17 - 08 - 2024

إلى أين تتجه 64 مليار جنيه قيمة شهادات قناة السويس العائدة لأصحابها؟

إلى أين تتجه 64 مليار جنيه قيمة شهادات قناة السويس العائدة لأصحابها؟

خبراء: العقار والبنوك الأكثر ترقباً لـ" خطف" الجزء الأكبر من " كعكة" الأموال المستردة
- منى مصطفى: 80% من الأموال سيم ربطها في شهادات استثمار جديدة 
- صلاح حيدر: البنوك تدرس إصدار باقات مختلفة من الشهادات الاستثمارية متعددة الأجال
- محمد عبدالعال: أموال شهادات قناة السويس لن تحدث ضغوط تضخمية في الأسواق
- طارق متولي: عوائد الاستثمار في الذهب والبورصة ليست جاذبة مثل شهادات الاستثمار

توقع خبراء اقتصاد بقاء غالبية الأموال المستردة منشهادات قناة السويس، والتي تستحق في الرابع من سبتمبر المقبل في البنوك، دون أن يلجأ أصحابها إلى سحبها، على اعتبار أن حائزي الشهادات ليسوا من النوع المخاطر في الاستثمار.

وتنتهي في الربع من الشهر المقبل، مهلة السنوات الخمس المحددة لشهادات قناة السويس التي تم طرحها من قبل هيئة قناة السويس وبلغت حصيلتها نحو 64 مليار جنيه، وجرى استخدامها في تمويل توسعة القناة الجديدة، وإنشاء الأنفاق أسفل القناة.

وبحسب بيانات البنك المركزي، فإن 90% من المكتتبين في شهادات قناة السويس هم من الأفراد مقابل 10% فقط للمؤسسات، وبافتراض أن الفائدة على الشهادات كانت 12% لأول عامين، ارتفعت إلى 15.5% في الثلاثة أعوام الأخيرة، فإن هيئة قناة السويس دفعت ما يتجاوز نحو 17 مليار جنيه على أصل قيمة الشهادات البالغة 64 مليار جنيه أي نحو 81 مليار جنيه.

العقار والبنوك ..المستفيد الأكبر

وتوقع رامي جادو، خبير اقتصادي، أن يكون القطاع العقاري المستفيد الأكبر من استرداد أموال شهادات قناة السويس، على عكس الاستثمار في الذهب أو البورصة، لأنه القطاع الأكثر استقراراً حالياً والأعلى ربحية ويشهد كل عام زيادة سنوية لا تقل عن 10-15%.

ويضيف:" مبيعات القطاع العقاري يتوقع أن تنتعش خلال الأيام المقبلة، بالتزامن مع ضخ جزء من هذه المبالغ الطائلة في السوق وتوجيهها للقطاع العقاري، وشراء الأراضي والشقق، ذلك أن من المتوقع أن يقود العديد من حائزي شهادات قناة السويس بعد استردادها بشراء قطعة أرض أو شقة داخل كمبوند أو شاليه في الساحل الشمالي أو الاسكندرية ،على إعتبار أن العقار دائماً مخزن للقيمة.

ومن جانبها، تتوقع منى مصطفى، خبيرة أسواق المال، أن يتم ربط 80% من الشهادات المستحقة في سبتمبر في شهادات استثمار جديدة، ذلك أن أغلب المشتركين في شهادات قناة السويس، هم عملاء من البنوك، وليسوا مستثمرين مغامرين وقد يدخل جزء بسيط من قيمة الشهادات للقطاع العقاري.

وتتفق رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في بنك الاستثمار فاروس، مع منى مصطفى في أن غالبية اصحاب شهادات قناة السويس سيلجأون إلى شراء شهادات جديدة، وقد تذهب نسبة صغيرة فقط ، إلى وضع أموالها في استثمارات أخرى قد يكون من بينها شراء ذهب أو عقارات أو ترجع "تحت البلاطة كما كانت قبل شراء الشهادات" على حسب وصفها.

ويقول صلاح حيدر، محلل اقتصادي، أن القطاع المصرفي سيكون الفائز الأكبر عند حلول موعد استحقاق شهادات قناة السويس بالرغم من تخفيض أسعار الفائدة مؤخراَ، إذ أنه من المرجح أن تتجه البنوك نحو إصدار باقات مختلفة من الشهادات الاستثمارية متعددة الأمد بأسعار أقل، ولكنها ستبقى جاذبة بشكل كبير لقطاع كبير من المستثمرين لأنها ستكون أعلى من متوسط معدلات التضخم المتوقعة على مدار السنوات المقبلة. 

ويضيف:" يدعم ذلك الثقة في القطاع المصرفي، فضلاً عن أن جزءاً كبيراً من الاكتتاب في شهادات الاستثمار كان نتيجة إعادة تدوير لودائع المصريين في البنوك، وسيعاد تدويرها مرة أخرى في القطاع المصري بعد انتهاء أجل الشهادات".

ويتوقع حيدر، أن تتجه ما بين 15-20% من قيمة الشهادات إلى القطاع العقاري الذى يحظى  هو الأخر بثقة لدى المستثمرين الأفراد، ويوصف بأنه مخزن جيد للقيمة خاصة مع الاهتمام الحكومي الكبير بالمشروعات العقارية، وهو ما سيتبعه اتجاه القطاعين العام والخاص المستثمرين في المشاريع العقارية إلى حملات ترويجية مكثفة لمشروعاتهم الحالية والمستقبلية، مع طرح تسهيلات مغرية في برامج الدفع والتمويل، خاصة مع توقعات ارتفاع أسعار العقارات في الأعوام المقبلة بين 30-40%.

