19 - 04 - 2024

في خطوة جريئة.. مجلس الوزراء يضيف مادتين جديدتين لحماية الآثار المصرية

في خطوة جريئة.. مجلس الوزراء يضيف مادتين جديدتين لحماية الآثار المصرية

- السجن المشدد وغرامة لا تقل عن مليون جنيه لحيازة أو بيع الآثار
الحبس شهر وغرامة 10 آلاف جنيه عقوبة تسلق المواقع الأثرية بدون تصريح 
- مضاعفة العقوبة في حالة مخالفة الآداب العامة أو الإساءة للبلاد 

وافق مجلس الوزراء الخميس قبل الماضي، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي- رئيس المجلس- على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 117 لسنة 1983 الخاص بحماية الآثار، وجاء التعديل بإضافة مادتين جديدتين إلى القانون، الأولى تنص على أن يُعاقب بالسجن المُشدد، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تزيد عن عشرة ملايين جنيه، كل من حاز أو أحرز أو باع أثرًا أو جزءًا من أثر خارج حدود جمهورية مصر العربية، ما لم يكن بحوزته مستند رسمي يُفيد خروجه بطريقة مشروعة من مصر، ويحكم فضلاً عن ذلك بمصادرة الأثر محل الجريمة.

وتنص المادة الثانية على أن يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تزيد على مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام بأي من الفعلين الآتيين: من وُجد بأحد المواقع الأثرية أو المتاحف، دون الحصول على تصريح، وكذا من تسلّق أثرًا دون الحصول على ترخيص بذلك، مع مضاعفة العقوبة إذا اقترن الفعلان المشار إليهما بفعل مُخالف للآداب العامة، أو الإساءة للبلاد.

تاريخ طويل في حماية الآثار

ولم يكن التعديل الأخير هو أول التعديلات أو التشريعات التي أصدرها المشرع المصري رغبة في حماية الآثار المصرية التي تعرضت لسلسة متتالية من الانتهاكات والسرقات عبر تاريخ طويل، لكن أولى الخطوات للحد من انتشار ظاهرة تهريب الآثار المصرية خارج البلاد، جاءت في عهد محمد علي باشا والي مصر، الذي أصدر مرسومًا في 15 أغسطس عام 1835 يحظر تصدير جميع الآثار المصرية والاتجار بها، لكن بوفاته عام 1849، عادت الأمور مرة أخرى إلى عهدها الأول.

وفي مارس 1869، في عهد الخديوي إسماعيل، صدرت "لائحة الأشياء الأثرية" تضم 7 مواد تحظر إجراء أي حفائر إلا بترخيص رسمي من وزارة الأشغال العامة، وتمنع تصديرها، وفي عام 1874 صدرت لائحة جديدة سمحت بنظام قسمة الآثار التي يتم اكتشافها، بموجب هذه اللائحة, تقسم الآثار إلى قسمين متساويين، أي 50% لكل طرف، بينما في العام 1880 صدر مرسوم بحظر تصدير الآثار، نظرا لتزايد أعداد الأجانب الذين يغادرون مصر محملين بقطع أثرية.

ووضع أول قانون متكامل لحماية الآثار في العام 1912 ويحمل رقم 14، ويتضمن تعريفا للأثر وضوابط تداوله وعقوبات لمخالفة أحكامه، في عام 1951 صدر القانون رقم 215 بغرض وضع إجراءات عملية حاسمة للقضاء على تجارة الآثار غير المشروعة, ثم قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 الذي منع الاتجار والتصرفات بالبيع والشراء نهائيا، وأخيرا القانون رقم 91 لسنة 2018 والخاص بتعديل بعض أحكام قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983الذي نص على تشديد عقوبات سرقة الآثار وتهربيها والتعدي عليها والتعرض للسائحين وزائري المناطق الأثرية بعقوبات رادعة.

وجدير بالذكر أن ظاهرة سرقة الآثار من المتاحف والمخازن الأثرية والتنقيب والاتجار بها ومحاولة تهريبها أصبحت تمثل خطرا حقيقيا يهدد ثروة مصر الأثرية والحضارية، ووفقا لبيان وتقرير الإدارة المركزية للمخازن المتحفية في أغسطس عام 2017 فقد اختفت أو فقدت 32638 قطعة أثرية من مخازن وزارة الآثار، وتشير الإحصائيات الرسمية الصادرة من الوحدات الأثرية بالمواني والمطارات المصرية البالغ عددها 42 وحدة في جميع أنحاء الجمهورية أيضا إلى تضاعف معدلات ونسب المضبوطات الأثرية برا وجوا وبحرا في السنوات الأخيرة.

