19 - 10 - 2024

دراستان أمريكية وصينية تطرحان إحتمالية انتقال كورونا في الهواء الطلق.. والصحة العالمية:"عدو للبشرية"

دراستان أمريكية وصينية تطرحان إحتمالية انتقال كورونا في الهواء الطلق.. والصحة العالمية:

هل ينتقل كورونا في الهواء؟ دراستان إحداهما أمريكية والأخرى صينية تكشفان احتمالية انتقال فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" في الهواء بينما صنّفه مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس،اليوم بأنّه "عدو للبشرية". 

ومع محاولة العلماء فهم سر انتشاره السريع، اكتشفوا في دراستين جديدتين أنه يستطيع أن يبقى عالقا في الهواء (الطلق) ما بين 30 دقيقة وثلاث ساعات، ويكون قادرا على التسبب بالعدوى.

 وأجرى الدراسة الأولى علماء من المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية التابع للمعاهد الوطنية الأميركية للصحة، وجامعتي كاليفورنيا في لوس أنجلوس وبرينستون، ونشرت في دورية "نيو إنجلاند جورنال أوف مديسن" على الإنترنت أمس الثلاثاء. ووجد الباحثون أن الفيروس يستطيع أن يبقى حيا ومعديا في الرذاذ المتطاير في الهواء لعدة ساعات وعلى الأسطح لعدة أيام.

وكشفت الدراسة عن أن الفيروس المحمول عبر الرذاذ المتطاير الناتج عن السعال أو العطس، يظل قادرا على البقاء أو إصابة الأشخاص عبر الهواء لمدة ثلاث ساعات على الأقل. أما على البلاستيك والفولاذ المقاوم للصدأ، فقد ظل الفيروس باقيا لما يزيد على ثلاثة أيام، لكنه لم يقوَ على البقاء لما يزيد على يوم واحد عندما استقر على ورق مقوى، وعلى النحاس ظل الفيروس باقيا أربع ساعات قبل انتهاء تأثيره. 

ووجد معدو الدراسة الممولة من الحكومة الأميركية أن الفيروس المسبب لوباء كوفيد 19 يتمتع بقابلية البقاء في الهواء الطلق مقارنة بفيروس سارس "المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة". وقد يعني هذا الأمر أن مدى انتشار وباء كوفيد 19 –وهو أكبر بكثير من سارس الذي تفشى في 2002-2003- مرتبط بكونه ينتقل بسهولة أكبر من حامل المرض الذي لا تظهر عليه أعراض إلى شخص آخر. 

وواجهت هذه الدراسة انتقادات، بحيث يرى الخبراء أن استخدام البخاخات لا يحاكي سعال المريض بشكل فعال. 

 وينتقل الفيروس بشكل رئيسي عن طريق قطرات صغيرة يخرجها المرضى عندما يسعلون أو يعطسون، وفي هذه الحال يكون قابلا للحياة لبضع ثوان فقط، وأجرى الفريق المسؤول عن الدراسة الحالية اختبارات مماثلة على فيروس سارس، ووجدوا أن الفيروسين متشابهان في هذه النقطة.  ولا يفسر هذا سبب إصابة كوفيد-19 نحو مئتي ألف شخص مع ثمانية آلاف حالة وفاة تقريبا، في حين أصاب سارس ثمانية آلاف شخص فقط، وقتل ثمانمئة مريض. ويقول معدو الدراسة إن الاختلافات بين الوبائين "قد تكون ناجمة عن عوامل أخرى، مثل الحمل الفيروسي العالي في الجهاز التنفسي العلوي"، وقدرة المرضى الذين لا يعانون من أعراض على نقل فيروس كورونا المستجد.

وتعزز هذه الفرضية دراسة علمية صينية إذ تؤكد أن فيروس كورونا يتطاير أبعد من المتر الواحد الذي تنصح به السلطات المواطنين، كما وجد الباحثون أن هذا الفيروس القاتل يمكنه البقاء في الفضاء حوالي 30 دقيقة. لذلك قال الباحثون إن تحقيقهم سلط الضوء أيضا على أهمية ارتداء أقنعة الوجه بسبب طول المدة الذي يجول فيها الفيروس في الهواء. 

وذكرت الدراسة التي أجراها فريق من علماء الأوبئة الحكوميين الصينيين، ونشرت في مجلة الطب الوقائي العملي وصحيفة South China Morning Post، أن الفيروس التاجي الذي يتسبب في الإصابة بـ Covid-19 يمكنه أن يبقى في الهواء لمدة 30 دقيقة على الأقل والتطاير إلى 4.5 متر، أي أبعد من "المسافة الآمنة" التي تنصح بها السلطات الصحية حول العالم. 

