24 - 04 - 2024

البصق على مومياء ملك عظيم حارب الهكسوس!!

البصق على مومياء ملك عظيم حارب الهكسوس!!

تداولتْ مواقع التواصل الاجتماعى الفيديو الذى أظهر أحد الإشخاص وهو يبصق على مومياء الملك (سقنن- رع) وعن تلك الواقعة قالت نيفين العارف (المستشار الإعلامى بوزارة الآثار) أنه جارى التحقيق بعد انتشار الفيديوعلى معظم الفضائيات. وأنّ واقعة البصق على مومياء الملك (سقنن- رع) تمت فى قاعة المومياوات الملكية بالمتحف المصرى..وأضافت أنها حرّرت مذكرة للمسئولين بوزارة الآثار للتحقيق..ومن المنتظر تفريغ كاميرات المراقبة..وقالت إنّ التجرؤ على البصق على مومياء الملك المصرى ((هو إهانة للحضارة المصرية)) (الدستور20/7/2019)  

لم يذكر مُـحرّر صحيفة الدستور اسم الشخص الذى بصق على مومياء الملك المصرى..وفق ما جاء فى صياغة الخبرالذى نقل تصريح الأستاذة نيفين العارف، حيث جاء به أنّ الفيديو يظهر((شخصا مجهول الهوية)) بينما ذكر أكثرمن موقع الكترونى أنّ الشخص الذى سلك هذا الفعل الشائن وغير الحضارى لاعب كرة جزائرى.. وهذا الفعل ذكــّـرنى بما فعله اللاعب الجزائرى- منذ عدة سنوات- (لخضر بلومى) وبالتحديد فى شهر نوفمبر1989، حيث رشق إصبعه فى عين الطبيب المصرى (السيد أحمد عبدالمنعم) وذلك أثناء الاحتكاكات التى جرتْ بين الفريقين المصرى والجزائرى، فى فندق شيراتون بالقاهرة.. وأثبت التقريرالطبى إصابة الطبيب المصرى بعاهة مستديمة فى عينه. 

ونظرًا لحالة الدونية القومية التى سادتْ مصربعد يوليو 1952 بسبب رفع شعارات (القومية العربية) كمحاولة لهدم (القومية المصرية) لذلك تـمّ الإفراج عن اللاعب الجزائرى (مقابل مبلغ مالى- كفالة) وبعد تداول القضية، تدخل الرئيس الجزائرى عام 2009 وطلب من الرئيس المصرى (مبارك) العفوعن الجانى.. ومن أجل (سواد عيون العروبة) استجاب مبارك وأصدر قرار العفو. 

وفى حلقة جديدة من (حلقات الدونية القومية) السائدة بعد يوليو 1952 وهى الدونية التى ليس لها مثيل فى كل أنظمة العالم، التى تحرص على تطبيق تلك القاعدة الرياضية: كرامة المواطن من كرامة الوطن.. والعكس صحيح.. ولأنّ حكومات مصر المتعاقبة بعد يوليو 52 لا تــُـطبــّـق تلك المعادلة.. وفق علم الرياضيات لذلك فإنّ الدونية القومية التى بدأتْ بعاهة فى عين الطبيب المصرى، انتهتْ بالبصق على مومياء أحد أعظم ملوك مصر(سقنن- ر) فمن هوهذا الملك العظيم؟  

لقد تعرّضتْ مصر لاحتلال الهكسوس. قاوم الاحتلال الملك (سقنن – رع) ولما مات فى المعركة تولى ابنه كاموس المهمة فمات فى المعركة، وجاء الدورعلى أحمس الذى حقق الانتصارالنهائى.. كان الفضل الأكبر فى هذه الأسرة للسيدة (أعح- حتب) زوجة (سقنن- رع) لأنها بعد وفاة الزوج وقفتْ وراء ابنها الأكبر كاموس وشجعته على مواصلة النضال، فلما مات لم تستسلم، فبثتْ فى عقل ابنها الصغير(أحمس) معنى الدفاع عن الوطن، فلما كبر كان هو محرر مصر النهائى من الهكسوس، لذلك تم العثورعلى جدارية بها كلمات من أحمس لوالدته قال فيها ((اثنوا على سيدة البلاد. إنّ اسمها يُرفرف على كافة البلاد..وهى التى تتخذ القرارات الخاصة بشعبها. إنها زوجة الملك وأخت الملك فليمتعها الإله بالحياة والصحة والقوة)) ومنحها وسامًا عسكريًا فكانت أول امرأة فى التاريخ تحصل عليه.. وكما اعترف بفضل أمه اعترف كذلك بفضل جدته (تيتى شيرى) وبفضل زوجته (أحمس نفرتارى) التى وقفت بجانبه فى معركته ضد الهكسوس.  

