17 - 07 - 2024

سر الهجوم على فاروق الفيشاوي بعد رحيله: مواقف واضحة في الحياة والسياسة

سر الهجوم على فاروق الفيشاوي بعد رحيله: مواقف واضحة في الحياة والسياسة

- رحل قبل أن يتحقق حلمه في أن يرى رئيساً مدنياً لمصر
- 300 عمل فني تربع بها علي عرش قلوب الملايين

يعتبر فاروق الفيشاوي من أبناء جيل ثورة يوليو 1952، إذ ولد قبل 5 أشهر من قيامها، ورحل عن عالمنا بعد يومين فقط من ذكراها الـ 67 ، كما عايش نكسة 67 وثورة يناير 2011 التي كان يؤيدها بشدة.

 ورغم عدم انخراطه في أحداث سياسية، إلا أن الفيشاوي عبر عن آرائه في أكثر من مناسبة، بأنه ناصري، ورافض لحكم العسكر، ويريد حكماً مدنياً لمصر.

من اللغات الشرقية إلى السينما

حصل الفيشاوي علي ليسانس الأداب من جامعة عين شمس، وبعدها نال بكالوريوس معهد الفنون المسرحية.. اكتشفه المخرج المسرحي الراحل عبدالرحيم الزرقاني أثناء تأديته لدور في إحدى المسرحيات التي عرضت على مسرح جامعة القاهرة، وأظهرت قدرات ممثل واعد، ليقرر بعدها التخلي عن دراسة اللغات الشرقية، والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، رغم أن التمثيل لم يكن في خطته الأساسية، إذ كان يطمح في أن يكون أستاذاً جامعياَ، حتى مع عشقه للتمثيل منذ الطفولة.

قدم الفيشاوي نحو 300 عمل فني، ما بين أفلام سينمائية ومسلسلات ومسرحيات وسهرات إذاعية من أبرزها في السينما، "المشبوه" و "الباطنية"، و"حنفى الأبهة"، و"غاوي مشاكل"، و"فتاة من إسرائيل"، و"القرداتى"، و"الجاسوسة حكمت فهمي" و"الشيطان يغني" و"وحوش في الميناء" و"المحظوظ" و"الأرملة والشيطان"، و"جبروت امرأة"، و"لعبة الكبار" وكان آخر ظهور له في فيلم "ليلة هنا وسرور" مع الفنان محمد عادل أمام.

تأثر الفيشاوي مثل كثيرين غيره، بكل الأحداث التي جرت في مصر بعد قيام النظام الجمهوري في مصر، إذ كان مراهقاً حين وقعت نكسة 67، وشاباً في مقتبل حياته حين عبر الجيش المصري قناة السويس، لكنه لم ينخرط في أنشطة سياسية واضحة.. اهتم الفيشاوي فقط بالفن الذي بدأ مشواره فيه عام 1973 من خلال مسلسل "المفسدون في الأرض"، إلا أنه لمع كممثل واعد لاحقاً، في مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرا" عام 1979.

شارك الفيشاوي في أدوار ثانية أو بدور البطولة في نحو 135 فيلماً منذ عام 1980، كما شارك في قرابة 70 مسلسلاً تلفزيونياً و14 مسرحية لم يحتفظ فيها بصدارة أدوار البطولة، ولا بألقاب مميزة، مثل أبناء جيله، لكنه ترك علامات فارقة في الدراما، مثل دوره في مسلسله الشهير "علي الزيبق" عام 1985، وفي السينما في "ليه يا بنفسج"، و"مشوار عمر". أما آخر أعماله الفنية فكان مشاركته في مسرحية "الملك لير"، مع النجم يحيى الفخراني.

كرمه مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته 34 في أكتوبر الماضي، مع الموسيقار عمر خيرت، وألقى كلمة اثرت في الحضور، إذ أعلن عن إصابته بمرض السرطان، وعن نيته هزيمة المرض بالعزيمة والإصرار، بقوله مبتسماً "سأنتصر على هذا المرض".

الإدمان والسرطان

كان الفيشاوي متحلياً بالقوة خلال حديثه عن أزمته الصحية في البرامج التي حل ضيفاً عليها، متمسكا بالأمل في نجاح العلاج، وفي الدواء الجديد الذي طوره طبيبان حاصلان على جائزة نوبل. واعتبر المرض اللعين مجرد صداع سيتعامل معه بيد أن القدر كان له رأي أخر.

