في إطار احتفالات جامعة الأقصر باليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق اعتماد اللغة العربية كإحدى اللغات الرسمية في الأمم المتحدة، نظمت الجامعة بالتعاون مع بيت الشعر بالأقصر وتحت رعاية الدكتور بدوي شحات رئيس الجامعة والدكتور ربيع سلامه عميد كلية الألسن احتفالية استضافت فيها هالة الحديدي حرم الشاعر الكبير الراحل فاروق شوشة حيث منحتها كل من الجامعة والكلية وبيت الشعر دروعها، تكريما لها ولزوجها الراحل فاروق شوشة باعتباره علامة بارزة في تاريخ اللغة العربية في القرن العشرين، فضلا عن إسهامه الكبير في الشعر العربي. 

ساهم فاروق شوشة في دعم اللغة العربية على المستويات الإعلامية والشعبية، وكان له دور مؤكد في تاريخ اللغة العربية في القرن العشرين حيث ساعد في الانتقال بها إلى مرحلة جديدة. فقد كان المستعمر في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين يريد أن تكون اللغة العربية هي اللغة الشعبية الدارجة على مثال (أستاذ حمام نحن الزغاليل) أي لغة مستنكفة ينفر منها الناس وكان الناس يقولون للمطمئن. إذا أردت أن ترتوي. فأذهب إلى النهر أما فاروق شوشة. فقد اتي بالنهر إلي افواه الناس وتحدث بلغة بسيطة مانعة وعذبة وتمكن بما حباه الله من هبات في الصوت أن يجعل اللغة طبيعية وسهله في شاعرية رائعة ولغة صافية نقية يسيرة. 

لم يكن فاروق شوشة بعيدا عن السياسة ولكن لم يدنو منها ويقترب ويتغلغل فيها فبعد عام 67 رأي الزعيم الخالد جمال عبد الناصر أن الأمه حدث بها خلل وبدأت تفقد الثقة في ماضيها ورأي أن اعادة الترابط بين الامه يجب أن تنبع من الوجدان المشترك في لغتنا الجميلة. وانتقلت الفكرة من جمال عبد الناصر إلي الإذاعة ومن ثم إلى فاروق شوشة فكان البرنامج الرائع الذي تربت عليه أجيال كثيرة وهو (برنامج لغتنا الجميلة) في الإذاعة المصرية. الذي سجلت منه آلاف الحلقات على مدي خمسين عاما. 

وفي عمله الإذاعي نأى فاروق شوشة بنفسه بعيدا عن صيحات تلك الفترة مثل صيحات أحمد سعيد في صوت العرب، رغم أهميتها في إيقاظ الشعور القومي، ولكن فاروق شوشة كان له إسهامه في إعادة الترابط بين الشعوب العربية من خلال عذوبة صوته وحسه المرهف الراقي ولغته البسيطة الأنيقة. 

ومن هنا نؤكد ما ذكرناه في البداية أن فاروق شوشة انتقل باللغة العربية الي مرحلة جديدة في القرن العشرين. وكانت له اسهتمات في التليفزيون ايضا من خلال برنامج "أمسية ثقافية" التي استضاف فيه الكتاب والادباء والمفكرين البارزين وقدم فيه نماذج بارزة أثرت في الحياة الثقافية والفكرية في مصر والعالم العربي. قد لا نستطيع أن نوفي فاروق شوشة حقه بهذه الكلمات إلا أننا نؤكد أنه سيظل الغائب الحاضر بما تركه لنا من تراث شعري وفكري وإنساني ترك أثرا في كل من أقترب منه أو تعامل معه، وهو أثر لا يمحوه الزمن.
----------------------
كتب - أبو المعاطي أبو شارب