23 - 04 - 2024

عاصفة بوح| أزمات كاشفة

عاصفة بوح| أزمات كاشفة

كانت الاسابيع الماضية كاشفة لأزمة شعب وضمير حكم!.. واجهت الدولة أزمة طاحنة وضعت مصداقيتها على الميزان وواجه الشعب أزمة سياسية ومعضلة وطنية، وضعته فى مفترق طرق مابين غضبه من ظرووف ضاغطة وخوفه على استقرار الدولة يعرف أن هزها الآن لست من المصلحة!

أزمة كانت متوقعة لمن شعر بثقلها على الحياة اليومية للناس بلا استثناء، ولكنها للأسف غابت عمن راهن على قدرة الشعب على التحمل والصبر فى أحلك الظروف، ولكن عندما يتعلق الأمر بعجزه عن  الإنفاق على أهل بيته.. هنا تتغير المعدلات ومعها ردود الأفعال!   

فى الأزمة عشنا شائعات تختلط بحقائق لم تنجل تفاصيلها لغياب شفافية إعلامية، وضعت الجميع فى مهب ريح، فوقعنا فى مستنقع القيل والقال واختلاف مفهوم ومعنى الوطنية وسماتها ومتطلباتها فى وقت الازمات.. والخوف من مقدمات غضب مكتوم  لم يراع أسبابه وتفاصيله ونتائجه المتوقعة والمعروفة من تجارب سابقة.. وانقسام مجتمعى حول أزمة بل أزمات حول ما ينبغى الالتفات إليه فى تلك المرحلة ومراعاته سواء اقتصاديا أو مجتمعيا بعدما شعر الكثير منا أن فقه الأولويات قد غاب فى دهاليز الحرب على الإرهاب وإهمال قطاعات عانت ودفعت وحدها تبعات فاتورة الإصلاح. ومن مفهوم وطني أيضا رأوا   فى منظومة الحكم أنه يكفيه إنجازا إنقاذنا من الإخوان وحربه الضرووس على الإرهاب والمشاريع القومية، ومن أجل ذلك تتأجل كل القضايا وتغمض الأعين باسم الوطنية عن أى تجاوزات أو اخفاقات وإن كانت فردية أو نتيجة لحماس من يتصورون أنهم  يملكونالحقيقة والحلول لكل مشاكلنا، نتيجة لمواقع المسؤولية ووطنية لا تقبل المزايدة على صدقها!

استقطاب وانقسام شعبى أوصلنا لتلك الازمة التى اخرجت بعضا من الجماهير إلى الشوارع.. بعيدا عن دعوات الإخوان الإرهابية إلى الثورة الشاملة، يعلنون الغضب من أزمات طاحنة عصفت بحياتهم كما يعرفونها لم تستثن أي من الطبقات إلا من يملكون المال ويتسلقون السلطة فى كل العصور!!

أزماتنا الكاشفة لعوراتنا جميعا بدون استثناء.. أفصحت وفضحت!

سأبدأ بالإعلام المحسوب على  الدولة، بعدما تسبب بفجاجته وعدم مهنيته والاقتصار على الصوت الواحد، فى اضرار كثيرة اقلها توجه الكثيرين الى محطات معادية لمصر، ربما لاقتناص معلومة او سماع صوت مغاير، ذلك الإعلام غير بوصلته بطريقة فاضحة ومعادية لأى مهنية أو كياسة سياسية، تحمى تقلباته المدفوع لها ومصالحه العليا التى تنجح دائما فى استقطاب ولائه حتى لو كان الثمن الوطن، مما أفقده المصداقية للمرة الثانية، فتمنى الجميع اختفاءه، ربما يستعيد بها إعلام الدولة اعتباره المفقود ودوره المهنى والوطنى مرة أخرى!

