17 - 07 - 2024

حرب "سرية" على الإرهاب جنوب الطريق الدولي (بئر العبد – العريش)

حرب

قصف جوي وإرهابيون يلوذون بـ"حفر برميلية" وضحايا "يجددون النزوح" 

فى ضوء ما بلغته الحالة السيناوية من تعقيدات مركبة ومفتوحة على كل الاحتمالات، فإن المشهد يثير فزعا لدى المواطن السيناوى وهناك مخاوف من تهجير جديد بمنطقة غرب العريش التي نقلت العناصر الإرهابية نشاطها إليها، وأدى ذلك إلى انتشار مكثف لقوات الأمن على الطريق الدولى ( بئر العبد – العريش ) واستدعاء قوات جديدة من الجيش والشرطة إلى تلك المنطقة، فقد انتشرت الأكمنة الأمنية على طول الطريق من العريش حتى مدينة بئر العبد عقب قيام عناصر داعش بذبح أربعة مواطنين بعد اختطافهم لعدة أسابيع، بعدما قاموا وقتها بعمل حاجز، وتوقيف السيارات لأكثر من 30 دقيقة، ثم اختطفوا عددا من المارين بالصدفة وهربوا إلى الظهير الصحراوى جنوب الطريق الدولى. 

 حدثت عملية الذبح البشعة أمام المارة على الطريق الدولى ووسط منطقة مكتظة بالسكان، ثم صوروا عملية الذبح.

عقب الحادثة، حدث استنفار أمنى لأقصى درجة وتم نشر أربعة أكمنة في المنطقة التى شهدت تحركات العناصر الارهابية، بقرية الروضة شرق مدينة بئر العبد، ومنطقة "مصفق" ومناطق "سلمانه" و"السادات" ومحيط مدينة بئر العبد، وتشهد المنطقة عمليات تمشيط بالرصاص طوال الليل، خشية تسلل العناصر الإرهابية وتنفيذ عمليات. 

تحركات العناصر الإرهابية تتم بالظهير الصحراوي الواقع جنوب الطريق الدولي بواسطة الدراجات النارية التي يستقلها عناصر ارهابية تحمل أسلحة متوسطة وثقيلة  "آر بى جى" وتسلك الصحراء الموازية للطريق الدولى، لتصل بين الحين والآخر إلى القرى الملاصقة للطريق الدولى في محاولات لخطف المدنيين  وتوزيع منشورات تحذر المواطنين من التعامل مع قوات الأمن، وهو ما ادى الى نزوح عدد من المدنيين من قراهم الى غرب القناة تخوفا من اى اشتباكات قد تحدث بالمنطقة كما حدث  فى مناطق الشيخ زويد ورفح. 

وحسب تقديرات المراقبين فى سيناء فان حالة نزوح جديدة اجتاحت المنطقة الواقعة شرق مدينة بئر العبد، بينهم عدد كبير من النازحين في السابق من الشيخ زويد ورفح ، ووجدوا أنفسهم مضطرين إلى النزوح مرة أخرى خشية تعرضهم لما تعرضوا له منذ سنوات من عمليات ذبح وقتل على يد داعش، أو بسبب الطلقات والدانات الطائشة، ونزح مئات من قرى الروضة والمزار ومصفق والسادات وسلمانه وجعل والجنادل، فى ظل تجاهل حكومي غير مبرر، وحدث شتات للمواطنين من أبناء الشيخ زويد ورفح والعريش وبئر العبد، وأصبحوا فى حالة يرثى لها، ولم يعودوا يجدون مكانا للنزوح إليه سوى مناطق غرب القناة في محافظات الإسماعيلية والشرقية، هربا من جحيم الإرهاب.

في الوقت نفسه قام الطيران الحربي بتنفيذ طلعات جوية بالمنطقة الصحراوية جنوب الطريق الدولى (بئر العبد – العريش) وقام بقصف عدد من المواقع التى يختبىء بها الإرهابيون، وقد شوهدت ألسنة اللهب تتصاعد وسمع دوى انفجارات بالمناطق الواقعة جنوب قرية الروضة وجنوب مصفق وجنوب بئر العبد وجنوب مدينة العريش، ولم تعلن أي جهة رسمية عن نتائج تلك الطلعات الجوية من خسائر في صفوف العناصر الإرهابية. 

