17 - 08 - 2024

"نوستراداموس الانتخابات الأميركية": ترامب سيخسر

تنبأ بدقة بنتائج كل انتخابات أمريكية منذ 1984

المؤرخ الأمريكي آلان ليتمان: بايدن هو الرئيس المقبل

بعد إغلاق صناديق الاقتراع ليل الثلاثاء، ستتسارع نبضات قلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، والمؤرخ الأمريكي آلان ليتمان الأستاذ في الجامعة الأمريكية بواشنطن. فقد تنبأ ليتمان بفوز بايدن، وهو سينتظر النتائج بنفس توتر المرشحين لمعرفة ما إذا كانت توقعاته ستصدق كما يحدث منذ عام 1984 أي على مدار الـ36 عاما الماضية.

ليتمان لديه درجة في التاريخ من جامعة هارفارد وهو مغرم بالتاريخ الأمريكي، لكنه مغرم أيضا بالتنبؤ بما سيحدث في كل انتخابات رئاسية، ولهذا طور نموذجا لتوقع النتائج يقوم على قراءة 13 مفتاحاً، تلعب دورا في تحديد ساكن البيت الأبيض. 

طور ليتمان هذا النموذج بعد دراسة تفصيلية لكل انتخابات أمريكية بين 1860 و 1980، أي 120 عاماً من تاريخ الانتخابات الأمريكية وحدد الـ 13 مفتاحاً، التي تلعب دوراً في فوز المرشح أو هزيمته. فهو مثلاً توقع في 2016  فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، ليكون ضمن عدد قليل جداً من الذين توقعوا فوز ترامب. (أرسل له ترامب تهنئة موقعه يشكره فيها).

وبسبب دقته، أطلقت عليه صحيفة "نيويورك تايمز" لقب "نوسترداموس الانتخابات الأمريكية"، لكن ما يقوم به ليتمان ليس النظر في بلورة سحرية، بل قراءة المشهد السياسي خلال العام الانتخابي وتوقع ما سيحدث بشكل علمي. وهو لا يبني نموذجه على نتائج استطلاعات الرأي فهى في نظره "تأخذ عينات محدودة من السكان" ولا تقدم صورة حقيقة عن توجهات الناخب.

وإلى نص الحوار:

توقعاتك لنتائج الانتخابات الأمريكية هو فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن برغم أن الكثير من الولايات المتأرجحة تشهد تقاربا متزايدا بينه وبين ترامب. كما أن الكثير من الناخبين المترددين قد يحسمون رأيهم في مقارع الأقتراع لحظة التصويت ...فلماذا تتوقع فوز بايدن؟

تستند التنبؤات لنتائج إنتخابات 2020 إلى الـ 13 مفتاحاً لدخول البيت الأبيض، فهى تقيس الصورة الكبيرة لقوة وأداء الرئيس في البيت الأبيض. فإذا انقلبت ستة مفاتيح أو أكثر ضد الرئيس، فمن المتوقع أن يخسر الانتخابات. وهذه المفاتيح هي: المؤشرات الأقتصادية قصيرة المدى، مثلاً حالة ركود أقتصادي في عام الانتخابات. والمؤشرات الاقتصادية طويل الأجل بمعنى النمو الاقتصادي الحقيقي للفرد خلال فترة  الرئاسة. والكاريزما الشخصية. واخفاق أو نجاح كبير على المسرح الدولي. وقوة المرشح المنافس. وأداء الحزب الحاكم في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس (تُجرى قبل عامين من انتخابات الرئاسة وتكون مؤشراً على المزاج العام). وحدوث مشاكل واضطرابات اجتماعية. والفضائح السياسية.

بعبارة أخرى، أنسوا الحملات الانتخابية والمناظرات والدعاية فما يصوت على أساسه الناخب هو أداء الرئيس وإدارته خلال 4 سنوات في الحكم وحصيلة وحصاد تلك الفترة. وهذا ما تقوم بقياسه المفاتيح الـ13. فالناخب ليس أحمق ولا يُخدع بالدعاية خلال الحملات الانتخابية، الناخب يصوت بشكل برجماتي بناء على كفاءة الرئيس الذي حكم البلاد خلال السنوات الأربعة الماضية.

وما هي المفاتيح التي أنقلبت على ترامب كى تتوقع هزيمته؟

في 2019 وبداية عام 2020، أي قبل تفشي وباء كورونا والآثار الأقتصادية التي ترتبت على ذلك، وأيضا قبل مقتل جورج فلويد وتظاهرات "حياة السود مهمة"، كان ترامب يعاني من أربعة مفاتيح سلبية فقط، أي أقل من الستة مفاتيح اللازمة للتنبؤ بهزيمته، وبالتالي في مطلع العام كان ترامب في طريقة للفوز بولاية ثانية.

لكن منذ ذلك الحين تحركت 3 مفاتيح سلباً ضد ترامب، مما يمنحه الأن سبعة مفاتيح سلبية، وهذا يعني خسارته الانتخابات. أما السبعة مفاتيح ضد ترامب اليوم فهى أولاً تراجع الدعم وهذا ظهر في خسائر الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس 2018.

