22 - 06 - 2024

عالما دين واستشاري صحة: رفض دفن شهيدة كورونا خروج على القيم وإثم يعاقب عليه الله

عالما دين واستشاري صحة: رفض دفن شهيدة كورونا خروج على القيم وإثم يعاقب عليه الله

استشاري صحة: جثث شهداء كورونا ليست مصدرا للعدوي
موسي: فوبيا كورونا ترجع لعدم الوعى والثقافة الطبية

فى مشهد من مشاهد الخزي انتزعت الإنسانية من قلوب بعض أهالى قرية "شبرا البهو" التابعة لمدينة أجا بالدقهلية، تجمهر عدد من الأهالى للحيلولة دون طبيبة أصيبت فيروس كورونا وتوفيت نتيجة أداء واجبها، بمدافن زوجها، ومع زيادة تكتل الأهالى تم توجيه الجثمان إلى قرية "بهو العامل" مسقط رأسها فتجمهر أهلها أيضا لمنع الدفن.

حول ماجرى تستطلع "المشهد" راي علماء الدين والطب والصحة النفسية عن ذلك السلوك الذي اصبح يهدد مجتمعنا وكيف يتم التعامل معه.

يقول الدكتور ماهر البحيري أستاذ الشريعة أن دفن الميت من أوجب الواجبات علي الأحياء، وهي من حقوق الميت عليهم، والتقصير فيها يورث إثما مبينا، والتقاعس عنها فتنة يحاسب عليها كل من شارك فيها، ولو بالإشارة، خاصة وانه لا ينتج عن دفن المصاب بهذا الفيروس ضرر بالأحياء، ولوهناك ضرر، فالأطباء يحتاطون من انتشاره، مما يجعل الضرر في حكم العدم والله أعلم.

واضاف البحيري ان الذي يموت في الوباء، صابرا محتسبا موقنا أنه لايصيبه إلا ماكتب الله، له أجر شهيد وهو يغسل ويكفن ويصلي عليه ويدفن كما قال ابن قدامة في المغني 2/405 "فأما الشهيد بغير قتل كالمبطون والمطعون والغريق وصاحب الهدم والنفساء، فإنهم يغسلون ويصلى عليهم، لا نعلم فيه خلافاً"، ولايجوز لنا ان نتأخر عن حق المتوفي بكورونا في الدفن حتي لا نأثم بذلك.

واستشهد البحيري بأن الأطباء حريصون علي ذلك واتخاذ كل ما يحمى البشرية من العدوي بعد الموت، ولم ينقل أن الصحابة امتنعوا عن دفن من ماتوا بالطاعون رغم علمهم انه شديد العدوي، وقد ثبت ان الرسول بين أن ميت الطاعون شهيد ويقاس عليه غيره مما يشبهه من الوباء، وأما هروب بعض المرضي من الحجر الصحي بعد ثبوت إصابتهم بفيروس كورونا فهو هروب من قدر الله ويضيع الأجر، وقد شبه الرسول من يفر من الطاعون بعد إصابته به بالذي يفر من الزحف، أي أنه يرتكب كبيرة تساوي كبيرة الفرار من ارض المعركة، وذلك فوق ما يحمله من وزر نشر المرض بسبب الهروب والتسبب في إصابة غيره.

ويقول الدكتور إبراهيم إسماعيل: كلنا شعرنا اليوم بمزيد من الألم لما حدث من بعض الأفراد فى إحدى قرى محافظة الدقهلية، عند دفن جثمان إحدى شهيدات مرض الكورونا ورفضهم دفنها فى قريتهم خوفا من نقل العدوى إليهم، وكلنا شاهدنا بل وشاركنا فى الهجوم على هذا التصرف العنيف وغير الآدمى من هؤلاء الناس، ولكن علينا أن نسأل أنفسنا هل قامت وسائل الإعلام بدورها فى توعية الناس بحقائق أو احتمالية العدوى من جثث شهداء فيروس كورونا؟.

