01 - 11 - 2024

جرس إنذار.. قائمة أمراض تعرض نفسك لها بأكل لحوم حيوانات تتغذى على "القمامة"

جرس إنذار.. قائمة أمراض تعرض نفسك لها بأكل لحوم حيوانات تتغذى على

حزمة أمراض عضوية وعصبية أبرزها فيروس سي وتليف الكبد وسرطان القولون
- محمد عدلي: مواد أشد سمية تصيب الإنسان من تناول لحوم الحيوانات المتعايشة على المخلفات
- محمد على النحاس: سموم يتفاوت تأثيرها من التسمم المعوي والإسهال والقيء، وصولا إلى الوفاة فوراً
- صافيناز المغازي: الملوثات الغذائية تحدث تغييرا سلوكيا مدمرا قد يشعر الإنسان أنه لن يهدأ إلاّ عندما يرى دماً
- عباس شومان: يمنع أكل لحوم الحيوانات المتغذية على النجاسات قبل 40 يوماً من حبسها 

يعاني  15 مليون مصري من أمراض الجهاز الهضمي، يشكل مرضى الكبد منهم 50%، وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية، وهم الذين يعانون من أمراض الكبد والمعدة والقولون والبنكرياس والمرارة والأمعاء والمرىء والبلعوم .

وبحسب ذات الدراسة، يعاني 2,6 مليون مصري من الفشل الكلوي، إذ تحتل مصر المركز الأول عالمياً فى نسبة وفيات المصابين به، بالإضافة إلى مرضى الجهاز الدوري والبولي والتناسلي الذي يؤدي إلى تشوه الأجنة والعقم، إلى جانب أمراض الجهاز العصبي النفسية والعصبية الناتجة من خلل الخلايا العصبية وأحياناً تدميرها بالبطىء.

القمامة مرتع للأمراض

تحوي تجمعات القمامة التي يترك مربوا الحيوانات حيواناتهم لتتغذى منها، أشد ملوثات الغذاء ضرراً على الحيوان والإنسان، إذ تصاب هذه الحيوانات بما يقرب من 243 مرضا تحتضنها هذه البيئة الغذائية الضارة وغير السليمة، وتنتقل هذه الأمراض من الحيوان إلى الإنسان، فيما يُعرف بالأمراض المشتركة بينهما.
 ويبدأ التغير المرضي فى أنسجة لحم الحيوان بالانتشار بين كل 3 إلى 8 سم، بعد أن تنتقل العديد من أنواع البكتيريا والطفيليات إلى جسم الحيوان عن طريق الغذاء، وأشد أنواعها خطورة هى "الساركوسيست"، إذ تتكاثر جنسياُ داخل أمعاء الحيوان، وتسكن الحويصلات العضلية، ومن ثم تنتقل عبر الشعيرات الدموية، إلى أعضاء وخلايا أنسجة الحيوان.

ويتنوع "الساركوسيست" إلى أكثر من 200 نوع، منها ما لا يُرى إلا مجهرياً، وفى الجاموس والأبقار توجد لها 4 أنواع، أهمها "ساركوسيست هومتر" و "ساركوسيست كروزبى". وتحمل الساركوسيست، هرمون الساركوتين الذي يسبب أعراضا عصبية وحساسية، ونزلات المعوية، وإرتفاعا فى درجات الحرارة 

وتعتبر تجمعات القمامة أو ما تُعرف بالفضلات أو البقايا أو المخلفات، بيئة للسموم الفطرية والبكتيرية، والمواد الصناعية الخطرة، كما أنها بيئة لعناصر ثقيلة بتركيزات مرتفعة، وبيئة للمبيدات الحشرية. 

ومن السموم الفطرية الأفلاتوكس، ومايكوتوكسين ، والأسبرجلس، ومن الأفلاتوكسينات، نجد الديوكسين أحد السموم الفطرية والبكتيرية، وهو أكثر المواد المسببة للإصابة بالأورام السرطانية المختلفة، لدى الرجُل والمرأة على السواء وفى أماكن متعددة من الجسم خاصة ًالجهاز الهضمي والليمفاوي، وسرطان الدم "اللوكيميا".

