19 - 10 - 2024

ملف"المصانع المتعثرة": عددها 8000 بها 2 مليون عامل وتتسبب في ضياع 800 مليون دولار

ملف

تبحث عن " نظرة حكومية" للخروج من دوامة الافلاس وتسريح العمال
- العمال يلجأون لمنصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن احتجاجاتهم ضد الإدارات
- صناعيون: تفاقم أزمة قطاع الصناعة إلى تحرير سعر الصرف وارتفاع تكاليف الإنتاج
- عبدالمطلب: الحكومة وضعت تسهيلات لإعادة تشغيل المصانع المتعثرة
حمدي عرفه: ملف المصانع المتعثرة أفقد الدولة ما لا يقل 880 مليار دولار 
- طلعت الشاعر: 50% من العمالة الصناعية جرى تسريحها بعد توقف المصانع عن الانتاج
- خالد الشافعي: ارتفاع تكاليف الانتاج والأعباء الضريبية أبرز أسباب التعثر

لا يزال ملف "المصانع المتعثرة" من الملفات المهملة من قبل الحكومة، على الرغم من دعوات ومطالبات من قبل المصنعين والعمال بإعطاء اهتمام أكبر لأهم قطاع من القطاعات الاقتصادية في سبيل تحقيق تنمية حقيقية.

وبحسب الاحصاءات الحكومية، هناك نحو 4000 مصنع متعثر منذ أكثر من 8 سنوات عقب ثورة يناير حتى الآن، وإن كانت هناك تقديرات أعلى تصل بالمصانع المتعثرة لأكثر من 8000 مصنع عام وخاص، وسط مطالبات متجددة من قبل الصناعيين والعمال بـ" نظرة حكومية" لقطاع الصناعة.

الاحصاءات لا تكذب

وفقا للدراسات، تصاعدت مشاكل القطاع الصناعي مع تحرير سعر الصرف الذي رفع تكاليف المواد الخام لأكثر من ثلاثة أضعاف، الأمر الذي زاد من عبء المصانع الوطنية خصوصاً أسعار الطاقة، إذ ارتفع سعر المليون وحدة حرارية من 3 دولارات إلى 7 دولارات. وحسب آخر تقرير لاتحاد العمال، يقدر عدد المصانع المتعثرة نحو 8222 مصنعاً في حين تقدر دراسة اتحاد المستثمرين إلي وجود 1500 مصنع متعثر حتى عام 2013 تشكل 40% منها في قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة.

 ويقدر اتحاد الصناعات عدد المصانع المتعثرة في كل المحافظات بحوالي 7 آلاف مصنع يعمل بها قرابة مليوني عامل جرى تسريحهم، وكان إنتاج هذه المصانع يصدر لدول مختلفة ويساهم في توفير العملة الصعبة، وتوقفت بذلك استثمارات بنحو 35 مليار جنيه عن العمل.

وتذكر الدراسات، أن إغلاق تلك المصانع جاء بسبب تفاقم الديون عليها وتعثرها المادي، ورفض البنوك تمويلها لسد العجز، وأعلن العديد من أصحاب المصانع المتعثرة عن إفلاس مصانعهم، بسبب تفاقم الديون عليها، في الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة عزمها على جذب الاستثمارات، وتعديل قانون الاستثمار لجذب استثمارات عربية وأجنبية واستثمارات داخلية.

وبحسب تقرير مؤشر الديمقراطية أن عام 2018 شهد مئات الاحتجاجات العماليّة شملت 440 مؤسسة، واستخدم فيها العمال 28 وسيلة احتجاجية، وجرى فصل 1300 عامل، وأقيمت 15 ألف قضية عمالية أمام المحاكم.

ويعاني عمال القطاع الخاص الكثير من المشكلات، منها التهديد بالفصل التعسفي حال المطالبة بأي حقوق مشروعة لهم، إذ كثيراً لا يوقع معظم العاملين في القطاع الصناعي الخاص عقود عمل قانونية بحسب القانون، بل يوقعون على استقالة تشتهر في مصر باسم "استمارة 6"، وتكون جاهزة للتفعيل في أي وقت يرغب صاحب العمل في إقالة أي عامل من دون إبداء أسباب، وهو ما أدى إلى إدراج منظمة العمل الدولية مصر في القائمة السوداء للدول المنتهكة لحقوق العمال.

ويلجأ العمال في المصانع العامة والخاصة إلى منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن معاناتهم، وبحسب منصات الكترونية، يقول عدد من العمال أن هناك تعمداً من إدارات شركات القطاع العام للخسارة والتخريب لتسريح العمال، وتصفية الشركات لبيعها لمستثمرين أجانب. ومن المصانع الحكومية المتعثرة ، مصنع طنطا للكتان، ومصنع مصر للألبان، والشركة الأهلية للحديد والصلب في أبو زعبل، والمصرية للنشا والخميرة، وعمر أفندي، والمصرية لصناعة السيارات. ومن المصانع المغلقة “مصر- لبنان” للملابس الجاهزة، بسبب تعثر صاحبه في التمويل، ومصنع آخر لصناعة الباركيه “مصنع باركو” ومصنع “أنكل أميركان” لصناعة المواد الغذائية.

