19 - 10 - 2024

على هامش قضية حنين حسام .. لماذا تنتشر ظاهرة اليوتيوبر والتيك توك في مصر؟

على هامش قضية حنين حسام .. لماذا تنتشر ظاهرة اليوتيوبر والتيك توك في مصر؟

د. موسي نجيب موسي: الرغبة في الكسب السريع وراء هذه الظاهرة
د. هند البنا : وارد تكون تعرضت لتربية خطأ ورطها فى مفاهيم مغلوطة

أى عمل مفيد فى الدنيا لايؤاخذ صاحبه عليه ولا يقلل من قيمته أو قدره عند الآخرين، بل على العكس فإن نظرة الآخرين لمن يعمل نظرة تقدير واحترام وتبجيل.

وتساوى نظرة التقدير الموضوعية بين أصحاب المهن النوعية غير المميزة اجتماعيا كالعامل العادى وعامل النظافة ، وبين أصحاب الأعمال والمهن المميزة اجتماعيا كالاطباء والمهندسين وبعض رجال الأعمال الشرفاء، حيث أن الجميع يقوم بعمل شريف لا يستطيع المجتمع الاستغناء عنه.

ولكن ظهرت فى الآونة الأخيرة بعض المهن والأعمال التي تتواكب مع طبيعة المنجز التكنولوجى وعصر الميديا ومواقع التواصل الإجتماعي، مثل اليوتيوبر وشباب التيك توك وغيرها، والتى تمنح مقابل ماديا قد يصل إلى آلاف الدولارات مقابل عرض محتوى ما من خلال هذه المواقع، بصرف النظر عن قيمة وطبيعة المحتوى المقدم ومدى تأهيل وتدريب وخبرة مقدم المحتوى، المهم أن يحصد علامات إعجاب (لايكات) ويحقق مشاهدات عالية، وكلما كانت نسب المشاهدة كبيرة كان العائد كذلك، حتى الآن يبدو الأمر طبيعيا وعاديا ويمثل عملا مشروعا، لكن ما حدث هو أن الغالبية أصبحت تتجه للشكل دون المضمون، كما يقول د. موسي نجيب موسي استشاري الصحة النفسية والاجتماعية.


ويعرف د. موسى هذا النشاط بأنه يتجه نحو الانتشار وحصد اللايكات والفيوهات دون نظر إلى طبيعة المحتوى المقدم وأهميته وضرورته وإفادته، ولذلك كل شيء أصبح لديهم مباحا وممكنا طالما يحقق الهدف الرئيس وهو الربح، الأمر الذى أوقع كثيرا من الشباب والفتيات فى أخطاء كارثية تكاد تصل إلى حد التجاوزات الأخلاقية وتدمير قيم وثوابت المجتمع، ولعل هناك العديد من العوامل والأسباب التى تقف خلف انتشار هذه الظاهرة بهذا الشكل السرطانى بين مختلف فئات المجتمع المصرى وطبقاته وشرائحه العمرية المتنوعة وأهمها تدنى  وتدهور الوضع الأقتصادى للعديد من الأسر.

يضيف د. موسي قائلا: هذا التدنى لا يعنى أننى أسوق مبررا لهم، بقدر بحثي عن سبب ودافع حقيقي للسعى وراء الكسب السريع دون عناء أو مشقة أو تعب، وهذا أدى إلى دفع العديد منهم للخروج عن القيم والعادات والتقاليد وانتهى بهم إلى تقديم محتوي غير اخلاقى لجنى المال.

وتساعد على ذلك في رأي استشاري الصحة النفسية والاجتماعيةعدة عوامل منها:

- اختفاء الوازع الدينى وعدم الدراية والمعرفة الدينية الكافية التى قد تعصم هؤلاء من الوقوع فى مثل هذه الأخطاء الكارثية، فعلى الرغم من أن الحلال بين والحرام بين، الا ان اختفاء الوازع الدينى يؤدى إلى انتشار مثل هذه الظاهرة السلبية

- انهيار منظومة القيم مما تسبب فى اختفاء المراقبة الاجتماعية والضبط الاجتماعى واختلال الوزاع الاخلاقى فى النفوس، فهناك ضعف لدور الأسرة فى القيام بمهامها الأساسية فى التربية والتوجيه والتوعية والمتابعة والمراقبة، وايضا تراجع دور وسائل الإعلام المختلفة فى خلق حالة توعية مجتمعية للتأكيد على القيم الدينية والمجتمعية وغرسها فى نفوس أفراد المجتمع.

- يضاف إلى ذلك، تراجع واختفاء درو العبادة المختلفة كمؤسسات مجتمعية تساهم وتشارك فى عملية التنشئة الإجتماعية ، خاصة مع صغر سن شريحة الذين يتعاملون مع هذه الميديا الحديثة ومواقع التواصل والتيك توك وغيرها مما يعكس نقص خبراتهم وقله تجاربهم مما يوقعهم فى هذه الأخطاء الكارثية عليهم اولا ثم على أسرهم و على المجتمع بأسره.

- وعلى الأندية الرياضية ومراكز الشباب تحقيق الوعى المجتمعى لأفراد المجتمع وإكسابهم الخبرات الإيجابية التى تجعل أفراد المجتمع يبتعدون عن كل ما هو قد يؤثر سلبا على أفراده وعلى بنيته الرئيسية.

وتقول د. هند البنا استشارى علم النفس والاجتماع إنه لابد من معرفة الدوافع والاحتياجات النفسية والظروف الاجتماعية، فهي ضرورية لفهم أي سلوك غير مقبول لفهم أسبابه ونتائجه، ففتاة التيك توك الشهيرة ، ركزت في محاولات دفاعها عن نفسها على جملة: "أنا ماليش ولا فيديو بشعري ولا حتي صوره ليا متسربه بشعري انا مش بعمل حاجه غلط"، هذه الجملة تعكس فكرة غاية في الخطورة وتعبر عن أسلوب تربية ملئ بالتناقضات، فما دامت غطت شعرك فهي لم تقع في الخطأ. هذا يعني أن هناك خلط عند شريحة كبيرة من البنات بين المظهر الديني وبين الأخلاق واحترامها لنفسها وفرض احترام الناس لها، هذه الفتاة وغيرها ضحية فكرة إن الحجاب رمز للأخلاق، هم يعتبرونه خط الدفاع الأول عن أى سلوك غير مقبول وحماية لهن من الانتقاد أو الرفض واللوم.

وتؤكد د. هند البنا حاجتنا لتشكيل وعي وتفكير أجيال، كانت ضحية لكتير من الأمهات والآباء، فحين تكتشف أسرة تغيرا في سلوك بناتهم ، يقومون بإلباسهم الحجاب، كما لو كان عقابا أو وسيلة حماية، وذلك بدلا من تقويم سلوكهن.

وتضيف الاستشارية في علم النفس والاجتماع : من الوارد أن يكون حصل مع حنين وغيرها، أسلوب تربية خطأ ورطها في مفاهيم مغلوطة عن القيم والأخلاق، وأفهمها إن الأخلاق مجرد شكل ديني نختبىء وراءه. إذ أن تقويم السلوك وتعديله وزرع قيم وأخلاقيات لابد أن تكون له الأسبقية على المظهر الديني، لأن الحجاب وغيره من المظاهر الدينية ليس دليلا، فسلوك احترام الإنسان لنفسه ولمجتمعه يمكن أن يكتمل بالمظاهر الدينية، لكن المظهر الديني وحده ليس معيارا للحكم على سلوك شخص.
-------------------------------
كتب - عبدالناصر إبراهيم