سموم المخلفات

ويوًّضِح الدكتور محمد عدلي سليمان الأستاذ المساعد بكلية الزراعة جامعة دمياط، بأن العناصر التي تحتوي عليها البقايا أو المخلفات تنقسم إلى قسمين، الأول عناصر منخفضة ومنها الرصاص، والزنك، والنحاس، والمنجنيز، والحديد، والكادميوم، والزئبق، والثاني عناصر ثقيلة تدخل فى صناعة مركبات البلاستيك، والمواد الحافظة، والمنظفات .

ويضيف أن الرصاص أشد العناصر ضرراً على صحة الإنسان، حيث يجب ألا تتعدى نسبتها داخل جسم الإنسان أكثر من 0.43 ملجرام، ويتواجد فى مكونات المخلفات فى أوراق الجرائد على سبيل المثال وفى جميع الأوراق المطبوعة، حيث يدخله الحيوان إلى جسمه أثناء تناول غذائه من تلك المخلفات.

ويتركز الرصاص فى العضلات الخاصة بالحيوان، ومن ثم ينتقل إلى الإنسان نتيجة تناوله لهذه اللحوم، ويُختَزل الرصاص داخل الإنسان فى المخ،  فيؤدي إلى الإصابة بالزهايمر، وضعف الذاكرة، ويخزن فى الكبد والطحال، مما ينتج عنه تسمم حاد، أو تسمم تراكمي يصيب الكبد بالتليف خلال ستة أشهر.

ويتابع بأن الزنك، إذا زاد عن معدله الطبيعي ستين مللي جرام، يمنع الجسم من امتصاص المعادن الأخرى، التي لها تأثير كبير على صحة الجسم، فهو يقلل من فرصة امتصاص الدم لهرمون الإنسولين الذي يساعد فى حرق السكريات فى الدم، ويؤدي إلى الشعور بالرغبة فى التقيؤ والغثيان .
مواد أكثر خطورة 

الطبيب البيطري محمد على النحاس يقول أن بعض بقايا غذاء الإنسان والحيوان من أصول نباتية تحتوي على السموم الفطرية مثل الفول السوداني والذرة وبذرة القطن أو أي بذور زيوت، وهذه السموم الفطرية أو الأفلاتوكسين تؤدي إلى نخر الكبد، وربما تصل إلى سرطان الكبد، بالإضافة إلى العناصر التي تختزن فى الحيوانات التي تتغذى على القمامة والفضلات فى الكبد والمخ والطحال والكرش والأمعاء واللحوم والدهن، مما يؤدي إلى أضرار بالغة تبدأ من التسمم المعوي والقيء والإسهال فى الحالات البسيطة ؛ وتصل إلى الوفاة فى حالات التسمم الحاد.

ويضيف:" الحيوانات قد تفرز هذه المواد السامة فى ألبانها ، مما يكون له نفس الأثر سواء فورياً أو تراكمياً ، كما أن اللحوم أو الألبان ربما تكون محتوية على الميكروبات المختلفة، ومنها ما هو فيروسي أو بكتيري أو فطريات أو ممرضات غير معروفة، كما بوجد العديد من أنواع البكتريا التي لها القدرة على التجرثم، وإفراز السموم من نوع Exotoxines  .

وربما لا تتأثر هذه الجرثومات، بالغلي لفترة طويلة، وعندما يتغذى الإنسان على اللحوم والألبان المحتوية على هذه الجرثومات، فإنها تتحلل فى أمعاء الإنسان، منتجة بكتريا حية، وأحياناً سموماً يتفاوت تأثيرها من التسمم المعوي والإسهال والقيء فى الإصابة الخفيفة، إلى التليف الكبدي فى الأثر التراكمي إلى الوفاة فوراً فى الإصابة الشديدة الحادة.

ويضيف أن من بين هذه البكتريا والفيروسات والفطريات ما يصيب القولون من خلال بكتريا القولون، والحمى الخفية، والليستريا، والسالمونيلا، والبروسيلا، والسل، والحمى الفحمية، أو الجمرة الخبيثة، ومنها الرئوي الذي ينتقل للإنسان عن طريق الإستنشاق أو الجلد عن طريق الملامسة أو المعوي عن طريق الفم، إلى جانب إلتهاب الحلق الناتج عن العقديات Streptococci  pyogenes  ، والكوليستريديا بما لها من أثار تسمم غذائي، والإلتهاب الكبدي الوبائي A   والإلتهاب الكبدي الوبائيE، وحمى الوادي المتصدع، والحمى القلاعية، والحمى النزفية بالمخ وشبكية العين. 