وللتأكيد على أهمية هذه الأسرة فى التاريخ المصرى القديم.. والدورالذى قامتْ به لطرد الهكسوس الذى بدأ مع الملك (سقنن– رع) فإنّ مومياء هذا الملك العظيم موجودة فى المتحف المصرى بميدان التحرير(قسم التحنيط) وعلى جبهته وصدره الطعنات التى تلقاها وهو يُحارب الهكسوس.. ومغزى هذه الطعنات أنه كان يُحارب فى الصفوف الأولى مثله مثل أى جندى، أى أنه لم يكن يُحارب من القصر.. كما يفعل رؤساء الدول فى العصرالحديث.. ونظرًا لدور زوجته فى تربية ابنيها كاموس وأحمس على حب الوطن ومحاربة الأعداء، لذلك كان وفاء أحمس لأمه أنْ منحها وسامًا عسكريًا، فكانت أول سيدة فى التاريخ تـُمنح هذا الوسام.  

وفى بردية تركها أحد القواد المصريين جاء فيها ((وأصبح المصرى فى أيدى قوم قذرين غاصبين.. وكان فى ذلك الوقت الملك (سقنن- رع) يحكم قسم طيبة الجنوبى..والملك الهكسوسى يحكم جميع القطر، من أواريس ويجمع الجزية من سائرالأقسام ومن الحاصلات والخيرات التى أنتجتها أراضى الوجهيْن القبلى والبحرى)) ويتبين من هذه البردية أنّ الهكسوس قوم آسيويون. ومن رأى بعض العلماء أنّ الهكسوس إما عرب أوفينيقيون.. وفى كل الأحوال فإنهم آسيويون، ويستدل برستد على ذلك بأنهم بعد طردهم من مصر، ذهبوا إلى فلسطين ومكثوا بها ست سنوات.. وقد حاولوا خلال هذه السنوات الاعتداء من جديد على الحدود المصرية، فكان المصريون يردون عليهم حتى هزموهم. فلما انهزموا تركوا فلسطين وتوجهوا إلى سوريا. وهذا يدل ((على امتداد حكم الهكسوس إلى فلسطين وسوريا)) (برستد فى كتابه: تاريخ مصر منذ أقدم العصورإلى العصر الفارسى- هيئة الكتاب المصرية- عام 99- من ص210- 213)  

أدّتْ السيدة (أع- حتب) زوجة الملك (سقنن- رع) وكذلك جدة أحمس (تيتى- شيرى) وزوجة أحمس السيدة (أحمس نفرتارى) أدوارًا عظيمة فى تشجيع (سقنن – رع) وابنيه كاموس وأحمس لمقاومة الهكسوس، حتى تـمّ النصرالنهائى على يد أحمس.. ونظرًا لما قامت به المرأة المصرية (فى شتى المجالات) لذلك- كما كتبت عالمة المصريات المصرية نوبلكور- فإنّ الحضارة المصرية ((قـدّرتْ المرأة واعتزّتْ بدوها فى الحياة.. وعاملتها معاملة مُـساوية تمامًا للرجل.. وبدون أية فوارق بينهما، سواء أمام القانون أوفى التعاملات الاجتماعية.. ومن هنا كان فى مصرالقديمة أول طبيبة.. وأول رئيسة للطبيبات، بل إنّ المرأة المصرية فى ذلك الزمن القديم شغلتْ منصب القاضى ومنصب الوزير)) (المرأة الفرعونية- لعالمة المصريات الفرنسية كريستيان ديروش نوبلكور- هيئة الكتاب المصرية- عام99- ص230).

 لذلك لم تكن مصادفة أنّ البطل القومى أحمس يمنح أمه (إع- حتب) بعد وفاتها قلادة عسكرية ((فكانت أول امرأة فى التاريخ تنال وسامًا عسكريًا)) (المصدرالسابق- ص55) فلماذا منحها ابنها هذا الوسام؟ لأنه قـدّر موقفها الوطنى، حيث أنشأته على حب الوطن.. ومحاربة أعداء مصر منذ أنْ كان طفلا.. وحتى يستكمل دوروالده (سقنن- رع) الذى تجرّأ لاعب جزائرى وبصق على الكفن الملفوف فيه جثمانه المحنــّـط ، ببراعة فن التحنيط المصري.
---------------
بقلم: طلعت رضوان 

 

مقالات اخرى للكاتب

أين الدول العربية من التنافس الأمريكى الروسى؟





اعلان