28 - 06 - 2024

ثابت الأحمدي السكرتير الإعلامي بالرئاسة اليمنية: مصر بيت العرب الكبير وحاضرة فى وجدان الشعب اليمنى

ثابت الأحمدي السكرتير الإعلامي بالرئاسة اليمنية: مصر بيت العرب الكبير وحاضرة فى وجدان الشعب اليمنى

- الميليشيات الحوثية طائفية تستهدف الأمن والاستقرار الإقليمى

في حوار خاص "للمشهد" أكد الدكتور ثابت الأحمدي السكرتير الإعلامي في الرئاسة اليمنية، أن المليشيات الحوثية جندت عشرات الآلاف من الأطفال، وغررت بهم، واختطفتهم من المساجد والمدارس إلى جبهات القتال، والأدهى من من ذلك أنها قامت بتجنيد فتيات وإرسالهن إلى جبهات القتال وفقا لتقارير دولية رسمية.

وأوضح الأحمدي أن الحكومة الشرعية في اليمن لا تعول كثيرا على المجتمع الدولي، فللمجتمع الدولي واللاعبين الكبار مصالحهم الخاصة التي تتقاطع أحيانا مع المصالح اليمنية، ويتعاطى اللاعبون الكبار مع الشأن اليمني من منظور مصالحهم هم، لا من منطلق مصالح الشعب اليمني نفسه. 

وأوضح السكرتير الإعلامي للرئاسة اليمنية أن مصر تبذل جهودا صادقة فى دعم اليمن على مدار التاريخ ، وأن الدور المصرى فاعل فى المرحلة الراهنة في تخفيف المعاناة عن أبناء الشعب اليمنى . 

وقال إن اليمنيين ينظرون دائما إلى مصر نظرة استثنائية، فليس هناك سياسي أو مثقف يمني على الأقل من النخبة البارزة اليوم لم يتتلمذ على يد معلم مصري. وهو ما يجعلنا نجزم أن مصر في وجدان كل يمني، موضحا أن الزعيم العربي جمال عبدالناصر، رمز تاريخي متجذر داخل قلب كل يمني. 

وعن الوجود اليمني في مصر، قال إن اليمنيين يحسون أنهم داخل بلدهم، ويتم التعامل معهم بحميمية وإنصاف إذا تعرضوا لمشكلة.

وهذا نص الحوار

* كيف ترى العلاقات المصرية اليمنية؟

- الحديث عن العلاقات المصرية اليمنية يقتضي التوقف عند الحضارتين القديمتين في البلدين، واللتين تعودان إلى آلاف السنين. مصر، اليمن، بابل، آشور، حضارات تاريخية عريقة في المنطقة، أثرت وتأثرت ببعضها في مختلف المجالات، والعلاقات المصرية اليمنية تعود بالتأكيد إلى آلاف السنين، كما ذكرت نصوص المسند اليمنية، إذ كان هناك اتصال تجاري بين البلدين/ الحضارتين، وكانت هناك بعثات مصرية إلى بلاد اليمن، وهي بلاد البخور واللبان والمُر والتي كانت تباع بسعر الذهب، لاستخدامها في الطقوس الدينية والمناسبات الاجتماعية، وهناك نصوص مسندية يمنية في مصر والسودان واليونان وغيرها من البلدان. ولدينا في اليمن ميناء تسمى ميناء قنا، على اسم قنا المصري، وإليها بعث الملك الفرعوني المصري "منتوحتب" بعثة تجارية، لإحضار الصمغ ذي الرائحة الزكية، وأن هذه البعثة توجهت من "قفط" على رأس حملة إلى البحر الأحمر، ومنه إلى جنوب جزيرة العرب، ووصلت إلى "سبأ" و "واك" و "رهان"، وأحضرت منها الحجارة النفيسة لتماثيل المعابد. حسبما تحكي النصوص. 

وقد أفضت هذه العلاقات التجارية إلى علاقات سياسية واجتماعية، حيث تذكر بعض نصوص المسند المعينية التي اكتشفها هاليفي عام 1869م في قرناو عاصمة معين بالجوف أن بعض التجار المعينيين تزوجوا من مصريات نتيجة لتحركاتهم التجارية في أرجاء متفرقة من بلاد العالم، وقد كان المعينيون تجارا وأصحاب ريادة تجارية مشهورة أدت إلى خلق هذه الروابط، وبعد زواج هؤلاء التجار عادوا إلى وطنهم وبصحبتهم زوجاتهم، وقد دونوا عقود زواجهم على أعمدة المعابد، وفقا لشرائعهم. وقد أشارت النقوش إلى أسماء هؤلاء الزوجات الثماني، وهن: تخبث، تبأ، تبأ، تحيو، أمة شمس، بدر، اختمو. وهي مدونة في النقوش اليمنية إلى اليوم.

