29 - 06 - 2024

لحظة فارقة في أزمة وجودية

لحظة فارقة في أزمة وجودية

موافقة السودان على اتفاق مرحلي يتيح لإثيوبيا الملء الثاني، مع وعد بتوقيع اتفاق ملزم خلال 6 أشهر (بعد الملء) يحقق هدفين تكتيكيين لأديس أبابا، فصل السودان عن مصر وفتح نافذة تتهرب منها إثيوبيا وتتيح لها فرض أمر واقع لن تستطيع مصر بعده فعل شيء. 

القضية محل اهتمام الإعلام العالمي، بينما الإعلام المصري مغيب كما هو حال الناس في بلدي.

القلق يستبد بالغيورين على مصر - وأنا واحد منهم - ومن حقهم أن يعرفوا وأن يشركوا في القرار لأن الأمر يتعلق بقضية وجود (أخطر بمراحل من الصراع مع إسرائيل) هل تستسلم مصر لمصيرها وتمضي عطشى لمصير مجهول تصبح فيه أمثولة لبلد يتصحر بعد أن ظل ريانا طوال التاريخ؟ 

مخاطر السد (إذا استمر الأمر على هذا النحو) أكثر رعبا بمئات المرات من مخاطر تداعيات أي إجراء يمكن أن نتخذه. فنحن نعيش لحظات فارقة بين حياة مصر وموتها.

لم يخطيء هيكل حين قال إن هناك دولا كثيرة تسعى لإضعاف مصر من خلال تجويعها بقطع مياه النيل عنها،"دول ومرسومات بابوية وأباطرة في الغرب يتصورون أن إنهاء الحروب الصليبية وإسقاط دور مصر سيكون من خلال تجويعها وقطع المياه عنها". إن التخطيط لقطع مياه النيل عن مصر بدأ منذ أكثر من 800 عام، حيث حصل الرحالة "فاسكو دي جاما" على تعليمات من البابا إلكسندر الثالث بقطع مياه النيل عن مصر، عقابا على نجاح صلاح الدين في هزيمة الغرب الأوروبي بالحروب الصليبية، شارحاً تفاصيل ما حدثه بقوله أن " فاسكو دي جاما تلقى تعليمات من البابا إلكسندر الثالث باكتشاف طريق لإفريقيا آخر بخلاف مصر، وقال له إن هناك معلومات بأن هناك في شرق إفريقيا ملك مسيحى ومملكة مسيحية حاول أن تجد طريقًا إلى الملك المسيحى، اسمه يوحنا، أرسل له بعثه لتحويل مياه النيل التي تذهب إلى المصريين بعيدًا عنهم، وبذلك قد نستطيع أن نقضي على مصر نهائيًا"،"الرحالة فاسكو دي جاما دمر كل الموانئ المسلمة الموجودة على شرق إفريقيا، وأرسل بعثة إلى الحبشة والتقت الملك المسيحي، كما أن الإيطاليين حينما احتلوا إثيوبيا أرادوا قطع مياه النيل عن مصر وتجويعها وإخراج الإنجليز منها، وحاولوا ذلك من خلال تكليف بعثة هندسية لتحويل مياه النيل للمحيط".

ولم يخطيء جمال حمدان حين قال "إن مصر إذا لم تتحرك لكي تكون "قوة عظمى تسود المنطقة بأثرها، فسوف يتداعى عليها الجميع يوما ما "كالقصعة!" أعداء وأشقاء وأصدقاء أقربين وأبعدين". لقد "ظهر لمصر منافسون ومطالبون ومدّعون هيدرولوجيا. كانت مصر سيدة النيل، بل مالكة النيل الوحيدة - الآن فقط انتهى هذا إلى الأبد، وأصبحت شريكة محسودة ومحاسبة ورصيدها المائي محدود وثابت وغير قابل للزيادة، إن لم يكن للنقص، والمستقبل أسود".

ولم يخطيء العميد صفوت الزيات حين قال: • إذا تم استكمال سد النهضة سيكون النصب التذكاري لأمة كانت تسمى مصر! • لا تحدثني عن سيادة وطنية وأنت لا تملك الدفاع عنها. • يجب شن عملية عسكرية "جراحية" توقف الإنشاءات قبل أن نعود لطاولة المفاوضات. • إذا لم يتم وقف الإنشاءات فلا يجب أن نضع قيمة لأي رأي عالمي، ولن يحترمني أحد إذا ذهبت لطاولة المفاوضات دون أن أفعل شيئا. •العالم ينتظرنا لكي نفعل شيئا.. قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكنزي قال إن مصر نفسها طويل، وكأنه يقول "إفعلوا شيئا"، لذلك لابد أن نفعل شيئا، فلن نصل إلى مائدة مفاوضات دون أن نفعل شيئا • كيف نترك للأجيال المقبلة 74 مليار متر مكعب من المياه، هذه قنبلة نووية موجهة لمصر، وهذه الكمية من المياه ستحرم مصر من إمكانية توجيه ضربة للسد في حال وجود خطر.• إذا كنا في أزمة وجودية فلا تحدثني عن الشرعية الدولية، والرئيس السادات أغلق كل اتصالاته بالعالم لمدة 8 ساعات وقت عبور القوات المصرية عام 1973.• من حق المصريين أن يسألوا أين جيشهم؟!

.............

ختاما، نحن في لحظة مصير وعلى دوائر صناعة القرار أن تدرك أنها لا تتعامل مع أزمة تضر 100 مليون فقط وإنما تحدد مصير مليارات المصريين من الآن وحتى تقوم الساعة، هي قضية لا مجال للتسويف فيها ولا معنى لمطالبتنا بالانتظار، وأي حديث عن أن القيادة تعرف مصالح مصر أكثر من شعبها هو عبث في عبث.
----------------------------
بقلم: مجدي شندي

مقالات اخرى للكاتب

ومتى يعتذر بقية الأحياء من تحالف كوبنهاجن وجمعية القاهرة للسلام؟





اعلان