27 - 09 - 2024

بعد " 3 أعوام سمان".. مخاوف من دخول البورصة "سنوات عجاف"

بعد

فقدان المحفزات، وتأخر برنامج الطرح الحكومي، وارتفاع الرسوم والضرائب أبرز السلبيات
د.سعيد الفقي: ارتفاع الفائدة في الأسواق المنافسة شجعت "الأموال الساخنة" على الخروج من مصر
معتصم الشهيدي: الجاذبية في البورصة تتراجع لصالح المنافسين.. وهذه هى الأسباب
كريم عادل: الودائع المصرفية أكثر ربحية من الاستثمار في الأسهم حالياً وهذا سبب التراجع البورصة
نور الشرقاوي: جدول زمني محدد للطروحات الحكومية الجديدة، أبرز علاج للأزمة  

بعد ثلاثة أعوام من الانتعاش والازدهار شهدتها البورصة المصرية، كانت خلالها الأفضل أداءً بين بورصات المنطقة، عقب قرار تعويم العملة المحلية أمام الدولار، عادت سوق المال المصرية إلى تراجعها المثير للقلق، وهبطت من أعلى قمتها التاريخية إلى منحدر يخشى معه الاقتصاديون أن تدخل "سنوات عجاف" تؤدي إلى هروب المزيد من المستثمرين الأجانب، وإلى خروج المزيد من الشركات المقيدة التي انحفض عددها الآن إلى 220 شركة من 1100-1200 شركة عام 2008.

وسرد خبراء في سوق المال واقتصاديون تحدثوا لـ" المشهد"، عدداً من الأسباب وراء تدهور حالة البورصة، منها غياب المحفزات والجاذبية التي انتقلت إلى بورصات منافسة في المنطقة، فضلاً عن ارتفاع تكاليف التداولات وزيادة الرسوم المفروضة على الشركات المقيدة، إلى جانب تراجع الحكومة عن برنامجها لطرح المزيد من الشركات الجديدة للإكتتاب العام والإدراج في البورصة.

ويشير الخبراء إلى تأثيرات سعر الصرف على أداء البورصة إلى جانب توقع تأثيرات جديدة لقرار رفع المزيد من الدعم عن أسعار الطاقة، خصوصاً على الشركات المقيدة في البورصة التي تستخدم الطاقة بكثافة مثل شركات الحديد والصلب وشركات الألومنيوم.

ودعا الخبراء السلطات الحكومية إلى اعطاء اهتمام للبورصة، والوقوف على مسببات تراجع أدائها باعتبارها مرآة للاقتصاد الوطني، فضلاً عن أهمية رفع القيود والتكاليف والرسوم عن الشركات المتداولة وعن تداولات الأفراد المستثمرين.

من القمم إلى السفوح

في البداية يقول الدكتور سعيد الفقي الخبير الإقتصادى، إن مؤشرات البورصة المصرية وصلت إلى قممها التاريخية فى مايو 2018  عندما وصل المؤشر إلى 18400 نقطة، وكان ذلك نتيجة مباشرة لقرار تحرير سعر الصرف، الذى اجتذب سيولة ضخمة من قبل المستثمرين الأجانب فى ذلك التوقيت نتيجة لزيادة القوة الشرائية للدولار، وانتهاز فرصة انخفاض أسعار الأسهم المصرية، وهذا أحد الأسباب الرئيسية الذى ساهم فى وصول مؤشر البورصة المصرية لهذه المستويات التاريخية.

 والملاحظ أن الارتفاع الذي حدث انصب على الأسهم القيادية التى تمثل النسب الأعلى للمؤشر، وكانت محل إهتمام المؤسسات الأجنبية، مثل البنك التجارى الدولي، والمجموعة المالية" هيرميس"، في حين لم يشمل الصعود غالبية الأسهم المدرجة.

ويضيف:" كان طبيعياً أن تدخل البورصة عملية تصحيح وجني أرباح منطقية، بعد صعودها القوي، وبدأ التراجع بنهاية شهر مايو من العام الماضي، بيد أن هذا التصحيح ظهر عميقاً بداية العام الحالى، خصوصاً للأسهم التى لم تتفاعل مع صعود المؤشر، لأنها لم تكن محل إهتمام المؤسسات الأجنبية".