* هذا في العصر القديم، ما ذا عن العصر الوسيط فما بعده؟ 

- في العصر الوسيط، ومع فتح مصر أثناء حكم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب كان اليمنيون من أكثر القبائل العربية في جيوش الفتح، فكان أغلب جيش عمرو بن العاص الذي فتح مصر وجزءًا من شمال أفريقيا من اليمنيين من قبائل كهلان وحمير، وتذكر المصادر التاريخية أن فاتح مدينة دمياط هو المقداد بن عمرو البهراني الحميري، من أبناء صعدة باليمن، وهو فاتح قلعة الفرماء الحصينة مع القائد اليماني أبرهة بن الصباح، وقد كان المقداد أول فارس من الصحابة في الإسلام. وفي الغالب لم يعودوا، فقد استوطنوا مصر، وإلى اليوم. وقد ولي مصر في العهد الأموي فقط أحد عشر واليا يمنيا. وكتب التاريخ مليئة بقصصهم، ومنها الخطط للمقريزي. وكتاب سعد زغلول عبدالحميد تاريخ المغرب العربي، وغيرهما. 

بعد ذلك كانت الدولة الصليحية في اليمن على اتصال روحي بمصر الفاطمية حينها، ثم الدولة الأيوبية بعد ذلك. وكان للماليك بعدهما حضورهم في اليمن بعد ذلك. 

* ماذا عن العلاقة بين البلدين في العصر الحديث؟ 

- في العصر الحديث تعمدت هذه العلاقة التاريخية بالدم المصري الزكي الذي انسكب على التراب اليمني عقب قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، ضد أسوأ نظام كهنوتي عرفته اليمن، وهو حكم الإمامة الرجعية الطغيانية، ولولا الدور المصري والموقف التاريخي العظيم الذي سجله الزعيم العربي الخالد جمال عبدالناصر رحمه الله ربما لما انتصرت الثورة. ويدين اليمنيون جميعا بهذا الدور إلى اليوم، ودائما ينظرون إلى مصر نظرة استثنائية، فمصر تمثل لليمن الشيء الكثير، وشخصيا أدين لمصر أني تعلمت على أيدي مصريين منذ طفولتي، كما أني درست فيها، وأعتبرها من أحب البلاد إلى قلبي. 

* ما أوجه التنسيق المشترك بين الحكومة المصرية واليمنية؟

- في الحقيقة إن الانسجام الحاصل بين مصر واليمن على المستوى الرسمي هو انعكاس للانسجام والتلاقي على المستوى الشعبي، وهو الأهم. اليمن في آخر الخمسينيات كانت ضمن الجمهورية المتحدة، وإن شكليا، وبعد الثورة كانت هناك مشتركات أمنية وسياسية وتجارية كبيرة وعلى مختلف المجالات، إذ الحضور المصري في اليمن على مستوى العمق الشعبي ابتدأ منذ قيام ثورة سبتمبر، ونعرف إخوة مصريين لنا سكنوا في الأرياف اليمنية والمدن، وتزوجوا وصاروا يمنيين، كذلك الشأن أيضا مع يمنيين في مصر. على المستوى الأمني الجيوساسي، تجلى الدور الأبرز الذي يعكس أهمية البلدين لبعضهما في التنسيق بين اليمن ومصر أثناء العدوان الثلاثي على مصر أولا، ثم أثناء حرب العبور في العام 73م. من خلال التفعيل الجيوسياسي لقناة السويس وباب المندب. ثم إن كلا منهما تكمل الأخرى، ولا قيمة لواحدة دون الأخرى. أضف إلى ذلك أن مصر واليمن من الدول المطلة على البحر الأحمر، وبينهما برامج مشتركة، تجلت من العام 1976م أثناء المؤتمر الذي انعقد في تعز أثناء حكم الرئيس الحمدي. ومؤخرا مثلت مصر داعما مهما للشرعية اليمنية بعد الانقلاب الحوثي، واحتضنت آلاف اليمنيين في مختلف المدن المصرية، يعيشون فيها كأنهم في بلدهم. نتكلم هنا عن التنسيق المشترك على المستوى السياسي، أما على المستوى التعليمي فهو أكبر من أن نتناوله في عجالة كهذه، ففي مرحلة الستينيات وإلى ما بعدها كان المنهج الدراسي في اليمن مصريا، وكان المؤلفون له مصريين، وكان المدرسون مصريين، وكان الموجهون مصريين، وباختصار أستطيع القول ليس هناك سياسي أو مثقف يمني على الأقل من النخبة البارزة اليوم لم يتتلمذ على يد معلم مصري. وهو ما يجعلنا نجزم أن مصر في وجدان كل يمني. وأحيل القارئ الكريم إلى كتاب الدور المصري في اليمن لأستاذي القدير الدكتور أحمد يوسف أحمد. والذي كان لي الشرف أن تتلمذت على يده في تمهيدي الماجستير في المعهد العربي بالقاهرة. 