وتبقى الإصابة بالسالمونيلا، واحداً من أكثر ثلاثة أمراض شائعة تحملها اللحوم وتظل الحيوانات والمنتجات الحيوانية، هى المصدر الرئيسي للإصابة بمرض السالمونيلا ولاتضمن التكنولوجيا الحالية فى المصانع، إنتاج منتج خال من السالمونيلا، إذا كانت الحيوانات الواردة إلى هذه المصانع حاملة لها، وتم التوصل بالتجارب إلى أن لكل حالة مرضية من السالمونيلا مؤكدة معملياً يوجد متوسط 29,5 حالة أخرى يتم التعرف عليها حينما تجرى الفحوص الكاملة.

والمؤكد أن إلتهاب الأمعاء ببكتيريا الكولاي والنزيف الدموي لالتهاب الغشاء المخاطي للقولون تسببه ثلاثة أنواع من بكتريا E.  COLI . وهى، النوع المولد للسموم المعوية  Enterotoxigenic  E.coli ، وهو النوع الذي يعتبر من أكثر الأسباب الشائعة لحدوث حالات إسهال السياح، والنوع المسبب للمرض معوياً    Enteropathogentic  E.coliوهو النوع الذي ارتبط بحالات تفشي الإسهال بين الأطفال والمواليد الجدد فى شهورهم الأولى (نادراً ما تكون الحالات من مصدر يحمله الغذاء)، إضافة إلى النوع الذي يغزو الأنسجة المعوية السليمة  Enteroinvasive  E.coli ، وهو النوع الذي يحدث إلتهاباً معوياً متشابهاً لما تسببه الشيجلا،  والذي قد يحمله الغذاء أو الماء، بالإضافة إلى البكتيريا المنحنية التي يكون انتشارها عالياً فى اللحوم الطازجة، وتبقى حية فى اللحوم المجمدة لشهور .

الذبح خارج المجازر

ويؤكد الطبيب البيطري محمد على النَّحاس بأن أغلب الحيوانات التي تأكل من القمامة يتم ذبحها خارج المجازر؛ ففى داخل المجازر يتم الكشف الظاهري على الحيوانات، والتي يشك الطبيب البيطري في إصابتها بأي مرض، فإنه يلجأ إلى المعامل ومن ثم يقوم الطبيب البيطري بالقضاء على الأجزاء المصابة بحرقها فى المحارق .

لكن على الجانب الآخر كما يضيف، فإن أصحاب هذه الحيوانات من الماشية والأبقار لا يعجزون، فهم يقومون بذبحها وتوزيعها على محلات الجزارة المختلفة أو المطاعم. 

ويبقى السؤال مطروحاً دون إجابة عن مدى كفاءة المجازر وإمكانياتها فى إكتشاف هذه الحالات من الحيوانات وإعدامها؟

يضيف أنه يتعين  اتباع حزمة من الارشادات نظراً لأن الخطورة الأكبر يتعرض لها كبار السن والأطفال الرضع، فى حالة الحيوانات المصابة بإلتهابات الضلع، لذلك يجب حفظ اللبن مبرداً لفنرة قبل وبعد بسترته أو غليه لأن هناك ميكروبات لا تتأثر كثيراً بالغلي والبسترة .

ويتابع بأن بعض الألبان التي بها إلتهاب ضلع تنتج E – coli  بكميات كبيرة والتي قد تفرز الكثير من السموم وغالباً هذه السموم لا تتأثر بالحرارة،  ولكن عند غلي اللبن يتحول إلى اللون الأصفر، كما تتحول رائحته إلى الرائحة الكريهة . 

الأمر الثاني الذي يجب ملاحظته أنه يجب عند طهي اللحوم أو غلي الألبان، لفترة قد تصل إلى نصف ساعة ودرجة حرارة 121 درجة مئوية، كما أنه عند طهي اللحوم لا بد وأن تقطع إلى قطع صغيرة وأن يتم الطهي لمدة ساعة وفي درجة حرارة 121 درجة مئوية  .

ويُنصح بشراء اللحوم من مصادر موثوق بها حيث تكون اللحوم مذبوحة فى المجازر المعتمدة، وتحت الإشراف الصحي الطبي البيطري، وتكون مختومة بالخاتم الطبي البيطري، كما يجب عدم تذوق اللحوم المحفوظة أو المعلبة أو اللحوم أثناء الطهي، إلا بعد الغليان لفترة نصف ساعة ودرجة حرارة 121 درجة مئوية، كما يجب ألا تستعمل السكين الذي تقطع بها اللحوم فى تقطيع الخضروات إلا بعد غسلها بالماء والصابون جيداً  .

