17 - 07 - 2024

السياحة تعود للإنتعاش بعد سنوات عجاف... فلماذا تفرض رسوم جديدة؟

السياحة تعود للإنتعاش بعد سنوات عجاف... فلماذا تفرض رسوم جديدة؟

- توقعات بجذب 15 مليون سائح خلال 2020 والايرادات السياحية تسجل أعلى معدلاتها بـ 12,5 مليار دولار بفضل الترويج في الأسواق الجديدة
- سهى بهجت: كل غرفة فندقية جديدة توفر 3 فرص عمل جديدة في مجال السياحة

عادت الحركة السياحية في مصر إلى طبيعتها، بعد سنوات عجاف اعقبت ثورة 25 يناير، مسجلة خلال العام الماضي أعلى ايرادات خلال السنوات العشر الماضية بقيمة 12.5 مليار دولار بنمو نسبته 28% عن العام المالي 2017/2018.

وتعول وزارة السياحة كثيراً على الجهود الترويجية التي بذلت في الأسواق الجديدة، لجلب المزيد من الوفود السياحية، إذ أن جهوداً كبيرة بذلتها وزيرة السياحة السابقة رانيا المشاط لإعادة السياحة إلى سابق عهدها، فإيرادات السياحة خلال العام السابق هي ذات إيرادات السياحة قبيل الثورة، وتحديدا في 2010 عام ذروة السياحة.

عودة للانتعاش

 سنوات عجاف مر بها قطاع السياحة بين 2011 و 2019 إذ انخفضت إيرادات السياحة وفقًا للبنك المركزي إلى 8.8 مليار دولار في عام الثورة، 2011، ووصلت أدنى مستوياتها في عام 2016 حيث حققت 5 مليارات دولار فقط. 

وفي سبيل عودة السياحة لتحتل مكانتها الطبيعية في بنية الاقتصاد المصري، عملت وزارة السياحة على تنشيط الحركة السياحية، إذ وقعت الوزارة العديد من الاتفاقيات مع عدة شركات عالمية للترويج الخارجي لمصر، منها شركة "Beautiful Destinations" العالمية، شبكة CNN العالمية، وشركة CTRIP الصينية، وشبكة قنوات Discovery العالمية، وشركة Expedia العالمية، واستهدفت الوزارة من خلال تلك التعاقدات تقديم صورة معاصرة وغير نمطية للمقاصد السياحية في مصر.

وساهمت خطة الوزارة في تقدم مصر من المركز رقم 60 إلى رقم 5 في إستراتيجية التسويق والترويج السياحي، وحصولها على ثاني أعلى معدل تحسن لمؤشر الأمن والسلامة في العالم، إذ تقدمت 18 مركزًا في تصنيف هذا العام، والمرتبة الأولى في القارة الأفريقية للترويج لمقصد سياحي، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2013.

15 مليون سائح 

أعطى عودة الرحلات السياحية الخارجية من روسيا وبريطانيا دفعة كبيرة للسياحة المصرية، حيث قررت الحكومة البريطانية رفع حظر الرحلات الجوية من وإلى شرم الشيخ نهاية العام الماضي بعد حظر استمر 4 سنوات، بعدما كانت بريطانيا حظرت رحلاتها إلى شرم الشيخ عقب تحطم طائرة ركاب روسية فوق سيناء في أكتوبر 2015 بعد دقائق من إقلاعها من مطار شرم الشيخ الدولي، ما أدى إلى مقتل كل من كانوا على متنها.

وجاء  قرار رفع الحظر البريطاني، وقبله الروسي، نتيجة تحسن الإجراءات الأمنية في المطارات المصرية بشكل عام، لاسيما مطار شرم الشيخ، بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتعزيز منظومة الأمن على كافة المستويات سواء في المطارات أو في المناطق السياحية، كما يعد القرار رسالة قوية لطمأنة العالم بأن مصر بلد الأمن والأمان، ودليلاً قوياً على أن الحكومة المصرية تضع أمان السائح، كأولوية تحرص على تحقيقها بكافة السبل، وبما يتماشى مع المعايير الأمنية الدولية التي يتم تطبيقها في أكبر مطارات العالم، وهو ما أشادت به العديد من الجهات الدولية المتخصصة التي قامت بزيارة المطارات المصرية.