ويرجع السبب وراء التدهور الحالى للبورصة المصرية والذي بدأ مع بداية العام الحالى، إلى عدم وجود محفزات جديدة، إذ كان من المفترض دخول السوق آليات جديدة، لكن ذلك لم يحدث، إلى جانب عدم التسويق الجيد للبورصة داخلياً وخارجياً، فضلاً عن عدم تنفيذ برنامج الحكومة بطرح حصص من الشركات والبنوك العامة للإكتتاب العام والإدراج في البورصة، خاصةً وأن الطروحات السابقة لم تأت بمستثمر جديد، لذلك الأمل في أن تجتذب الإطروحات الحكومية المقبلة، شرائح جديدة من المستثمرين، مثلما حدث قبل 13 عاماً مع المصرية للإتصالات، حيث تم تكويد مايقرب مليون مستثمر جديد.

ويتابع الفقي أنه إلى جانب الأسباب المحلية الداخلية التي أثرت على أداء البورصة، هناك تأثير خارجي، يكمن في التقلبات السياسية العالمية، خصوصاً الحرب الإقتصادية بين أمريكا والصين، والمناوشات بين أمريكا وايران، والأحداث غير المستقرة بشكل عام فى مصر والمنطقة.

الأموال الساخنة

وقاد تراجع أداء البورصة المصرية إلى انخفاض عدد الشركات المقيدة من 1200 شركة عام 2008 إلى نحو 250 شركة حالياً، وذلك نتيجة عدم الإهتمام بالمنظومة، وعدم تقديم محفزات لقيد الشركات الجديدة، بحسب ما قال الفقي الذي يرجع هروب استثمارات الأجانب أو ما يطلق عليه"الأموال الساخنة" إلى إرتفاع الفائدة المصرفية فى الكثير من الدول ووصلت الى مستويات قياسية بلغت 60% كما في الأرجنتين، وإلى مستويات مغرية في تركيا أيضاً.

ويضيف:" الأموال الساخنة عادة ما تنتهز وقتا معينا وفرصة فى دولةً ما، وتعمل على اقتناصها، ويعد سعر الفائدة المرتفع أحد المغريات، وكان ذلك مغرياً فعلاً فى مصر عقب تحرير سعر الصرف، الأمر الذي دخلت معه الكثير من "الأموال الساخنة"، لكن بدأت هذه الأموال تبحث عن فرصة أفضل فى دولة أخرى".

ويقترح الفقي عدداً من الحلول لإنهاض البورصة المصرية من جديد، منها ضرورة وجود اهتمام رئاسي بالمنظومة بشكل عام، من خلال اعادة البنية التشريعية والبنية الأساسية للبورصة المصرية، ووجود محفزات لجذب شرائج جديدة من المستثمرين، من خلال خفض تكلفة التداول، إذ تعتبر البورصة المصرية من أغلي البورصات تكلفة بسبب كثرة الضرائب والرسوم مثل ضريبة الدمغة أو المصروفات والحفظ المركزى، الأمر الذي يتعين معه الغاء هذه الضرائب لفترات زمنية مؤقتة على الأقل، بهدف جذب المستثمرين ورفع أحجام التداول.

ويتابع أن من بين المقترحات أيضاً إدخال آليات جديدة خصوصاً وأننا بحاجة للتوسع والوصول الى البورصات العالمية، إلى جانب تنفيذ برنامج المقترحات الحكومية بشكل احترافي وسريع، ذلك أن البورصة بحاجة الى شركات جديدة مثل بنك القاهرة وشركة انبي، وأن يشرف على برنامج الطروحات الجديدة، فريق من المتخصصين.

انسحاب من الأسواق الناشئة

ويتفق الدكتور معتصم الشهيدي الخبير الإقتصادى ونائب رئيس مجلس إدارة شركة هوريزون لتداول الأوراق المالية مع الكثير مما ذهب اليه الفقي، ويرجع أسباب تراجع البورصة إلى إنسحاب الأجانب من سوق الأسهم في الأسواق الناشئة عامة ومن بينها مصر.

ويضيف أن هناك بعض الأسواق فى المنطقة نجحت في اجتذاب الأجانب للدخول فيها، وسحب السيولة من السوق المصري، كما حدث في السوق السعودى، وساعد على ذلك أنه كانت هناك توقعات بأن يقوم البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة أكثر من الذى حدث فعلياً فى شهر يونيو من العام الماضي، غير أنه حافظ على بقاء المستويات مرتفعة، الأمر الذي أفقد سوق المال المصري  تنافسيته مقارنةً بالودائع الموجودة داخل البنوك، كما أن أسعار الفائدة المرتفعة، أثرت على أعمال بعض الشركات التى تعاني من ارتفاع قروضها.

