إما أنْ يتم إلغاء نظام الكفيل.. أو كفيل مصرى لكل مواطن خليجى على أرض مصر
الظروف الاجتماعية التى تتعرّض لها بعض الشعوب، نتيجة تدنى مستوى الاقتصاد الوطنى..وعجزالنظام السياسى على حماية مواطنيه، من جشع عصابات الاستيراد والتصديرالذين حازوا وصفــًـا لايستحقونه (رجال الأعمال) ونظرًا لأنّ شرفاء الوطن يعجزون عن مقاومة تلك الظروف القاسية، لذلك يضطرون لتأجيرقوة طاقتهم على العمل لدول أخرى..وأثبتتْ تجارب الواقع أنّ أسوأ معاملة، وقعتْ على العمال من الأنظمة العربية الشهيرة إعلاميـًـا (بالشقيقة) وبينما الأنظمة العربية التى لها عمال خارج الوطن مثل مصرتتجاهل معاناة المصريين، فإنّ (شاه محمود) وزيرالخارجية الباكستانى لم يسكت.. وقال إنّ بلاده حريصة على حقوق العمال الباكستانيين فى مشاريع البنية التحتية لمونديال 2022 فى قطر..وذلك بعد ورود تقارير مُـتكررة عن المعاملة القاسية التى تعرّض لها عمالنا فى قطر.. وهو الأمرالذى كان محل إهتمام من جمعيات حقوق الإنسان العالمية..وحذّرتْ منظمة العفو الدولية قطر من الاستغلال الخطير..والمنتشر على نطاق واسع، بحق آلاف العمال المهاجرين.. وذلك بعد التقاريرالتى أثبتت وقائع الأجورالمستحقة..ولم تــُـدفع للعمال.. واحتجاز جوازات سفرالعمال.. وأنّ عمالا عملوا لمدة 148 يومًـا.. ولم يتقاضوا أجورهم.. وذكروزيرالخارجية الباكستانى أنّ العمل فى قطر يجب أنْ يكون بشروطنا.. وقـدّمتْ مؤسسة (ماعت للسلام) مداخلة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.. كشفتْ فيها الانتهاكات التى ترتكبها تركيا وقطر بحق العمال الأجانب.. وأكد أيمن عقيل (رئيس مؤسسة ماعت) أنّ قطر تمارس كل أساليب العبودية ضد العمال الأجانب.. حيث يفرضون الاستغلال والتمييز العنصرى.. وأنّ عدد الوفيات فى بناء منشآت كأس العالم.. وصلتْ إلى 1800 عامل.. ومن المتوقع أنْ يتضاعف الرقم عدة مرات بحلول موعد الافتتاح فى 2022 (بوابة الأهرام25يونيو 2019)
أعتقد أنّ موقف الوزيرالباكستانى يستحق الإشادة.. والتحية والتقدير لأنه دافع عن الاعتزاز القومى لوطنه، لأنّ الدفاع عن الباكستانيين.. هودفاع عن باكستان.. وهو ما فعلته أنظمة وطنية كثيرة، مثل الفلبين حيث دافعتْ السفارة الفلبينية عن الممرضات اللائى يعملن فى مستشفى سعودى.. وتعرّضن للاضطهاد.. وبعد تدخل السفارة الفلبينية، توقف الاضطهاد.. والأمثلة فى أرشيفى كثيرة.. وهذا هو معنى الاعتزازالقومى، بينما فى مصر فإنّ المسألة مختلفة.. وأنّ المصرى لاقيمة له خارج مصر.. وبالتالى لاقيمة لمصر (الوطن)
وفى يوم 29/8/2016 قال أحد كبارشيوخ السعودية ((العبد يجب أنْ يـُـطيع سيده الكفيل)) فمعنى كلامه أنّ كل العاملين من شتى الجنسيات (عبيد) لدى أسيادهم السعوديين.. وما ذكره هذا الشيخ ذكــّـرنى بموقف عرب كثيرين ضد شعبنا ومن أمثلة ذلك ما نشرته الأهرام (2/ 7/ 97) أنّ مواطنــًـا عربيًا (لم تــُـحـدّد الصحيفة جنسيته) اعتدى بالسب والضرب على ضابط شرطة مصرى أثناء تأدية وظيفته.. وفى ذات العدد أشار الصحفى الذى شهد الواقعة، إلى أنّ الأمر وصل بالمواطن (العربى) إلى رفع الحذاء فى وجه الضابط (المصرى) وكتب ((وهل يسمح هذا الشاب (العربى) لضابط فى بلده أنْ يُضرب أوأنْ يرفع أحد فى وجهه الحذاء؟ وما هو الوضع لو حدث العكس.. وقام مصرى بضرب ضابط فى بلده؟)) وفى اليوم الثالث للحادث، تقرّرترحيل المواطن العربى إلى خارج البلاد على أول طائرة عائدة إلى بلاده.. وبعد أقل من أسبوع من الحادث الأول، حدث أنّ مواطنــًـا (عربيًا) اعتدى بالضرب على ضابط مرور(مصرى) بالمهندسين.. وأنّ مواطنيْن (عربييْن) اعتديا بالضرب على أمين شرطة (مصرى) بالدقى (أهرام31/ 7/ 97)
إنّ هذه الأحداث فى أقل من أسبوع تثيرالملاحظات التالية:
- أنها تكرار لما سبق: لاعب كرة جزائرى رشق إصبعه فى عين طبيب مصرى.. ومواطن كويتى اعتدى على المطرب (المصرى) أحمد عدويه.. وأصابه بالشلل الكامل.
