27 - 06 - 2024

دفاعا عن العقاد وصلاته ووطنيته ومعاداته للصهيونية

دفاعا عن العقاد وصلاته ووطنيته ومعاداته للصهيونية

قرأت ما كتبه الزميل العزيز صلاح الإمام عن أن العقاد كان لا يصلى الجمعة، وتوالت التعليقات تتهكم على العقاد، بل إن بعضها أضاف أنه أيضا كان لا يصوم، رغم أن الصوم عبادة بين العبد وربه، ورب صائم فى حقيقته مفطر، ورُبَّ مفطر له عذره، ومع ذلك لم نسمع من قبل أن العقاد جاهر بالإفطار، ولانعرف من أين جاء صاحب الاتهام بدليل.

والأعجب أن البعض شكك فى وطنية العقاد وانحيازه للغرب، رغم أن لدى كتاب للعقاد بعنوان "الصهيونية العالمية" من أروع ما قرأت من مواجهة للعدو الاسرائيلى منذ وجود إسرائيل، فكيف ينحاز للغرب وهو من وقف ضد الصهاينة بقلمه وفكره؟

وقد لاحظت أن بعض التعليقات تكيل الهجوم للعقاد لأنه هاجم مؤسس الإخوان حسن البنا  والإخوان بوجه عام، ويبدو أن هذا له تأثير فى الهجوم عليه وتشويهه، رغم أن البنا أو الإخوان ليسوا فوق النقد، خاصة ما حدث من اغتيالات وقت البنا، بل دفع هو نفسه حياته ثمنا لها!

ولأنى أميل إلى عدم التسرع فى الاتهام خاصة فيما يتعلق بالعقائد والوطنية، وأشهد أننى استفدت كثيرا من العبقريات بما فيها من سرد تاريخى وجزالة اللغة، وكذلك اعتزازى بما كتبه ضد الصهيونية .. بحثت عن حقيقة ما أشيع عن العقاد، فوجدت مقالا رائعا للدكتور أيمن الجندى بعنوان "أنيس منصور والسلفيين ظلموا العقاد" قال فيه:

رحمة الله على العقاد. أسدى للفكر الإسلامى ما لم تقدمه جامعة بكامل أساتذتها، وأسدى لى شخصيًا يدًا أدعو الله أن يكافئه بها فى الآخرة، فإن كان لبشر فضل فى حفظ إيمانى بدين الإسلام إيمانا عقليا راسخا فهو العقاد.

وبرغم أياديه البيضاء على الأمة فلا تدرى لماذا انتشرت شائعة أنه كان لا يصلى الجمعة لأن ندوته الأسبوعية كانت تُعقد فى موعد الصلاة! فال لى أحدهم متذاكيا: الذين لا يصلون الفرائض يصلون الجمعة! فما بالك بمن لا يصلى الجمعة أصلا؟!.

وكان هذا يضايقنى ويحيرنى! من جهة للثقة الشديدة التى يؤكدون بها عدم صلاته، ومن جهة أخرى لأن عاطفته الدينية كانت واضحة جدا فى كتاباته، ولم يكن يخفى علىّ الفارق بين أهل الحب وأهل الكلام!.

والحمد لله تبددت الأسطورة تماما. تلميذه الدكتور عبداللطيف عبدالحليم، الشهير بأبى همام، الأستاذ بدار العلوم، يؤكد أن هذا محض افتراء وأن الندوة كانت تنتهى فى الحادية عشرة والربع من صباح يوم الجمعة! وأن مقولة أنه لم يكن يصلى كذب صراح.

انتهت الفرية ولكن يجب ألا ينتهى تحليل أسبابها! فالرجل ترك لنا تركة ثرية من العبقريات وكتب الإسلاميات، كتبا بلغت من الشمول والثراء الفكرى ما جعل علماء عصره يستشهدون بها فى مؤلفاتهم ويثنون عليها أشد الثناء! فمتى ولماذا حدث هذا التحول ليتم قذف هذا الرجل فى دينه وإخراجه من الملة؟ يتحمل أنيس منصور نصف المسؤولية لأنه طعن فى دين العقاد بما ذكره فى كتابه (فى صالون العقاد كانت لنا أيام)، ويتحمل السلفيون النصف الآخر. هل تصدقون أن هناك داعية سلفيًا كرس حياته لإثبات عمالة العقاد للغرب! يزعم أنه اعتنق النصرانية وارتد عن الإسلام فانظروا إلى أى حد بلغ الهراء!

متى بدأنا نفتش فى نيات الناس ونطعن فى دينهم لمجرد شائعة! بل ونفرح لإثبات أنه كافر! مع أن المفروض أن نحزن لذلك كل الحزن. ألم يبكِ الرسول لوفاة يهودى. قال: نفس تفلتت منى إلى النار!.

مقالات اخرى للكاتب

دفاعا عن العقاد وصلاته ووطنيته ومعاداته للصهيونية





اعلان