الخطورة على الصحة النفسية               

ترى الدكتورة صافيناز المغازي استشاري الصحة النفسية،  أن خطورة الملوثات الغذائية تكمن في قدرتها على إحداث تغيير سلوكي سيء للغاية، من خلال جعل المخ يصل إلى حالة شديدة من العدوان والإنفعال، لدرجة أن المخ فى حالة الإنفعال أثناء شجار يعطي مؤشراً للإنسان أنه لن يرتاح أو يهدأ إلاّ عندما يرى دماً.

وتضيف:" الآن نرى كثيرا من الجرائم التي بدأت بمجرد نوع من الشجار، وأثناء الشجار تظهر الاضطرابات النفسية المفرطة فى حدة الأنفعال الذي يصل بالإنسان إلى إرتكاب جريمة القتل، من أجل رؤية الدماء ومن ثمة يبدأ بعدها فى الهدوء والتفكير".
 وتتابع :" رأينا ذلك فى الجريمة التي ارتكبها الطبيب فى محافظة كفر الشيخ والذي قتل زوجته وأولاده، وكان عند ارتكابه الجريمة فى أعلى انفعالاته وعندما فعلها هدَأ".

وتؤكد المغازي على أن الملوثات الغذائية تؤدي إلى ظهور وانتشار الأمراض والاضطرابات النفسية بشكلِ مفرط ،كالفصام وإزهاق القدرات العقلية، وكثرة حالات الانتحار والحزن والضغوط النفسية ، لذلك ومن أجل مجتمع آمِن صحياَ بدنياَ ونفسياَ يتعين خلو الغذاء والأطعمة من كافة الملوثات  .

والدين يحذر

من الناحية الشرعية، يقول الدكتور عباس شومان الوكيل السابق للأزهر الشريف أن الحيوانات التي غالب أكلها من المخلفات والنجاسات، تُمنٍع عنها فترة مناسبة فى حدود الأربعين يوماَ، وتزيد فى حال الحيوانات الكبيرة كالأبقار والجِمال، وتُغذى على العلف وغيره من أطعمة الحيوانات ثم يؤكل بيضها ولبنها ولحومها، وإذا كان غالب طعامها من غذاء الحيوانات المعتادة، فلا مانع من أكل بيضها وألبانها ولحومها من دون حبس 

والمقصود من أكل بيضها، هو بيض الدجاج الذي يتغذى على النجاسات ولبن الأبقار لا يؤكل حتى يمنع من أكل النجاسات فترة تغير خلاياها وتُخَلِصها من أثر الغذاء النَجِس . 

ويضيف أن الحيوان الذي يتغذى على القمامة ( النجاسة ) يُسَمى عند الفقهاء " الجَلَّالة "؛ وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال : ( نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن أكل الجَلَّالة  وألبانها ) رواه الترمزي، وسواء فى الجَلَّالة البقر والغنم والإبل والدواجن، فإذا كان أكثر علفها نجاسة فهي جَلَّالة فإن تَغَيَرَ ريح مرقها أو لحمها أو طعمها أو لونها فهى جلالة , والنهي حقيقة فى التحريم . 

ويتم رؤية الحيوانات وتناولها الغذاء من القمامة أو يقوم بعض العُرب ومتعهدي جمع القمامة بنقل المخلفات إلى مربي هذه الحيوانات الذين يكونوا فى الغالب أفرادا، وتنتشر هذه الظاهرة فى عدد من المحافظات، وعلى رأس هذه المحافظات القاهرة حيث تتواجد فى أماكن عدة فيها مثل بشتيل وإمبابة وغيرها من المناطق المكتظة والعشوائيات.

ومن أجل القضاء على هذه الظاهرة  يتعين القيام بحملات توعية طبية بيطرية وارشادية للوصول بالمواطنين إلى أعلى درجات الوعي الصحي، إلى جانب التوعية الدينية، من خلال تضافر جميع الجهود من جانب السلطات الضبطية القضائية واالتشريعية والتنفيذية ، بهدف التحكم والضبط والردع وتنفيذ القانون بحزم. 
---------------------
تحقيق: نجلاء إبراهيم مُحَرَّمْ
الموضوع منشور في المشهد الأسبوعي .. اليوم مع الباعة