19 - 03 - 2024

قضية علي سالم المهندس المصري المحتجز في قطر كافية للرد!

قضية علي سالم المهندس المصري المحتجز في قطر كافية للرد!

- “جزيرة" الادعاء لا الدفاع و"ما أُخفي كان أعظم"!
- تم اعتقاله بالدوحة ولم توجه له اتهامات رسمية سوى بعد ستة اشهر، وعرضه على النيابة بدون محاميه، ومازال في حبس انفرادي رغم اعتلال صحته يبحثون له عن تهم!!
- الجزيرة تتحول ببعض برامجها ولو بزعم "الوثائقية" إلى أداة حروب دعائية لا تعرف حدودا لاحترام القانون

قَدَري ألا اُرضي الطرفين عما اكتب في حرب ما يُسمى بالإعلام العربي، وحزين على حال قناة الجزيرة التي عملتُ بها سبع سنوات "من واشنطن"، ومازلت أذكر أنني تعمدت في هذا البرنامج بها حين ناقشت العلاقات الأمريكية القطرية احضار ضيفين (من بين أربعة) من أكثر منتقدي سياسة قطر وأميرها انذاك. وحين التقيت بالأمير (الأب) لأول مرة في حفل استقبال بواشنطن بعد ساعات من بث البرنامج على قناته، قال مبتسما: "اشكرك .. اخ حافظ على المصداقية التي تعطيها ببرامجك للجزيرة"!

لكن الجزيرة التي استقلت منها منذ ثماني سنوات لتغير استقلاليتها التحريرية وتحولها بمدير غض آنذاك للأسلمة السياسية الفجة، تواصل فقدان استقلاليتها، ولو كانت من قبل بإرادة الحاكم لحساباته وليس لمؤسسات راسخة، ولكن ما جدوى استثمار في قناة كادت تغني المشاهد العربي عن القنوات الغربية الناطقة بالعربية من لندن وباريس وبرلين، لكنها تتحول ببعض برامجها ولو بزعم "الوثائقية" إلى أداة حروب دعائية لا تعرف حدودا لاحترام القانون الذي يقول أن المتهم برئ حتى تثبت ادانته، ولا قواعد المهنية الصحفية التي تحرص على  رأي الدفاع مع الادعاء!

أتحدث بالتحديد عن برنامج اذاعته الجزيرة خلال الأسبوع، يزعم أنه وثائقي، ويحاول مقدمه ان يقلد الزميل يسري فودة في الإلقاء مصرا على استعراض أخطائه في قواعد اللغة كمنع المصروف، ناهيكم عن استخدام أدوات عفا عليها الزمن بدعوى محاولة الوصول للحقيقة بمجرد تسجيل مكالماته مع سكرتيرات ليثبت أنه حاول الوصول للرأي الآخر.

"ما خفي كان أعظم" الذي يقلد حتى بعنوانه "سري للغاية" لم يتحدث عن زملاء له أقدم منه بعقود في الجزيرة، ومعتقلين في سجون قطر، سوى مع المدعين ضدهم ومع النائب العام القطري.. ليتبنى البرنامج تعبير "الخلية" عشر مرات الا واحدة، ويكرر اتهامات السجّان القطري بأن المهندس الإعلامي المصري علي سالم زعيم خلية استخباراتية مع اثنين اخرين لتقويض امن قطر ومصالحها العليا لصالح المخابرات المصرية والسعودية!!

ذكرت في بوست سابق، ان علي سالم صديق لي، ومن المخضرمين في الجزيرة وهندستها الإذاعية منذ نشأتها، وتم اعتقاله بالدوحة منذ عشرة اشهر ولم توجه له اتهامات رسمية سوى بعد ستة اشهر من الحبس، وتم عرضه على النيابة بدون محاميه او ابلاغه، ومازال في حبس انفرادي رغم اعتلال صحته يبحثون له عن تهم ودلائل  كافية تبرر ضيق اصحاب الجزيرة- المبرر ولكن ليس لهذه الدرجة- ان موظفا لديهم كان يقدم مشورات فنية لرجل أعمال مصري (احمد ابو هشيمة) لعمل منصة إعلامية قوية منافسة من القاهرة، بينما لايزال يعمل بالجزيرة!

طبعا يمكنك أن تفصل هذا الموظف في الحال او تنذره بعدم التعامل مع منافسين، ولكن ان تعتقله وتحبسه، وتقوض مصداقية الوثائقيات في قناتك، التي اعرف شخصا اخر يعمل بمهنية في موضوعاتها، فتفتح الباب لبرنامج "ما خفي" ليحدث النائب العام لديك ويبحث عن سراب العمل المخابراتي ضد قطر، ولا تستمع حتى لطلب محامي المتهم والمحكمة بعدم بث هذا البرنامج التحريضي على متهم لم تثبت ادانته، لكي تغيظ آخرين، مستخدما موظفا خدمك سنوات كأداة في حربك، فأمر مؤسف سياسيا ومقزز مهنيا. يكفي أن البرنامج بحث عمن يشهد ضد علي من زملائه فلم يجد الا مديرين أجانب أحدهم اسباني الجنسية لم يضع البرنامج اسمه لمجرد ان الغلبان اسمه: اسرائيل استيفان.

حاول البرنامج الربط بين زميل لعلي، محبوس وتعاون مع الادعاء، ذهب السعودية والتقى برجل مخابرات بها، رصدته المخابرات التركية من قبل في قتل جمال خاشقجي. وربط البرنامج بين كسر السعودية شفرة القناة الرياضية بي ان للجزيرة والقرصنة من السعودية على حقوق بث المباريات بإعادة بثها عبر ما سُميت بي اوت "بخلية" الدوحة التي تعاونت مع ابو هشيمة.

أخفى برنامج الجزيرة الدعائي-الادعائي ان ابو هشيمة لم يكن رجل السعودية في مصر بل كان يتهم بأنه رجل قطر، والتقى في باريس بالأمير الأب الشيخ حمد بن خليفة عام 2012. واستمر مع مستثمر قطري يعمل بمصر حتى 2015.. وترك إعلام المصريين في 2017 لتأخذها اجهزة سيادية مصرية.. أي أن علي سالم لم يكن يتعامل مع رجل المخابرات وقطر معا ابو هشيمة ثم تحول هو لزعيم خلية في الدوحة!!!

احقاقا للحق، لم تحبس السلطات القطرية زوجة او أبناء علي سالم وهم يقيمون حتى الآن في الدوحة، وإن تم التحقيق معهم مرة لساعات، بعد زيارته في سجنه. لكن شكرا مقارنة بغيرهم ممن يقومون احيانا بتلك الممارسات نقول الحقيقة.

اما ان تقتصر الجزيرة وإعلام اسطنبول المتحالف سياسيا معها، على انتقاد انتهاك حكم القانون وحقوق الإنسان في مصر وحدها، وكأن اعلام الحرية ترفرف في الدوحة فإن قضية علي سالم كافية للرد!

أما الإعلام العربي المستقل الذي كنا ننتظره، فربما ينبت بشكل طبيعي في ديمقراطية تونس الناشئة ولو بعد حين، وليس في البيوت الزجاجية المشروخة في باقي عالمنا العربي.
-----------------------
بقلم: حافظ الميرازي

مقالات اخرى للكاتب

مقابلة ماكرون مع الجزيرة.. ما لها وما عليها؟





اعلان