ويتابع المشهدي أن بعض الشركات المدرجة في البورصة تأثرت بشكل كبير بعملية الإصلاح الموجودة فى قطاع الطاقة، إذ ارتفعت التكاليف لديها بمبالغ كبيرة كما في حالة شركة مصر للألمونيوم، كما أن التأخر فى عمليات الإصلاح لبعض الشركات المقيدة خصوصاً شركات قطاع الأعمال، تسبب فى نزول القطاع بالكامل مثل شركة الحديد والصلب.

ساهم في تراجع أداء البورصة، أنه كان لدى مصر خطة طموحة تتمثل في طرح 23 شركة فى قطاعات مختلفة، بيد أنه لم يتم طرح سوى الشرقية للدخان فقط، رغم أن الوقت الأمثل لطرح هذه الشركات كان بنهاية 2017 وبداية 2018 ذروة نشاط السوق، وكان هناك تفاؤل بالإستثمار، وحالة الأسواق الناشئة جيدة للغاية، غير أننا تأخرنا كثيراً، ولم نطرح طيلة عام 2018 بأكمله سوى شركة واحدة هى الشرقية للدخان، وهو ما يعني أن "البضاعة" الموجودة داخل السوق قليلة للغاية، ولم نعمل على جذب مستثمرين جدد، خاصة وأن أهداف برنامج الطروحات ليس البيع فقط، بل جذب المستثمرين.

ويتفق المشهدي مع الفقي في عدم وجود حوافز للقيد فى البورصة، إضافة الى ارتفاع مصاريف القيد فى البورصة، بعدما جرى رفع الإعفاءات الضريبية التي كانت تحفز الشركات المقيدة، إذ جرى فرض ضريبة على التعاملات، إلى جانب ضريبة أرباح رأسمالية أو دمغة، وأخرى على على التوزيعات.

تأثيرات التعويم

ويتعرض الدكتور كريم عادل الخبير الإقتصادى لأثر تحرير سعر الصرف على أداء البورصة المصرية، ويقول أن البورصة شهدت انتعاشاً، بعد قرار تحرير العملة  المحلية، وصعدت مؤشراتها إلى مستويات لم تشهدها منذ العام 2008 ، وتفوقت مشتريات المستثمرين الأجانب من الأسهم على مبيعاتهم، بسبب توافر الدولار لديهم، متوقعين نشاطا أكثر وانتعاشة قوية، وهو ما حدث بالفعل ولفترات طويلة.

لذلك أرى أن ما تشهده البورصة في الوقت الحالي من خسائر أو خروج بعض الشركات، بعيد تماماً عن تعويم الجنيه المصري، وبرنامج الاصلاح الإقتصادي، فما يحدث يعود إلى تراجع اقبال المستثمرين على الاستثمار في الأسهم، مفضلين الإستثمار في الودائع المصرفية للحصول على عوائد وأرباح أعلى وأقل مخاطرة، مقارنة بالإستثمار في أسواق المال، وهو ما يجعل الطلب على الإستثمار في البورصة أقل.

والسبب الثاني يكمن في الأداء الجيد لبعض بورصات المنطقة، إذ تتراجع الأعباء المالية التي يتكبدها المستثمرون في هذه البورصات مقارنة بما يتحمله المستثمرون في سوق المال المصرية، بسبب مجموعة الرسوم والضرائب. 

ولذلك نلحظ إحجام المستثمرين العرب، وبخاصة من السعودية والكويت والإمارات، عن ضخ استثمارات في بورصة مصر، إلى جانب عدم دخول مستثمرين أجانب جدد، وضعف السيولة، علاوة على عدم اتّضاح الرؤية بالنسبة إلى التشريعات والقوانين وآليات السوق، وكلها عوامل ترهق العاملين والمتعاملين في البورصة المصرية.

ويؤكد عادل أن البورصة المصرية استفادت من برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة المصرية طبقا لاتفاقها مع صندوق النقد الدولي وشروط الصندوق جاءت متوافقة وناعمة لبرنامج السلطات للإصلاح الإقتصادي الشامل، من أجل إستعادة الإستقرار الإقتصادي الكلي، وإعادة مصر إلى مسار النمو القوي والقابل للإستمرار، كما يهدف البرنامج إلى تحسين عمل أسواق النقد الأجنبي، وتخفيض عجز الموازنة العامة، وزيادة النمو لخلق  فرص العمل، وخاصة للنساء والشباب، إلى جانب توفير الحماية للفئات الأقل دخلاً في المجتمع والمتضررة من برنامج الاصلاح.

