طرحنا في المقال السابق سؤالا هامًّا: هل يمكن الوصول إلى نصابي القروض والقبض عليهم وسنحاول الإجابة عليه الآن؟
كي أستطيع كتابة هذه المقالات تواصلت مع الكثيرين مما يعلنون عن قروض بفائدة قليلة، ودون شروط أو إجراءات معقدة، فقط التواصل عبر الواتس أو الماسينجر وإرسال الأوراق المطلوبة، وهي صورة البطاقة، ومرفق مياه، ودفع مصاريف الاستعلام على رقم فودافون كاش، على أمل استلام القرض بعد 24 ساعة أو 48 ساعة.
وبالطبع سهولة الإجراءات أغرت الكثيرين بالتفاعل معهم والوقوع في الفخ، ولكن لم يسأل أحد نفسه عدة أسئلة، منها: كيف ستحدد الأقساط الشهرية للقرض حتى لو كانت 1000 جنيه شهريًّا كما يدعي البعض منهم أو أكثر دون التحقق من مصدر الدخل الخاص بالمقترض ومعرفة هل يستطيع الإيفاء به؟ كيف تكون هناك مصاريف للاستعلام بينما يعدك هذا الشخص أنك ستستلم القرض من خلال مندوب بعد المدة المحددة، أي أن القرض مضمون صرفه بنسبة 100%، فأين الاستعلام المزعوم؟ ما المدة التي ستسدد خلالها القرض، فلم تحدد؟ والأهم: كيف تعطي أوراقك لشخص لم تعرفه ولم تقابله قط ألا يمكنه استغلال بياناتك في عمل غير قانوني قد يجلب إليك الكوارث؟
ولعل أهم هذه الأسئلة كيف يمكن إثبات أنك دفعت رسومًا للاستعلام إذ بمجرد دفع رسوم الاستعلام ومرور المدة المحددة ونفاد القدرة على زيادة المدة المتاحة لاستلام القرض لأقصى فترة ممكنة يغلق التليفون ويغير الحساب؟
ومن خلال حواري مع أحد المعلنين عن القروض النصابين، وذلك بشهادة الكثيرين عبر الفيس أنهم دفعوا الرسوم ثم اختفى صاحب الحساب، اخترعت له قصة نصب شركة ما نشرت عنها الكثير من البوستات أنها شركة نصابة، وأنها تأخذ رسومًا مرتفعة لا تقل عن 2000 جنيه لقرض مزعوم قدره 350000 جنيه، ذكرت لها أن هذه الشركة قد نصبت على صديقة لي وأخذت منها 2400 جنيه كرسوم للقرض ثم اختفت، وطلبت منها تشيير هذه القصة حتى يتعظ الجميع ولا يقع أحد فريسة لها.
أجابت: "ربنا ينتقم منهم المبلغ كبير أنا بآخد 200 جنيه فقط لي و200 جنيه للمندوب بس، على فكرة التشيير وحتى الإبلاغ عنهم ما لوش فائدة، الرقم يرموه، ويجيبوا رقم جديد، وغالبًا بيكون رقم مضروب، ويعملوا حساب جديد باسم جديد يعني حتى الشرطة مش حتوصل لهم، خلي صحبتك تستعوض ربنا فيهم خلاص ومفيش داعي تتعبي نفسك ما حدش حيعرف يجيبهم".
تلك الإجابة توضح عدة أمور: أولها ثقة هؤلاء الأشخاص أن الشرطة لن تصل إليهم، وثانيها: أنهم يعرفون جدا ما يفعلونه، لذا يجعلون وسيلة التواصل عبر الماسينجر أو الواتس فبمجرد تغيير الرقم وحساب الفيس يختفون تمامًا ولا نستطيع الوصول إليهم، ثالثها أن عمليات النصب لها مستويات تبدأ من 200 جنيه إلى الآلاف تبعا لعدة أمور، منها الجمهور المستهدف، ومنها مستوى الإعلان عن القروض ووسيلته، ومنها عدد العاملين في هذا الموضوع ففي بعض الأمور تتعامل مع شخص واحد فقط، وفي أحيان أخرى نجد نفسك أمام فريق عمل متكامل.
وآخرها: أن الإعلان عبر الجروبات أو مواقع التواصل الاجتماعي عن احتيالهم على الناس لا تفيد فهم يستغلون آمال الناس وأحلامهم ومعرفتهم بمواقع التواصل الاجتماعي وسهولة النشر عليها وطرق التحايل من خلالها وكذلك -وهو الأهم- عقم الإجراءات القانونية.
والآن هناك سؤال هام يجب أن يطرح نفسه أيضًا: هؤلاء المعلنون عن القروض وأقصد النصابين منهم طبعًا ينشرون إعلاناتهم عبر صفحاتهم الشخصية، وعبر مجموعات عديدة تتكون من آلاف الأعضاء، تلك المجموعات نفسها التي تنشر شكاوى الناس من وقوعهم في فخاخ عديدة، ومن هنا أليس هناك لهذه المجموعات "أدمن" مسئولون عن المجموعة وعليهم التحقق أولا مما ينشر وما مدى صحته؟
والآن أنا حائرة معكم في الإجابة عن سؤال هل حقًّا نستطيع إثبات وقائع النصب هذه، وعبر المقالات القادمة سأبدأ في نشر أسماء لأشخاص وشركات قامت بعمليات النصب والاحتيال على الكثيرين بوثائق وشهادات، وبعد ذلك تصبح إجابة هذا السؤال في يد المسؤولين.
--------------------------
بقلم: سمر إبراهيم
مقالات مرتبطة