ويمثل البريطانيون 13% من الحركة السياحية الوافدة لمصر من أوروبا، وكانت أهم سوق سياحي في مصر قبل توقف حركة الطيران لجنوب سيناء فى 2015... وحققت السياحة البريطانية إقبال نحو 1.5 مليون سائح في عام الذروة 2010، ليتراجع عدد السائحين الإنجليز إلى مليون و34 ألف سائح في 2011 تأثرا بأحداث ثورة يناير.

وتتوقع د. سهى بهجت مستشارة التدريب بوزارة السياحة، أن يزور مصر ما يقرب من 15 مليون سائح بنهاية هذا العام 2020، وأن زيادة أعداد السائحين إلى المقاصد السياحية المصرية، يعني زيادة أعداد العاملين والمستفيدين من القطاع السياحي، ذلك أن كل غرفة فندقية جديدة تعني 3 فرص جديدة للعمالة في مجال السياحة، إذ يعمل في قطاع السياحة 12.6% من إجمالي العمالة في مصر.

وتضيف أن صناعة السياحة هي صناعة خدمية في المقام الأول، حيث تعتمد على العنصر البشري، إذ يتراجع  دور الألة في هذه الصناعة إلى حد كبير، ويكون للعنصر البشري الدور الفاعل في عودة السائح مرة أخرى، من خلال الخدمة الجيدة والأمان الكامل في الأطعمة التي تقدم للسائح.

معوقات جديدة

وبعد فترة من الارتياح لعودة الحركة السياحية من جديد، فوجئ العاملون في القطاع باجراءات حكومية جديدة يقولون أنها ستؤثر بالسلب من جديد على القطاع، إذ قررت الحكومة زيادة تعريفة متر حق الانتفاع لجميع المنشآت السياحية الموجودة على طرح النهر من 5 جنيهات إلى 300 جنيه، كما قررت ملاحقة العاملين في هذا المجال لتسديد ما تراه مستحقات للدولة عليهم.

ويعارض أعضاء غرف المنشآت السياحية والفندقية فرض الرسوم من جهات حكومية، مدعين أنه من دون وجه حق، كما يعارضون تغيير تعريفات بعض الرسوم بما يمثل قفزة غير مسبوقة، ولجأت غرفة المنشآت السياحية بجنوب الصعيد إلى القضاء وأقامت دعوى ضد «الهيئة العامة للتعمير» بسبب الزيادة على تعريفة متر حق الانتفاع لجميع المنشآت السياحية الموجودة على طرح النهر، من دون التفرقة بين السعر الذي يجب أن يدفعه المطعم، والسعر الذي يدفعه الفندق.

وتشمل الإجراءات الحكومية أيضاً، تطبيق رسوم استغلال الشواطئ على الفنادق في شرم الشيخ بأثر رجعي، فيما زادت رسوم تراخيص المطاعم والفنادق الجديدة، ووضعت مزيداً من الاشتراطات خاصة على شروط الحماية المدنية التي أصبحت عائقاً أمام المشروعات الجديدة، بسبب الرسوم المبالغ فيها، وهو ما أدخل منشآت عدة في مشكلات، خاصة في الأقصر وأسوان.

وتسعى بعض الجهات الرسمية لزيادة عائداتها بفرض رسوم على أصحاب الفنادق والمطاعم، وهو ما ظهر مع أكثر من هيئة حكومية، تقر رسوماً من دون الرجوع إلى وزارة السياحة، أو ملاك المنشآت السياحية المعنيين بالأمر، ومنها "هيئة موانئ البحر الأحمر" التابعة لوزارة النقل، إذ أقرت تحصيل رسوم من الفنادق المطلة على البحر ولديها أنشطة بحرية أمامها من دون أن تكون للهيئة أحقية في ذلك.

 وتتعارض هذه الإجراءات، مع سعي البنك المركزي لدعم القطاع السياحي بـ50 مليار جنيه، علماً أنه يعمل على الاتفاق مع مكتب استشاري للاستفادة من المبلغ في تجديد المنشآت السياحية والفندقية، وحل أزمة الديون المتعثرة ، فضلاً عن منح القروض لاستكمال تطوير المنشآت، وهي المبادرة التي تمّت الموافقة عليها بتوجيهات مباشرة من رئيس الجمهورية.