29 - 03 - 2024

بعد التضارب في التصريحات الرسمية.. رحلة ملوك مصر من التحرير إلى الفسطاط

بعد التضارب في التصريحات الرسمية.. رحلة ملوك مصر من التحرير إلى الفسطاط

- مدير متحف التحرير: "لم يحدد بعد موعد نقل المومياوات"
- 23 مومياء ملكية تستعد للرحيل إلى مرقدها الأخير في موكب رسمي عالمي
- وزير الآثار: سوء حالة "عين الصيرة" السبب في تأجيل نقل المومياوات 
- مسئول بمتحف الحضارة: من الصعب نقل المومياوات حاليًا بسبب أعمال الإنشاء بالمنطقة المحيطة
- مدير ترميم المتحف المصري: نسبة الخطورة على المومياوات أثناء عملية النقل "صفرية"

في مارس من العام الجاري، أعلن الدكتور خالد العناني - وزير الآثار-، عن نقل عدد من المومياوات الملكية من المتحف المصري في التحرير وسط القاهرة إلى المتحف القومي للحضارة المصرية في منطقة الفسطاط، وحدد في تصريحاته الصحفية أن عملية النقل ستتم في غضون ستة أسابيع من وقت إعلانه عن الحدث، لكن تأخيرًا طرأ، لتعلن الوزارة من جديد في بيان لها، عن نيتها لنقل (23) مومياء ملكية و(17) تابوتًا، ترجع إلى الأسرات (17، 18، 19، 20) من بينها (18) مومياء لملوك و(5) مومياوات لملكات، في نهاية سبتمبر، ما شكل تساؤلًا حول دقة المعلومات المتداولة حول موعد عملية النقل، خاصة وأن الوزارة كانت قد أعلنت أن نقل المومياوات الملكية سيتم في موكب ضخم تحضره وسائل إعلام وصحافة عالمية، وأنه سيتم دعوة شخصيات سياسية دولية مرموقة لحضور الحدث الكبير.

وزير الآثار خالد العناني، عاد في تصريحات صحفية له، ليؤكد تأجيل عملية النقل للمرة الثانية، مع عدم تحديد موعد دقيق، إلا أنه أشار إلى أنه ربما تتم عملية النقل في أكتوبر وليس نهاية سبتمبر، مرجعًا التأجيل إلى سوء حالة بحيرة عين الصيرة المقاربة لمتحف الحضارة الجديد بالفسطاط، مشيرًا إلى أن الخبراء أعادوا النظر مرة أخرى، بعد تنفيذ تجربة بالطائرة من المتحف القديم بالتحرير إلى نظيره الجديد بالفسطاط، ليأتي قرار التأجيل بعد مناقشات مع الجهات المعنية المسئولة عن تطوير البحيرة، والتي أكدت أن أعمال التطوير لم تنته بعد، مشيرًا إلى رغبة الوزارة في أن يكون الموكب الملكي لنقل المومياوات حدثا يبهر العالم كله، ويعطي للعالم صورة عن مصر الجديدة.

وكان الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ذكر في مداخلة هاتفية لبرنامج "8 الصبح" المذاع على فضائية "دي إم سي" نهاية أغسطس الماضي، أن نقل المومياوات يتطلب تطوير المنطقة بالكامل والمسار الذي سيتحرك فيه، نظرًا لأن هذا الحدث يجب أن يُستغل إعلاميًا وسياحيًا، لافتًا إلى أن القوات المسلحة هي من ستقوم بعملية نقل المومياوات بطريقة تشريفية عسكرية لائقة بملوك مصر القدماء، وأن عددًا من وسائل الإعلام والصحافة العالمية ستغطي الحدث الكبير.

وأعلن المسؤولون أن الحدث سيكون ضخمًا، وأن موكبًا ملكيًا سيخرج من مقر إقامة المومياوات لسنوات إلى مرقدهم الأخير، على الجانبين سيقف المصريون مودعين ملوكهم، وسيتم توجيه الدعوة لعدد من ملوك ورؤساء دول العالم، لحضور الحدث، بجانب بث تليفزيوني مباشر لنقل الحدث لحظة بلحظة، وأكد الخبراء أن الخطة الموضوعة تقتضي سير الموكب في مسار محدد مسبقًا، تعمل كافة الأجهزة على تطويره ليناسب الحدث المقبل، وأن الموكب سيسير بسرعة 20 كيلو مترا في الساعة، ليتيح للمصريين والصحفيين التقاط الصور التذكارية ومتابعة الحدث عن كثب.