أعترف الفيشاوي في حوار أجراه معه الكاتب الصحفي صلاح منتصر بمجلة أكتوبر تحت عنوان" كنت عبداً للهيروين" بأنه كان مدمناً، بل صارح القراء بتفاصيل رحلة إدمانه وشفائه، وتحدث في الحوار عن التجربة الصعبة التي مر بها، محذراً من خطورة الإدمان. ولم يخجل الفيشاوي مما حدث، لكنه أظهر شجاعة يُحسَد عليها، وأعترف بدور زوجته الفنانة سمية الألفي في إنقاذه من ورطة الإدمان.

حتي الساعات الأخيرة من حياته، التزم صديقه ورفيق رحلة علاجه، الممثل كمال أبو رية بطمأنة جمهور الفيشاوي ومحبيه ، معتبراً أن الأزمة الصحية التي فقد الفيشاوي بسببها الوعي، جزء من رحلة العلاج من السرطان، غير أن حالته الصحية تهورت بشكل متسارع، إذ توقفت وظائف الكبد تماماً، وفقد القدرة على النطق وتم وضعه على جهاز تنفس صناعى، حتى فارق الحياة فجر الخميس  الماضي.

تحدّث الفيشاوي عن أحلامه قبل وفاته، وقال إن من أحلامه السينمائية تقديم فيلم عن المطران "كابوتشي"، وهو قس سوري كان سفيراً للفاتيكان في القدس، وذلك بعدما شاهد فيلم "شندلر ليست"، الذي قدم معلومات مغلوطة عن العرب..قال الفيشاوي" منذ ذلك الوقت وأنا شغوف بأن أقدم فيلماً عربياً يرد على الدعاية الصهيونية التي تتهم العرب وتقول إننا إرهابيون".

وأضاف: "طبيعي أن يكون للفنان موقف مما يحدث لشعبه ووطنه، وضروري أن يتميز بنوع من الحكمة، عندما يتخذ موقفاً سياسياً، لكن أهم ما فيه، أن يكون لصالح الناس، والمواطن، والشعب ".

ضمير الأمة

كان الفيشاوي يؤمن بأن الفنان هو ضمير الأمة، إذ قال في حوار سابق له: " يجب أن يكون الفنان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً، بكل ما يهم وطنه، ومنها السياسة، لأنه يتأثر ويؤثر في السياسة، كونه القوى الاجتماعية الناعمة في أي محفل ثقافي أو اقتصادى أو سياسى ، وأنا شخصياً لدىّ آرائى الشخصية المعروفة والمعلنة".

وقال الفيشاوي في إحدي لقاءاته، أنه ناصري ومؤيد للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وأنه يرفض الحكم العسكري، وأيد في سبيل ذلك المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي في المعركة الانتخابية عام 2014، ضد الرئيس عبدالفتاح السيسي.

 وبعدها قال، إنه كان يتمنى أن يصبح الحكم مدنياً وليس عسكرياً، وذلك في حوار مع الاعلامي وائل الإبراشي عام 2015 مضيفاً أن الحكم المدني لم يتحقق حتى الآن، رغم فوز السيسي بالرئاسة وقتها. وبعد عامين من حكم السيسي قال إنه راض عن أداء السيسي بنسبة 70% فقط، وذلك بسبب الأوضاع الداخلية، لكن لن يرشحه مرة أخرى، وسيكتفي بفترة رئاسته الأولى.

وقبل ثورة 2011، أعلن الفيشاوي خلال لقاء قديم مع الإعلامية وفاء الكيلاني إنه ضد ترشيح جمال مبارك، ولن ينتخبه إذا شارك في انتخابات، تعقيباً على دعم زميله عادل إمام لنجل الرئيس المخلوع.

وقال وقتها إنه ضد التوريث في الحكم، وأعلن دعمه للدكتور محمد البرادعي، الذي بدأ وقتها نشاطاً سياسياً مضاداً لنظام الحكم قبيل ثورة الـ25 من يناير.

حياته الشخصية

تزوج الفيشاوي ثلاث مرات، أولها من خارج الوسط الفني من السيدة نوران، وزيجتين فنيتين من الفنانة سمية الألفي التي أنجب منها نجله الفنان أحمد الفيشاوي، والثانية الفنانة سهير رمزي في زيجة استمرت خمس سنوات وصرح في إحدى مقابلاته التلفزيونية، أنه نادم على عدم زواجه من الفنانة ليلى علوي.

وقبل وفاته بأيام قليلة، تعرض الفيشاوي لأزمة قاسية في حياته، إذ صدر قرار ضبط وإحضار له من قبل نيابة التهرب الضريبي، لمطالبته بسداد باقي مستحقات الضريبة المقدرة بـ 160 ألف جنيه من أصل 380 ألف جنيه، ولم يتمكن من المثول أمام وكيل النيابة، بسبب تدهور حالته الصحية.
-----------------
تقرير - أميرة الشريف
من المشهد الأسبوعي