 ففي عام 2011 تم ضبط  197 قطعة أثرية فقط، أما في عام 2012 فقد تزايدت معدلات سرقة وضبط الآثار نسبيا، حيث تمكنت قوات أمن الجيزة من ضبط تشكيل عصابي تخصص فى الاتجار بالآثار، وبحوزته 175 قطعة أثرية، كما تم ضبط 109 قطع أثرية من مسروقات مخزن آثار جامعة القاهرة، وتمكنت أجهزة الأمن بالمنيا من ضبط مزارع داخل منزله وبحوزته 64 قطعة أثرية، فيما ضبطت 7 قطع أثرية داخل سيارة مسروقة بالفيوم، وأحبط مكتب المضبوطات الأثرية بمطار الأقصر الدولي محاولة تهريب 19 قطعة أثرية، بينما زادت المضبوطات في عام 2013 إلى 3.000 قطعة، ونجحت وحدة المضبوطات فى ضبط 863 قطعة أثرية، وفي العام الذي يليه، صادرت الوزارة نحو 2477 قطعة مضبوطة، وضبطت شرطة السياحة والآثار 1524 قطعة أثرية تمثل عدة مراحل تاريخية، داخل منزل أحد المواطنين، وفي عام 2015، زاد عدد القطع المضبوطة إلى 3180 قطعة، كما ضبطت شرطة السياحة 3000 قطعة أثرية، إضافة إلى تحرير 1200 قضية حفر وتنقيب سجلتها محاضر الوزارة، وشهد عام 2016 إحباط تهريب أكبر عملية تهريب للآثار، شملت 9.000 آلاف قطعة أثرية، عُثر عليها بحوزة جواهرجي فى منطقة عين شمس، ونجحت الإدارة المركزية للمضبوطات في العام 2017، في التَحقٌق من أثرية 1369 قطعة أثرية، كان قد تم ضبطها، وإيداعها بمخازن الآثار.

جاء العام 2018 ليحمل فضيحة أكبر عملية تهريب قطع أثرية في تاريخ مصر عن طريق حاوية دبلوماسية تم ضبطها في ميناء نابولي بايطاليا وكانت تحمل21855 قطعة منها 21,660 عملة معدنية، إضافة إلى 195 قطعة أثرية، كما تسلمت وزارة الآثار36 قطعة أثرية من جمرك البريد السريع بالعتبة، بالإضافة إلى عدد 8 قطع أثرية كان قد تم ضبطها في ميناء بدر البرى،  و7 طرود بقرية بضائع مطار القاهرة بها ثلاث كتب مخطوطة وعشرة وثائق حكومية مخطوطة، و116قطعة أثرية من ميناء دمياط البحري، 44 عملة معدنية أثرية ذهبية وفضية ترجع للعصر البيزنطي والإسلامي بمطار برج العرب، وضبط كتاب مخطوط أثري بمطار القاهرة الدولي و324عملة معدنية أثرية ترجع لعصور مختلفة، وفي مطار برج العرب الدولي بالإسكندرية تم ضبط 620عملة أثرية.

كما تأتي مضاعفة العقوبة التي أقرها مجلس الوزراء في حالة إذا اقترن الفعلان المشار إليهما بفعل مُخالف للآداب العامة، أو الإساءة للبلاد، حيث شهدت منطقة الأهرامات بالجيزة  العديد من الأفعالً المنافية للأداب في السنوات الأخيرة وأشهرها واقعة نشر مصور دانماركي يدعى أندرياس هيفيد" في شهر ديسمبر الماضي لقطات فيديو برفقة صديقته يتسلقان الهرم الأكبر "خوفو" بمنطقة الجيزة، للوصول إلى قمته، وتصوير مشاهد وصور جنسية، مما أثار ردود فعل غاضبة في الشارع المصري سواء كانت للمهتمين أو المتخصصين بالآثار أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم انتقل غضب الشارع بعدها إلى البرلمان المصري الذي شاهد العديد من طلبات الاحاطة والأسئلة حول الواقعة، وطالب بتشديد العقوبات على وقائع التعدي على المواقع الأثرية ومخالفة الآداب العامة.

ويبقى السؤال: هل ينجح قرار مجلس الوزراء الأخير في وقف التعدي على المواقع الأثرية ومحاولات التهريب للخارج والتنقيب غير الشرعي ونزيف الآثار المصرية المستمر؟؟
===============
تقرير - هاني رياض 






اعلان