريبة الصلة بالسياسة البريطانية، لكن بعد عام 1971 انسحبت بريطانيا من الخليج وحلتمحلها امريكا، لتصبح الدول الحليفة لبريطانيا، حليفة في ذات الوقت لأمريكا، بما فيها ايران.

ويتابع إدريس أنه بانسحاب بريطانيا، قررت أمريكا ملءالفراغ الذي سببه البريطانيون وكانت أمريكا وقتها محكومة بمبدأ نيكسون القائم على عدم ارسال قوات عسكرية أمريكية الى أي منطقة في العالم، والاكتفاء بدولة صديقة حليفة، يمكن تحويلها إلى قوة اقليمية قادرة على الدفاع عن المصالح الأمريكية، وتم اختيار ايران لتكون القوة المدافعة عن المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط  وخاصة في دول الخليج.

 ولكن الإدارة الأمريكية اكتشفت أن ايران لا تستطيع وحدها لعب هذا الدور، لذلك تم دمج السعودية، فأصبح هناك تحالف أمريكي إيراني سعودي للدفاع عن المصالح الأمريكية في الخليج وقتها، وكانت ايران مصدر قوة ودعم للأمن الأمريكي والسعودي، وهو ما يؤكد على أن قضية العلاقة مع ايران قضية سياسية وليست دينية أو طائفية بأي حال من الاحوال، فعندما تكون ايران جزء من السياسة الأمريكية فهي حليفة، وعندما تخرج عن الولاء لأمريكا تصبح عدوة.

ويضيف أن المؤشر الحقيقي لتصنيف ايران، كونها صديقا أو عدوا، هو موقفها من السياسة الأمريكية ومن المصالح الامريكية .. ففي عام 1979 اسقط الشعب الايراني الشاه ونظامه، وأحدث تحولاً في علاقات ايران الخارجية في ظل حكم الجمهورية الاسلامية، إذ لم تعد ايران حليفة لأمريكا، وبالتالي لم تعد ايران حليفة للسعودية، وبدأت الدول العربية تتعامل مع ايران كعدو، خصوصاً بعدما فرضت امريكا مقاطعة كاملة لايران، وتم دفع العراق لاسقاط النظام الجديد في ايران، بحجة اسقاط الجمهورية الاسلامية بدعم أمريكي سعودي، وفي نفس الوقت التخلص من العراق، ليسقط الإثنان مرة واحدة، وبذلك تكون ضربة للتخلص من العدوين الأساسيين المنافسين للسعودية في ضربة واحدة.

بداية الأزمة 

ويتابع إدريس أنه مع غزو نظام صدام حسين للكويت، بدأ النظام الأمريكي بتصفية العراق حتى عام 2003 وانتهى العراق كقوة عربية قادرة على اسرائيل، والتصدي للسياسة الأمريكية، ولم تبق سوى ايران الدولة الوحيدة العصية على المشروع الأمريكي، ومن هنا 

بدأ التفكير في ضرب ايران بداية بإثارة الخوف من النووي وانه مضر بالبيئة، وكان عام 2008 عام التحول الحقيقي للسياسة الأمريكية على لسان الرئيس الأسبق جورج بوش الأين، إذ أعطى تعليمات مباشرة لدول الخليج بالتعامل مع ايران كعدو والتعامل مع اسرائيل كصديق.

 وهنا كانت بداية التحول الرئيسي في الموقف الخليجي مع ايران، والسبب معاداة ايران للسياسة الأمريكية والاسرائيلية، وتم وصف قوى المقاومة العربية بالارهاب، وأصبحت ايران داعمة للارهاب بالمفهوم الامريكي الاسرائيلي، وأعتبر كل من يقاوم اسرائيل ارهابياً،  فايران لا تدعم "القاعدة" ولا تدعم "داعش" انما تدعم حركة حماس، وتدعم حزب الله وهؤلاء هم المتصدين لاسرائيل، واصبحت ايران بذلك داعمة للارهاب.

وبحسب ادريس فإن لدى ايران مشروعها في التوسع الخارجي، وأصبح لها نفوذ قوي في العراق، بعد رحيل القوات الأمريكية، إذ اتيحت الفرصة لايران في غيبة عربية بعد سقوط نظام صدام حسين، خصوصاً بعدما جلبوا أعداء صدام حسين إلى السلطة وهم زعماء الشيعة الموالين لايران، واصبحت السلطة العراقية الجديدة، سلطة موالية لايران في حين أن الدول العربية التي دعمت الغزو الأمريكي للعراق، أصبحت خارج اللعبة تماما في العراق، ودانت كل مقاليد الأمور داخل العراق، لايران او لرجالها داخل العراق.

ويضيف أن النفوذ الايراني القوي ليس في العراق فقط بل يوجد أيضا في لبنان عن طريق حزب الله، ناهيك عن الدور الايراني في الازمة السورية، بعدما تدخلت دول عربية لإسقاط نظام الحكم في سوريا،وهو ما أعطى لايران، فرصة قوية للدخول إلى سوريا لتدعيم الجيش السوري، ومساندة نظام بشار الاسد، لتصبح ايران قوة اساسية داخل سوريا .

نفس الدور الإيراني يلحظ بوضوح في الأزمة اليمنية، بعدما ازداد التدخل السعودي الاماراتي في اليمن، وهو ما اعطى الفرصة لايران أيضا في أن تدخل لتناصر الطرف المناويء لهما، من خلال جماعة انصار الله الملقبة بـ"الحوثيين" وهذا الأسم غير صحيح، وهى طائفة زيدية وليست شيعية تقف وسطا بين السنة والشيعة، واصبحت ايران ايضا تدعم الحوثيين داخل اليمن.

ويؤكد ادريس أن السعودية لم تلعب في تاريخها دوراً خارجياً، لذلك بدأت تصطدم بايران في كل من سوريا واليمن والعراق عندما اصبح لها مشروعها الخارجي، ومن هنا بدأ الصدام السعودي الايراني، واستخدام أسلحة الطائفية والدعائية والمواجهات العسكرية وكل أنواع الاسلحة .
------------------

تقرير- أحمد صلاح سلمان
من المشهد الأسبوعي - اليوم مع الباعة







اعلان