ويتابع: " سيتقاسم باقي الحصيلة كلا من سوقي المال والذهب، فالذهب مع احتدام الحرب التجارية يلجأ له المستثمرون بشكل مكثف كمصدر آمن للقيمة، بعيداً عن تذبذبات الأسواق المالية، ولكن في مصر عادة ما يكون الاتجاه للاستثمار في الذهب بشكل مباشر في المشغولات الذهبية والعملات الذهبية، بعيداً عن عقود الذهب أو الاستثمار في الذهب من خلال الفوركس، ويعد الاستثمار في الذهب حالياً مغرياً مع استمرار ارتفاع أسعار الذهب بشكل مستمر خلال الفترة الأخير".

ويوضح أن البورصة مطالبة بفعل الكثير، إذا رغبت في الاستحواذ على حصة من حصيلة شهادات قناة السويس، أهمها إعادة تحريك برنامج الطروحات الحكومية في أسرع وقت، و الإسراع بجذب طروحات شركات القطاع الخاص بشكل مكثف، وإغرائها بتلك السيولة التي قد تكون نقطة تحول لسوق المال.

أوعية استثمارية جديدة

وحسب محمد صالح، محلل اقتصادي، من المتوقع أن تستحوذ الأوعية الادخارية الجديدة التي ستصدرها البنوك، بعد إعلان البنك المركزي خفض الفائدة في اجتماعه الأخير، على نصيب الأسد من سيولة شهادات قناة السويس، بالنظر إلى عقلية المستثمر المصري الفرد، الذى يضع استثمارات كبيرة في أوعية ادخارية طويلة الأجل تحقق له عوائد متميزة، دون أي مجهود يذكر، كما من المتوقع أن تتجه نسب قليلة من السيولة إلى قطاعي العقار والذهب، والجزء الأضعف إلى البورصة المصرية.

ويرى محمد عبد العال، خبير مصرفي، وجود مبالغة في تقدير تداعيات استحقاق مبلغ الـ64 مليار جنيه قيمة شهادات قناة السويس، والتي يحين موعد استحقاقها الشهر القادم، موضحاً أن البعض يتخوف من أن تسبب عودة هذا المبلغ الضخم في حسابات المواطنين ضغوطا تضخمية في الأسواق؛ ومن ثم يتعين على الدولة استحداث أوعية وصناديق استثمارية جديدة ، لتجنب مخاطر السيولة الفائضة، وهو أمر غير حقيقي حسب قوله.

ويوضح، أن الأمر أبسط من ذلك لعدة أسباب منها أن مبلغ الـ64 مليار جنيه، قد يبدو كبيراً كرقم مطلق، ولكن قياساً إلى حجم ودائع المصريين لدى البنوك المصرية الذي يقترب من 4 تريليون جنيه، فإن قيمة المبلغ المستحق لا يزيد عن 1.6% من إجمالي ودائع الجهاز المصرفي، وهذا يدل على أن هذا المبلغ ليس بالقدر الذى يشكل مخاطر سيولة فائضة.

ويضيف :"مثل هذا المبلغ وأكبر منه، يخرج ويدخل يومياً عبر شرايين الجهاز المصرفي من خلال الإيداعات والسحوبات والتدفقات النقدية الداخلة والخارجة، لتسوية المعاملات والصفقات واكتتابات إصدارات سندات وأذون الخزانة والودائع بين البنوك، وبين البنوك والبنك المركزي، دون أي أزمات".

الذهب والبورصة الأقل 

وقال الخبير المصرفي محمد عبد العال، إن الأموال المكتتب بها في شهادات قناة السويس، جاءت غالبيتها من ودائع للعملاء كانت في الجهاز المصرفي فعلاً، و25% منها جاء من "تحت البلاطة" أي من خارج الجهاز المصرفي.

ويضيف أن الميول الادخارية  لأصحاب الشهادات اختلفت بشكل كبير، لذلك يتوقع أن تعود تلك المبالغ كما كانت قبل الاكتتاب الى البنوك في شكل ودائع جديدة، وما يعزز هذا التوجه، تخفيض البنك المركزي لسعر الفائدة، الأمر الذي سيشجع أصحاب الشهادات على ربط ودائع طويلة الأجل مع البنوك بسرعة، آخذين في الاعتبار أن وثيقة قناة السويس كانت مربوطة في بداية الاكتتاب بـ12% قبل رفعها فيما بعد إلى 15.5%.

ويؤكد، أن الساحة الاستثمارية والمصرفية مليئة، بل متخمة بالأوعية الادخارية من حسابات وودائع وشهادات مختلفة الأنواع والآجال بالبنوك، وصناديق ومحافظ استثمار لدى بنوك الاستثمار، وسندات وأذون خزانة، إلى جانب الاستثمار في البورصة المصرية.

ويتفق طارق متولي، الخبير المصرفي مع الآراء السابقة، ويضيف أن قرار البنك المركزي بخفض الفائدة بواقع 1.5% سيجعل من شهادات ادخار تتراوح فائدتها بين 13-14%  أمراَ جذاباً، وبالتالي فإن العملاء سيجدون منفذاً لاستثمار هذه الأموال.

ويضيف أن وجود طروحات جديدة في البورصة وارتفاع أسعار الذهب لن يجذبا نوعية المستثمرين في شهادات الاستثمار، إذ أن هذين السوقين يشهدان تذبذبات مستثمرة، فضلاً عن أنهما يتسمان بعدم الاستقرار، بسبب الظروف المحيطة، على عكس استقرار الأوعية الادخارية بالقطاع المصرفي، وبالتالي فإن ذهاب المدخرين الأفراد لهذه القطاعات، يتطلب خبرة قد لا تتوافر لدى الكثير من المدخرين.
-----------------------
تقرير: رامي الحضري