وتؤكد مصادر محلية أن العناصر الإرهابية فى شمال سيناء، تملك خبرة كبيرة فى الاختفاء، وتجنب القصف الجوى بواسطة الطيران الحربي، حيث يلجأون إلى الحفر البرميلية تحت الأشجار أثناء تحليق الطيران فى سماء المنطقة، مبتعدين عن العشش أو المناطق التى بها مبانى، وهذا ما يفسر قيام عناصر إرهابية – السبت الماضي - بالاستيلاء على سيارة خاصة بشركة كهرباء شمال سيناء  على الطريق الدولي، رغم قيام الطيران الحربى بعمليات قصف شديدة لمناطق جنوب الروضة، قبلها بيومين فقط. 

وأوضحت مصادر أن الطيران الحربي لا يحسم المعركة مع الإرهاب، رغم أنه عامل مساعد مهم، ولكنحسم المعركة يحتاج الى تدخل برى من قوات الصاعقة ورجال مكافحة الارهاب، لمحاصرة واصطياد العناصر الارهابية بالظهير الصحراوى وتطويق المنطقة، وملاحقتهم مع غطاء جوى من الطيران الحربى والطائرة بدون طيار والاباتشى، لمحاصرتهم والقضاء عليهم. 

وتجزم المصادر أن أعدد الارهابيين المتواجدين بالظهير الصحرواى لاتتعدى مائتى إرهابي يتم توزيعهم في المناطق الواقعة جنوب الطريق الدولي لتنفيذ عمليات بين حين وآخر، بناء على تعليمات خارجية، تحدد لهم توقيتات العمليات وأماكن الانتشار. 

وتشير تحركات العناصر الإرهابية التي تصاعدت فى الفترة الاخيرة ووصولهم إلى الطريق الدولى بكل سهولة بشكل متكرر، إلى قرب تنفيذ عملية إرهابية كبيرة، قد يتم فيها استخدام السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، حيث سبق استهداف كرم القواديس ومسجد الروضة تحركات مكثفة للعناصر الإرهابية، تشبه مايجري الآن.

بينما تشهد مدينة العريش والأحياء المحيطة بها هدوءا حذرا وانتشارا كبيرا لقوات الشرطة، حيث شهد حى السلايمة وال عروج والمقابر والصفاء حصارا تاما من قوات الأمن وتفتيشا للمنازل ومنع الدخول والخروج إلا باذن أمني، بعد إغلاق الشوارع المؤدية إلى تلك الأحياء، وبعد حصار لأكثر من شهر  انتقلت القوات الى حى السمران وشارع اسيوط  لتفعل الشيء نفسه. 

وشهدت مدينة العريش استهداف عروس بطلقة طائشة فى ظهرها أثناء التقاط صور مع خطيبها بقرية سما العريش السياحية قبل أسبوع من الزفاف، وأثارت الواقعة غضب وفزع الأهالي، كما أصبحت حديث الشارع العرايشي، حيث سادت المخاوف من تكرار الحادثة، وطالب الأهالى بمحاسبة من يطلق النار عشوائيا، ويتسبب في إصابة الأبرياء. 

مناطق الشيخ زويد ورفح تشهد هي الأخرى هدوءا حذرا باستثناء قيام قوات الأمن بإطلاق الداناتبالمنطقة الصحراوية وأصوات عمليات قصف الطيران الحربى لمناطق يشتبه فى تواجد عناصر إرهابية، ولم تشهد الشيخ زويد ورفح أي تحركات للعناصر الإرهابية مؤخرا، باستثناء عملية إرهابية نفذها انتحاري على أحد الأكمنة الأمنية، إلا أن القوات تمكنت من قتله قبل وصوله إلى الكمين، واستشهد فيها جندي ومدنى تصادف تواجده بالكمين للتفتيش، وتعيش المنطقة أفضل أحوالها، مقارنة بالسنوات الماضية، حيث عادت الحياة إلى طبيعتها بمدينة الشيخ زويد،بينما لاتزال قرى رفح والشيخ زويد خالية تماما من السكان بعد نزوح الآلاف من قاطنيها.
-----------------------
شمال سيناء - عبدالقادر مبارك 
من المشهد الأسبوعي .. اليوم مع الباعة