المفتاح الثاني هو الأداء الاقتصادي قصير الأجل أي في عام الانتخابات، فبسبب كورونا هناك تراجع أقتصادي في أمريكا وملايين العاطلين.  والمفتاح الثالث هو الأداء الاقتصادي طويل الأجل، أي النمو السلبي المتوقع للأقتصاد. المفتاح الرابع هو الاضطرابات الاجتماعية. هذا واضح في كل أمريكا اليوم مع تظاهرات "حياة السود مهمة" والاشتباكات والمواجهات بين أنصار ترامب وأنصار بايدن. والخامس هو الفضائح السياسية، فترامب هو ثالث رئيس أمريكي يتم استجوابه من قبل مجلس النواب الأمريكي. والمفتاح السادس هو النجاح الخارجي، فسجل ترامب في السياسة الخارجية يخلو من النجاح.  والمفتاح السابع هو الكاريزما، فالرئيس شعبيته بالأساس وسط قاعدته الضيقة.

ولذا فإن توقعي هو أن ترامب سيصبح أول رئيس أمريكي، منذ جورج بوش الأب عام 1992، الذي يخسر محاولة إعادة انتخابه. لم يحدث من قبل في تاريخ الولايات المتحدة أن عانى الحزب الحاكم في البيت الأبيض من مثل هذا الانقلاب المفاجئ والدراماتيكي في حظوظه الانتخابية في غضون بضعة أشهر فقط. لذا، سيكون جو بايدن، وفقًا لنظام المفاتيح الـ13، الرئيس القادم للولايات المتحدة.

لكن هذه المفاتيح في حالة حراك وتغير وبالتالي فإن ما تظهره المؤشرات في أغسطس أو مطلع أكتوبر قد لا يتواصل إلى نوفمبر؟

نظراً لأن المفاتيح تفحص الصورة الكبيرة لقدرات وأداء الرئيس في السلطة، فإنها لا تتغير بسهولة. فلم يحدث في التاريخ الأمريكي أن حدث تغيير رئيسي في المفاتيح التي تحدد نتائج الانتخابات في الأسابيع القليلة التي تسبق يوم الأقتراع. ثم أن بعض  التطورات في أكتوبر ومن بينها إصابة ترامب نفسه، وزوجته السيدة الأولى ميلانيا وأبنه بارون، بفيروس كورونا تهز فرصه. فالكثير من الناخبين الخائفين من الفيروس يقولون إن الرئيس لم يأخذ الفيروس على محمل الجد، وهون من خطورته وقال إنه تحت السيطرة، كما لم يأخذ ارتداء قناع الوجه على محمل الجد وبالتالي شجع مئات الالاف على عدم الالتزام بالتعليمات الصحية وهذا أضر بالوضع الصحي العام في أمريكا وبالتالي يجد البعض صعوبة في انتخاب الرئيس على أساس أنه خطر وغير مسؤول. أيضا تذكري أنه بحلول يوم الانتخابات سيكون لدينا عشرات الملايين من الناخبين قد صوتوا (هناك نحو 100 مليون أمريكي صوتوا بالفعل). وبالتالي التصويت المبكر عبر البريد أو في مقار الأقتراع يمكن أن يؤدي إلى تحديد نتائج الانتخابات مبكراً، أي قبل أن يتمكن ترامب في تعديل بعض المفاتيح لصالحه أو تقليل الفجوة مع منافسه الديمقراطي في الولايات المتأرجحة.

بعض المؤشرات التي ذكرتها مثل عدم تحقيق نجاحات في السياسة الخارجية تبدو صارمة، ألم يحقق ترامب أي نجاحات خارجية؟

مفتاح إنجازات السياسة الخارجية واحد من المفاتيح الصعبة لأى رئيس أمريكي. فمنذ أن بدأت بالتنبؤ بنتائج الانتخابات عام 1984، لم ينجح رئيس أمريكي في الفوز بذلك المفتاح إلا الرئيس رونالد ريجان بعد التوصل إلى معاهدة الحد من التسلح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق.

هناك مخاوف من أنه إذا كانت النتائج متقاربة في الولايات المتأرجحة فإن ترامب قد يرفض الأعتراف بالهزيمة ويدعو لإعادة فرز الأصوات ما يؤدي لأزمة دستورية على غرار ما حدث خلال انتخابات 2000 بين جورج بوش الأبن وآل جور؟

لا يتعين على دونالد ترامب الأعتراف بهزيمته في الانتخابات لكى يكون لأمريكا رئيس جديد. بمجرد إحصاء الأصوات إذا فاز بايدن بالأغلبية، يصبح بايدن رئيساً لأمريكا في 20 يناير 2021 بغض النظر عن اعتراف ترامب بالهزيمة من عدمه. قد يزعم ترامب حتى آخر يوم في حياته أنه فاز بالانتخابات، وأن هذا الفوز سُرق منه لكن مثل هذه المزاعم ليس لها قوة قانونية. فرز الأصوات الانتخابية وإحصائها واعلانها رسمياً من الجهات المسؤولة هو ما سيحدد من سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة.

-------------------

نقلا عن صحيفة الأهرام القاهرية- تقرير: منال لطفي