17 - 07 - 2024

تحرك دبلوماسي بشأن "سد النهضة".. وزير الخارجية في زيارة مكوكية بـ10 دول عربية وأوروبية

تحرك دبلوماسي بشأن

في ضوء مساعي مصر للحفاظ علي حقوقها المائية من مياه النيل، والتي علي أثره لاقت فيه المفاوضات المصرية الأثيوبية بشأن سد النهضة إخفاقات متكررة مؤخرا، كان أبرزها فشل الوساطة الأمريكية للتوصل لاتفاق في فبراير الماضي، كثفت الدبلوماسية المصرية من تحركاتها، للضغط على إثيوبيا، بهدف العدول عن موقفها الرافض لتوقيع اتفاق ينهي نزاع سد النهضة.

 وعقب أيام من نجاحها في الحصول على قرار وزاري عربي، دعم حقوقها المائية في مواجهة أديس أبابا، قام وزير الخارجية سامح شكري، بجولة عربية شملت 8 دول، تستهدف تكوين شبكة أمان عربية لمساندة الخطوات المصرية المقبلة، في إطار معركة سياسية وقانونية تعتزم خوضها، بحسب مراقبين.

كانت، أجرت وزارة الخزانة الأمريكية اجتماعات مع وفود من مصر وإثيوبيا والسودان، وعملت على تحضير نص اتفاق مقترح يضمن مصالح الأطراف الثلاثة.

ورحب الرئيس عبد الفتاح السيسي، في 22 فبراير ، بالاتفاق الذي صاغته الولايات المتحدة، وقال إنه "سيفتح آفاقاً رحبة للتعاون والتنسيق والتنمية بين مصر وإثيوبيا والسودان، وسيأذن ببدء مرحلة جديدة نحو الانطلاق لتطوير العلاقات المتبادلة بينهم".

لكن في 26 فبراير ، تراجع الجانب الإثيوبي عن المشاركة في الاجتماعات، وقال وزير الري الأثيوبي إن وفد بلاده لن يشارك في جلسات المفاوضات النهائية، التي استضافتها واشنطن في 28 و29 فبراير ، لأن "فريق التفاوض لم يكمل مناقشاته مع الخبراء المحليين وأصحاب المصالح في إثيوبيا".

وأصدرت وزارتا الري والخارجية الإثيوبيتين بيانا عبرتا فيه عن الحاجة لمزيد من الوقت للمناقشة والتفاوض، في حين رد الجانب المصري ببيان يستنكر "الحاجة لمزيد من الوقت لتناول هذا الأمر الحيوي بعدما يزيد عن خمس سنوات من الانخراط الكامل في مفاوضات مكثفة تناولت أبعاد وتفاصيل هذه القضية."

ثم قال وزير الخارجية، سامح شكري، لإحدى وسائل الإعلام المحلية في 2 مارس الجاري إن قضية ملء سد النهضة "هامة ولكنها ليست جوهرية"، وإن الجانبين المصري والإثيوبي توصلا لاتفاق في كل الأمور المرتبطة بها "ولم نلمس أي اعتراض من الجانب الإثيوبي فيما يتعلق بما تم التفاوض عليه".

ولجأت مصر للجامعة العربية لاستصدار قرار عربي يدعم حق مصر في مياه النيل ويدين مشروعات ملء السد، لكن السودان انسحب من القرار وأصدرت وزارة الخارجية السودانية تحفظا عليه.

وعبرت الخارجية عن أسفها من الموقف السوداني، وقالت في بيان إن المندوبية الدائمة للسودان لدى جامعة الدول العربية تلقت مشروع القرار منذ الأول من مارس ولم تبد أي تحفظ مسبق عليه.

وكانت مصر والسودان وإثيوبيا قد وقعوا على اتفاق مبادئ في مارس عام 2015 في العاصمة السودانية الخرطوم، نص على حق إثيوبيا في بناء السد بما لا يضر مصالح دول المصب.

وشمل الاتفاق عشرة مبادئ ، من بينها مبدأ "عدم التسبب في ضرر ذي شأن"، ينص على أن الدول الثلاثة عليها اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة " لتجنب التسبب في ضرر ذي شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق/النهر الرئيسي.

وفي اجتماع الدورة العادية (153) لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، الذي انعقد الأسبوع الماضي، أكد سامح شكري وزير الخارجية، علي محورية قضية سد النهضة بالنسبة للأمن القومي المصري، نظراً لطابعها الوجودي بالنسبة لمصر، ألا وهي مسألة سد النهضة في إثيوبيا.

وأعلنت جامعة الدول العربية تضامنها مع مصر فى مفاوضاتها حول سد النهضة وحقها التاريخى فى مياه نهر النيل، رافضة أى إجراءات أحادية تمضى فيها إثيوبيا، حيث رحبت الجامعة العربية باتفاق ملء السد الذى أعدته الحكومة الأمريكية.

وقال وزير الخارجية إن مصر تتطلع إلى "دعم الدول العربية الشقيقة مشروع القرار المتوازن الذي قدمته مصر، والذي يتضمن عددا من العناصر الهامة التي من شأنها التأكيد للجانب الإثيوبي على وقوف الدول العربية صفا واحدا لدعم المواقف المصرية العادلة والسودان الشقيق".

