24 - 04 - 2024

آثار مصر المنهوبة.. شماعة الانفلات الأمني أكذوبة والتهريب من 197 قطعة في 2011 لـ 23 ألفا عام 2018

آثار مصر المنهوبة.. شماعة الانفلات الأمني أكذوبة والتهريب من 197 قطعة في 2011 لـ 23 ألفا عام 2018

تزايد تهريب الآثار المصرية إلى الخارج وضبط آلاف القطع بالمطارات والجمارك بعد 2014

تمثل حوادث سرقة الآثار من المتاحف والمخازن الأثرية والتنقيب والاتجار بها ومحاولة تهريبها من خلال المطارات والجمارك المصرية المختلفة –حسب بيانات وزارة الأثار- ظاهرة تمثل خطرا حقيقيا يهدد ثروة مصر الأثرية والحضارية، حيث أصبح الثراء السريع حلم الكثيرين في ظل الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد منذ سنوات.

ويحمّل مسؤولو وزارة الآثار في تقاريرهم الرسمية، الانفلات الأمني في أعقاب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ مسئولية تزايد عمليات سرقة وتهريب الآثار والتنقيب غير المشروع، بيد أن حوادث السرقات والتهريب لم تتوقف بعد انقضاء فترة الانفلات الأمني المذكورة رغم استقرار نظام الحكم عقب تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية في 2014 وحتى الآن، حيث تشير الإحصائيات الرسمية إلى تضاعف معدلات السرقات والتنقيب والتهريب بشكل كبير، كما زادت معدلات ونسب المضبوطات الأثرية برا وجوا وبحرا.

وحدات أثرية بالمنافذ 

تمثل المطارات والجمارك المصرية المختلفة أحد الأجنحة والمنافذ الهامة للتهريب خارج البلاد بطرق غير مشروعة، لذا بدأت فكرة إنشاء وحدات بالمواني المصرية لمكافحة تهريب الآثار، وذلك تطبيقا للقانون رقم 117 لسنة 1983، والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010، وكانت البداية الوحدة الأثرية بمطار القاهرة التي أنشئت عام 1986، ثم تم تعميمها على جميع المنافذ القائمة بالمواني الجوية والبحرية والبرية المصرية، حيث وصلت لأكثرمن42 منفذا رئيسيا تغطى معظم أنحاء الجمهورية.

يقوم عمل الوحدات الأثرية على معاينة ما يتم ضبطه بالجمارك والمطارات، وفى حال ثبوت أثرية المضبوطات يتم عمل محضر ووصفها، ثم إخطار الجمارك والشرطة لاتخاذ الإجراءات القانونية لوقف التصدير والمصادرة لصالح وزارة الآثار، ثم يتم عرض الأمر على النيابة العامة عن طريق الجمارك للتحقيق فى مدى المخالفة والمسؤول عنها, وبعدها يتم تسليم المضبوطات لوزارة الآثار، ثم تشكل لجنة للاستلام وإيداعها في أحد المخازن التابعة للآثار، سواء استلام نهائي أو على سبيل الأمانة لحين الفصل فى القضية.

شماعة الانفلات الأمني بعد 25 يناير

بعد صدور تقرير الإدارة المركزية للمخازن المتحفية في أغسطس عام 2017 بشأن اختفاء عدد 32638 قطعة أثرية من مخازن وزارة الآثار، حملت تصريحات وبيانات المسئولين حالة الانفلات الأمني التي تلت 25يناير، مسئولية تزايد عمليات السرقة والتهريب، رغم أن العام 2011 تم فيه ضبط  197 قطعة أثرية فقط، أما في عام 2012 فقد تزايدت معدلات سرقة وضبط الآثار نسبيا، حيث تمكنت قوات أمن الجيزة من ضبط تشكيل عصابي تخصص فى الاتجار بالآثار، وبحوزتهم 175 قطعة أثرية، كما تم ضبط 109 قطع أثرية من مسروقات مخزن آثار جامعة القاهرة، وتمكنت أجهزة الأمن بالمنيا من ضبط مزارع داخل منزله وبحوزته 64 قطعة أثرية، فيما ضبطت 7 قطع أثرية داخل سيارة مسروقة بالفيوم، وأحبط مكتب المضبوطات الأثرية بمطار الأقصر الدولي محاولة تهريب 19 قطعة أثرية.

