18 - 04 - 2024

كده وكده!!

كده وكده!!

أثق في جدية الشكاوى التي قدمها النادي الأهلي ضد رئيس الزمالك بسبب ما وصفه البيان الأحمر بـ "تجاوزات" الرئيس الأبيض ضد الخطيب ومجلس إدارته .. لكني أثق في نفس الوقت أن تلك الشكاوى سينتهى مصيرها إلى ما يمكن وصفه بالعامية "كده وكده"

من جهة ستنظر المؤسسات الرسمية التي تقدم لها الاهلي بالشكوى ضد مرتضى منصور بـ"حسابات سياسية" في المقام الأول، بينما يمكن التعامل مع "الحسابات الأخرى "بهدوء وترويض إن لزم الأمر.. بيان الأهلي صرخة استغاثة حيث سبق وأن تقدم الأهلي ثلاث مرات من قبل لرئيس لجنة الانضباط والأخلاق باتحاد الكرة المصري بالشكوى من الممارسات اللا أخلاقية (بنص البيان) لرئيس الزمالك خلال مداخلات تلفزيزنية حافلة بالأكاذيب كما يدعى البيان الأهلاوي.

وطلب الأهلى من رئيس لجنة الانضباط , المستشار سيد بنداري , اتخاذ اللازم قانونا حيال ما ورد بالشكوى، أو إفادته عما إذا كانت هناك طرقا أخرى مشروعة غير القانون لحفظ حق النادي.

وتلك خاتمة مؤلمة تكشف عن الوضع الحائر لـ "القانون"في الرياضة المصرية, مرة تجده صارما مقيدا بنصوصه، ومرة أخرى يدخله البعض في دائرة "السياسة" والمواءمات  التي تبيح المحظورات وتعقد المصالحات وتصدر البيانات ويتحول القانون ذاته إلى مجرد نصوص ومواد على الأوراق..باختصار، عندنا قانون رياضة "كده وكده"

ما سبق ليس دفاعا عن الأهلي أو "تسخين" لجنة الانضباط على الزمالك، فالأهلي نفسه يتجاوز عبر إعلامه الورقي والمرئي في حق القلعة البيضاء ورئيسها مرتضي منصور وما قد يجري عليه من إجراءت قانونية يجب أن يجري على الأهلي أيضا لارتكابه نفس المخالفات ـ وإن بدرجة أقل ـ لكن "كده وكده" ستستدعى الحالة العامة للبلد والإرهاب والأزمات وغضب جمهور الناديين وتعطل القانون وتحل المشكلة بنفس الطربقة التي تعودنا عليها في حوادث الثأر والعنف الطائفي وسائر المنازعات التي تجري في الوجهين القبلي والبحري.. جلسات عرفية ومصافحات إجبارية (لزوم الكاميرا) بينما يدخل القانون الذي يحكم فض المنازعات وحده في غرفة المداولة يشكو همه لنفسه ويصرخ متألما دون أن يسمعه أحد.

وفصة "كده وكده" مليئة بالحكايات الكوميدية والدرامية والمأساوية في بلدنا التي تشير إلى أن القانون ليس وحده ضحية "كده وكده".. ففي مخالفات البناء مثلا  تجد الحكومة متشددة في تنفيذ القانون على المخالفين في ريف مصر خصوصا على الاراضي الزراعية  بيتنا تترك الفاسدين يهدمون الأبنية القديمة التي تعتبر تراثا معماريا جميلا في القاهرة والأسكندرية.. المرور أيضا "كده وكده" تجده في المناطق والأحياء التي يسكنها علية القوم، ويغيب تماما في الأحياء الشعبية والفقيرة ويتركها فريسة لفوضى الميكروباص والتوكتوك.. في الصحة ايضا تضع "كده وكده" بصماتها في أقسام الطواريء بالمستشفيات .. القانون يلزم باستقبال حالات الطوارء لجميع سكان مصر، والمستشفيات الخاصة تشترط الدفع المسبق قبل تقديم الخدمة وهو الأمر الذي أودي بحياة كثير من المواطنين غير القادرين على سداد فاتورة الطوارىء أو إصابتهم بعاهات مستديمة لتأخر العلاج.

حتى الدين , حوله البعض إلى "كده وكده" فأصبح شكلا بالزي واللحي وحف الشوارب و"زبيبة الرأس" أحيانا ـ مع التسليم بالأحقية ـ وتحول إلى "تدين" وأكلنا جوهره السامي مثلما كان القرشيون يأكلون أصنام العجوة التي يصنعوها بأيديهم قبل ظهورالإسلام

وفي السياسة , يمكن أن تضحك مع "كده وكده" .. على الأوراق لدينا ما يزيد عن المائة حزب وعلى الأرض لا يوجد أحد يصدقه الناس.. الاستثناء الوحيد من قاعدة "كده وكده" الإعلام .. فهو إما "كده" أو "كده"!
--------------
بقلم: أحمد عادل هاشم

مقالات اخرى للكاتب

إيديولوجيا العنف .. لم تعد فاتنة !





اعلان