* من وجهة نظرك هل الدور المصري فاعل في دعم الشرعية اليمنية؟

- الدور المصري حاضر في الشأن اليمني على الصعيد الإيجابي من قبل اليوم، وليس من اليوم فحسب؛ وتاريخ مصر مشرف جدا تجاه اليمن، ودورها اليوم هو امتداد لدورها في العام 1962م، حيث ضحت مصر بآلاف المصريين، شهداء وجرحى ومصابين على تراب اليمن، ومقابر الشهداء المصريين إلى اليوم في أكثر من مدينة يمنية، بالنصب التذكارية، ثم إن أغلب مدن اليمن يحمل أبرز شوارعها اسم شارع جمال، وتحمل أبرز مدارسها اسم مدرسة جمال، نسبة إلى الزعيم العربي جمال عبدالناصر، الرمز التاريخي المتجذر حميما داخل قلب كل يمني. عبدالناصر رمز وقيمة تاريخية وسياسية تجده في وجدان كل يمني في الريف والحضر. 

اليوم مصر تدافع عن رصيدها التاريخي في اليمن الذي بذلته في ستينيات القرن الماضي، وقد أرادت جماعة الحوثي الانقلابية العنصرية الانقضاض على الدولة والتنكر لهذا المنجر، وللجمهورية والديموقراطية.

* ما هي انطباعات المواطن اليمنى عن جهود الدولة المصرية في تقديم التسهيلات لهم؟

- أظن ليس هناك يمني لا يحمل انطباعا إيجابيا عن مصر، واليمني في مصر لا يساوره شعور الغربة أو البعد عن أهله أبدا، يعيش بشعوره الطبيعي وكأنه في قريته أو مدينته، وأقسام الشرطة عادلة في التعاطي والانتصاف في حال وقع أي خلاف، ومصر قدمت لليمنيين كثيرا من التسهيلات، ولا زلنا نطمع ببعض التسهيلات التي تساعد اليمني على الإقامة في مصر باعتباره من بلد منكوب، أسوة بإخواننا السوريين، ونهتبل الفرصة هنا لإعادة النظر في رسوم الإقامة لليمني في مصر. 

* لعبت الدبلوماسية المصرية دورا فاعلا في دعم القضية اليمنية في الخارج كيف لمست ذلك؟

- الدبلوماسية المصرية من أنجح الدبلوماسيات العالمية، باعتبارها مؤسسة راسخة لها جذورها التاريخية، وبالتالي لا عجب إذا نجحت هذه المؤسسة في أي قضية سواء ما تعلق منها باليمن أو بغيرها، المؤسسة الدبلوماسية المصرية نعتبرها مؤسسة دبلوماسية عربية، لأن مصر دولة ذات ثقل سياسي كبير في المنطقة، ولها تأثيرها عالميا وإقليميا ومحليا. ولا نتوقع أن تتجه مصر في يوم ما عكس اتجاه المصالح اليمنية، هذا لم يحدث منها على الأقل خلال الخمسين عاما الماضية. أقول هذا وأنا متابع للمشهد بصورة معقولة. 