زادت المضبوطات في عام 2013 إلى 3.000 قطعة، ونجحت وحدة المضبوطات فى ضبط 863 قطعة أثرية، ففي مكتب بريد العتبة تم إحباط محاولة تهريب مجموعة قيمة ونادرة من المقتنيات الشخصية لجمال عبد الناصر، وفي مطار القاهرة تم ضبط مجموعة من الأواني الخزفية والمعدنية والزجاجية والكريستال، إضافة إلى إحباط محاولة تهريب 145 عملة أثرية، وثلاثة أيقونات قبطية، وفي ميت رهينة مركز البدرشين بمحافظة الجيزة تم ضبط 11 قطعة أثرية بمنطقة تعود إلى العصر المتأخر واليوناني الروماني، وثلاث قطع أثرية من مسروقات المخزن المتحفي، و9 قطع أثرية، وبعدها عدد 104 قطع أثرية.

تهريب فترة الاستقرار الأمني

رغم الاستقرار السياسي وصعود نظام أمني إلى سدة الحكم إلا أن سرقة الآثار لم تتوقف، فتشير الأرقام الصادرة من وحدة المنافذ الأثرية في العديد من المطارات والجمارك المصرية إلى تزايد الظاهرة بعد استقرار النظام الأمني في البلاد بداية من 2014 حتى الآن عن مثيلاتها من السنوات الثلاث الأولى للثورة2011 – 2013، ففي عام 2014 وفقا لتصريحات أحمد الراوي رئيس إدارة المضبوطات، فإن إجمالي عدد القطع الأثرية التى تم ضبطها ومصادرتها بلغ نحو 2477 قطعة مضبوطة من جميع العصور، كما قامت شرطة السياحة والآثار بضبط 1524 قطعة أثرية تمثل عدة مراحل تاريخية، داخل منزل أحد المواطنين.

وفي عام 2015، زاد عدد القطع المضبوطة إلى 3180 قطعة، ففي خلال النصف الأول من العام تم ضبط ومصادرة نحو 1159 قطعة، كما نجحت وحدة المنافذ الأثرية بمطار القاهرة الدولي من إحباط محاولة تهريب 761 كتابا ومجلدا، و مجموعة من التماثيل والمقتنيات الأثرية الهامة عبر ميناء سفاجا، و ضبط أربع قطع أثرية بمياه ميناء الصيد بعزبة البرج، و إحباط محاولة لتهريب 1124 قطعة أثرية نادرة، كما ضبطت شرطة السياحة 3000 قطعة أثرية، إضافة إلى تحرير 1200 قضية حفر وتنقيب سجلتها محاضر الوزارة.

وشهد عام 2016 إحباط تهريب أكبر عملية تهريب للآثار، شملت 9.000 آلاف قطعة أثرية، عُثر عليها بحوزة جواهرجي فى منطقة عين شمس، شملت المضبوطات العديد من التماثيل  والأقنعة والجعارين والأواني والبرديات المصرية القديمة والرومانية، فضلا عن مئات العملاتالنقدية والورقية الأثرية والتي ترجع لعصور يونانية ورومانية وإسلامية مختلفة.

ونجحت الإدارة المركزية للمضبوطات في العام 2017، في التَحقٌق من أثرية 1369 قطعة ، كان قد تم ضبطها، وإيداعها بمخازن الآثار، وسرقت بعض الحشوات الزخرفية بمقصورة السلطان الكامل الأيوبي، كما تعرض الباب الخشبي، ومجموعة الزخارف الخشبية الموجودة داخل قبة جامع الإمام الشافعي للسرقة في نفس الشهر، كما سرقت عدد 6 مشكاوات  من جامع الرفاعي بالقلعة، وتعرض متحف آثار النوبة بأسوان لمحاولة سرقة تمثال المعبودة إيزيس ترضع ابنها حورس المعروض بأحد قاعاته من إحدى الموظفات الموجودة بالمتحف، إضافة إلى سرقة أحد مراقبي أمن المتحف القبطي أجزاء من حشوات خشبية أثرية من باب خشبي للقديسة "بربارا" المعروض بالمتحف، كما تمكنت وزارة الآثار من ضبط تمثال من الجرانيت.

