17 - 07 - 2024

القروض والأحلام (1) مقدمة عن أشكال النصب

القروض والأحلام (1) مقدمة عن أشكال النصب

في فترة الأزمات الاقتصادية، ونموذجها هذه الأيام أيام انتشار فيروس كورونا، والحظر، و"وقف الحال" كما يصفها الجميع الآن، مع غلق موارد الرزق أمام الكثيرين، من أصحاب العمالة اليومية، أو قلة الدخل لكثير من المشروعات المقامة، كالمطاعم، ومحال الملابس وغيرها.

مع مثل هذه الظروف تزداد رغبة الجميع للحصول على المال لفك كرب أو دين، أو من أجل المعيشة اليومية، أو من أجل تطوير مشروع بسيط،.. إلخ، وكذلك تزداد وتنتشر وتتفشى ظاهرة اللعب على هذه الأحلام، بالإعلان عن مسابقات وهمية يتكالب عليها الجميع، وعند الاشتراك فيها يجدون أنها مواقع للألعاب تسحب رصيدًا يوميًّا قدره جنيهان ونصف من رصيد تليفونك.

وكذلك عمل الجمعيات الشهرية عبر مواقع الاتصال الاجتماعي، تلك الظاهرة التي هي في الحقيقة أهم وسائل التكافل الاجتماعي والتي لجأ إليها المصريون لحل الأزمات الآنية، كمصاريف المدارس أو الكسوة الشتوية أو سداد دين، وكانت في الزمن الماضي نموذجًا رائعًا أعان الكثيرين في أزماتهم البسيطة، بل إن كثيرًا من بيوتنا قامت عليها، أما الآن فتجد إعلانات كثيرة في الفيس بوك عن جمعيات فتشترك فيها، وتدفع أقساطها، وتغلف بأوراق وضمانات وإيصالات لكل مبلغ تدفعه، وعند موعد القبض يغلق الحساب والتليفون ولا تجد أحدًا، فتكتشف أنها وسيلة نصب أخذت منك أموالك الضئيلة، ولا يعيدها أي إجراء قانوني تتخذه، فكل ما لديك من أوراق وهمية، بل إن كثيرًا منا "يستعوض الله" ولا يبلغ تجنبًا لتعقيد الإجراءات ومصاريفها وطول الوقت والمشاوير، ولتاريخ طويل محفوظ داخلنا أننا لن نستطيع الحصول على حقوقنا من الجهات الرسمية المسؤولة عن ذلك. 

ولعل أهم شكل من أشكال النصب المالي، وهو ما سيتم التركيز عليه خلال المقالات التالية لكشف هؤلاء النصابين هو: القروض، تذكرنا هذه الظاهرة بظاهرة انتشرت في فترة الثمانينات والتسعينيات ظاهرة شركات توظيف الأموال، بنسبة ربح أعلى بكثير من النسبة التي تعطيها البنوك لشهادات الادخار، كشركة الهدى والريان وغيرها، ولكن تلك الشركات كانت تلعب على أحلام الربح لمن لديهم أموال يريدون استثمارها، وما زال بعضها موجود على مواقع الفيس بوك كاستثمار للتسويق الإلكتروني بمكسب 50% بعد أيام معدودات، مستغلة كل وسائل الميديا من صور وفيديوهات مركبة مفبركة للقاءات تليفزيونية، والاستثمار فيها يبدأ من 500 جنيه إلى ما لا نهاية، ولك أن تتخيل ما يحدث في موعد استلام نقودك.

أما ظاهرة القروض فتلعب على أحلام مَن لا يملك أصلا، فتأخذ أمواله القليلة وتبدأ من 200 جنيه حتى 6 آلاف جنيه، فكيف تحدث عمليات النصب هذه، وهل يمكن إثباتها، وكيف يتم إقناع مستخدميها بأنها حقيقية فيقعون في الفخ؟ 

مع تعقد إجراءات القروض من البنوك وطول فترة الاستعلام واتخاذ القرار، انتشرت مجموعات عديدة على الفيس بوك تحمل عنوان: قروض في تركيب وصفي غالبًا، ومثل هذه المجموعات تسمح بالنشر للجميع دون تحرٍ عن صدق ما ينشر، وهناك مئات المنشورات اليومية فيها عن عروض القروض، فتجد أمامك الفرصة للحصول على قرض بأبسط الإجراءات دون الخروج من المنزل عبر الواتس أو الماسينجر، فيطلب منك إرسال صور الأوراق: صورة البطاقة، مرفق ايصال مياه فقط، ويكون الإعلان أنك تستلم القرض خلال 48 ساعة فقط من خلال مندوب يأتي إليك، وبعد إرسال الأوراق يطلب منك مبلغ للاستعلام غالبًا 300 جنيه يرسل عبر فودافون كاش أو فوري، وبعد إرسال مصاريف الاستعلام، وحين يأتي موعد استلام القرض، يسوفون في الموعد لأقصى درجة ممكنة تستغرق أيامًا حتى أن بعضهم يقول لك: إننا في الطريق، وبالطبع حتى يكسب أقصى وقت ممكن لاستغلال أكبر عدد ممكن من الحالمين، ثم يختفي الرقم وصاحبه، وصاحب الحساب.

وللإمعان في الدقة توضع صفحات لجمعيات وشركات استثمار وتوظيف أموال، وتوضع عناوين، وعندما تقرأ التفاصيل المصاحبة بالطبع بلباقة المتحدث معك والقدرة على الإقناع، بالإضافة إلى حلمك في الحصول على المال الذي تحتاجه كثيرًا، تصدق وتقع في الفخ.

فيا ترى من هؤلاء، وهل ممكن كشفهم والقبض عليهم، سنذكرهم جميعًا فردً فردًا ومؤسسة مؤسسة، خلال مقالات تالية.
------------------------
بقلم: سمر إبراهيم

مقالات مرتبطة

القروض والأحلام (2)- ما حدش حيعرف يجيبهم

القروض والأحلام (3) مستويات الاحتيال

مقالات اخرى للكاتب

القروض والأحلام (6) - وأخيرا لا نملك إلا التحذير