لا تخارج من البورصة 

وترى الدكتورة نور الشرقاوي، أن أسباب تراجع البورصة المصرية فى الفترة الأخيرة، تعود إلى ضعف أحجام التداولات نتيجة حالة التردد لدى المتعاملين، مع إرتفاع تكلفة التداول لفرض ضرائب التمغة، والمشاكل الخاصة ببعض الشركات، مثل مشكلة شركة جلوبال تليكوم مع مصلحة الضرائب وكان بها الكثير من التضارب، مماجعل المتعاملين في حالة حيرة.

ويزيد من حالة التراجع في الأدا، غياب أية محفزات إيجابية جديدة تعمل علي تنشيط السوق، وعدم دخول سيولة جديدة تدفع المؤشرات للصعود بقوة

ثمة أسباب اخرى لا يمكن تجاهلها، تتمثل في الحروب التجارية العالمية كتلك التي بين أمريكا والصين، والتي تلقي بظلالها علي أسواق المال لفترة.

وتختلف الشرقاوي مع الآراء السابقة بشأن خروج شركات من البورصة، إذ أنها لا ترى ذلك مؤثرا، وإنما فقط ضعف في الأداء العام يؤثر علي الشركات التي تفكر في إدراجها داخل البورصة، كما يؤثر على المتداولين، وعلى أسعار الأسهم.

وتطالب بسرعة تطبيق برنامج الطروحات الحكومية بشرط وضع جدول زمني مناسب ومحدد ونهائي للشركات التي يتقرر طرحها، إذ أعلن مؤخرا انه سيكون هنا طرح المزيد من الشرائح في شكل زيادة حصص، وبدأ الترويج الفعلي لشركة الاسكندرية لتداول الحاويات، ويفترض أيضا شركة أبو قير للأسمدة وسيدي كرير، كما أعلن بالنسبة للطروحات الجديدة عن حصص في كل من بنك القاهرة والمصرف المتحد، وشركة ايمبي دمياط.

وتضيف الشرقاوي:" تخارج المستثمرين من البورصة يعد مشكلة كبيرة، ويعود السبب إلى أن محافظ هؤلاء المستثمرين تكبدت خسائر فادحة، وأصبحت تكلفة التداول عالية بالنسبة لهم، كما قد يكون السبب في التخارج، الانتظار إلى حين تحسن أداء السوق ومن ثم معاودة الدخول مرة أخرى، وفي كلتا الحالتين يعتبر الأمر سلبياً ويؤثر علي أداء السوق ومستويات السيولة".

ومن هذا المنطلق يتعين الإهتمام بالمستثمر الفرد في البورصة المصرية وحمايته وتأهيله علمياً من خلال تدريبه على التداول وتمكينه من إدارة محافظه الاستثمارية بشكل مناسب، وتحسين أداء السوق لخدمة هؤلاء الأفراد والتسويق الداخلي والخارجي لجذب المزيد من المستثمرين

ولا تسمي الشرقاوي خروج "الأموال الساخنة" بالهروب بل تعتبره كما تقول عملية تحويل، إذ يقوم المستثمرون الأجانب بتحويل أموالهم إلى الأوعية الأكثر ربحية في أي دولة، وهو ما يعني إمكانية العودة مرة أخرى للسوق المصرية، حيث أن الأموال الساخنة تخرج وتدخل الي الأسواق بسهولة لتقتنص الفرص الاستثمارية الأسرع.

--------------

سر تراجع الدولار أمام الجنيه

يرجع خبراء اقتصاديون تراجع ارتفاع سعر صرف الجنيه أمام الدولار في الفترة الأخيرة، إلى عدة عوامل أبرزها تراجع حجم الاستيراد من الخارج والذي كان يكلف الدولة مليارات من العملة الصعبة. وحسب الدكتور سعيد الفقي،  فإن تراجع سعر الدولار يعود إلى أن الإستيراد أصبح شبه منعدم، وهو ما يعني توفير سيولة دولارية، فضلاً  عن أننا بدأنا بالفعل في تصنيع الأشياء البديلة للسلع التى كنا نستوردها، وكانت تكلفنا الكثير من العملة الصعبة.

ويضيف أن الإقتصاد المصري ينتهج سياسات نقدية توسعية مستقلة، بعيدة عن أية ضغوط أو قيود من أطراف أخرى، ففي الفترات السابقة، كنا نعمل على تثبيت سعر الفائدة وسارت الدولة كلها على هذا النهج، مما يدل على أننا نعمل وفق نهج مستقل بدون أي ضغوطات.

