10 - 11 - 2024

إلي من يهمه الأمر.. التشدد الأمني ليس حلا

إلي من يهمه الأمر.. التشدد الأمني ليس حلا

قبل 20 سبتمبر تم الترويج  لنظرية خبيثة بوجود صراع بين أجنحة النظام، واقتنع بها البعض، استنادا علي فيديوهات محمد علي وما بها من معلومات ولهجة حادة في الهجوم علي رموز رسمية وأسماء بعينها. 

تراجعت هذه النظرية كثيرا،  وتكاد تكون انتهت، خصوصا مع ما بدا من سيطرة أمنية شديدة منعت أي تحركات جماهيرية، علي عكس ما كان يروج له المقاول. ولكن الأداء شديد العنف الذي استعملته الأجهزة الأمنية ضد المواطنين؛ بالاعتقال العشوائي ومهاجمة البيوت، بل وحظر التجول، غير الرسمي، الذي فرضته أجهزة الامن بترهيب المواطنين في الشوارع والمبالغة في تفتيش هواتفهم الشخصية،  ليصبح مجرد الخروج من المنزل مغامرة غير محمودة العواقب.  

هذه التصرفات جعلت المشهد يبدو وكأن هناك، من دوائر السلطة، من يسعي إلي زيادة الغضب الجماهيري، وتدمير ما تبقي للنظام من شعبية، خاصة مع استهداف فئات بعينها، صحفيين ومحامين وقادة أحزاب.. الخ. 

بعد ذلك تغيرت اللهجة وبدأت محاولات ما يمكن تسميته ب"مصالحة الجماهير" سواء بإعادة ما سبق استبعاده من بطاقات التموين، أو ما يجري تسريبه عن امتيازات اخري لرفع المعاناة عن الطبقات الفقيرة.. وطبعا لم يكن ممكنا لهذه الخطوات "الإصلاحية" أن تؤتي ثمارها إلا بالتوازي مع تخفيف القبضة الامنية، وبدأ هذا فعلا، علي استحياء، بالإفراج  المباشر عن بعض المعتقلين وصغار السن مباشرة، قبل عرضهم علي النيابة. 

الغريب والمثير للدهشة هو أنه بعد ذلك استمر التشدد الامني، الذي لم يجعل أحدا في مأمن علي نفسه سواء من الاعتقال العشوائي في الشوارع أو حتي داخل البيوت التي اصبحت مستباحة لزوار الفجر ومنتصف الليل، مع عرض المعتقلين علي النيابات بتهم موحدة تؤدي إلي قرارات متكررة بالحبس 15 يوما.وبالتأكيد هذا يزيد من الغضب، الذي مازال مكتوما، وبالطبع هذا ما لا يريده  النظام بعد أن شاهد إرهاصات الانفجار الشعبي في 20 سبتمبر،  وهو ما جعلهم يعلنون ما سبق ذكره من خطوات المصالحة. 

الأمر الأكثر ضررا هو أن هذا التباين الشديد؛  بين رسائل التهدئة الإعلامية الحكومية  وبين استمرار بطش القبضة الامنية، قد يستدعي إلي الأذهان نظرية الصراع في دوائر السلطة العليا، مع ما يعنيه  ذلك من دلالات ويؤدي إليه من تبعات قد تجعلكم جميعا من الخاسرين. 

لذلك فيجب الان وفورا الإسراع بالإفراج عن الأبرياء، وغل يد القبضة الامنية، التي لن تؤدي إلا إلي زيادة الاحتقان وانفجار بركان الغضب..  فكوا الحصار عن الشوارع، اعتقوا أبناءنا من الإهانة في الطرقات، أوقفوا زوار الفجر الذين يصمون أي عهد بالديكتاتورية  وانتهاك حقوق الانسان..  هذا إذا كنتم تريدون خيرا لهذا البلد.

--------------------
بقلم: ساهر جاد

مقالات اخرى للكاتب

إلي من يهمه الأمر.. التشدد الأمني ليس حلا