25 - 04 - 2024

من أول رئيس وافق على السلام مع إسرائيل؟

من أول رئيس وافق على السلام مع إسرائيل؟

دأب الناصريون ومعظم الماركسيين على ترديد الشعارات الناصرية/ العروبية، مثل: لاصلح مع إسرائيل..وشعار: ما أخذ بالقوة لايـُـسترد إلاّبالقوة.. وبعد هزيمة بؤونه/ يونيو1967 عـُـقد فى الخرطوم مؤتمر(عربى) يوم 29 أغسطس 67 ورفع العروبيون..وعلى رأسهم نبى العروبة عبدالناصر شعاراللاءات الثلاث الشهيرة: لاصلح ولا اعتراف ولاتفاوض مع العدوالصهيونى، قبل أنْ يعود الحق لأصحابه. 

وبعد الهزيمة بدأ الترويج لما أطلق عليه الناصريون والماركسيون (حرب الاستنزاف) وانتشر هذا المصطلح، سواء فى مصر أو فى الدول العربية، التى صنــّـفها هذا الإعلام بأنها (دول الرفض وأنها دول تقدمية) وكان المقصود- حسب الإعلام الناصرى/ العروبى هو أنّ مصر تستنزف إسرائيل عسكريـًـا، بسبب المعارك التى حققتْ فيها البحرية المصرية، بعض الانتصارات مثل تدمير ميناء إيلات، وتدمير ثلاث سفن إسرائيلية خلال عمليات متعاقبة الأولى: يوم 16 نوفمبر 1969 والثانية يوم 5 فبراير 1970 والثالثة يوم 14 مايو 1970. 

وبناءً على بعض هذا الانتصارات، ارتفع النشيد الناصرى/ العروبى المُـروّج لمقولة/ أكذوبة أنّ مصر أقوى من إسرائيل.. ولكن هذا النشيد الناصرى/ العروبى تجاهل تمامًـا الكوارث التى دفع ثمنها شعبنا.. كما حدث لتلاميذ مدرسة بحر البقر، وما حدث لعمال أبوزعبل.. وما حدث من اختراق الطيران الإسرائيلى لبعض محافظات مصر(مثل الفيوم نموذجـًـا) ولبعض المدن المصرية (المعادى نموذجـًـا)  

وإزاء ذلك اضطرّ عبد الناصر إلى قبول (مبادرة روجرز)  فى عهد الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون.. وأعلنها وزير الخارجية الأمريكية (روجرز) يوم 9 ديسمبر 1969.. وقال عنها فى أحد المؤتمرات: إنّ سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، تهدف إلى تشجيع العرب على ((قبول سلام دائم)) وفى الوقت نفسه تشجيع إسرائيل على ((قبول الانسحاب من (أراضٍ) محتلة)) بعد توفير ضمانات الأمن اللازمة.. وكمبدأ عام فإنه عند بحث موضوعىْ السلام والأمن، فإنه مطلوب من إسرائيل الانسحاب من الأراضى المصرية، بعد اتخاذ ترتيبات للأمن فى شرم الشيخ.. وترتيبات خاصة فى قطاع غزة ((مع وجود مناطق منزوعة السلاح فى سيناء)) وعندما عرضتْ الخارجية الأمريكية المبادرة على عبدالناصر.. وافق عليها.. وقد اعترف الماركسى/ الناصرى/ العروبى (لطفى الخولى) بهذه الحقيقة، حيث قال بالنص ((عبدالناصر أول من اعترف بإسرائيل)) (مجلة نصف الدنيا- 3أغسطس1997).. وجاء كلامه فى سياق حديثه عن إعلان كوبنهاجن.. والرد على الذين هاجموه.. وفسـّـر كلامه بأنّ مبادرة روجرز تــُـعتبر بروفة (كامب ديفيد) وطالما أنّ عبدالناصر وافق عليها.. يكون قد اعترف بالسلام.. والاعتراف بإسرائيل.. وفى حوار آخر ذكر أنه تحدث مع زملائه فى مجلة الطليعة ((عن الاتجاه إلى الصلح مع إسرائيل، تحت المظلة الأمريكية.. وبإتفاق مع إيران والسعودية.. ولكن لم نستطع نشر هذا الكلام فى الطليعة.. ولا فى الصحف العربية، التى تتكلم عن الوحدة العربية والقومية العربية)) (جريدة الوطن 16/11/1983)  

وبينما كان هذا رأى لطفى الخولى، فإنّ الماركسى/ الناصرى/ العروبى (خالد محيى الدين) اختلف موقفه فقال: إنّ ((هزيمة إسرائيل ممكنة..والتطبيع معها مرفوض)) (صحيفة العالم اليوم 26 يناير1997) أى أنه كان مايزال تحت تأثير المخدر العروبى الناصرى.  