أسباب التعثر

الخبير الاقتصادي، الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، يقول أن الحكومة في الفترة الأخيرة وضعت مجموعة من التسهيلات من أجل إعادة تشغيل المصانع المتعثرة، وأصبحت قضية الترخيص تابعة للهيئة العامة للتنمية الصناعية، بعدما كانت تابعة للمحليات المليئة بالفساد والذي كان يعوق عملية إنشاء المصانع، كما أصبح الحصول على رخصة للمصنع الذي لا يعمل في مواد خطرة لا تزيد عن 7 أيام عمل، وبخصوص المصانع التي تحتاج لموافقة البيئة فالترخيص يأخذ بحد أقصى 30 يوما. 

ويضيف أن هناك على الجانب الآخر إرتفاع في عمليات التشغيل، خصوصاً أسعار الكهرباء والغاز والمياه، وهى أمور تستحق النقد واللوم، لكن في المقابل يتعين على المصانع أن تتعامل مع الواقع، وأن تزيد من إنتاجها لأنه كلما زاد إنتاج المصانع كلما قلت نسبة التكلفة.

ويرجع عبدالمطلب تعثر أو فشل بعض المصانع إلى سوء التخطيط والإدارة وإنتاج المنتج الملائم للسوق المصري، فضلاً على عدم وجود مصانع متكاملة بها خط إنتاج لإعادة استخدام مخلفات المصانع مرة أخرى وتدويرها، الأمر الذي يزيد من أعباء المصنع وتصبح تكلفة الإنتاج مرتفعة، لعدم إستغلاله الأمثل لموارده. 

ويقدر الدكتور حمدي عرفه خبير الإدارة العامة والمحلية، إجمالي عدد المصانع التى أغلقت بعد ثورة 25 يناير حتى الآن بنحو 8223 مصنعاً، إلى جانب المصانع الصغيرة التي لا يوجد لها حصر، والتي يصل عددها إلى عشرات الآلاف، بسبب السياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة.

ويضيف أن ملف المصانع المتعثرة أفقد الدولة ما لا يقل 880 مليار دولار، لأن أصحاب تلك المصانع المغلقة بينهم العديد من المستثمرين الأجانب، الذين نقلوا استثماراتهم خارج البلاد، والحل يكمن في تأسيس إدارة مركزية داخل مجلس الوزراء، بالتعاون مع وزارات المجموعة الاقتصادية، لبحث أزمات ومشاكل المصانع المغلقة، وإعادة فتحها مرة أخرى من خلال تذليل العقبات أمام المستثمرين، وإعادة النظر في التشريعات والقوانين المعطلة للاستثمار، ذلك أنه حسب الإحصائيات الرسمية الصادرة من الحكومة هناك 12707 قانون ولائحة وقرار من التشريعات المتضاربة والمتخبطة، فضلاً عن السياسات الاقتصادية المرتبكة.

تسريح العمالة

وبحسب طلعت الشاعر، عضو اتحاد الصناعات، ورئيس جمعية مصنعي الألمنيوم بمدينة ميت غمر، هناك العديد من العاملين في القطاع الصناعي جرى تسريحهم وبلغت نسبتهم أكثر من 50% من إجمالي عدد العمالة، نتيجة لحالة الركود التي تواجه الصناعة، كما أن العمالة المتبقية تم تقليل أيام العمل بالنسبة لها، في محاولة للبقاء على قيد الحياة.

ويضيف أن ارتفاع أسعار المنتجات، وتراجع القوي الشرائية، وظهور المنتجات المستوردة الأقل سعرا، ساعد على زيادة معاناة الصناعة المحلية في المبيعات والاستهلاك، الأمر الذي أثر بالسلب على المصنعين والعمالة.

ومن جهته يرى خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أن ملف المصانع المتعثرة، مايزال الأكثر جدلاً، ويحتاج إلى تدخل عاجل وسريع، باعتباره قوة مهملة، لو تم استغلالها تحقق العديد من المكاسب، وتساهم في زيادة الإيرادات الحكومية.

 ويضيف أن الإحصائيات في ملف المصانع المتعثرة غائبة بشكل كبير، وهناك صعوبة في تقدير عددها لأننا بحاجة إلى إحصاء دقيق بالتعاون بين اتحاد الصناعات ووزارة التجارة والصناعة وغيرها من الجهات المحلية المختلفة، لأن التشخيص السليم عادة ما يتبعه علاج صحيح.

ويرى الخبير الاقتصادي،أن هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء إغلاق العديد من المصانع، منها عدم القدرة علي مواصلة العمل نتيجة لغياب الآلات الحديثة، أو ارتفاع تكلفة الإنتاج، وزيادة الأعباء الضريبية، وكذلك تراكم الديون مع قلة الإنتاج، ووجود حالة من الركود بعد ارتفاع أسعار المنتجات والسلع.