17 - 07 - 2024

القروض والأحلام (3) مستويات الاحتيال

القروض والأحلام (3) مستويات الاحتيال

في المقال السابق طرحت أسئلة لم يطرحها المنصوب عليهم من معلني القروض المحتالين على نفسه، كان أهمها: لماذا لا يسأل هذا المعلن المحتال عن مصدر دخل الشخص، ولا عن مقدرته المالية على الإيفاء بالقسط الشهري؟

واليوم وأنا أجهز مقالا عن بعض هؤلاء المحتالين سواء كانوا أشخاصًا أو مؤسسات وهمية، حدثت ثلاثة أمور جعلتني أكتب هذا المقال أولًا، وأؤجل عملية الكشف عنهم إلى المقال التالي.

أولها: حوار مع أحد الأصدقاء الشرفاء العاملين في مجال استثمار الأموال، حيث طرح عليّ سؤالا هامًّا كيف يستطيع النصاب أن ينجح في إيقاع أي شخص في الفخ؟ فأجبت: باللعب على أحلامه، فقال لي: والأهم اللعب على إثارة غريزة الطمع داخله، فكري بالأمر قليلا ستجدين أن بعض من يقعون في الفخ وليسوا كلهم، ربما يكونوا يطلبون قرضًا لا يستطيعون الوفاء به.

والأمر الثاني: تذكري لأحد الحوارات مع شركة قروض وهمية، ذكرت له أن لي صديقات كثيرات تردن عمل مشروع وتقريبًا كل واحدة منهن تريد حوالي  50000 جنيه فما إجراءات القرض لديكم؟ أجاب: هذا مبلغ صغير ممكن أعطيهم 350000 جنيه، وستكون الرسوم 6000 جنيه فقط، والغريب أنك عندما تتصفح صفحة هذه الشركة على الفيس بوك تجد البعض قد دفع هذه الرسوم الباهطة بالرغم أنه في أول تعليق له كان المبلغ الذي طلبه أقل من ذلك بكثير.

أما الأمر الثالث: مجموعة منشورات رأيتها اليوم على الفيس: أحدها شخص يطلب مفردات مرتب مقابل أي مبلغ من المال، فليس لديه عمل ثابت، وليس لديه مفردات مرتب، وآخر يطلب مفردات مرتب لأن راتبه صغير.

وفي منشور آخر شخص يطلب كشف حساب بنكي من البنك الأهلي بأي مبلغ.

وأخيرًا: شخص على استعداد لمشاركة أي شخص في إجراءات قرض مقابل نصف المبلغ المطلوب.

وأمثال هذه البوستات كثيرة للأسف. ولكن الأغرب كم التعليقات على هذه المنشورات المثيرة للريبة، فكثيرون يريدون توفير تلك الأوراق المطلوبة مقابل مبلغ من المال يتراوح من 2400 إلى 5000 جنيه.

كل هذا جعلني أتوقف قليلا أمام ظاهرة الاحتيال هذه، ففي بعض الأحيان يكون اللعب على إثارة الطمع في النفوس مدخلا للوقوع في الفخ، ولكن ألا يثير ذلك الريبة فكيف تستجيب للطمع في زيادة القرض أضعاف أضعاف ما تريده، وهل لديك دخل ثابت يوفي به في مدة أقصاها خمس سنوات.

أما البوستات السابق الإشارة إليها، أليست نوعًا آخر من الاحتيال بحيث يحصل أصحابها على قروض أو أي مصلحة أخرى، فكل الأوراق التي يطلبونها لا تحتاج لأي تكلفة، فمفردات المرتب تستخرج من مكان العمل، وكذلك كشف حساب البنك يستخرج من البنك التابع له الشخص بتقديم طلب، فلماذا إذن يلجأ هؤلاء إلى طلب تلك الأوراق مقابل مبلغ مالي؟ أيكون السبب الاحتياج مع عدم توفر الأوراق لديهم، ولكن هل يبيح ذلك اللجوء إلى الكذب والتلاعب بالأوراق، أم أنه قد يثير الريبة في نية أصحاب هذه البوستات؟.

إذًا الاحتيال في موضوع القروض معقد، وله أشكال كثيرة، بمستويات مختلفة، منها: شركات ومؤسسات وهمية وشخوص تستغل احتياجات الناس، وأشخاص آخرون يحاولون الحصول على الأوراق المطلوبة بأي ثمن، وأشخاص يوفرون أوراقًا مزورة لتسهيل إجراءات القروض، وكذلك شركات أخرى تدعي أنها يمكنها توفير الأوراق المطلوبة للقرض بما فيها في بعض الأحيان سجل تجاري وإنهاء الإجراءات المعقدة بمقابل مادي، وأخيرًا للأسف من يدعون أنهم موظفون ببعض البنوك ويمكنهم تسهيل إجراءات القروض، بما فيها إجراءات الاستعلام الذاتي وتوفير Iscore وهو تقرير البنك المركزي عن الشخص، وكذلك تكويد الشركات وغيرها من الأوراق.

وللأسف كل أشكال الاحتيال بمسوياتها المختلفة يعلن عنها ببساطة شديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبالطبع هذا لا يعني أن الاحتيال والنصب فقط هو الشائع الآن، بل إن هناك الكثيرين من الشرفاء والشركات الحقيقية التي تعمل في مجال الاستثمار بكل نزاهة، وما زال الحوار مفتوحًا، وما زال تجلي تلك الظواهر متعدد ومتشابك ويحتاج إلى وقفة.  
______________
بقلم: سمر إبراهيم

مقالات مرتبطة

القروض والأحلام (1) مقدمة عن أشكال النصب

القروض والأحلام (2)- ما حدش حيعرف يجيبهم

مقالات اخرى للكاتب

القروض والأحلام (6) - وأخيرا لا نملك إلا التحذير