19 - 04 - 2024

ولاد حلال!

ولاد حلال!

بكل الاحترام لمجلس الجبلاية: ستفشلون فشلا ذريعا في تنظيم مسابقة الدوري وفقا لمواعيد صارمة وملزمة لجميع الأندية، ورغما عن أنوفكم ستوافقون على طلبات الأندية إن عاجلا أو لاحقا لتأجيل مبارياتهم بسبب نقل المباريات إلى ملاعب غير تلك التي تم تحديدها من قبل.. وهو ما يحدث الآن من اندية المصري والمقاصة.. وتحديد الملاعب بشكل حاسم وقاطع، لا تراجع عنه، بيد الأمن وليس بيد الجبلاية

الأمن يقرر أيضا مصير كل وأي فعالية جماهيرية، ليس في ملاعب كرة القدم فقط، إنما في جميع أنحاء البلاد طالما أن الأمر يتعلق بالجماهير، والحفاظ على أرواحهم وسلامتهم واجب وطني قبل أن يكون واجبا وظيفيا

باختصار، الأمن يدير حياتنا اليومية.. ليس ذلك ذما ولا مدحا، إنما واقع نعيشه بالمشاهدة واللمس والتذوق والشم وسائر الحواس الأخرى.. واقع له مبرراته الجادة والحقة، على رأسها الإرهاب الذي يضرب الحاضر ويهدد المستقبل و يعطل حركة دوران التقدم السياسي ولو نصف خطوة للأمام.. نفهم كل ذلك وتستوعبه قطاعات واسعة من المصريين، فالأمن والأمان أولا وأخيرا .

الأمن عند المصريين وظيفة مرموقة ووساطة مضمونة وحماية مصونة، وبالطبع مطاردة الخارجين عن "النص" وهذا يكفي، على الأقل ليحتل "الأمن" مكانة مرموقة بين العامة والخاصة في مصر.واصبح من المحتم أن يتقدم ا"لأمن" إلى كل المواقع وبملأ الفراغ الذي تعيشه الرياضة والسياسة والثقافة والفنون والاعلام .. 

اتحاد الكرة يلجأ للأمن لتحديد مكان إقامة المباريات، و أعضاء بمجلس النواب يقترحون مشروع قانون جديد، لاستحداث شرطة متخصصة تحت مسمى "الشرطة الأسرية"، تكون مختصة بنظر المشاكل والخلافات الأسرية، ووزارة التعليم عجزت عن السيطرة على تلاميذ الاعدادية في المنيا، فاستدعت الشرطة لتنوب عنها في أهم واجباتها في السيطرة وفرض الضبط والربط غلى تلاميذ لم تتجاوز أعمارهم الرابعة عشر مثلما حدث في مدرسة كفر المنصورة في المنيا منذ زمن قريب.. حتى الأجهزة المحلية في المدن والقري، حبيسة المكاتب، تترك للشرطة أحيانا كثيرة الإشراف على توزيع السلع المدعمة على الجمهور بسبب انقطاع الصلة والتواصل بين المحليات وبين محدودي الدخل هناك.

الأمن يحمل على "كتفيه" أعباء كل وأي شيء يجري في مصر.. هو حالة مجنمعبة قبل أن تكون سياسية.. وإذا أردنا إصلاحا سياسيا بحق فعلينا تخفيف الأحمال عن "الأمن" ونتركه يتفرغ لمهمته الأساسية وهو أمر مستبعد وينسف فكرة الإصلاح السياسي من أساسها.

الأمن كان ومازال الهاجس الأول للمصريين.. تحدي واجههم عبر مراحل التاريخ ونجحوا في التعايش معه، والتعارف الوثيق بينهما جعل الحالة الأمنية في مصر تتسع وتتجاوز ما هو جنائي وسياسي واجتماعي وتصل إلى مستوى ثقافة مجتمع يضع "الأمن" في الاعتبار الأول ليس بحكم "الجنايات والجنح" فقط إنما بالمعاشرة عبر مئات ومئات السنين، وحفظ "الأمن" المصريين عن ظهر قلب بالمعاشرة مثلما تعرف المصريون عن قرب على الأيدي الخشنة والناعمة للأمن بالمعاشرة أيضا.. والأخيرة نسجت بين ضلوعها "العشرة"ـ بكسر العينـ والعشرة ماتهونش على ولاد الحلال.. والمصريون "ولاد حلال"!
---------------------
بقلم: أحمد عادل هاشم

مقالات اخرى للكاتب

إيديولوجيا العنف .. لم تعد فاتنة !





اعلان