أما مجلس الشعب الذي كان إلى وقت قريب يطالب بالعصف بكل من تجرأ على إعلان وجه نظر مختلفة - حتى راينا فصل نواب بسبب المعارضة - نراه يصرخ مطالبا بتحسين الظروف ومحاسبة المقصرين وحماية حق المعارضة كحق اصيل تحتاجه الدولة الحرة، فى الوقت الذى لم يؤد دوره المنوط به، من  تشريع حقيقي ومراقبة للحكومة واستجوابها عن اخفاقاتها ومراجعة القوانين التى لم تراع كثيرا من الاعتبارات وتسببت في أزمات طاحنة للطبقات المغلوبة على أمرها، فمن نصدق وكيف؟.. وصولا إلى الذين آثروا الصمت ولا استثنى أحدا وهم يرون اعتقال السياسة وتغول الامن فى كل شئون حياتنا حتى وصلنا الى التفتيش فى ضمائرنا ومحاسبتنا عليها فى سابقة لم تمر علينا من قبل، إلى التوسع فى الحبس الاحتياطى كانه عقوبة مستقلة بذاتها بعيدا عن مظلة الدستور و القانون!

ثم رصدنا التحرش بالمجتمع المدني الذي لا تتقدم أي دولة بدون مساهماته الاجتماعية كدور مكمل لدور الدولة، إلى  محاصرة الأحزاب واعتقال اعضائها وصولا إلى صناعة مجتمع الخوف تحت شعار: لا صوت يعلو على صوت محاربة الإرهاب، فتغير مفهوم دعم الدولة والاصطفاف الوطنى وتعدى تغييره كل منطق حتى بتنا لانستمع إلا إلى صوت الدولة وصداه تجاهلا لمختلف الآراء التي لا تستقيم السياسة إلا  بوجودها ومساهماتها، حتى وصلنا إلى الأزمة الحالية!

لولا رشد الشعب المصري وعقلانيته ورغبته فى تغيير الأحوال - التى وصلت الى مفترق طرق- سلميا ومن خلال المؤسسات الحاكمة وعبر منظومة الحكم التي تدرك أننا لا نتحمل اى هزات قاسية، لوجدنا أنفسنا الآن فى أتون عنف وفوضى وغضب مجتمعى وتطاحن مصالح أقلية مع أغلبية، نالها مايكفيها من مشاكل وضنك في العيش يكفى أجيالا.

 ربنا سلم واستجابت الدولة ولو بخطوات قليلة – لكنها مثيرة للتفاؤل - وانعكس ذلك على مطالبة كثير من المؤسسات بالتغيير حفاظا على الاستقرار واستماعا إلى الجماهير التى كانت دائما ظهيرا للدولة فى أزماتها الكبرى - بشرط أن تكون فى أعين الدولة و قلبها - عبر وضع مصالح الأغلبية فى قائمة اولوياتها وأن تعيد نظرها فى مسببات الأزمة، التى تجلت واضحة فى توقيت وتكاليف المشروعات الكبرى التى جاءت على حساب ضرورات المعيشة اليومية لـ 90 % من الشعب المصرى!

الايام القادمة هى أيضا كاشفة لانحيازات الحكومة، هل ستتجه إلى الإصلاح الفورى السريع، خاصة أن اختيارتها لكثير من مسؤوليها ليست على مستوى أزمات  المرحلة، من حيث تفضيل أهل الثقة عن الكفاءات، وأظهرتها أزمات اللحظة الحالية من ممارسات وتصريحات غير مسؤولة أساءت من حيث أرادت أن تبرر وأن تجامل!

أتصور أن يتم فى الأيام القادمة إطلاق سراح كل معتقلى الرأى وكل متظاهر لم يتورط فى عنف  كمؤشر على حسن النية، وبداية لتهدئة مجتمعية وتغيير إيجابى، يجمع ولا يفرق، يبنى ولا يهدم.. وقبل كل شيء يعدل ولا يظلم! 
-----------------------------
بقلم: وفاء الشيشيني

               

مقالات اخرى للكاتب

عاصفة بوح | حسابات دقيقة وحسابات قبيحة





اعلان