ويقول الخبير الاقتصادي كريم عادل أن تراجع سعر الدولار أمام الجنيه يعود إلى النتائج الايجابية لقرار تحرير سعر الصرف، ويضيف:" في الفترة الأخيرة منذ بداية عام 2019 بدأ الجنيه المصري في إستعادة قوته مرتفعاً أمام الدولار الأمريكي وسلة العملات الأجنبية الأخرى، ويعد ذلك مؤشراً على نجاح قرار تعويم الجنيه المصري السابق اتخاذه في نوفمبر 2016 ، خاصة بعد زيادة حجم الاستثمارات من بعد قرار التعويم وحتى الآن، وهو دلالة على إستعادة الثقة لدى المستثمر الأجنبي، بعدما إنعدمت السوق الموازية.

ويتابع أن قرار التعويم ساهم في ضبط السوق التي كانت تشهد قبل القرار تزايداً في حجم التعاملات خارج نطاق البنوك وداخل السوق الموازية ( الصرافات وتجار العملة )، وكان هناك أكثر من قيمة للجنيه المصري، قيمة داخل البنك واخرى داخل السوق الموازية، الأمر الذي ساهم في زعزعة ثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد المصري، فهو يستثمر ولا يعلم بأي قيمة سيودع استثماراته، وأي قيمة سيحصل عليها، في حال رغب في سحب استثماراته وتصفية مشروعه.

-------------------

الغاء جديد للدعم يشعل أسعار السلع 

يتوقع اقتصاديون أن تؤدي قرارات الغاءات جديدة لدعم مشتقات الطاقة من الكهرباء والبنزين خلال الأيام القليلة المقبلة، إلى ارتفاعات جديدة في أسعار السلع، وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم.

ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور سعيد الفقي إن هناك مقدمات لإرتفاع الأسعار خلال الفترة القادمة، ضمن الإلتزام بتنفيذ برنامج الإصلاح الإقتصادى، من خلال رفع الدعم عن المحروقات بشكل عام، وتعد هذه الإرتفاعات الخطوة الأخيرة والنهائية فى رفع الدعم بشكل كامل عن المحروقات.

ويضيف:" هذا الإرتفاع لن يكون فى صالح المواطن نهائياً، لأنه لم يوازى الزيادة التى أقرتها الحكومة فى المرتبات والمعاشات، وهى الزيادة التي تحدث فقط في رواتب العاملين في القطاع الحكومى، في حين لا يستفيد منها العاملون في القطاع الخاص الذي يمثل 80% من القوة العاملة، وهو ما سيؤثر على المواطن بالسلب، بعدما أنعدمت أو كادت الطبقة الوسطي

ويتابع :" بكل أسف ليس هناك بديل سوى رفع الدعم، ونأمل أن تكون أخر مرحلة في مراحل إرتفاع الأسعار، ويتعين في المقابل مراقبة مناخ منافذ البيع، من قبل جهاز حماية المستهلك، وأن تكون هناك جهات حكومية موكلة لضبط منافذ البيع، ومراقبة أسعار السلع التى يتم رفع 

سعرها".

ويتوقع الخبير الاقتصادي كريم عادل أن تشهد الأسواق موجة جديدة من التضخم كانعكاس لآثار الزيادات في أسعار الكهرباء والوقود المتوقع زيادتها.

 ويضيف أن إرتفاع الأسعار سيترتب عليه إنخفاض الطلب، مما سيدفع التجار والبائعين إلى تعويض تلك النسبة برفع أسعار منتجاتهم، إلى جانب تعدد حلقات الوساطة بين وكلاء مستوردين وموزعين وتجار جملة وتجار تجزئة، وإرتفاع تكلفة النقل الداخلي في ظل إستيراد معظم السلع عبر ميناء الإسكندرية في أقصى الشمال، ثم نقلها إلى داخل البلاد برا

ويتابع أن السلع المنتجة محلياً لن تسلم هى الأخرى من ارتقاعات أسعارها، إذ أن مصانعها تتركز بمدن العاشر من رمضان، والسادس من أكتوبر، وبرج العرب، ومن ثم يحتاج وصولها إلى أنحاء محافظات الوجه البحري والقبلي، إلأى تكلفة أكبر للنقل، لطول المسافات خاصة إلى محافظات الوجه القبلي ومحافظات الحدود.

ويقول عادل أن إنخفاض الأسعار مرهون بالعديد من الأمور العالمية والمحلية وليس فقط بإنخفاض سعر الدولار ، خاصة وأن سلوك المستهلك يلعب دوراً كبيراً، في الحد من إرتفاع الأسعار وتحجيم جشع التجار، إضافة إلى دور الأجهزة الرقابية بالدولة، وجهاز حماية المستهلك في متابعة الأسعار والوقوف أمام أية ارتفاعات وزيادات غير مبررة من التجار.
----------------
تحقيق: بسمة رمضان