19 - 04 - 2024

مهام ضحى الثورة

مهام ضحى الثورة

غايات مواكبنا الهادرة عبر الطرقات شهوراً لم تكن إقتلاع نظام الإنقاذ. الهدف الاستراتيجي هو الانعتاق من ربقة عقلية أهدرت فرصنا الثرية في وطن يسع الجميع بالحب ،السلام والرفاهية. على قدر ذهابنا في هذا  الطريق نقترب من تحقيق امانينا الوطنية. من المهم التوافق على رسم أولويات المرحلة الانتقالية، بعيدا عن الانفعال العاطفي ينبغي التشديد على أن  قادة إشعال الثورة، ليسوا هم بالضرورة بناة الدولة. لكل ميزاته، قدراته ومهاراته. كما يجب الفرز بين روح الفريق والقيادة الجماعية .

نحن نحلم بوطن ينعم بالخير، قائم على العقل، العلم، العدل، الحرية والسلام. من أبهى شعاراتنا انتقاء شاغلي الوظائف العامة بناءً على معيار الكفاءة. نبذ الجهوية، القبلية والحزبية الضيقة يشكل أحد أبرز قسمات وجهنا الثوري الجديد. إلبقاء داخل فخاخ هذه الشباك الواهية يعني رسوبنا في  الانفكاك من النهج الانقاذي. ثورتنا ليست ضد الشخوص بل ضد عقلية أرهقت كاهلنا وكاهل الدولة بمن لاهم لهم غير النهب المنظم والعشوائي

حجر إنجاز الثورة يتشكل في بناء دولة المؤسسات من أجل ترسيخ الشرعية الثورية على أسس دستورية تمهد الطريق لجهة الدولة الديمقراطية المرتجاة. من المطلوب تكريس روح الفريق لكنما الاتكاءة على القيادة الجماعية يفتح ثغرات امام ذوي المغامرين، ذوي الطموحات غير المشروعة، أصحاب  نزعات الهيمنة الفردية، الكهنة وصنعة التصنيم. السودان قاسى كثيراً من الأصنام، أنصاف الآلهة وكهنتهم.

ذلك وباء لم تبرأ منه العديد من شعوب القارة منذ تسمية الكهنة في اثيوبيا هيلاسي لاسي "أسد يهوذا" بينما نصف شعبه جائع والنصف الآخر لاجئ، مرورا بتعريف الكهنة في مالي الرئيس باندا "الأسد" في حين كان شعبه فريسته الكبرى.انتهاء بإطلاق  "أسد افريقيا" على رئيسنا المخلوع وقد احتكر لعشيرته والأقربين من حاشيته المغانم وأرسلنا جميعا الى يباب الفقر. 

من اجل استشراف طريق المستقبل نحن مطالبون بالتحديق مليّاً في مرآة الماضي، بغية تفادي عقبات اعتورت مسيرتنا الطويلة المشَرَّبة بالمعاناة. لا نملك فائضاً من الوقت للهدر او التسكع على رصيف الانتظار والترقب. لدينا أجندة عمل مثقلة بالطموح والأماني والآمال في بناء سودان جديد يسع تبايننا العرقي والثقافي على أرض مشتركة وتحت سقف واحد. 

أمامنا تطلعات شاهقة لبناء السودان الديمقراطي المستقر الفاعل القائد في محيطه الإقليمي بما يملك من موارد طبيعية، طاقات بشرية وقدرات مستنيرة. نحن على يقين بأن مظلة التكنوقراط أوسع من قواعد الأحزاب. من بين هؤلاء من لايملك فقط توصيف أعراض أزماتنا بل كذلك تشريح أمراضها، من ثم القدرة على مداواتها. لدينا من الخيارات الواسعة في هذا السياق ما يحرًّضنا على اختيار اكثر التكنوقراط فحولة وخصوبة في ميادين اختصاصاتهم. فلننأى بإدارتنا الجديدة من  شرور المحاصصات ذات الأشكال الهشة الضيقة، إذ ليس في ذلك من جدوى للشعب أو الوطن.

مع القناعة الراسخة بأن إعادة منهجة العملية التعليمية يمثل منصة انطلاق الثورة الحقيقية وجوهرها، يظل تبني برنامج عمل اقتصادي ناجح يأتي شيء من فيئه عاجلا الصدى المأمول لكل الفوران الثوري العارم عبر الوطن . لاسبيل أمام الإدارة الجديدة من تحمل كلفة سياسية جراء تبني مثل هذا البرنامج. لكن تأجيل تنفيذه أو الإبطاء فيه يزيد حتما من أحمال الكلفة.

هناك قطاعات شعبية لن تتمتع بالصبر اللازم من أجل قطف ثمار الثورة، اذ تريد على عجل تحقيق أحلامها في حياة أفضل. هذه الأحلام غير الصبورة سترفع أصوات مطالبية بتحسين الظروف المعيشة. لهذا تصبح إعادة تأهيل المواطن نفسه واجبا ثوريا يوازي إعادة تأهيل البنى التحتية الاقتصادية. ذلك واجب يقتضي بث ثقافة نوعية لمفهوم ومضامين الحرية، تستهدف إزكاء روح المسؤولية وترسيخ مشاعر الانتماء الوطني.فالحرية عبءً لا يقوى على حمله المواطنون كافة .

قوى الثورة والتغيير أفلحت عندما منحت إسكات البنادق وإطفاء النار في جنبات الوطن أولوية متقدمة على جدول أعمال المرحلة الانتقالية. من شأن ذلك الإنجاز وقف إزهاق الأرواح، إنهاء تبديد الطاقات وهدر الموارد، من ثم الاستنفار الجماعي من أجل البناء. على النسق نفسه ففي ذلك تأمين حق الدولة وحدها في احتكار حمل السلاح. تلك خطوة متقدمة على درب إعادة بناء قواتنا المسلحة في ضوء عقيدة وطنية مستحدثة.
----------------
بقلم: عمر العمر

مقالات اخرى للكاتب

حرب الفجار النتنة





اعلان