وعن الخسائر التى تكبــّـدتها مصر نتيجة (حرب الاستنزاف)  فإنّ النظرة المُـحايدة التى تستند على المعلومات، تؤكد أنّ سلاح الطيران المصرى تصدى لبعض هجمات سلاح الطيران الإسرائيلى.. وأنّ سلاح البحرية المصرية حقــّـق بعض الانتصارات على بعض قطع البحرية الإسرائيلية.. وتلك الوقائع يجب الاعتراف بها، للتأكيد على (حيادية) البحث.. ولكن السؤال الذى يتغافل عنه الناصريون.. ومن مشىَ وراء توجهاتهم وأيّـد أيديولوجيتهم هو: أليستْ العبرة (بالنتيجة النهائية) لما أطلق عليها النظام الناصرى (حرب الاستنزاف)؟ والسؤال بصيغة أخرى: كم حجم الخسائر بين الجيش المصرى والجيش الإسرائيلى، من حيث عدد الجنود والضباط المصريين الذين فقدوا أرواحهم..وعدد الجنود والضباط الإسرائيليين، أو من حيث المعدات العسكرية؟ والسؤال بصيغة ثالثة: هل دخل الطيران المصرى فى أعماق المدن الإسرائيلية.. كما دخل الطيران الإسرائيلى فى أعماق المدن المصرية؟ والسؤال بصيغة رابعة: كيف يكون الجيش المصرى هو الذى (استنزف) الجيش الإسرائيلى، بينما الطيران الإسرائيلى اخترق المجال الجوى المصرى وقتل العديد من المدنيين، مثلما حدث عندما قذفتْ الطائرات الإسرائيلية مدرسة (بحرالبقر) فى محافظة الشرقية وقتلتْ التلاميذ الأطفال.. وقذفتْ مصنع (أبوزعبل) وقتلت العمال؟ ومع ملاحظة أنّ العدوان الإسرائيلى على مصنع (أبوزعبل) كان فى يوم 12 فبراير1970، أى قبل مبادرة روجرز بأربعة شهور (يونيو70) والتى قبلها عبد الناصر.. ومع ملاحظة أنّ الطيران الإسرائيلى دمّر المصنع بالكامل.. وبلغ عدد القتلى من العمال 70 عاملا.. وعدد المصابين 69 عاملا (صحيفة الأهرام 12 فبراير2010 - باب " فى مثل هذا اليوم ")  

هذه الأسئلة– المُـستمدة من الوقائع– يتجاهلها الناصريون وأشباههم.. كما يتجاهلون السؤال الذى تكشف إجابته عن الحقيقة وتـُزيح الستار عن الوهم: إذا كانت (حرب الاستنزاف) لصالح مصر.. وكـبّـدتْ إسرائيل الكثير من الخسائر فى الأرواح والمعدات.. كما زعم الإعلام الناصرى، فلماذا قبل عبد الناصر مبادرة روجرز فى شهر يونيو 1970؟ ومع ملاحظة أنّ تلك المبادرة الأمريكية كانت البروفة التمهيدية لتوقيع معاهد كامب ديفيد، بين مصر وإسرائيل كما قال لطفى الخولى.. بينما (معاهدة الكامب) وقــّع عليها خليفة عبد الناصر(أنورالسادات) وعندما أعلن عبدالناصر موافقته على تلك المبادرة الأمريكية.. هاجمته بعض الفصائل الفلسطينية.. والأنظمة العربية التى أطلق عليها الإعلام الناصرى/ العروبى (الدول التقدمية) و(دول المقاومة) خاصة عندما أرسل عبد الناصر رسالة إلى الرئيس الأميركى يوم أول مايو 70 يحثه فيها على وقف العدوان الإسرائيلى على مصر.. واختراق الطيران الإسرائيلى للمدن المصرية (الفيوم والمعادى وحلوان إلخ) وعندما وجد عبدالناصر أنّ درجة الهجوم عليه بلغتْ أقصاها، من الابتذال والإسفاف.. والاتهام بالتخاذل والانهزامية أمام إسرائيل.. وأنّ الهجوم جاءه من الأنظمة العربية التى دأب إعلامه على وصفها ب (التقدمية) و(المقاومة) مثل سوريا والعراق وليبيا والجزائر، لذلك اضطر (عبد الناصر) أنْ يُدلى بالتصريح التالى الذى كان صادقــًا فيه.. وكاشفــًـا عن الحقيقة ومُمزقــًا لستائرالأوهام، حيث قال ((إنّ المضى فى حرب الاستنزاف، فى حين أنّ إسرائيل تتمتع بتفوق جوى كامل، معناه– ببساطة– أننا نستنزف أنفسنا)) (نقلا عن د.عبد العظيم رمضان فى كتابه "حرب الاستزاف بين الحقيقة والافتراء"- هيئة الكتاب المصرية- عام 98- ص48) 

كما أنّ الإعلام الناصرى/ العروبى يتجاهل أنه أثناء الحرب التى قال عنها إنها (استنزاف لإسرائيل) فإنّ قوة من الكوماندوز الإسرائيلى هاجمتْ محطة رادار مصرية فى (رأس غارب) واستطاعتْ تفكيك محطة الرادار المصرية (وكانت جديدة) وتـمّ شحنها على إحدى الطائرات الهليكوبترالإسرائيلية (المصدرالسابق- ص37)  
----------------------
بقلم: طلعت رضوان
** المقال يتناقض مع السياسة التحريرية للصحيفة وثوابتها تجاه العروبة والصراع العربي - الإسرائيلي .. والمشهد تنشره إيمانا منها بحرية الجميع في نشر آرائهم

مقالات اخرى للكاتب

أين الدول العربية من التنافس الأمريكى الروسى؟





اعلان