أبرز المومياوات المزمع نقلها إلى متحف الحضارة

احتلت المعلومات التي ذكرناها سابقًا عناوين ومتون أخبار وتقارير صحفية عديدة منذ مارس الماضي، إلا أن الدكتورة صباح عبد الرازق - مديرة المتحف المصري بالتحرير- نفت في تصريح للمشهد، صحة عدد من المعلومات المتداولة، رغم أنها كانت في بيانات صحفية أو على لسان الوزير في تصريحات خاصة به، مؤكدة أنه لم يتم تحديد موعد نقل المومياوات حتى الآن، وأن وزارة الآثار المسئولة عن تحديد موعد النقل، مردفة أنه بعد نقل المومياوات من المتحف المصري إلى متحف الحضارة بالفسطاط سوف يعرض بدلًا عنها قطعًا أثرية وليس مومياوات أخرى لأمراء كما أشيع. 

وعن عدد المومياوات المزمع نقلها إلى متحف الحضارة، أشارت "عبد الرازق" إلى أن عددها (23) مومياء تنتمي إلى ملوك الأسرة (17و 18و19 و20)، مقسمين إلى (18) مومياء لملوك هم: الملك سقنن رع، إمنحوتب الأول، تحتمس الأول، تحتمس الثاني، تحتمس الثالث، إمنحوتب الثاني، تحتمس الرابع، إمنحوتب الثالث، سيتي الأول، رمسيس الثاني، مرنبتاح، رمسيس الثالث، رمسيس الرابع، رمسيس الخامس، رمسيس السادس، رمسيس التاسع، سيتي الثاني، و سي بتاح، و(5) مومياوات لملكات هن: الملكة أحمس نفرتاري،  ست كامس، مريت أمون، حتشبسوت، والملكة تي.

وفيما يخص الإجراءات التي اتبعتها الوزارة لنقل المومياوات، ذكرت مدير المتحف المصري بالتحرير: "شكلت لجنة مخصصة من وزارة الآثار مكونة من أعضاء من المتحف المصري بالتحرير، والمتحف المصري الكبير، ومركز بحوث وصيانة الآثار بالوزارة، ومتحف الحضارة بالفسطاط، وتقوم اللجنة بصيانة المومياوات وتقديم تقرير حالة، ولم تنتهِ اللجنة بعد من إجراءات الصيانة والتعقيم  للمومياوات الموجودة في المخازن، أما عن المومياوات المعروضة بالمتحف فهي بحال جيدة ويستمر عرضها للجمهور حتى قبل موعد نقلها بفترة قصيرة، وهي مجهزة للنقل الفوري حتى أنه لن يحتاج الخبراء سوى لتغليفها فقط عند نقلها".

ويستعد المتحف المصري القديم لعملية نقل المومياوات الملكية على قدم وساق، وحسبما أشارت "عبد الرازق" فإنه تم توفير مواد التغليف، إضافة إلى المختصين في حفظ وتغليف المومياوات، وعلى رأسهم مدير إدارة الترميم بالمتحف المصري، المسئول عن تسليم المومياوات إلى متحف الحضارة، بحضور الدكتورة سامية الميرغني إخصائية حفظ المومياوات وإخصائيي الحفظ والصيانة والتعقيم، مؤكدة أنه لا يوجد أي نسبة للخطورة أثناء النقل بسبب الطريقة العلمية المستخدمة وسوف تجهز وتعقم الصناديق التي تنقل بها، وتوضع المومياء في بيئة خالية من أية عوامل بيئية تؤثر عليها.