- فى كل تلك الأحداث، تتنازل السلطة المصرية عن تطبيق القانون المصرى.. وعقب كل حادث من هذا النوع، تـُـثارمسألة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والدول العربية. فهل تلك العلاقات تكون على حساب المساس بالكرامة الوطنية؟ ولماذا تكون مصر وحدها مُـصابة بتلك العقدة؟ خاصة أنّ الواقع يـُـشير إلى أنّ الدول العربية تـُـطبق قانونها على المصريين، بغض النظرعن حقيقة أنهم جناة.. وهل أثبتتْ التحقيقات إدانتهم أو أنّ الإتهام باطل وملفق؟ والمجنى عليه يتحول إلى متهم.. ويقضى تسعة أشهر فى السجن..ويُجلد 80 جلدة، كما حدث مع الطبيب المصرى محمد كامل خليفة، لمجرد أنه اشتكى مدير المدرسة السعودى الذى اعتدى على ابنه جنسيًا.. فكان أنْ انهالتْ عليه التشريعات السعودية بالسجن والجلد.. ومن رسائل قراء الصحف نقرأ:
- رسالة من فتاة مصرية عملتْ مضيفة جوية مؤقتة على الخطوط الجوية السعودية.. والرسالة نشرها أ.سلامة أحمد سلامة فى عموده اليومى على مدار ثلاثة أيام، تقديرًا منه لحجم المعاناة التى تعرّضتْ لها الفتاة مع باقى الفتيات المصريات من (الأشقاء) السعوديين.. ونظرًا لطول الرسالة، فإننى أكتفى بفقرة واحدة تــُـلخص عمق المأساة. تقول الفتاة فى بداية رسالتها ((والقضية يا سيدى لاتمس العمالة المصرية غيرالمُـدرّبة..والتى يـُـسافر أصحابها بالجلابيب.. وبدون أية خبرة فقط للبحث عن أى نوع من العمل ولكنها تتعرّض.. وبكل أسف لما كنتُ أقرأ عنه من قبل بما يـُـسمى (سوق النخاسة العربية) وصدّقنى لا أجد أفضل من هذا الاسم البليغ لوصف ماحدث )) (أهــــــــــرام: 29فبرايرو1، 2مارس92)
- رسالة مطولة نشرها أ.عبدالوهاب مطاوع فى صفحة بريد الجمعة، من فتاة مصرية تزوّجتْ من مواطن كويتى.. واكتشفتْ أنها الزوجة الثالثة..وحكتْ أنّ زوجها الكويتى لم يكن يحلو له ضربها إلاّبالخيزرانة.. وأنْ يكون الضرب أمام زوجتيْه، اللتيْن يعيرانها بقبولها الزواج من الكويتى، لأنها لو كانت تجد قوت يومها فى بلدها مصر ما قبلتْ هذا الزواج.. وعليها أنْ ترضى بوضع الخادمة..إلخ (أهرام 20/7/90)
- وأختتم برسالة القارىء د.جمال أحمد برهومة– أستاذ طب وجراحة العيون بجامعة القاهرة– جاء فيها ((يتساءل المرء أحيانــًـا عما إذا كان هناك نوع من اللذة الحسيـــــــــة والنفسية لانعرفه اسمه سوء معاملة المصريين..وذلك فى دول نسميها بالشقيقة))..إلى آخرالرسالة (أهرام 5/ 10/91)
- وإذا كان (العرب) الذين يـُـمارسون ذلك الانتهاك لمصر(وطن وشعب) وعلى أرض مصروهم (ضيوف) فما هى الانتهاكات المنتظرة عندما يمتلكون أراضٍ (مصرية) بالتطبيق لأحكام القانون؟ لذلك يجب إلغاء القانون الذى يـُـتيح تملك الأرض لغيرالمصريين.. وهوأمـرمعمول به فى دول كثيرة.
- إذا كان (العرب) يـُـعاملون المصريين (على أرض مصر) بتلك القسوة.. وإذا كانت دولة مثل السعودية لاتسمح لأى مصرى (من العامل حتى الوزيرالسابق) بالعمل إلاّوله (كفيل سعودى) حيث أنّ نظام الكفيل تمتد جذوره إلى بنية مجتمع رعاة الغنم.. وإذا كنا لانملك التدخل فى تشريعات المملكة التى تفرق فى المعاملة بين المواطن المصرى والمواطن الأمريكى، فإننا نملك سلطة إتخاذ القرار على أرض مصر..ولذلك أتمنى إصدارتشريع يـُـنهى مأساة نظام الكفيل، بتطبيق قاعدة المعاملة بالمثل.. وهى قاعدة مُـعترف بها فى القانون الدولى؟ فإما أنْ يتم إلغاء نظام الكفيل (والذى تُـطبقه بعض الدول العربية) أوكفيل مصرى لكل مواطن خليجى على أرض مصرمن الدول التى تــُـطّبق نظام الكفيل.
اقتراحى هذا كتبته فى مقال فى جريدة الدستور(الإصدارالأول20/8/97) والأستاذ إبرهيم عيسى بحسه الصحفى هو الذى اختارعنوان المقال (كفيل مصرى لكل مواطن خليجى على أرض مصر) وإذا طالب أحد بوقائع جديدة فعليه أنْ يسأل أقاربه وجيرانه الذين عملوا فى الدول العربية
--------------------------
بقلم: طلعت رضوان