* كيف ترى التعامل مع المجتمع الدولي لمحاصرة المليشيات الحوثية؟

- سأكون صريحًا معك هنا، وأقول: نحن كشعب لا نعول كثيرا على المجتمع الدولي، للمجتمع الدولي واللاعبين الكبار مصالحهم الخاصة التي تتقاطع أحيانا مع المصالح اليمنية، هذا أولا، وثانيا: هم يتعاطون مع الشأن اليمني من منظور مصالحهم هم، لا من منطلق مصالح الشعب اليمني نفسه، وقد أثبتت السنوات الأخيرة ذلك. ولولا الدور الإيجابي الكبير الذي تقوم به المملكة العربية السعودية مشكورة ربما لكان الأمر أسوأ. صحيح أن ثمة بعض الملامح الإيجابية، لكنها لا تكفي لدحر المليشيات الحوثية الإرهابية، كما أننا نتفاجأ أحيانا بمواقف داعمة لهذه الجماعة بصورة عجيبة، وعلى الضد مما يصرح به المجتمع الدولي. ثم إنه لولا تشجيع الحوثيين من قبل بعض اللاعبين الكبار لما تجرأ الحوثي أساسا على دخول صنعاء والانقلاب على الدولة، وهو مجرد مليشيات منبوذة. 

* كيف يتم توثيق جرائم المليشيات بحق الشعب اليمنى؟

- المليشيات الحوثية مارست الإرهاب من وقت مبكر ضد اليمنيين، وجنت عليهم كثيرا، أثناء حكم أجدادهم، وقد وثقت الكتب التاريخية صورا من ذلك الإجرام المتوحش؛ أما اليوم فالأمر مختلف، هناك فرق رصد، وهناك حقوقيون وإعلاميون وسياسيون يتابعون ما يجري، على الأقل ما يجري في الظاهر؛ أما داخل المعتقلات والسجون فيصعب على الناس التوصل إلى ما يجري، للمبالغة في سرية الاعتقالات والتحقيقات والانتهاكات المصاحبة، ناهيك عن حالات الإعدام التي تمت داخل هذه السجون السرية، وهي بالعشرات. علما أن ما طفا على السطح كافٍ لإدانة هذه الجماعة إن كانت هناك نية لإدانتها أصلا. 

* هل تمارس المليشيات الحوثية فعلا جرائم ضد الأطفال فى جبهات القتال؟ 

- كأي مليشيات مؤدلجة، خارجة عن القانون لا يهمها أرواح الناس ولا مصائرهم أبدا، المليشيات الحوثية جندت عشرات الآلاف من الأطفال، وغررت بهم، واختطفتهم من المساجد والمدارس إلى جبهات القتال لرفد تلك الجبهات، وتعزيز مليشياتها، وكانت سببا في القضاء عليهم، ولا يوجد اليوم بيت في المناطق التي تسيطر عليها إلا وفيها قتيل أو جريح أو مصاب. ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب؛ بل لقد تم تجنيد فتيات وإرسالهن إلى جبهات القتال وفقا لتقارير دولية رسمية. 

* ما هي الآليات التي يتم اتباعها لمواجهة المليشيات فكريا؟

- المليشيات المسلحة لا تعترف إلا بالقوة أساسا، ومواجهتها بالخطاب الثقافي أثناء الحرب نوع من العبث؛ ذلك أنه إذا هدرت أصوات المدافع وفوهات البندقيات فقد صمت صوت الكلمة، الحرب اليوم حرب عسكرية، ميدانية، وهذه الجماعة لا تعترف بالسلم ولا بالحوار أساسا، ولا يمكن أن تعود إلى جحورها إلا بالقوة. لا نهون من طبيعة الكلمة وأهميتها هنا، لكن بشكل عام دور الكلمة في الحرب أقل فاعلية، الفاعلية لمنطق القوة لا لقوة المنطق، ونحن نعرف هذه الجماعة أساسا. جماعة عنف متوحش، جماعة إرهاب، همجية متوحشة، مرتبطة بإيران ولا تنفك عنها. 

وعلى أية حال.. مواجهة هذه الجماعة بالبندقية جنبا إلى جنب مع سلاح الكلمة، وبالطرق الممكنة والمتاحة؛ ذلك أن الإعلام اليوم يمثل رديفا مهما في المعركة، كما هو الشأن أيضا مع الاقتصاد المتداخل كثيرا مع السياسة، فالمعركة منظومة متكاملة من المواجهة، ولا يقتصر على جانب دون آخر.
-------------------------
حوار – محمد عمر الجهني

 






اعلان