بينما أشارت إيناس جمال - نائب المشرف العام للشئون الأثرية بمتحف الحضارة بالفسطاط- إلى أن تأجيل عملية نقل المومياوات، جاء بسبب عمليات صيانة المومياوات التي تجرى بالمتحف المصري القديم من خلال لجنة وزارة الآثار، إضافة إلى عملية التطوير الشاملة لمنطقة الفسطاط وعين الصيرة، وإزالة المباني المخالفة الملاصقة للمتحف، وأعمال إنشاء كوبري أمام المتحف لم يستكمل بعد، مشددة على أنه من الصعب أن تتم عملية النقل في وجود أعمال إنشائية بالمنطقة، كما يتم تجهيز القاعة الخاصة بها بمتحف الحضارة. 

وعن استعدادات متحف الحضارة لاستقبال المومياوات الملكية، أضافت أن المومياوات ستنقل مباشرة إلى المعامل المخصصة للمومياوات، فيوجد (36) وحدة مجهزة بالمتحف، ثم يتم صيانتها وتعقيمها عن طريق وضع كل مومياء في وحدات حفظ مليئة بالنيتروجين لكي لا تتأثر بالميكروبات أو الفطريات، قبل عرضها بالمتحف، مشيرة إلى أنه سيتم عرض 20 مومياء فقط بالتبادل من أصل 23 مومياء ستصل إلى المتحف، كي يتمكن القائمون على المتحف من صيانتها، إضافة إلى التوابيت الخاصة بكل مومياء، وعرض مجموعة أثرية للملكين إمنحوتب الثاني وتحتمس الرابع بجانب مومياء كليهما، وسيكون العرض المتحفي مختلف تماما عن نظيره بالمتحف المصري، فتوجد شاشات تعرض صورة من الأشعة المقطعية لما وجد داخل المومياوات.

  ونفت "جمال" وجود أي خطورة على المومياوات المزمع نقلها، موضحة أن تجربة أجريت قبل أسابيع على إحدى المومياوات، فأخرجت من التابوت ووضعت على سرير مجهز غير قابل للاهتزاز ونقلت إلى وحدة التعقيم في كبسولة خاصة في حضور وسائل الإعلام والصحفيين الذين شاهدوا مدى الاهتمام والحرص من فريق الترميم بالمتحف.

مؤمن محمد عثمان - مدير عام إدارة الترميم بالمتحف المصري وعضو اللجنة المتخصصة لصيانة ونقل المومياوات- أضاف للمشهد أنه يتم الآن دراسة كل مومياء من المومياوات الموجودة داخل مخزن المتحف على حدة وعمل توثيق شامل لها قبل الصيانة، مشيرًا إلى أن الخبراء يقومون بتعقيم المومياء ثم تجميع وتنظيف اللفائف الكتانية الموجودة حولها ووضعها بشكل مرتب، ثم توضع المومياء على حامل داخل فقاعة من النيتروجين لحمايتها، نظرا لحالتها السيئة، أما باقي المومياوات المعروضة فعليا للجمهور، فهي جيدة الحالة لأنها محفوظة داخل فاترينات نيتروجين، ماعدا مومياء الملك سقنن رع، في حالة سيئة لأنها مفككة، ويتم تجهيزها بشكل منفصل، شارحًا: "قبل النقل سوف نقوم بوضعها داخل فقاعة النيتروجين لكي لا يحدث لها أي تأثير خارجي سيء أثناء نقلها".

ويتفق مدير عام إدارة الترميم بالمتحف المصري مع سابقيه، نافيًا وجود أي نسبة خطورة محتملة أثناء عملية نقل المومياوات وأنها ستكون صفرية، نظرا لإجراءات الصيانة وخاصة للأجزاء المنفصلة من المومياوات منذ اكتشافها مثل الأطراف والأصابع، ويتم تثبيتها قبل النقل، مؤكدًا أن هذه الإجراءات مكلفة للغاية بجانب شدة دقتها، وأنه في حال اكتشاف أي نسبة خطورة ولو 1%، سيتم إيقاف عملية النقل فورًا لحل المشكلة أولا.

أما عن توقيت النقل والانتهاء من الصيانة، فقال عمليات صيانة المومياوات الستة الموجودة داخل المخزن، بدأت منذ شهر ونصف، ومن المقرر أن تنتهي في غضون 6 أسابيع، أما عن قرار النقل فهو قرار وزارة الآثار، وسوف نكون جاهزين للنقل بداية من شهر نوفمبر المقبل".
---------------------------
تقرير - هاني رياض









اعلان