يذكر التاريخ حضور مصر العظيمة وعدم توقفها عن إبهار العالم من وقت لآخر في الأولمبياد، فهي أكثر الدول العربية حصولاً على ميداليات أولمبية في تاريخها.

بدأت مصر المشاركة في الألعاب الأوليمبية للنسخة الأولي عام 1912 في ستوكهولم، قبل أن تنشأ كثير من الدول العربية من الأساس، فسجلت أولى مشاركاتها بأحمد حسنين باشا في رياضة المبارزة.

بعدها ظلت مصر بعيدة عن المشاركة لثلاث مرات علي التوالي، ولكن انتهى التوقف في أمستردام 1928 وشاهدت هذه النسخة حصول مصر على أربع ميداليات بينها إثنان ذهبيتان، أحدها للبطل السيد نصير. 

شارك نصير في دورة أمستردام وفاز بذهبية وزن خفيف الثقيل بمجموعة 355.5 كجم (ضغط 100 كجم - خطف 110 كجم - نطر 147.5 كجم) ليصبح أول مصري وعربي يفوز بميدالية ذهبية في الدورات الأوليمبية.

وحصل سيد نصير على وسام النيل في أربعينيات القرن العشرين ووسام الرياضة من الرئيس جمال عبد الناصر في أكتوبر عام 1965م. وتم تعيينة وكيل وزارة الشباب وكان مسئولا عن مجموعات الكشافة والمرشدات في تطهير مدينة بورسعيد إبان العدوان الثلاثى 1956.

وقال فيه أمير الشعراء أحمد شوقي ، في لحظة فوزه :

شرفا نصير ارفع جبينك عاليا... وتلق من أوطـانك الأكـليـلا

يا قاهر الغرب العتيـد ملأته... بثناء مصر على الشفاه جميلا

ان الـذى خلق الحـديد وبأسـه... جعل الحـديد لساعديـك ذليلا . 

 والبطل الآخر في أولمبياد 1928 هو إبراهيم مصطفى وهو أول مصارع مصري وعربى يفوز بميدالية ذهبية أوليمبية في المصارعة وتولى بعدها تدريب منتخب مصر القومي للمصارعة. وأيضاً قاد المنتخب المصري القومي للمصارعة في دورة الألعاب الأوليمبية بالمكسيك. 

ثم شاركت مصر في دورة برلين عام  1936 وافتتحها أدولف هتلر زعيم ألمانيا النازي.

واظهرت هذه الدورة تألق أبطال مصر، فأحرز المصريون ما يقرب من 5 ميداليات بينها 2 ذهبية أحدها للبطل الشهير خضر التوني في رفع الأثقال للوزن المتوسط ويعتبر التوني من أعظم أبطال رفع الأثقال في مصر، وظهر اسمه جليا في قائمة أعظم 50 بطلا في تاريخ رفع الأثقال لمدة 48 عاما . 

 وعندما شارك خضر التوني في دورة الألعاب الأوليمبية ببرلين عام 1936م كان عمره 19 عاما، ذهب للأولمبياد وحقق الانتصار الكبير على بطل ألمانيا في هذه الدورة وحصل على الميدالية الذهبية في وزن المتوسط بعد أن حطّم الرقم القياسي الأولمبي ثلاث مرات، وبلغ مجموع رفعاته في هذه الدورة 387.5 كجم.

وأظهر الزعيم النازي هتلر إعجابه الشديد بالبطل المصري خضر التوني وطلب لقاءه في المقصورة الرئيسية وصافحه وهنّأه على فوزه وقال له: كم كنت أتمنى أن تكون ألمانيا وأريد أن تعتبر ألمانيا وطنك.

وشهدت هذه الدورة أيضا تألق البطل المصري أنور مصباح في رفع الأثقال للوزن الخفيف وحصوله علي ميدالية ذهبية أخرى وهو أحد عمالقة وعظماء مصر في رفع الأثقال.  واستمر مصباح بممارسة رفع الأثقال حتى اعتزلها لاعباً عام 1945 ثم عمل مدرساً ثم خبيراً للتربية البدنية حتى عام 1972 .

واستمرت مشاركة الفراعنة لتحصد أيضا الذهب للمرة الثالثة في دورة لندن علي أيدي الأسطورة إبراهيم شمس وهو أهم الأبطال العظماء الذي استطاع أن يكتب إسمه في سجل الأبطال كما رفع إسم مصر في أولمبياد لندن عام 1948 

وبعد حصوله عام 1936 علي الميدالية البرونزية لم يكتف شمس، فكان عشقه للرياضة أكبر من هذا وموهبته تفرض علي العالم نفسها فاستطاع أن يحتل مكانة عالمية متميزة ضمن أفضل 50 رباعا علي مستوي العالم .

وشهدت تلك الدورة أيضا تألق محمود فياض أهم أبطال تاريخ مصر الأوليمبي الذي أستمر في تحقيق البطولات حتي لحظة اعتزاله عام 1951 ليصبح في صدارة بطولات مصر والعالم فى وزن الريشة .

وكانت تلك الميدالية الذهبية آخر ميدالية ذهبية حققتها مصر وظلت بعدها تعيش عقودا عجاف ولم تر الميدالية الذهبية إلا بعد 56 عاما فى أوليمبياد اثينا على أيدى الأسطورة الكبير والمصارع كرم جابر . 

واستطاع كرم جابر أن ينقذ مصر ويحصل علي ذهبية افتقدتها 56 عاما فحصل على ذهبية وزن 96 كجم في المصارعة الرومانية واعتبر أفضل مصارع في الدورة كما شارك في اولمبياد لندن 2012 ولكن لم يحالفه الحظ وحصل علي الميدالية الفضية .

اليوم تمسك مصر الذهب من جديد، ويتردد النشيد الوطني المصري في ساحات الألعاب في اليابان، فبعد مرور أكثر من 17 عاما نعيش تلك الأجواء وسط فرحة عارمة وتتوج البطلة المصرية فريال أشرف بأول ميدالية ذهبية في الكاراتيه في منافسات وزن 61 كجم بدورة الألعاب الأولمبية، لتصبح أول مصرية وعربية تحصل علي الميدالية الذهبية في الكاراتيه، ويرتفع نصيب الفراعنة في الحصول علي الميداليات الذهبية منذ بداية المشاركة في الأولمبياد ..

التاريخ يسطر ومصر تتخطي وتطرب العالم وتردد :

"إن مجدي في الأوليات عريق من له مثل أولياتي ومجدي"
-----------------------
تقرير - رانيا عبدالوهاب