والأخطر من ذلك أن الباحثين وجدوا أيضا أنه يمكن لهذا الفيروس أن يعيش عدة أيام على سطح تهبط فيه قطرات الجهاز التنفسي، مما يزيد من خطر انتقال العدوى إذا لمسها الأشخاص الأصحاء ثم فركوا وجوههم. ويعتمد طول الوقت الذي يمكن للفيروس البقاء فيه على السطح على عوامل مثل درجة الحرارة ونوع السطح، على سبيل المثال عند حوالي 37 درجة مئوية (98 درجة فهرنهايت)، يمكن أن يستمر لمدة يومين إلى ثلاثة أيام سواء على الزجاج أو القماش أو المعدن أو البلاستيك أو الورق. 

وتخالف هذه النتائج، التي توصلت إليها مجموعة من الباحثين الرسميين من مقاطعة هونان التي تحقق في حالة عنقودية، نصيحة السلطات الصحية في جميع أنحاء العالم بأن الناس يجب أن يبقوا بعيدا على مسافة "آمنة" من متر إلى مترين (ثلاثة إلى ستة أقدام ونصف القدم). 

واستند عملهم على حالة تفشي المرض المحلي في 22 يناير خلال ذروة موسم السفر للاحتفال بالسنة القمرية الجديدة، ووصوله لراكب يدعى "أ" ، استقل حافلة مسافات طويلة محجوزة بالكامل واستقر في الصف الثاني من الخلف. 

وكتب الباحثون في ورقة نشرت في دورية الطب الوقائي يوم الجمعة الماضي "يمكن التأكد من أنه في بيئة مغلقة بها مكيف هواء، ستتجاوز مسافة انتقال الفيروس التاجي الجديد المسافة الآمنة المعترف بها بشكل عام" . 

كما سلطت الصحيفة الضوء على خطر بقاء الفيروس حيا حتى بعد مغادرة الناقل له الحافلة. وحذر العلماء من أن الفيروس التاجي يمكن أن يعيش أكثر من خمسة أيام في البراز البشري أو سوائل الجسم. 

وقال هو شيشيونغ، الباحث الرئيسي في الدراسة والذي يعمل في مركز مقاطعة هونان لمكافحة الأمراض والوقاية منها، إن لقطات الكاميرات الأمنية أظهرت أن المريض "أ" لم يتفاعل مع الآخرين طوال الرحلة التي استغرقت أربع ساعات. ولكن في الوقت الذي توقفت فيه الحافلة في المدينة التالية، قفز الفيروس بالفعل من الناقل إلى سبعة ركاب آخرين. 

شعر الراكب بالفعل بالمرض في تلك المرحلة، ولكن كان ذلك قبل أن تعلن الصين عن تفشي الفيروس التاجي أزمة وطنية ، لذلك لم يرتد "أ" قناعًا ، ولم يرتب بأمره معظم الركاب الآخرين أو السائق على متن الحافلة ذات 48 مقعدًا. وبعد مغادرة هؤلاء الركاب، استقلت مجموعة أخرى الحافلة بعد حوالي 30 دقيقة. فأصيب أحد الركاب الجالسين في الصف الأمامي على الجانب الآخر من الممر بالعدوى. 

كما وجد الباحثون أنه لم يصب أي من الركاب الذين ارتدوا أقنعة الوجه في الحافلتين الأخريين . وخلصت الدراسة إلى أنه "عند ركوب وسائل النقل العام المغلقة مثل مترو الأنفاق والسيارات والطائرات، وما إلى ذلك ، يجب ارتداء القناع طوال الوقت، وكذلك، تقليل احتكاك يديك بالأماكن العامة، وتجنب لمس وجهك". واقترح الباحثون تعديل تكييف الهواء في وسائل النقل العام لزيادة حجم الهواء النقي.

من جانبه قال مدير عام منظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحافي إن "هذا الفيروس يمثّل تهديداً غير مسبوق، ولكنّه يمنح أيضاً فرصة غير مسبوقة لكي نحتشد ضد عدو مشترك، عدو للبشرية". وأكد غيبريسوس في أنه يتعين على الدول في جميع أنحاء العالم اتخاذ نهج شامل لمكافحة وباء COVID-19 الناجم عن فيروس كورونا الجديد وعزل واختبار وتتبع أكبر عدد ممكن من الحالات. وقال إنه "لقمع الوباء والسيطرة عليه، يتعين على البلدان أن تعزل وتختبر وتعالج وتتبع". وأضاف أنه "إذا لم يفعلوا ذلك فإن سلسلة تفشي الفيروس يمكن أن تستمر عند مستوى منخفض ثم تظهر مرة أخرى بمجرد رفع إجراءات التباعد الجسدي". وقال إن استراتيجية الاختبار والتتبع "يجب أن تكون العمود الفقري للاستجابة في كل بلد". وقال غيبريسوس أيضا إنه لتسريع عملية البحث عن العلاجات والأدوية المحتملة لعدوى COVID-19، تنظم منظمة الصحة العالمية وشركاؤها دراسة متعددة البلدان لتحليل ومقارنة بعض العلاجات التي لم يتم اختبارها بعد. 

وأضاف أن "هذه الدراسة الدولية الكبيرة مصممة لتوليد البيانات القوية التي نحتاجها لإظهار العلاجات الأكثر فعالية".