جاء العام 2018  ليحمل فضيحة أكبر عملية تهريب قطع أثرية في تاريخ مصر عن طريق حاوية دبلوماسية تم ضبطها في ميناء نابولي بايطاليا وكانت تحمل21855 قطعة منها 21,660 عملة معدنية، إضافة إلى 195 قطعة أثرية، كما تسلمت وزارة الآثار 36 قطعة أثرية من جمرك البريد السريع بالعتبة، بالإضافة إلى عدد 8 قطع أثرية كان قد تم ضبطها في ميناء بدر البرى،و7 طرود بقرية بضائع مطار القاهرة بها ثلاث كتب مخطوطة وعشرة وثائق حكومية مخطوطة، و116  قطعة أثرية من ميناء دمياط البحري، 44 عملة معدنية أثرية ذهبية وفضية ترجع للعصر البيزنطي والإسلامي بمطار برج العرب، وضبط كتاب مخطوط أثري بمطار القاهرة الدولي و324 عملة معدنية أثرية ترجع لعصور مختلفة، وفي مطار برج العرب الدولي بالإسكندرية تم ضبط  620 عملة أثرية.

وأخيرا شهد النصف الأول من العام الماضي ضبط عدد 18 قطعة أثرية، وأجزاء لمومياوات داخل أحد الطرود أثناء محاولة تهريبها للخارج ، إضافة إلى 7 قضايا تهريب أخرى، ضبط خلالها 81 عملة معنية أثرية ترجع لعصور مختلفة، وسرقة باب خشبي من العصر الإسلامي، وتمثال من الجرانيت، و17 كسر أواني فخارية، و7 قطع ذهبية عليها نقوش مصرية قديمة، وسندات بنكية مصرية ترجع لتواريخ قديمة.

وتعليقًا على الآثار المهربة حديثا عبر المنافذ البحرية والجوية والبرية بعد يناير2011، ذكر الدكتور أحمد عبد الظاهر أن المتحف المصري قد تعرض للسرقة وتم استرداد 38 قطعة أثرية، بالإضافة إلى 11 قطعة أخرى، وكذلك تعرض متحف مصطفى كامل للتدمير، بالإضافة إلى متحف ملوي في 2013، مؤكدًا أن الانفلات الأمني شماعة للمسئولين لتهريب الآثار، لأن نشاط  الحفر بدأ من قبل الثورة، وظل مستمرا إلى ما بعدها، ليقتصر تهريب الآثار على القطع غير المسجلة بالوزارة الناتجة من تزايد عمليات الحفر تلك، مشيرا إلى ضرورة التوعية المجتمعية لردع القائمين على عمليات الحفر، إضافة إلى تطوير الأجهزة الأمنية المسئولة عن مكافحة جرائم التهريب من نفسها لمواكبة التطور المقابل من قبل المهربين،وحسب حديثه، فالمهرب يتطور بسرعة لا تستطع الشرطة مواكبتها.

واقترح المحاضر بجامعة القاهرة واللواء السابق في الشرطة المصرية، تدريس قانون الآثار في كلية الشرطة، إضافة إلى إشراك طلاب كليات الآثار ومفتشي الآثار كفرق متخصصة في أجهزة الشرطة، وتكوين إدارة منفصلة لمكافحة جرائم الآثار تكون متخصصة مثلها مثل إدارات الأداب والمخدرات والتموين، حيث أن شرطة السياحة والآثار لا تقوم على مكافحة جرائم الآثار وإنما تقوم على تأمين السائح فقط.
-----------------------
تحقيق - هاني رياض








اعلان