25 - 04 - 2024

10 ملاحظات من الإستاد على هامش مباراة مصر وجنوب أفريقيا

10 ملاحظات من الإستاد على هامش مباراة مصر وجنوب أفريقيا

بإلحاح من أبنائي قررت اصطحابهم إلى إستاد ناصر (القاهرة) لتشجيع فريقنا القومي في مباراته ضد منتخب جنوب أفريقيا، حيث إنني لم أذهب إلى الإستاد إلا مرة واحدة فقط عام 1975، وكنت صبيًا آنذاك تجاوزت عامي الرابع عشر بقليل، ولم أرتح للفوضى والزحام والضجيج ساعتها، رغم أنني سعدت بمصافحة النجم الكبير عبد المنعم إبراهيم الذي كان ضمن الجمهور، ومع ذلك لم أجد بأسًا من تكرار التجربة بعد 44 عامًا مع أبنائي لأستكشف التحولات الجديدة وليعيشوا تجربة مختلفة. وقد خرجت من هذا اليوم بعشر ملاحظات أراها جديرة بالتحرير:
1- المرارة التي سكنت عيون عشرات الآلاف من المصريين الذين خرجوا من الإستاد في مساء صيفي حزين عقب هزيمة منتخبنا الوطني تؤكد حجم اشتياق هذا الشعب إلى الفرح، ولكن من أسف خذل اللاعبون الحشود في الإستاد، كما أحبطوا الملايين في البيوت والمقاهي!
2- فوجئت بالانضباط الصارم في دخول الجماهير والتدقيق الأمني على ما يحمله المتفرجون في أياديهم وحقائبهم، وهو أمر محمود لا ريب.
3- مشاهدة المباراة في الملعب مختلفة جذريًا عن متابعتها على شاشة التلفزيون، فحين تكون في الملعب، فأنت ترى الصورة كاملة وتستطيع الحكم على الأمور من منظور أشمل، وقد فرحت كثيرًا بشكل الإستاد وحالته البهية التي تقارب حالة ملاعب أوروبا في تخطيطها ونضارتها.
4- امتلأت مدرجات الإستاذ عن آخرها رغم ارتفاع سعر التذكرة (الدرجة الثالثة 200 جنيه، والثانية 400 جنيه والأولى 600 جنيه)، كما لم تتوقف الحشود عن تشجيع مصرنا العزيزة ومنتخبها منذ جلوسي في مقعدي في الخامسة عصرًا، أي قبل بدء المباراة بأربع ساعات حتى انتهائها، ولم تتوقف الهتافات إلا نصف دقيقة فقط من صدمة الهدف المفاجئ لفريق جنوب أفريقيا، ثم انطلقت مرة أخرى في محاولة يائسة لبث الحماسة في نفوس اللاعبين دون جدوى.
5- بعد مرور الدقائق العشرة الأولى من المباراة أيقنت أن منتخبنا يفتقر إلى ثلاث خصال رئيسة وواجبة لمن ينشد الفوز، وهي التخطيط والعزيمة والمهارة، (ومعذرة، فقد كنت لاعبًا متميزا في طفولتي وصباي بشهادة أبناء منطقتنا في شبرا الخيمة، وأدرك هذا الكلام جيدًا).
6- الرخاوة التي يؤدي بها اللاعبون المباراة لا تنفصل عن الاستخفاف الذي ندير به معظم شؤون حياتنا بكل أسف، فالإخفاق في الملاعب جزء من الإخفاق العام في معظم المجالات.
7- مهما كانت حماسة الجماهير وهتافاتها، فلن تغني شيئا إذا افتقد اللاعبون المهارات اللازمة والهمّة الواجبة، فالملاعب لا تعترف باسم مصر مجردًا!، ولا تهتم بأن الجماهير كلها ترتدي (تيشرت) فريقها الوطني، وإنما تهب الظفر لمن يكدح ويجتهد ويبادر.
8- لم أسمع أي كلمة خادشة للحياء طوال 7 ساعات قضيتها في الإستاد وهذا أسعدني جدًا، حتى بعد مغادرتنا منهزمين مخذولين، وتساءلت: كيف يمتلئ إذن الفيسبوك بالألفاظ البذيئة؟.
9- أبهجني الحضور القوي للبنات والسيدات برفقة أهاليهم وأصدقائهم وأحبابهم، كما لاحظت أن كثيرًا منهن تخصلن من الحجاب الذي غزا حياتنا مع السبعينيات على يد جماعة الإخوان وأتباعهم، الأمر الذي يؤكد أن حضور هذه الجماعة المتخلفة، ودعايتها البائسة بأن الحجاب هو رمز المرأة المسلمة، في تراجع كبير، وهو أمر طيب بكل تأكيد.
10- الموسيقى، وما أدراك ما الموسيقى؟ فهي القاسم المشترك الأعظم لتجييش مشاعر الآلاف وصهرها في بوتقة واحدة، فطوال الساعات السبع لم تتوقف الموسيقى عن الصدح، سواء كانت إيقاعات على الطبلة أو نغمات المزامير، أو أغنيات وطنية بثتها إدارة الإستاد قبل انطلاق المباراة، خاصة أغنية شادية الجميلة التاريخية (يا حبيبتي يا مصر) وقد انفعلت بها الجماهير وتفاعلت بقوة شديدة معها ومع الإيقاعات والأنغام والهتافات. ولعلك تلاحظ أن الموسيقى جزء رئيس من الطقوس الدينية (التراتيل الكنسية في الكنائس والأديرة/ تلاوة القرآن وترتيله لدينا نحن الملسمين/ الأناشيد اليهودية في المعابد)، فأينما حلت الجموع انطلقت الموسيقى.

عقب انتهاء المباراة، تأملت بطرف خفي وجوه أبنائي، فرأيت الحزن يكسو ملامحهم، وتذكرت فرحتهم وهم يرددون وراء شادية (يا حبيبتي يا مصر) فهمست لهم مواسيًا : سننتصر وننجح يومًا وسيسمو اسم مصر عاليًا عندما نعيد البهاء المفقود للعقل والتخطيط والحماسة والعمل الجاد.


مقالات اخرى للكاتب

10 ملاحظات من الإستاد على هامش مباراة مصر وجنوب أفريقيا





اعلان