وأوضح أن تعطيل المفاوضات المباشرة أدى إلى دعوة مصر لتدخل أطراف دولية كوسطاء للمساعدة في التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يحقق مصالح الدول الثلاث، وذلك تنفيذا للمادة العاشرة من اتفاق إعلان المبادئ. 

وأضاف "استجابت الولايات المتحدة لتلك الدعوة، وشاركت في جولات المفاوضات المكثفة التي عقدت منذ شهر نوفمبر من العام الماضي، والتي حضرها كذلك البنك الدولي، وهي المفاوضات التي انتهت بقيام الإدارة الأميركية بالتنسيق مع البنك الدولي بإعداد اتفاق متوازن وعادل".

ولفت وزير الخارجية إلى أن مصر بدأت منذ عام 2014 عملية تفاوضية مضنية جمعتها والسودان الشقيق وإثيوبيا، وكان الموقف التفاوضي المصري مؤسسا على مبدأ حسن النية بهدف الوصول إلى اتفاق عادل وشامل يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث ويلبي الطموح التنموي لإثيوبيا، باعتبارها دولة أفريقية شقيقة، مع الحفاظ على المصالح المائية لكل من مصر والسودان ومراعاة عدم إلحاق الضرر الجسيم بها.

إلي ذلك، شملت الجولة العربية التي قام بها شكري ثماني دول منها الأردن، السعودية، العراق ،الكويت، سلطنة عُمان، البحرين، والإمارات، فضلا عن جولة أوروبية تشمل بلجيكا وفرنسا، لتسليم رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى قادة تلك الدول، بشأن أزمة سد النهضة.

وبدأ، الوزير جولته العربية بزياردة العاصمة الأردنية عمان، وقال المستشار أحمد حافظ، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن  شكري، عقد جولة عربية شملت سبع دول عربية شقيقة، إضافة إلى جولته الحالية للاتحاد الأوروبي في بروكسل، مؤكدًا أن هذه الجولات تأتي شاهدًا على عمل وجهود الدبلوماسية المصرية المكثف؛ من أجل الدفع قدمًا بمواقفها ومواصلة تعزيز التعاون والمصالح المشتركة.

وسلم وزير الخارجية، قادة الدول الثماني رسائل من الرئيس السيسي، بشأن آخر التطورات المتعلقة بملف مفاوضات سد النهضة.

وأضاف حافظ، في تصريحات إعلامية، أن الجولة الأوروبية تأتي بعد جولة عربية سلم خلالها شكري رسائل من الرئيس عبدالفتاح السيسي لقادة الدول، حول موضوع سد النهضة وآخر التطورات، مشيرًا إلى أن هناك تأكيدًا من جميع القادة العرب على عمق واستراتيجية العلاقات الأخوية مع مصر.

وأشار إلى أن الجولة عكست تقدير لمواقف الدول العربية المساندة لمصر وتضامنها معها في كل القضايا التي تجلت في الدعم العربي للقرار الصادر عن الاجتماع الوزاري الأخير لجامعة الدول العربية بالتضامن مع ملف سد النهضة، متابعًا أن هذا التضامن العربي ليس بجديد.

ولفت متحدث الخارجية إلى أن الوزير عقد لقاءات مع عدد من القادة الجدد لمؤسسات الاتحاد الأوروبي خلال زيارته، ذاكرًا أنه التقي مع الممثل الأعلى لشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي.

وأوضح أن اللقاءات شهدت بحث علاقات التعاون وتعزيز أوجه الشراكة ما بين مصر والاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات، وتناولت رؤية مصر حول الملفات الإقليمية جميعًا، والتطرق إلى التحديات المشتركة التي تواجه مصر والاتحاد الأوروبي مثل؛ الموضوعات المتعلقة بالإرهاب والهجرة غير الشرعية، إضافة إلى استعراض آخر مستجدات ملف سد النهضة.

وتوجه سامح شكري، وزير الخارجية، أول أمس الأربعاء، إلى بروكسل، في مستهل جولة أوروبية تشمل بلجيكا وفرنسا؛ لعقد لقاءات مع عدد من القادة الجدد لمؤسسات الاتحاد الأوروبي، حول تطورات علاقات التعاون وسبل تعزيز أوجه الشراكة القائمة بين مصر والاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات.

ويري دبلوماسيون أن القاهرة تعمل على حشد دبلوماسي عربي وأفريقي دولي، ضمن معركة دبلوماسية تخوضها للضغط على إثيوبيا لقبول التوقيع على اتفاق ينهي النزاع.

ويروا أن جولة شكري هدفها تكوين ما يمكن تسميته شبكة أمان عربية، لمساندة تحركات سياسية وقانونية تصعيدية في الفترة المقبلة، من أجل استمرار عملية المفاوضات التي بدأتها القاهرة برعاية أميركية، وهي تحركات ضرورية لتأكيد حقوق القاهرة المشروعة.

وتصاعدت الأزمة بين مصر وإثيوبيا في الأيام الماضية، عقب تخلفت الأخيرة عن حضور اجتماع في واشنطن، نهاية فبراير الماضي، كان مخصصاً لإبرام اتفاق نهائي، مع مصر والسودان، بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، الذي تبنيه أديس أبابا منذ 2011.