ولهذا كان علينا أن نبحث عن الحقيقة وأن نقدمها للمواطنين بابسط الصور حتى يتبينوها من التخاريف والأكاذيب والشائعات، فنور العلم هو الذى يحارب الجهل والعصبية.

هل الجثة مصدر للعدوى؟

هناك رأي علمي صدر من منظمة الصحة العالمية ومن وزارات الصحة في عدة دول منها استراليا تفيد التالى: 

- جثث شهداء فيروس كورونا ليست مصدرا للعدوى ويجب أخذ كل الاحتياطات اللازمة لمن يقوم بتجهيز الجثث للدفن، ومنها أن يكون مرتديا جميع الملابس الواقية ومتخذا كل اجراءات السلامة.

- الإفرازات التى تخرج من الجثث ليست حاملة للفيروس، وبالرغم من ذلك يجب التخلص منها بشكل آمن

- يجب عدم إجراء عمليات تشريح للجثث أو تحنيط لها، لأن فى هذه الإجراءات خطورة على القائمين بها، وإذا تم تشريح الجثث لأى سبب، يجب عدم التعامل مع الرئة والسوائل الموجودة بها، حيث أن غالبية الفيروس يكون متجمعا فى هذا المكان وقبل إجراءات الدفن يجب وضع الجثث فى كيس من طبقتين غير منفذ وهذا متفق عليه عالميا، وأن يكون الدفن فى كيس مطاطى غير منفذ للهواء أو أى سوائل .

وحذرت المنظمات الصحية من التقارب مع أهل الميت، لأن بعضهم قد يكون حاملا للعدوى ولم تظهر عليه الأعراض بعد، ولهذا يجب أخذ الحيطة والتباعد الإجتماعى حتى فى إجراءات الدفن بين المخالطين للحالة.

ويضيف الدكتور موسي نحيب موسي استشاري الصحة النفسية والعلاجية ان ماحدث من البعض من اتخاذ موقف معادى وقاس ومضاد لكل عاداتنا وتقاليدنا ولا يتناسب مع تعاليم الدين الذي أوصى باكرام المتوفى بدفنه، نتيجة طبيعية لما أصبح يسمى بظاهرة "الكورونا فوبيا" أو متلازمة الكورونا، فتواتر الأخبار المفزعة من الفيروس وأعداد المتوفين والمصابين التى تتزايد بكثرة مرعبة وكذلك ما يرتبط بالكورونا فوبيا من طريقة انتشار العدوى بسهولة وبطرق مباشرة، كل ذلك خلق حالة من الهلع والهوس والخوف الشديد من الإصابة بهذا الفيروس الأمر الذى أدى إلى ظهور مناخ نفسي سقيم لايحتمل اى اخطاء او تسيب أو إهمال قد يؤدى إلى العدوى. 

هذا المناخ النفسي العام السلبى هو ما أتاح لهؤلاء كسر كل ما هو متعارف عليه ومتفق عليه وموروث دينى واجتماعى وثقافى فيما يتعلق باكرام الموتى بدفنهم، وهذا تشريح وتوضيح للموقف وليس تبريرا لموقفهم غير الانسانى والمرفوض شكلا وموضوعا، فلو تخيل أحد من هؤلاء المعارضين لدفن مريض أو مريضة الكورونا أن هذا المريض أو هذه المريضة التى توفيت بالكورونا من اقربائه أو ابنه أو ابنته أو أخته أو والده او اى فرد من المقربين له، ما كان له أن يتخذ هذا الموقف المعادى للإنسانية والدين والعرف والموروث وهو ما يجعلنا نجنح إلى الفردية والأنانية والتقوقع حول الذات. ويشير موسي أن ماجرى يمثل ظاهرة حديثة على مجتمعنا المصرى الشرقى المحافظ المتدين الذى تسوده قيم الاخاء والمحبة والتعاون والتكافل والتكامل بين أفراده.

قاتل الله الكورونا فوبيا.
---------------------------
تقرير - عبد الناصر إبراهيم






اعلان